عائدون... يا دوار الحرية

عادل مرزوق - 2011-09-12 - 8:02 ص


عادل مرزوق*

عائدون إلى دوار اللؤلؤة، إلى حيث رمينا أثقال التاريخ المشبع بالخيبات والأحزان، إلى حيث استنشقنا عبق الحرية والكرامة، إلى حيث ولدنا من جديد شعباً لا يعرف المستحيل، إلى حيث توقفت ساعة التمييز والإقصاء عن الدوران، الى حيث بنينا من الحب والوفاء والتضحية بيوتنا الجديدة، إلى حيث تركت دماءنا المراقة في كل زاوية عهدها القديم، وأحلامها في الحرية. عائدون اليوم أو غداً، أنت من تقلقه الأيام والساعات والثواني، وليس نحن.

عائدون، سلاحنا الحب، ورصاصنا الكلمات، وشعارنا الورد الذي لن يموت. عائدون فليس لدينا ما نحلم به سوى أن نعود، عائدون لندق ركائز خيامنا وأحلامنا وآمالنا بالغد الجميل، عائدون لنطلق قرب اللؤلؤة حمامات السلام والمحبة بعد أن استوطن الوحش زوايا الحلم الجميل، وبعد أن أُثقلت الأرض بخطى أحذية العسكر. عائدون لنقول أصدق الكلام وأعذبه لعل السماء تنسى لغة الرصاص المجنونة. عائدون لنقبل الأرض التي شربت من دمائنا حتى فاضت بالأوجاع والآهات، عائدون لنضع حجر التشييد من جديد لما هدمته آخر البربريات.
 
عائدون فالأرض أرضنا، والسماء سماؤنا، نمشي ونُحلِق فيها كما نشاء. عائدون إلى حيث يجب أن نكون جميعاً، هناك فقط نستطيع أن ننسى، أن نمد أيدينا لك وللعالم من جديد. بعيداً عن هناك، لا أيدي لنا فتراها، ولا أكف لتصافحها، وليس ثمة أحد لتعقد تسويتك معه. هناك في دوار اللؤلؤة كل شيء، هناك تاريخنا، حاضرنا، ومستقبلنا. أرواحنا هناك، وسنستعيدها. أما عن الوقت، فلنا الوقت كله، العمر كله. وإن غدرت بنا طلقات رصاص الجند وسياط التعذيب، فسنترك لأولادنا الحلم كما تركه أباؤنا وأجدادنا لنا.

أحلامنا بسيطة، ولا ندري لماذا يراها البعض معقدة أو كبيرة. أحلامنا: هي أن لا نخاف، أن لا يقتلنا الإحساس بالضعف والذل كل يوم مئات المرات، أن لا نورث هذا الخوف في أصلابنا لأبنائنا وأحفادنا مرضاً وراثياً يضاف لأمراضنا المستعصية. لم نكن واثقين من أحلامنا التي نثق بإنسانيتها وسموها ورفعتها أكثر مما نحن عليه الآن، هناك في دوار اللؤلؤة فهمنا وعرفنا كيف نعيش دون خوف، كيف نتكلم بالحقيقة دون رتوش أو مجازات، كيف نكسر حواجز الأديان والطواىف، ليكون ديننا هو الحرية، ولتكون المساواة مذهبنا.

كلما غادرنا شهيد تأكدنا من العودة أكثر وأكثر، كلما أطلقتم الرصاص تأكدنا أننا نسير في الطريق الصحيح، فلا يواجه الكلمة بالرصاص إلا الضعيف. كلما زادت آهات المعذبين في السجون وأنات المبعدين عن الأوطان زادت ثقتنا في الغد. كلما تساقطت دموع الأمهات والأطفال زدنا عزيمة وإصراراً على الوصول.
 
هناك موعدنا، هناك سنكون مرة أخرى، وسنمد أيدينا لكم من جديد، فلسنا دعاة انتقام أو هواة لإراقة الدماء أو تعليق المشانق، نحن من سنعلمكم أسمى مضامين الحرية والكرامة والمحبة والتسامح، سنقدم لكم الدرس تلو الدرس. هناك موعدنا، وسنلتقي.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus