فهمي هويدي: عدم الثقة في واشنطن دفع البحرين ودول الخليج لاستدعاء البريطانيين والفرنسيين
2014-12-15 - 5:09 م
مرآة البحرين: اعتبر المفكر المصري فهمي هويدي أن الشعور بعدم الثقة في الموقف الأميركي والشك في أن واشنطن يمكن أن "تبيع" الخليج في أي صفقة، هو الدافع الأساسي وراء إقامة قاعدة بريطانية في البحرين.
وقال إن إقامة القاعدة "لم يكن خبراً مفاجئاً تماماً"، موضحاً "البحرين لم تنفرد بطلب إقامة قاعدة عسكرية إضافية على أراضيها والتكفل بنفقات إنشائها. بل إن وجود قواعد عسكرية غربية في منطقة الخليج لم يعد خبرا من الأساس، وإنما غدا من الظواهر الطبيعية التي لم تعد محل استياء أو استنكار".
وقال في مقالة نشرها بموقع قناة "الجزيرة" الإلكتروني "منذ انسحاب بريطانيا من المنطقة في العام 1971، تطلعت واشنطن إلى ملء الفراغ الذى تركته، وكان النفط ولا يزال عنصر الجذب الأساسي لها، الذى أضيفت إليه إسرائيل بعد ذلك".
وأضاف بأن "القواعد الأميركية انتشرت في منطقة الخليج. وإذا كان قد استقر الأمر على ذلك النحو منذ بداية التسعينيات، فإن الذى جد عليه كان دخول الأوروبيين على الخط إلى جانب الأميركيين".
وتابع هويدي "كانت أبو ظبي سباقة في ذلك المضمار، ذلك أنها طلبت من الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك إقامة قاعدة عسكرية ثابتة على أراضيها، لكنه لم يكترث بالطلب -كما ذكرت صحيفة لوموند- لأن تركيزه آنذاك كان متجها إلى دول غرب أفريقيا (الفرنكوفونية) إلا أن خليفته نيكولا ساركوزي وافق على الطلب فور توليه للسلطة، وشارك بنفسه في تدشين القاعدة التي أقامتها حكومة أبو ظبي في مارس/آذار 2009، وكانت تلك هي المرة الأولى منذ خمسين عاما أن تحشد فرنسا جنودها في قاعدة عسكرية دائمة خارج أراضيها الوطنية".
ورأى هويدي بأن "الشعور بعدم الثقة في الموقف الأميركي والشك في أن واشنطن يمكن أن "تبيع" الخليج في أي صفقة، هو الدافع الأساسي وراء لجوء بعض الدول الخليجية إلى محاولة تحصين دفاعاتها من خلال الاستعانة بالقوات البريطانية والفرنسية".
وتابع "في البدء كان الهاجس الأمني، وفى النهاية تضاعف ذلك الهاجس وعم الخليج، حتى استنفر الجميع ودفعهم إلى تجاوز الخلافات الحاصلة داخل البيت، لأن الرسالة التي تلقوها في الأشهر الأخيرة أعطت الأشقاء إشارة بأن البيت كله في خطر. ذلك أن دول الخليج انتبهت إلى أنها أصبحت تواجه أكثر من إعصار ضرب المنطقة من أكثر من ناحية".
وقال إن "احتمالات التفاهمات الأميركية-الإيرانية بشأن الملف النووي دفع بعض ذوى الصلة بدوائر القرار الخليجي لاعتبار أن تداعيات تلك التفاهمات هي العامل الأهم وراء الدعوة إلى لم الشمل الخليجي التي اطلقها العاهل السعودي في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي انتهت بالاتفاق على عقد القمة الخليجية في الدوحة".
وأضاف هويدي "حسب معلوماتي فإن الدوائر الخليجية تتابع بقلق التفاهمات الأميركية-الإيرانية، وتخفى عدم ارتياحها إزاء الدور الذى تقوم به سلطنة عمان في هذا الصدد. وثمة اقتناع لدى القيادات الخليجية بأن من شأن الاتفاق بين الطرفين الأميركي والإيراني أن يؤدى إلى انكشاف منطقة الخليج، خصوصا في ظل غياب أي غطاء عربي يمكن التعويل أو المراهنة عليه".
وقال "الشعور بعدم الثقة في الموقف الأميركي والشك في أن واشنطن يمكن أن "تبيع" الخليج في أي صفقة هو الدافع الأساسي وراء لجوء بعض الدول الخليجية إلى محاولة تحصين دفاعاتها من خلال الاستعانة بالقوات البريطانية والفرنسية في البحرين وأبو ظبي".
ورأى بآن ذلك "يدعونا إلى إعادة النظر في تقييم قمة الرياض الطارئة التي عقدت في الشهر الماضي وأسفرت عن إعادة سفراء الدول الثلاث إلى الدوحة.. ذلك أنها لم تركز على الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي بقدر ما ركزت على المخاطر والتحديات التي تواجه الجميع. وسبقت الإشارة إلى عناوينها".
وأضاف هويدي "لا تستطيع أن تتوجه باللوم إلى الدول الخليجية رغم كل ما توفر لها من فوائد مالية وقدرات عسكرية، قبل أن نلوم أنفسنا حين خرجت الدول العربية الكبرى من معادلة القوة، وأصبحت ضحية صراعاتها الداخلية".
وقال "حين يطالع المرء تلك الأرقام المهولة التي تنفق على التسليح سنويا في دول الخليج، لا بد أن يدهشه أن الشعور بانعدام الأمن يتناسب طرديا مع زيادة الإنفاق العسكري، ولا بد أن يستغرب استمرار الحرص في الوقت نفسه على الاحتماء بالقواعد العسكرية الأجنبية في مواجهة احتمالات التهديد الخارجي، وهو ما يدعونا إلى تأييد الفكرة التي تقول إن كل ذلك التسليح يستهدف حماية الأمن الداخلي بالدرجة الأولى، كما أن بعض الدول الخليجية توظفه في ترجيح كفة بعض الأطراف المشاركة في الصراعات الإقليمية".
وأضاف "بسبب منى أزعم أن استقرار الخليج واطمئنان أهله لن يتحقق إلا إذا استقام أمر الدول العربية الكبرى، وتلك مشكلة أخشى أن تكون أكثر تعقيدا، لكنها تظل الحل الوحيد. ومن لديه خيار آخر فليدلنا عليه"، على حد تعبيره.