الهافينغتون بوست: فتح المملكة المتّحدة باب التّحقيق في الادّعاءات على الأمير ناصر يهز البحرين

2014-10-25 - 11:08 م

جايمس دورسي، صحيفة الهافينغتون بوست

ترجمة مرآة البحرين

يعكس فشل جهود شركة العلاقات العامّة التي تمثّل البحرين، ومكتب شركة المحاماة البريطانية التي تُمثّل الأمير ناصر بن حمد آل خليفة، قائد الحرس الملكي البحريني ورئيس اللّجنة الأولمبية الوطنية، في التحكم بمفاصل التّغطية الإعلامية لخبر رفع الحصانة عن الأمير هذا الشّهر من قِبل محكمة بريطانية، يعكس مدى تفاقم مخاوف البحرين والاتحادات الرّياضية الدّولية. وقد فتح قرار المحكمة الباب للشرطة البريطانية للتّحقيق في صحّة ادّعاء تورّط الأمير ناصر في تعذيب معتقلين سياسيّين، وقد يشمل ذلك ثلاثة لاعبين سابقين في فريق كرة القدم الوطني في البحرين.

وكانت الجهود التي بذلتها كلٍّ من شركة بيل-يارد للاتّصالات المحدودة، ومقرّها في المملكة المتّحدة، ومكتب شيلينغز للمحاماة في لندن، تهدف إلى إجبار هذا الكاتب وصحيفة الهافنغتون بوست أيضًا على اعتماد شرح البحرين المحدود والمُجتَزَأ لقرار المحكمة. وقد تضمّن الشّرح تأكيدًا غير دقيقٍ بأنّه لا يمكن إجراء تحقيق في صحّة ادّعاء تورّط الأمير ناصر في أعمال تعذيب معتقلين استنادًا إلى قرار المحكمة، وأنّ موضوع الحصانة لم يكن جزءًا من الأسباب التي رفضت النّيابة العامّة البريطانية على أساسها إجراء تحقيقٍ في الأصل، وأنّه لا علاقة لا من قريب أو من بعيد للاعبي كرة القدم بالتّحقيق.

وقد بدا المحامون ومندوبو العلاقات العامّة قلقين خاصّة من التّأكيد على أنّ التّحقيق قد يشمل لاعبي كرة قدم، على الأرجح لأنّ ذلك قد يؤثّر على مكانة الأمير ناصر الأولمبية وكذلك على قريبه الشّيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، وهو رئيس اتّحاد آسيا لكرة القدم، ووفقًا لوكالة أخبار البحرين (بنا) التّابعة للحكومة، هو الرّجل الثّاني في اللجنة الأولمبية البحرينية (أي نائب رئيسها) والأمين العام للمجلس الأعلى للشباب والرياضة.

وقد رفعت المحكمة العليا في بريطانيا الحصانة عن الأمير ناصر في قضية أثارها عدّة بحرينيين ادّعوا أنّهم تعرّضوا للتّعذيب في أعقاب الانتفاضة الشّعبية في البحرين عام 2011، والتي قمعتها قوّات الأمن البحرينية المدعومة بالقوّات السّعودية بوحشية. وقد ذهبوا إلى المحكمة بعد أن رفضت النّيابة العامّة البريطانية إصدار مذكّرة توقيف بحق الأمير بناءً على أنّ مكانته في البحرين منحته حصانة في المملكة المتّحدة. وقالت النّيابة العامّة أيضًا إنّ الأدلّة المُسلّمة لم تكن كافية لتبرير إجراء تحقيق. ولأنّ الأمير لم يكن طرفًا في الإجراءات، لم تسنح له الفرصة للرّد على الادّعاءات الموجّهة ضدّه في المحكمة.

وقد سعى المحامون ومندوبو العلاقات العامّة إلى حذف أي إشارة في مقال هذا الكاتب حول احتمال إجراء تحقيق أو أنّ الحصانة لعبت دورًا في حكم النّيابة العامّة على الرّغم من موافقة الادّعاء في بيان له في المحكمة على رفع حصانة الأمير متوقعًّا أن يُسلّم المدّعون البحرينيّون المزيد من الأدّلة. إذ قال محامو المدّعين بعد المرافعة في المحكمة أنّ الحكم فتح الباب لإجراء تحقيق وأنّهم سيوفّرون المزيد من الأدلّة.

وقد صحّح الكاتب خطأً في إحدى الحقائق في الخبر الأصلي بعد نشره. فقد ورد في الخبر الأصلي أنّه تمّ فتح التّحقيق لا أنّ الحكم الذي أصدرته المحكمة فتح الباب لإجراء تحقيق.

مع ذلك، وخلال سعيهم إلى منع التّغطية الصحافية المنصفة والنزيهة، ناقض المحامون وعملاء العلاقات العامّة أنفسهم. محاولة الإجبار على شطب فقرات ما من شأنه أن يغيّر تمامًا فحوى الخبر، حدثت على الرّغم من أنّ ميلاني رايلي من شركة بيل-يارد زوّدوا هذا الكاتب بنص بيان الادّعاء في المحكمة.

وقال الادعاء في بيان إنّه "في ضوء عزم المدّعي على تسليم المزيد من الأدلّة لجهاز الشّرطة (المسؤول عن التّحقيق في صحّة الادّعاءات)، وافقت النّيابة العامّة البريطانية على إعلام الشّرطة برأيها الذي مفاده أنّه لا ينبغي أن تكون الحصانة عائقًا لأي تحقيق من هذا النّوع، استنادًا إلى الأدلّة المتوفّرة حاليًّا."

قلق البحرين من احتمال تأثير قرار المحكمة ليس على الأمير ناصر فحسب بل على الشيّخ سلمان أيضًا، ظهر جليًّا في بريدٍ إلكتروني من الآنسة رايلي تؤكّد فيه "أنّ لا علاقة لإجراءات البارحة بالاتّحاد الآسيوي لكرة القدم."

وقد ترأّس الشّيخ سلمان، وفقًا لمعلوماتٍ تم تسليمها لهيئة الادّعاء، لجنة تأسّست في العام 2011 بمرسومٍ من الأمير ناصر، لاتّخاذ إجراءات ضد كل المتّهمين بإهانة البحرين وحكّامها. وقد شكّل الأمير ناصر هذه اللّجنة بعد صدور مرسوم ملكي في وقتٍ سابق، تمّ فيه إعلان حالة الطّوارئ. واستنادًا إلى المعلومات المتوفّرة لدى المدّعي العام، سمح المرسوم الملكي للقوّات العسكرية البحرينية بقمع التّظاهرات وإنشاء محاكم عسكرية.

وسوف يترشح الشّيخ سلمان، الذي كان لاعب كرة قدم في السّابق، والذي يشغل أيضًا منصب رئاسة الاتّحاد البحريني لكرة القدم، العام المقبل لرئاسة الاتّحاد الآسيوي لكرة القدم، وفي حال فوزه بالانتخابات، سيحصل تلقائيًّا على مقعد في اللّجنة التّنفيذية للاتّحاد الدّولي لكرة القدم (الفيفا).

وكان قد تم تزويد المدّعي العام بشريط فيديو، متوفر علنًا، يظهر فيه الأمير ناصر على شاشة التلفاز وهو يدعو لمعاقبة هؤلاء، بمن فيهم الرياضيّون الذين شاركوا في الاحتجاجات المناهضة للحكومة. أكثر من 150 لاعب ومسؤول رياضي، بمن فيهم لاعبو فريق كرة القدم الوطني كانوا قد اعتقلوا أو صرفوا من وظائفهم في ذلك الوقت. وقد أعيد الكثير منهم إلى مراكزهم منذ ذلك الحين.

فشل الجهود البحرينية في التحكم الدقيق بالتغطية الصّحفية لقضية الأمير ناصر، بما في ذلك الغمز بأن تقرير هذا الكاتب كان ينطوي على التشهير والافتراء والمطالبة بعدم نشر رسائلهم غير المرغوب فيها إلى ناشرٍ أمريكي، يعكس حساسية الدول الخليجية الفائقة، بما فيها الإمارات العربية المتحدة وقطر المُتهَمتين بانتهاك حقوق الإنسان والعمل، تجاه صورتها وسمعتها.

وكان قد تم تسليط الضوء على كل من الدّول الثلاثة بدرجات مختلفة، بسبب استضافتها لأحداث مهمة منها كأس العالم في العام 2022 ومعرض إكسبو الدّولي في العام 2020 وسباقات الفورمولا 1 وطموحها لاستضافة أحداث مماثلة كالألعاب الأولمبية وأيضًا شراكتها مع مؤسسات تربوية وثقافية كجامعة نيويورك ومتحف غوغنهايم.

وكانت هذه الدّول المختلفة قد استخدمت استراتيجيات متنوعة لمواجهة الادّعاءات حول انتهاكات حقوق الإنسان والعمل، ففي حين هاجمت قطر بشكل عام نقّادها، سعت كل من البحرين والإمارات العربية المتحدة إلى تجنب النقد السلبي من خلال منع الصحافيين والأكاديميين من الدخول إلى البلاد.

ولم تكن قطر، على الرغم من التزامها مع منظمات حقوق الإنسان والنّقابات العمّالية، مُحَصّنة ضد مثل هذه التّكتيكات. وصرّح سليم علي، وهو زميل سابق في مركز بروكنجز في الدوحة، والذي موّلته قطر، لصحيفة النيويورك تايمز أنّه تم نصحه خلال مقابلة العمل بأنه لا يستطيع اتخاذ مواقف نقدية تجاه الحكومة القطرية.

وفي الوقت ذاته، سعت قطر إلى الفوز بالقلوب والعقول في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال إنشاء قناة الجزيرة- أمريكا، وهي جزء من شبكتها العالمية للقنوات التلفزيونية، كما توسعت في بث قناتها الرياضية beIN SPORTS.

ولكنّ استراتيجية قطر أعطت نتيجة عكسية عندما كشفت القناة الرّابعة البريطانية عن أنّ هذه الدّولة الخليجية وظّفت شركة بورتلاند للاتّصالات التّى أسّسها توني ألن، والذي كان مستشارًا لتوني بلير عندما كان رئيسًا للحكومة البريطانية، لإنشاء مدوّنة حول كرة القدم تدّعي كذبًا أنّها "مستقلّة حقًّا" وأنّها تمثّل "مجموعة عشوائية من محبّي كرة القدم، عازمة على إشعال نقاشات"، ولكّنها كانت في الحقيقة تهدف إلى التّهجّم على ناقديها.

ومن جهتها، صرفت الإمارات العربية المتّحدة أموالها ببذخ على مكتب أمريكي للعلاقات العامّة، وفقًا لموقع "ذا إنترسبت"، بهدف تشويه سمعة قطر بسبب دعمها للإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى. ويُشتبه أيضًا بأنّ الإمارات العربية المتّحدة تدعم منظّمتين تعملان في مجال حقوق الإنسان، ومقر كلٍّ منها في النّروج وفرنسا، سعتا إلى تصوير الإمارات على أنّها رائدة في مجال حقوق الإنسان على الرّغم من ممارسات القمع التي تضمّنت محاكماتٍ سياسيّة استنكرتها منظّمات حقوق الإنسان الدّولية، في حين تهكمتا على سجل قطر.

ولاحظ موقع "ذا إنترسبت"، في كشفه عن جهود الإمارات السّاعية للتحكم بصياغة الأخبار في الإعلام الأمريكي، أن "الموضوع هنا ليس أن قطر بريئة من دعمها للمتطرّفين... الموضوع هو أنّ هذه الهجمة الإعلامية على قطر-بالاستعانة بمسؤولين أمريكيين سابقين بأجورٍ عالية وحلفائهم في المجال الإعلامي-هي مجرّد سلاح استخدمته الإمارات، وإسرائيل، والسّعودية وغيرها من الدّول لتسريع أجنداتها".

 

21 أكتوبر/تشرين الأوّل 2014

النّصّ الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus