ذاكرة 2014: عودة المستعمر البريطاني

2015-01-08 - 2:10 ص

مرآة البحرين (خاص): شهد العام 2014 أوضح الأدوار البريطانية في دعم عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين، ما استدعى تصعيد المعارضة في نقدها بريطانيا، إلى حد التراشق الإعلامي مع السفير البريطاني، ومهاجمته علنا. وانتهى العام بحدث تاريخي فاجأ العالم، وهو عودة بريطانيا إلى الخليج بقاعدة عسكرية دائمة في البحرين، بعد 40 عاما من إعلان خروجها.

جاء ذلك، بعد عام تماما من خطاب ألقاه الملك البحريني أمام نظيرته البريطانية، قال فيه "إن أحدا لم يطلب منهم الرحيل" واعدا بأن يحتفل بالذكرى المائتين لدخول بريطانيا إلى بلاده واستعمارها!

ومر العام 2014 في محطّات عديدة، بينّت مساحات التقارب والعمل والمصالح المشتركة بين بريطانيا والنظام البحريني.

إذ كشف في 2014 عن قيام لوبي بحريني بتمويل حفل لجمع تبرعات لحزب المحافظين الحاكم في بريطانيا، كما شهد العام المنصرم إلغاء تأشيرات الدبلوماسيين بين البلدين، وفي سياق التواطؤ نفت وزيرة بريطانية قيام السلطات البحرينية بتعذيب معارضين، في تصريح لها خلال 2014.

وفي حين استمرت الخارجية البريطانية في رفضها الكشف عن مراسلات جزّار البحرين إيان هندرسون مع موظف في الخارجية البريطانية آنذاك بدعوى إضرارها للعلاقات مع البحرين، اختمت الفايننشال تايمز العام بتحقيق موسع فضح استثمارات عقارية لملك البحرين وعائلته تقدر بـ 900 مليون دولار، في مدينة الضباب!

وبينما حاول نواب في مجلس العموم البريطاني إصدار قرار برلماني يمنع إقامة سباق الفورمولا، سارع آخرون لزيارة البحرين للتأكيد على أن ذلك ليس موقفا رسميا.

ونظم بريطانيون حصلوا على الجسنية البحرينية، مؤتمر "هذه هي البحرين" في لندن، للترويج إلى النظام والتغطية على الصراع السياسي المتفاقم وأزمة حقوق الإنسان في البلاد.

وأعلنت البحرين في ديسمبر/كانون الأول عن اتفاقية مع بريطانيا لتدريب أعضاء النيابة العامة البحرينية في جهاز الادّعاء البريطاني، وكانت المحكمة العليا البريطانية قد قضت في العام المنصرم بإبطال قرار كان قد أصدره الادّعاء البريطاني يمنح فيه نجل الملك البحريني حصانة من التحقيق في قضايا تعذيب.

واعتقلت السلطات البريطانية الشاب البحريني عيسى حيدر العالي بعد أن وصل إلى لندن طالبا اللجوء السياسي في فبراير/شباط ، ولقيت قضيته صدى واسعا انتهى بالإفراج عنه، كما أقدمت قوات أمن بريطانية في أبريل/نيسان على اعتقال المعارضين البحرينيين المقيمين في لندن، قاسم الهاشمي وعبدالرؤوف الشايب، ثم أخلت سبيلهما في اليوم التالي.

وفي يوليو/تموز، أوقفت السلطات البريطانية في مطار هيثرو الدولي الحقوقي البحريني المعروف نبيل رجب وعائلته لمدة خمس ساعات، عاملتهم فيها كالمجرمين، واحتجزت جوازات سفرهم قبل السماح لهم بدخول المملكة المتحدة.

ساحة اللعبة الأكبر بين البلدين كانت الساحة العسكرية، ففي مطلع العام 2014 زار النجل الثاني للملكة البريطانية الأمير أندرو البحرين لحضور حفل تجاري ودبلوماسي، يروج فيه لبيع طائرات مقاتلة للعرب الأغنياء، كما زارها في الشهر نفسه وزير الدفاع البريطاني آنئذ فيليب هاموند مبدياً تفاؤله بالنقاش المثمر حول بيع طائرات التايفون المقاتلة للبحرين.

وفي يوليو/تموز، أدرجت بريطانيا البحرين على لائحة الأسواق ذات الأولوية في تصدير السلاح، وقال تقرير إن معدلات شراء البحرين للأسلحة البريطانية زادت بنسبة 303٪ عن المعدل الطبيعي.

قرار إنشاء القاعدة البريطانية لم يكن ارتجاليا، وكان مخطّطا له منذ فترة طويلة على ما يبدو، ففي أبريل/نيسان 2014، نقلت صحيفة وورلد تريبيون عن وزير الدفاع البريطاني أن المملكة المتحدة تدرس إقامة قاعدة في "البحرين أو عُمان"، وفي سبتمبر/أيلول نشرت صحيفة التلغراف تقريراً قالت فيه إن بريطانيا تنوي إقامة قواعد عسكرية في كل من عمان، البحرين والإمارات، لمحاربة داعش.

في 6 ديسمبر/كانون الأول، وخلال مؤتمر "حوار المنامة" الأمني، الذي شكل فيه الوفد البريطاني أكبر وفود الدول المشاركة، أعلن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالو أن بريطانيا وقّعت اتفاقية مع البحرين تقضي بإقامة قاعدة عسكرية دائمة لها في ميناء سلمان، وأكّدت تقارير أن بناء القاعدة سيكلّف 8 ملايين دينار بحريني التزمت البحرين بدفعها.

وأصدرت المعارضة البحرينية بياناً أعلنت فيه عن رفضها تعزيز التواجد العسكري البريطاني، في حين قام نواب في البرلمان البريطاني بجمع تواقيع لمناقشة مقترح برلماني رافض لإقامة قاعدة عسكرية في البحرين بسبب ممارساتها المنتهكة لحقوق الإنسان.

الحدث الجديد ألقى بثقله على وسائل الإعلام الدولية، وعلى الأخص الصحف والقنوات البريطانية، التي نشرت العديد من التقارير والتحليلات عن هذا التطوّر السياسي الأمني المفاجئ، إذ اعتبرت صحيفة الإندبندنت أن القاعدة العسكرية كانت مكافأة بحرينية لبريطانيا بسبب صمتها عن انتهاكات حقوق الإنسان، في حين أكّدت صحيفة التلغراف أن لا فائدة من القاعدة البريطانية الجديدة في الحملة الجوية الحالية ضد داعش.

ورأى كاتب بصحيفة الغارديان أن القاعدة البريطانية الجديدة تشكل خطراً وإهانة موجهة إلينا نحن جميعاً في بريطانيا والبحرين، وقالت الصحيفة في تقرير آخر إنه لا يوجد شك أن بريطانيا باتت تقف لجانب النظام البحريني الاستبدادي، في حين أكّدت صحيفة الدايلي ميل أن "خطط ديفيد كاميرون للقاعدة البحرية في البحرين تظهر أوهاما إمبراطورية"!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus