جاين كينينمونت: جمعية الوفاق تسلك مسارا أكثر صدامية مع النظام البحريني والخلاف السياسي المستفحل يتسبب في الجنوح نحو التشدّد

2014-12-11 - 3:50 ص

مرآة البحرين (خاص): قالت الباحثة في مؤسسة "تشاتم هاوس" البريطانية، جاين كينينمونت، إن صنّاع السياسة الغربيين يشعرون بخيبة أمل لأن الوفاق لم تشارك في الانتخابات التي يعتبرون أنه كان من شأنها أن تمنح الجمعية على الأقل أدوات وحمايات مثل الحصانة النيابية.

ورأت أن الوفاق أولت في قرارها مقاطعة الانتخابات، مزيداً من الاهتمام لقاعدتها الشعبية في الداخل، وأنها كانت تريد الحفاظ على حد أدنى من الوحدة داخل المعارضة، وخلصت كينينمونت إلى أن الخلاف السياسي المستفحل يتسبّب في الجنوح نحو التشدّد، وإن الوفاق تسلك مساراً أكثر صدامية في تعاطيها مع النظام، على ما يبدو!

وفي مقال على موقع "صدى"، التابع لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، قالت كينينومنت إن تركيبة البرلمان الحالية تفتقر إلى المصداقية لدى شريحة واسعة من السكان - لابل على الأرجح أكثريتهم، وأبدت اعتقادها بأن الانتخابات ستثير مزيداً من الاحتجاجات المعارِضة بدلاً من أن تشكّل وسيلة لتوجيه الحراك المعارِض واحتوائه.

وأكّدت كينينومنت أن واقع الحال هو أن طبيعة النظام السياسي تضمن سيطرة السلطة التنفيذية على مقاليد الحكم. فالملك يتولّى تعيين جميع الوزراء، كما أنه يُعيّن مجلس الشورى والقضا، ومن المستبعد أن يتخلّى الملك تدريجاً عن سلطاته.

ولفتت إلى أن الوفاق وجمعيات المعارضة جرّبت مقاطعة الانتخابات التشريعية في العام 2002، ثم جرّبت أيضاً المشاركة فيها في العامَين 2006 و2010. لكن كلا المقاربتين لم تساهما في تحقيق تغيير سياسي أساسي.

وأوضحت كينينومنت أن مجموعات المعارضة البحرينية تسعى خلف شيء مختلف يمكن أن يؤدّي من جديد إلى تغيير قواعد اللعبة وإنهاء المأزق السياسي، سواء من خلال عملية انتقالية تتم عن طريق التفاوض (والتي يُحتمَل أن تؤدّي إلى صعود نفوذ ولي العهد وإضعاف أصحاب السلطة الأكثر محافظة في الأسرة الحاكمة)، أو تغيير حاسم في السياسة الدولية حيال البحرين، أو انتفاضة ثورية داخلية.

ورأت أن الوفاق تأمل الآن بأن تُرغِم الضغوط الدولية الحكومة على إجراء إصلاحات أوسع نطاقاً، موضّحة أن الجمعية تشنّ، إلى جانب مجموعات أخرى، حملات مكثّفة لدى السلطات في واشنطن ولندن (حيث يعيش ثلاثة من نوابها السابقين في المنفى) وبروكسل ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.

وفي هذا الإطار، بحسب كينينومنت، ترتدي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أهمية خاصة نظراً إلى الدور الذي تضطلعان به تقليدياً في ضمان أمن البحرين "لكن صنّاع السياسة الغربيين يشعرون بخيبة أمل لأن الوفاق لم تشارك في الانتخابات التي يعتبرون أنه كان من شأنها أن تمنح الجمعية على الأقل أدوات وحمايات مثل الحصانة النيابية والتواصل الروتيني مع الدبلوماسيين الأجانب، والتي كان بإمكانها استخدامها في حملتها الأوسع من أجل التغيير السياسي، مشيرة إلى طُرِد مساعد وزير الخارجية الأميركي طوم مالينوسكي من البحرين في تموز/يوليو الماضي بعد لقائه ممثّلين عن الوفاق وسواها من المجموعات المعارضة.

لكن الوفاق، وفق كينينومنت، أولت مزيداً من الاهتمام لقاعدتها الشعبية في الداخل، والتي يُرجَّح أن تظلّ مصدراً للاضطرابات والتململ.

وأوضحت أن الوفاق تمثّل شريحة واسعة من الأكثرية الشيعية في البلاد، ويتحدّر أنصارها من مجموعة كبيرة من الخلفيات الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك الأقلية الشيعية الثرية، المعرّضون بطريقة غير متكافئة للبطالة والتمييز والإقامة في مناطق ذات مستوى متدنٍّ من البنى التحتية، حسب كينينومنت.

وينبع استياء الشيعة من الحكومة من التمييز الذي تعرّضوا له على امتداد تاريخهم، ومن شعورهم بالاضطهاد الذي يعود إلى ماقبل انتفاضة 2011، لكنه تفاقم بعد حملة القمع التي أعقبت الانتفاضة والتي استهدفت شيعة البحرين بطريقة تعسّفية عبر اعتقالهم وسجنهم وتعذيبهم وطردهم من وظائفهم. وقد شُنَّت حملة بروباغندا واسعة مدعومة من الدولة ضد الانتفاضة بغية تصوير المعارِضين الشيعة بأنهم عملاء إيرانيون خونة، ماأدّى إلى تعاظم الشعور لدى عدد كبير من شيعة البحرين بأن النظام يفترض تلقائياً أنهم خونة بسبب انتمائهم الديني.

ورأت كينينومنت أن هذا الخلاف السياسي المستفحل يتسبّب في الجنوح نحو التشدّد. إذ تسعى الوفاق، وهي حركة إسلامية معتدلة، إلى الحصول على حصة أكبر من السلطة في ظل نظام ملكي دستوري، لكنّها تواجه منذ العام 2011 منافسة من تيارات معارضة أكثر طموحاً تطالب بإطاحة النظام الملكي، ومنها ائتلاف شباب ثورة 14 شباط/فبراير وحركتا حق ووفاء وحركة أحرار البحرين التي تتخذ من لندن مقراً لها، فضلاً عن مجموعات شبابية مجزّأة ومحلية الطابع تنظّم احتجاجات روتينة في القرى الشيعية.
وقالت كينينومنت إن من الأسباب الأساسية خلف مقاطعة جمعية الوفاق للانتخابات الحفاظ على حد أدنى من الوحدة داخل المعارضة، وذلك خوفاً من خسارتها الدعم واستقطاب العداء المباشر من المجموعات الأخرى في حال انضمامها إلى البرلمان الخلافي، مع تنازلات ضئيلة أو من دون أية تنازلات مباشرة من الحكومة كي تتباهى بها. خلال العقد المنصرم، كان مصدر الانقسام الأساسي داخل المعارضة يتمحور حول ماإذا كان يجب التعاون مع السلطات أو مواجهتها. أما الآن، ومع مقاطعة الوفاق وسواها من المجموعات المعارِضة الانتخابات، فيبدو أنها تسلك مساراً أكثر صدامية في تعاطيها مع النظام.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus