بيل لو: البحرين: ماذا الآن؟

2014-12-10 - 1:12 ص

بيل لو، ميدل إيست مونيتور

ترجمة: مرآة البحرين

في الانتخابات النّيابية التي جرت في 22 نوفمبر/تشرين الثّاني، زعمت حكومة مملكة البحرين الخليجية أن نسبة الإقبال بلغت 52% في الوقت الذي قالت فيه الجمعية المعارضة الرئيسية، الوفاق، إن نسبة المقترعين لم تتجاوز 30%. وقد قاطعت جمعية الوفاق وجماعات معارضة أخرى الانتخابات تاركةً المجال مفتوحًا أمام مئات المُرَشّحين لخوضها.

ولبّت الأغلبية الشيعية دعوة الوفاق وقاطعت شريحة كبيرة الانتخابات على الرغم من التّهديدات المُبطنة في وسائل الإعلام المحلية بـ"معاقبة" غير المشاركين، والتي قد تتضمن حرمانهم من وظائفهم في القطاع العام، وهو تلويح "بالعصا الغليظة" مع كون الحكومة أكبر مُوظف في البلد.

حكمت أسرة آل خليفة السّنية البحرين لأكثر من مئتي سنة. ووجدت لجنة مستقلة من خبراء دوليين في مجال حقوق الإنسان أن الحكومة، التي يسيطر عليها آل خليفة، مسؤولة عن عدة انتهاكات في ما يتعلق بحقوق الإنسان عندما استخدمت القوة لقمع احتجاجٍ سلمي مُطالب بالديمقراطية في العام 2011. وكان الشّيعة الذين اشتكوا دائمًا من المعاملة غير العادلة على يد الأسرة الحاكمة، أكثرية في التظاهرة غير أن سنّة بحرينيين انضموا إليهم في المطالبة باصلاحات ديمقراطية.

وفي عملية القمع التي تلت الاحتجاجات، قُتِل العشرات وسُجِن المئات وسُرِّح آلاف غيرهم من وظائفهم. وكان أغلبية الضحايا من الشيعة.

وردًا على الاحتجاج الدّولي، وعد الملك حمد بن عيسى آل خليفة بإصلاحات، ولكن المعارضة قالت إن الإصلاحات التي أُجرِيَت، أيَّا كانت، لم تكن كافية، وإنّ انتهاكات حقوق الإنسان مُستَمرة، وإن الحوار الوطني المُوجّه نحو المصالحة لم يكن مثمرًا ولم يسعَ إلى أخذ البلد نحو التغيير. لذا وبموجب هذه الأسباب، قرّرت المعارضة، بقيادة الوفاق، أن تقاطع الانتخابات.

وعلى الرّغم من وجود هذه الخلفية من الغضب المتصاعد والقضايا المُعَلّقة، تمّ إجراء الانتخابات.

الحملة ذاتها، مع غياب المعارضة، كانت ضعيفة بشكل بارز من حيث النقاش الجوهري حول كيفية حلّ الخلاف الذي استمر لحوالي أربع سنوات والذي قسّم الجزيرة إلى صفوف طائفية، وأضر بالاقتصاد، وشوّه الصورة الدولية للمملكة. وعلى نحو غير مفاجئ، ومع سيطرة المُستقلّين على قائمة المرشحين، كان أولئك الذين انتخبوا أمام خيارات جيدة متعددة بحيث صعب عليهم الاختيار بينها.

وينعكس الارتباك القائم حول من يجب انتخابه ولماذا، في حقيقة أن 5 مرشحين فقط تم انتخابهم على نحو مطلق بأكثر من 50% من الأصوات، وفي المقابل ضمن مرشح آخر مقعده بالتزكية، على أن يتم تحديد مصير الـ 34 مقعدًا الباقية في الدورة الثانية.

وعند انتخاب جميع المرشحين، سيكون البرلمان مجلساً للمستقلين، أو كما يقول منصور الجمري، رئيس تحرير جريدة الوسط، الجريدة الوحيدة المستقلة في البحرين، سيكون برلمانًا مكونًا في أغلبه من "مجهولين عشوائيين".

وفي المدى القريب، سيكون هذا الأمر لمصلحة أسرة آل خليفة الحاكمة. فبمقاطعتها الانتخابات بخلاف نصيحة وضغط الولايات المتحدة الأمريكية، تجد المعارضة نفسها خارج اللعبة ومعزولة تمامًا وتتقلص فرصها في التأثير على السّجال.

في داخل البرلمان، ستتطلب نشأة أي نوع من التيارات الجديدة التي ستكون قادرة بأي طريقة على تحدي آل خليفة بعض الوقت، وقد أوضح آل خليفة أن أي محادثات مستقبلية عن الإصلاح ستتم فقط في مجلس النواب.

معنى هذا أن الحوار الوطني بين ولي العهد الأمير سلمان والجمعيات المعارضة، الذي تأرجح عدة مرات بين مد وجزر، قد وُضِع جانبًا الآن. أمضى ولي العهد، الذي يُعتبر معتدلًا، أشهرًا في التنقل بين المعارضة والديوان الملكي من دون تأثير يُذكَر.

وأبلغني النائب السابق والقيادي البارز المتحدث باسم الوفاق، علي الأسود، أنه " لم يعد هناك حوار وطني، انتهى الأمر".

ولكن طبعًا، إجراء انتخابات في ظل ظروف مثيرة للجدل وتحقيق ما يراه آل خليفة على أنه نتيجة مرضية لهم، لا يعني أن المشاكل التي تواجه الأسرة الحاكمة قد تلاشت.
وبينما كانت رواية الحكومة أن أغلبية الناخبين اختاروا التصويت، تناقض ذلك مع ما حصدته الوفاق في الدّورات التي شاركت فيها في الانتخابات السّابقة.

وعلى سبيل المثال، قال الأسود إنه فاز في دائرته الانتخابية القديمة في العام 2010 بحوالى 7000 صوت وإن 299 ناخبًا فقط أدلوا بأصواتهم في هذه الدورة.

في حال تم تكرار هذا الأمر في دوائر شيعية أخرى، ومن المُرجّح حصول ذلك، ستكون شريحة كبيرة من الشعب، مُحبَطة بشدة، قد اختارت أن تُستَبعَد عن العملية السياسية.
من المفترض أن يدق ذلك ناقوس الخطر في لندن، ولكن بما أن السفير البريطاني إيان ليندسي كان يجول ويصول، وقد تم تصويره في أحد مراكز الاقتراع في يوم الانتخابات - وهو أمر غريب، فعلًا، ليقوم به سفير- وبما أن السّفارة البريطانية في المنامة كانت تنشر آراء إيجابية على وسائل التواصل الاجتماعي عن سير عملية التصويت، يبدو أن ذلك لن يحدث على الأغلب.

وبالتالي، يمكن لآل خليفة ولمناصريهم في الغرب الاستمتاع بالأمر، ولكنهم، في المستقبل، لن يستطيعوا إنكار حقيقة بسيطة: ما زالت البحرين منقسمة. بالفعل، يمكن القول إن المملكة منقسمة أكثر من أي وقت مضى.

 1 ديسمبر/كانون الأول 2014
النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus