سجن بحريني يحتضن حوار "العرعور" و"البنعلي": "حتى ظنناه وزيراً أو ضابطاً كبيراً"

- الشيخ عدنان العرعور
- الشيخ عدنان العرعور

2014-11-18 - 2:15 ص

مرآة البحرين: في سبتمبر/ أيلول 2014 قامت السلطات السعودية بتجميد الحسابات البنكية للداعية السوري المقيم على أراضيها، الشيخ عدنان العرعور، بتهمة "تمويل الإرهاب".

فيما أعلن أحد القادة الشرعيين المنشقين حديثاً عن تنظيم جبهة "النصرة" الإرهابي، وهو السعودي سلطان عيسى العطوي، في حوار مع صحيفة "الحياة" السعودية (26 أكتوبر/ تشرين الأول 2014) عن تلقي التنظيم "تمويلاً قيمته مليون دولار من العرعور".

رجل الدين المتشدد الذي كان حتى وقت قريب مقرّباً من المؤسسة السعودية، وضيفاً دائماً على تلفزيوناتها، زار البحرين أكثر من مرّة بين عاميّ 2012 و2013 لأغراض جمع المال للجهاديين في سوريا. لكن ذلك ليس سوى جزء من القصة. الجزء الآخر منها، هو أن العرعور، كان أيضاً واحداً من مدبّري شئون الأيديولوجيا المتطرّفة في الأجهزة الأمنية البحرينيّة.

وتكشف السطور التالية التي كتبها القيادي البحريني في "داعش"، تركي البنعلي، تحت عنوان "مختصر السطور في حواري مع عدنان العرعور" عن واحد من الأمثلة لذلك؛ إذ يروي حادثة إحضار السلطات البحرينية له في السجن الشيخ العرعور للقيام بسلسلة من الحوارات معه في خلال الفترة البسيطة التي أوقف فيها العام 2007.

فيما يلي التفاصيل التي دوّنها البنعلي :

"في عام 2006 سمعت بقدوم عدنان العرعور إلى خيمة دعوية فصحبت آلة التسجيل مع أحد أحبابي وانطلقنا له لطلب الحوار العلمي أمام المغرر بهم. لاسيما وأن لعدنان العرعور آنذاك عدداً من المحاضرات ألقاها في البحرين وخارجها بعنوان "التكفير يؤدي إلى التفجير".. وما إلى ذلك.

فلما وصلنا إلى مكان محاضرته، وإذ بنا نسمع من المعدين؛ خبر تخلف العرعور عن تلك المحاضرة بحجة قلة الحضور! فقلنا: قدر الله وما شاء فعل.

وفي عام 2007 شاء الله لي أن أعتقل في سجون البحرين مع بعض رفاق الدرب بتهمة أسموها بـ: "خلية السقيفة" -إشارة إلى سقيفة بني ساعدة-.

وبينما نحن في السجن تناهى إلى مسامعنا أن جند الطاغوت سيأتون بمن يحاورنا من أحبارهم ورهبانهم، كعادة القوم في محاربة الحق وأهله. فتوقعت أن يأتوا بقزمهم الجهمي عبدالعزيز الريس، وإذ بهم يعدلون عنه إلى من هو أكثر منه خبثاً ومكراً.

فبينما أنا في بعض خلواتي في سجني الإنفرادي، إذ بأحد الضباط الأصاغر يطل علي من شرفة الباب، وهو يدخن منتشياً، فقال لي دون مقدمات: "الشيخ عدنان عرعر"، فقلت له: "العرعور وليس عرعر" فالتفت إلى أجناده من خلفه فقال: "العرعور؟" فأقروه، ثم قال لي مستفهماً: "أيضاً تكفر الشيخ عدنان العرعور؟" فأجبته بأننا لا نكفر إلا من كفره الله ورسوله بالضوابط الشرعية.

فحمدت الله حينها أني لم أجتمع به في تلك الخيمة الدعوية من قبل، حتى لا يشمت بي، وعادة القوم الشماتة وسوء الأخلاق.

وكان في مبنى السجن غرفة للزيارة متواضعة؛ عبارة عن بلاط قديم بالي، وكراسي "بلاستيكية" مندرة. وبمجرد قدوم العرعور إليها انقلبت الغرفة رأساً على عقب؛ سجاد أحمر فخم، وكراسي من الجلد الأسود المحكم حتى ظنناه وزيراً، أو ضابطاً كبيراً.

بدأ استقبالي بسؤال أراد به التنقص والازدراء فقال: "أبو سفيان كم عمرك"؟! فقلت له:"ثلاث وعشرين"، آنذاك، فقال:"لا، ستين" فأعدت عليه فأعاد عليّ  فقال:"ثلاث وعشرين وبتفتي الناس؟!"وما علم أن الأمر راجع إلى"من كان له قلبا حافظا، ولسانا لافظا". وقد كتبت:"رد الافتراء؛ في تقييد سن الإفتاء".

ثم فتح حاسوبه المحمول وبقربه مجموعة من الضباط الخبثاء، وقال: "أبو سفيان تعال نتناظر". فقلت: "لا مناظرة في مجلس خيفة كما ذكر أهل العلم".

فالتفت العرعور على من على يمينه من الضباط وأخرج صوت الضراط من فمه تجاههم! ثم قال كعادته في التمثيل: "نحن نتكلم لا نخشى في الله لومة لائم".

فلما رأيته كذلك قلت:"قد ذُكر أنه ينبغي أن يكون المتناظرون متقاربين في العقل والسن وإلا كان مراء، وأنت أكبر مني سنا". فأسقط في يده.

ثم قام بتوجيه أسئلة متفرقة من باب امتحان علميتي، وكان من غروره وعجبه أنني كلما أجبته بجواب قال: "أحسنت؛ لاشك أنك سمعتها من أحد أشرطتي".

ثم كان مما قال لي العرعور: "هل تعتقد أن الكفر كفران أم أنه كفر واحد؟" فقلت: "بل هو كفران؛ أكبر وأصغر".

فقال العرعور: "وكيف تميز بينهما؟" فقلت: "كل كفر في الكتاب أو السنة فهو أكبر ما لم يدل دليل أو قرينة على أنه أصغر".

فقال: "أخطأت، وقد سألت كثيراً من طلاب العلم في الرياض وغيرها فأجابوا بجوابك". ثم استدرك فقال: "الصواب هو ما قررته أنا فوضعت هذه القاعدة".

وعجباً؛ إن كان العلم هو ما اشترك فيه الناس كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية فكيف لنا أن نعرف ما قرره العرعور في عرعورياته؟ ثم أخرج العرعور ورقة من حقيبته وكتب قاعدة إرجائية، نصها:"كل كفر في الكتاب أو السنة فهو أصغر، ما لم يقترن باستحلال أو جحود أو شك أو نفاق".

وهذه قاعدة إرجائية صرفة، لا تنطلي على أحد من أهل السنة والجماعة، أضف إلى أنها جهل فاضح حيث أنه لا يُفرق بين أنواع الكفر ومناطات الكفر.

وقد احتفظت بالورقة وفيها القاعدة العرعورية بخط يده، غير أني لما بحثت عنها لاحقاً لأرد عليها رداً علمياً مفصلاً لم أعثر عليها.

ثم أقر أن المراد من: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، هو الكفر الأكبر، ولا ينتصب دليل في صرفه إلى الأصغر، غير أنه منوط بالجحود.

ثم كان من أسئلته لي أن سألني عن قولي في العذر بالجهل، فبينت له أننا لا نعذر به في مسائل أصول الدين الواضحات، ونعذر به فيما دون ذلك.

فاعترض العرعور بشبهات واهية، قد أشرت إلى بعضها في مقدمتي لكتاب: "الإيضاح والتبيين؛ في أن من فعل الشرك جهلاً ليس من المسلمين".

وقد تكررت زيارة العرعور لي مرات عديدة، وفي كل مرة يسأل السجانين وبعض السجناء عني: "هل تغير فكر أبي سفيان؟ أم ما زال على ما هو عليه؟".

ولما كان حواري مع عدنان العرعور خلف قضبان السجن لا فائدة منه، والظن الغالب أني لن أقنعه كما أنه لن يقنعني، اخترت أن أشخصن الحوار معه. فأخذت أسأله عن حواراته مع شيوخنا، وهل حصلت بينه وبينهم مناظرات ومحاورات مشهودة؟ وأين حصل ذلك ومتى وكيف؟

فزعم أنه جمعه مجلس مع شيخنا أبي قتاة الفلسطيني وأنه قال: "إن كان سيكون في هذا العالم من شر فهو من هذا الرجل!"ثم برهن بفتواه في الجزائر.

وزعم أنه جلس مع الشيخ جهيمان العتيبي فلما خرج من عنده قال: "هذا الرجل سيسفك الدم الحرام، في الشهر الحرام، في البلد الحرام".

وفعلاً وقع ذلك فاستدعي العرعور، بحسب زعمه، من قبل المخابرات السعودية يسألونه كيف عرف ذلك قبل وقوعه؟ وزعم أنه جلس مع الشيخ أبي حمزة المصري وأنه كفر القاعدين عن الجهاد، فاحتج عليه العرعور بقصة كعب بن مالك فأفحمه -هكذا زعم-.وزعم أنه جلس مع محمد الفزازي غير ما نشر، وزعم أنه سأله عن ابن باز فأجاب بقوله: "كــــــــافر" هكذا بالمد وكذا الألباني وابن العثيمين.

وزعم أنه سجل شريطاً فعرض على شيخ المجاهدين أسامة بن لادن فقيل للشيخ أن يجيب عليه، فما استطاع الشيخ غير حك لحيته عجزاً. وهكذا ألف ليلة وليلة من العرعوريات التي ليس لآخرها سقف! فلما كان هو وإياي في المجلس الأخير، قلت له: "لعلنا نلتقي في مجلس خير من هذا المجلس".

ومن ذلك الحين إلى اليوم لم يجمعني الله وإياه على طاولة حوار حقيقية، ولله الأمر من قبل ومن بعد".


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus