موقع فايس: بريطانيا تدعو إلى تطبيق حقوق الإنسان ومن ثم تساند بحرينيًا متهمًا في قضايا تعذيب

2014-12-14 - 10:28 م

نيكولاس مكجيهان، موقع فايس نيوز
ترجمة: مرآة البحرين

وصف الرّوائي البريطاني "إدوارد مورغان فورستر" بلاده في العام 1920 بـ"جزيرة منافقين" وحكامها بالأشخاص الذين "يبنون إمبراطورية حاملين إنجيلًا في يد ومسدسًا في الأخرى مع امتيازات مالية في كلا الجيبين".

وبعد حوالي قرن، نجد أنّ اتهام فورستر يلائم تمامًا علاقة الحكومة البريطانية الحالية مع البحرين، الجزيرة الشرق-أوسطية؛ وخاصةُ مع التباين في تعامل الحكومة البريطانية مع النّاشط في مجال حقوق الإنسان، نبيل رجب، وتعاملها مع المُعذّب المزعوم، الأمير ناصر بن حمد آل خليفة، وهو فرد من الأسرة الحاكمة في البحرين.

بعد إطلاق سراحه من سجن بحريني في وقت سابق من هذا الشهر، سيواجه رجب محاكمة في يناير/كانون الثاني بتهمة إساءته للمؤسسات الوطنية، حين قارن قوات الأمن البحرينية بالقوات العنيفة والطائفية التّابعة للدولة الإسلامية. وقد كان رجب شوكة في خاصرة الأسرة الحاكمة في البحرين لسنوات وبالأخص منذ احتجاجات 2011 المناهضة للحكومة، حين خلّف الرّد العنيف لقوات الأمن على التّظاهرات السلمية المطالبة بإصلاح سياسي عددًا من القتلى، وأشعل شرارة الأزمة التي تستمر في تقسيم البلد.

وفي حال اعتبار تصريح رجب مسيئًا للحكومة البحرينية، يتوجب على المحامين الدوليين الذين أعدّوا تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق أن يحذروا، لأن نتائج التقرير، التي قال ملك البحرين إنه موافق عليها، مُحَرّضة، تمامًا كما تعليقات رجب. فقد تضمّن التقرير معلومات عدّة عن التعذيب أثناء الاحتجاز، واستخدام قوات الأمن "قوة مميتة مفرطة وغير ضرورية" و"سلوك مُشَجّع على الإرهاب". وعلى خلاف رجب، لن يواجه الأمير ناصر محاكمة في البحرين على الرغم من أنه أحد المتهمين بالتورط في تعذيب السجناء في العام 2011.

في هذه الأثناء، قررت محكمة بريطانية أن مكانة الأمير كمسؤول رفيع المستوى في البحرين لا تجعله مُحَصّنًا من الملاحقة القانونية في المملكة المتحدة بسبب ادعاءات التّعذيب في بلده. ونظريًا، يخفف هذا الحكم من حماس الأمير ناصر لزيارة بريطانيا، لكن ظاهريًا يبدو أنه غير مكترث بتهديد الاعتقال إذ شوهد وهو يختلط بالآخرين مؤخرًا في حفل خيري في فندق سافوي في بريطانيا. ومن غير الواضح ما إذا كانت الحكومة البريطانية قد منحت الأمير ناصر حالة "مهمة خاصة"، التي تدّعي أنّنها توفّر حصانة مؤقتة للأفراد، ولكن من الجليّ أن الحكومة البريطانية ليست محرجة على الإطلاق من علاقتها الوثيقة بالبحرينيين: ففي اليوم الذي تلا إلغاء المحاكم البريطانية لحصانة الأمير ناصر، زاره السفير البريطاني في البحرين في بلده وتم تصويره معه من قبل الصحافة المحلية.

لم تظهر الحكومة البريطانية الاهتمام نفسه بمشاعر نبيل رجب، فعندما زار المملكة المتحدة في شهر أغسطس/آب، احتُجِز مع عائلته لخمس ساعات في مطار هيثرو حيث أُخِذَت بصمات كل من ابنته وابنه، البالغين من العمر اثني عشر وستة عشر عامًا، وتم تصوير وجهيهما قبل السماح لهم بالدخول إلى البلد. ورفضت الحكومة البريطانية أن تفسر لماذا اعتبر ضباط الهجرة الأمر ضروريًا.

وفي تقرير وزارة الخارجية والكومنولث الصّادر هذا العام حول حقوق الإنسان، تزعم الحكومة البريطانية أنها "دعمت المدافعين الشّجعان عن حقوق الإنسان الذين يواجهون غالبًا قمعًا ومضايقات". ولكن الحكومة البريطانية لم تفعل ذلك، لا في البحرين ولا في أي من الدّول الخليجية المهمة استراتيجيًا، والتي تحرص بريطانيا على بيع طائرات مقاتلة إليها.

وعلى خلاف الولايات المتحدة الأمريكية، وهي حليف آخر للبحرين، لم تُقدّم المملكة المتحدة أي دعوة علنية للإفراج عن رجب في قضية مُصَنّفة تلقائيًا كقضية حرية تعبير. في الواقع، لم تدعُ المملكة المتحدة علنًا، منذ انتفاضة 2011، إلى إطلاق سراح أي من مئات المعتقلين السياسيين القابعين حاليًا في السجون البحرينية، والذين أعاق اعتقالهم غير القانوني الحل السياسي للأزمة، وهو أمر تزعم المملكة المتحدة أنها تدعمه.

وقد حاولت الحكومة البريطانية إثبات أن الحكومة البحرينية على طريق الإصلاح- فوفقًا لادعاء وزارة الخارجية والكومنولث في 16 أكتوبر/تشرين الأول "هناك دليل على بذل جهود حقيقية في المجالات التي تثير القلق بشأن حقوق الإنسان". (يبدو أن البيان بأكمله لم يعد في "الوايت هول" في بريطانيا بل في مكاتب إحدى وكالات العلاقات العامة التي يدفع لها آل خليفة لتحسين سمعتهم). لكن المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان لا تنحصر في البحرين فقط، بل تتعداها، وهناك أدلة ضئيلة عن وجود أي جهود حقيقية من أجل الإصلاح.

وبعد حوالي أكثر من شهرين، قد تحكم محكمة بحرينية على رجل شجاع بالسجن ثلاث سنوات، في الوقت الذي تغض فيه الحكومة البريطانية النظر عن الأمر، وتزعم أنها تدعم حقوق الإنسان في البحرين.

هناك كلمات كثيرة يمكن استخدامها لوصف هذا الموقف، ولكن لا ينعكس أيّ منها جيدًا على حكومة المملكة المتحدة. لو كان "إدوارد مورغان فورستر" حيًا، لاختار وصفها بـ "المحتالة" و"الغدّارة".

 

12 نوفمبر/تشرين الثاني 2014
النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus