الناجيان من فيضان كشمير لـ"مرآة البحرين": فجأة تدفقت المياه بقوة
2014-09-15 - 2:36 م
مرآة البحرين (خاص): لم يكن يدر في بال البحرينيين عادل التيتون وحسين المهدي، أن تتحوّل رحلتهما إلى مدينة كشمير بالهند، حيث قصداها للسياحة، تتحوّل إلى رحلة للمتاعب. فجأة تغيّر كل شيء، المدينة التي تقع ما بين الهند وباكستان والصين في شمال شرق آسيا، والتي كانت تمتليء بالضجيج والحياة، ويشار بالبنان إلى طبيعتها الخلابة، غطست كلها في بحر من المياه. كانت المياه تتدفق بقوة، وكان عليهما أن يكافحا لستة أيام، مثل بقية الكشميريين، من أجل النجاة بحياتهما، وسط انقطاع الاتصالات، بلا مأوى.
يقول عادل "تفاجأنا عند وصولنا لدلهي أننا مفقودين، لم نكن نعتقد أن الأمور قد تتطور لما وصلت إليه، كان المخطط أن يعود حسين للبحرين فيما أرجع أنا لبنجلور لإكمال دراستي، لكن الأخبار التي تناقلت أمرنا كانت صدمة أكبر من الفيضان، اعتقدنا لوهلة أن أغلب الناس تعتقد أننا أموات، كان الأمر أقرب للحلم".
يلتقط حسين خيط الحديث "لم تصدق أمي أنني من كان يتحدث حين اتصلت، لم يكن هناك كهرباء ولا إنترنت، انقطع الإرسال فيما بعد أيضاً، كانوا يتحدثون في الهواتف في بداية حدوث الفيضان، لكن هواتفهم معظمها بلا رصيد، أو برصيد لا يتعدى الخمس روبيات، وأماكن بيع أرصدة الهواتف مغلقة، لهذا تعذر علينا الاتصال بأحد".
يضيف عادل "حاولنا الاتصال بالزملاء في بنجلور لكن ذلك لم يكن ممكناً بسبب انقطاع الإرسال، شخصياً لم أتوقع العودة بالهوليكبتر، اعتقدت أنها مسألة وقت قبل أن تنخفض المياه ونعود للمطار، الوضع كان صعباً جداً والعودة للمطار كانت مستحيلة". يروي الشابان رحلة النجاة من الغرق بشيء من الفكاهة تارة، والدهشة تارة أخرى، يتابع عادل "حين وقع الفيضان كنا في الفندق صباحاً، في منطقة تسمى سالينجال، وكان ذلك في سادس يوم لوصولنا كشمير، حين وصلنا المنطقة في الأول من الشهر كانت الأمطار قد بدأت في الهطول، واستمرت لخمسة أيام متواصلة، اليوم السادس توقف المطر قليلاً، وكان المفترض أن نغادر صباحاً حسب ما خططنا له، حين صحونا كانت المياه تغطي المكان بارتفاع نصف طاولة، لم نعتقد أنه قد يرتفع لأكثر من ذلك، لكن هذا ما حدث خلال ساعات قليلة".
وقال "كان الوضع مربكاً في الفندق، وبدأ العمال ينقلون بعض الحاجيات لطوابق أعلى، طلبوا منا نقل أمتعتنا للطابق الأخير، بقينا نراقب من النافذة في الطابق الأخير كيف كان الطابق الأول يغرق بالكامل، وكيف أخذت الأشياء طريقها لخارج الفندق بفعل تدفق المياه وقوتها، على مقربة منا وجدنا سلما خشبيا، استعنا به للخروج من الفندق، كانت المياه حينها تغطي ارتفاع نصف أجسادنا".
يضيف "حين خرجنا كانت المياه تتدفق بقوة، فقدت فردة حذائي وعلى طريقة غاندي رميت الفردة الأخرى، كان هناك طريق خلف الفندق يوصل لجبل، كان الطريق الأقل تضررا من باقي المناطق فسلكناه، الجهة الأخرى كانت تعاني من الفيضان، أما الجهة الثالثة فكانت للجيش ومنازل العسكريين فما كان أمامنا إلا أن نعتصم بالجبل، لم نتعرض لإصابات لكنني بقيت حافي القدمين ليومين، لم يكن الحصول على حذاء في تلك الظروف أمراً يسيرا".
ويواصل "فوق الجبل كان هناك مسجد لكشميريين، الماء كان منعدما، لم نحصل على ماء للشرب، سكنا أول ليلة في المسجد دون لحاف أو أي من مستلزمات النوم، كنا حتى ذلك الوقت لا نعرف ما سيحصل، في اليوم الثاني اقترح حسين أن نعود للفندق وكان من في الفندق قد رفعوا بعض حاجياتهم لطوابق أعلى، رغم أن معظم ممتلكاتهم تعرضت للتلف بسبب المياه".
وتابع "وصل ارتفاع الماء لطابق ونصف وكانت هناك عائلتان هنديتان وموظفو الفندق، حاولنا أن نتسلق للدخول، بدا الأمر شبه مستحيل لكن حسين أصر على الدخول، طاقم الفندق هم من ساعدنا للوصول إلى الداخل، عندما عدنا كان معنا شاب كشميري، تخوف من فكرة الدخول للفندق وأكد أن كل هذه المنطقة كانت عبارة عن بحيرة تم دفنها مسبقا وكان خائفا من فكرة انهيار جميع المباني هناك".
يقول عادل ضاحكاً "بقي ينتحب لكونه تبعنا رغم ذلك كان هو الوحيد الذي نام بيننا فيما بعد". يستأنف حسين الحديث "أول يوم حين قصدنا الجبل لم نشعر بالارتياح، كان الوضع خطيراً ومربكاً، لا يوجد مكان للنوم، ولا طعام أو ماء، بعض الكشميريين قاموا بتوزيع أشياء بسيطة للأكل، في نفس اليوم قصدنا مدرسة تبعد 3 ساعات عن المكان، لكن أيضا تخوفنا البقاء خشية أن تغرق هي الأخرى رغم كونها في منطقة مرتفعة، وكان حدسنا صادقاً إذ غرقت المدرسة في الليل وكان من الممكن أن نموت غرقا أثناء نومنا لو بقينا هناك". ويتابع حسين "في اليوم التالي قصدنا المدرسة لنجدها قد تحولت لبحيرة"، مضيفاً "كنت واثقاً من النجاة، عادل فقد الأمل حين اشتد الأمر، لكنه تحلى بالصبر، كنت أذهب لاستكشاف طرق للخروج معرضاً حياتي للخطر، لكنها الطريقة الوحيدة للخروج من ذلك الظرف الاستثنائي".
وقال "كنا قد سمعنا عن طائرات هليكوبتر تنقل السياح فذهبنا، وفي الطريق إلى هناك أحاط بنا عدد كبير من الكشميريين الغاضبين يريدون ضربنا، فقد كانوا حانقين لمساعدة حكومتهم للسياح فيما تركوهم يواجهون مصيرهم وحدهم، طلبوا منا العودة ومواجهة الأمر مثلهم، فاضطررنا للعودة بعد اقتناعنا وقلنا.. حالنا من حالكم".
ويضيف "مع كل يوم جديد كانت تتولد لدينا شجاعة أكبر للخروج، فنقرر الذهاب لتقصي الأمور والبحث عن مخرج، في اليوم السادس تمكنا من الوصول للقاعدة العسكرية التي نقلتنا لقاعدة عسكرية أخرى قريبة للمطار طبعاً بعد معاناة لكنهم تعاونوا معنا خاصة لما عرفوا أننا بحرينيون".
وواصل "هناك ركبنا طائرة حربية ومعنا عدة أشخاص أجانب ونقلونا إلى دلهي، سفارة البحرين لم تكن على علم بنا في كشمير لانقطاع الاتصال والمعلومات"، مضيفا "عند وصولنا إلى ديلهي سكنا مع أمريكي كان لديه حجز، وهناك اتصلنا إلى السفارة ولم تمض نصف ساعة إلا وقد أحضروا لنا طعاماً ونقلونا لأفضل الفنادق في دلهي كما وفروا لنا التذاكر للعودة للبحرين وكلمني السفير أيضا ومكنونا من التحدث لأهلنا".