حملة "ما بعد الانتخابات" تبدأ: هل كان اعتقال الشيخ علي سلمان مخطّطا له؟
2014-12-29 - 2:43 ص
مرآة البحرين (خاص): بعد 20 عاما من اعتقاله لأول مرة، اعتقل اليوم زعيم المعارضة البحرينية السياسي العتيد، الشيخ علي سلمان، أمين عام جمعية الوفاق الوطني، كبرى القوى السياسية المعارضة، المعترف بها رسميا في البحرين.
وانقطعت أخبار الشيخ علي سلمان بعد أن كان من المتوقّع إحالته للنيابة العامة، منذ الساعة الرابعة والنصف، إذ استدعي اليوم للتحقيق في مكتب (99) المعروف، بإدارة التحقيقات الجنائية. ومساء أعلنت جمعية الوفاق اعتقاله رسميا، وهي المرة الأولى التي سيبات فيها سلمان في السجن منذ انطلاق ثورة 14 فبراير، وبعد 20 عاما من انتفاضة التسعينات، التي كان أبرز رموزها الشابّة.
لا يعلم تحديدا، ما الذي يجري مع الشيخ في هذه اللحظة، ولا في أي المكاتب هو، أو كيف يعامل. ويبدو تأخير تحويله للنيابة العامة متعمّدا حتى يتم استبقاؤه هناك.
كما يبدو أن التحقيق مع الشيخ سلمان كان مختلفا هذه المرة. فهو يأتي بعد يومين فقط من عقد المؤتمر العام لجمعية الوفاق، الذي يتوقّع أن يقطع الطريق أمام محاولات السلطات تجميد عمل الجمعية. المؤتمر الذي حاول النظام إعاقة عقده بكل الطرق، اختار الشيخ علي سلمان لزعامة الجمعية مجددا، وهو الأمر الذي لم تخف السلطات رغبتها في أن يتغير.
التحقيق، كان تحقيقا "حصاديا". أشبه بمحاسبة عن الماضي، والحاضر والمستقبل، وأشبه بعقاب عما فعلت المعارضة، واستباقا لما تنوي أن تفعل.
دار التحقيق، بحسب المحامي عبد الله الشملاوي، عن خطب الشيخ منذ العام 2012، ووجّهت له اتهامات تسعة: التحريض على كراهية نظام الحكم، والدعوة لإسقاطه بالقوة وتحبيذ الشباب بأن الخروج على النظام جائز شرعا، وإهانة القضاء والسلطة التنفيذية، والتحريض على بغض طائفة من الناس، والاستقواء بالخارج وبث بيانات وأخبار كاذبة من شأنها إثارة الذعر والإخلال بالأمن، والمشاركة في مسيرات وتجمعات تتسبب في الإضرار بالاقتصاد.
تماما كما فعلت وزارة العدل مع جمعية الوفاق، في مراجعة كل مؤتمراتها العامة السابقة، وإحصاء "أخطائها" أو "مخالفاتها" الماضية فجأة، لتخلص إلى بطلان وضعها القانوني، فتحت السلطات الأمنية كل سجل الشيخ علي سلمان، وجاء "يوم الحساب"!
كما أنّ التحقيق يأتي أيضا بعد استئناف المعارضة حراكها على الأرض مجددا، عقب 3 أشهر من فرض حظر رسمي على التظاهرات. لم تتوقّع السلطات بالطبع خلاف أن تدعو القوى السياسية إلى مسيرة جماهيرة مجددا، ولكن، يجب أن لا تتوقّع المعارضة، أن تستمر قواعد اللعبة كما هي، فما بعد الانتخابات، ليس كما قبلها.
كانت كل الأنظار تشير إلى أن الأزمة السياسية يجب أن تمر بمنعطف ما خلال الانتخابات، وحين فشلت كل المساعي للوصول إلى حلول سياسية مع هذا الوقت، كان لا بد من خطّة جديدة، هي خطة "الأعيان"، التي أشرف عليها ولي العهد.
من هنا، بدأت الخطة ب تعمل. ومرّت الخطّة بعدّة مراحل من بينها إصدار القضاء حكما بتجميد عمل جمعية الوفاق ثم تجميد الوزير العمل بالحكم لحين انعقاد مؤتمر الجمعية العام.
وخلال اليومين الماضيين دشّنت السلطات مرحلة جديدة من هذه الخطّة: هي حملة أمنية جديدة، لكنّها مختلفة! ذلك تماما ما توقّعه محللون سياسيون بينهم المدير في منظمة هيومان رايتس فيرست "براين دولي"، في مقال له عن التطوّرات المرتقبة فيما بعد الانتخابات.
ما حدث في السنابس اليوم، كان أبرز ملامح القبضة الأمنية الجديدة، التي استبقت اعتقال الشيخ علي سلمان.
فمع ساعات الفجر، اقتحمت قوات النظام بشكل مفاجئ قرية "السنابس"، مهد انتفاضة التسعينات، ودخلت عددا كبيرا من المنازل، بعضها بشكل عشوائي حسبما نقل، واعتقلت حوالي 20 شخصا من القرية في أكبر حصيلة اعتقالات من نوعها منذ فترة طويلة.
ومساء استبقت السلطات الإعلان عن اعتقال الشيخ سلمان، بنشر قواتها في مختلف مناطق البحرين، ثم قمعت كالعادة الاحتجاجات التي خرجت تنديدا باعتقاله.
كثير من المؤشّرات تقول إن اعتقال الشيخ علي سلمان كان مخطّطا له مسبقا، بما فيها ملف الاتهامات الجاهز، والذي كان متراكما بوضوح. ولكن الأهم، هو أن هناك مرحلة جديدة من الصراع، قد بدأت اليوم، وكما قالت مؤخّرا "جاين كينينمونت"، الباحثة السياسية في "تشاتم هاوس"، فجمعية الوفاق وقوى المعارضة بدأت "تسلك مساراً أكثر صدامية في تعاطيها مع النظام" منذ مقاطعة الانتخابات، فهذا "الصراع السياسي المستفحل يتسبّب في الجنوح نحو التشدّد" حتما.
في 17 ديسمبر 1994، بدأت انتفاضة التسعينات، انطلاقا من السنابس، بعيد اعتقال أحد أهم قادتها الشيخ علي سلمان. واليوم، يعتقل الشيخ، ويبدأ فصل جديد، من ثورة 14 فبراير، في السنابس مجدّدا.