إيمان شمس الدين: البحرين .. ماذا لو؟

إيمان شمس الدين - 2011-09-07 - 12:48 م


إيمان شمس الدين*

تتحكم في الساحة البحرينية أطياف مختلفة ومن مشارب مختلفة، تسعى دوما لبسط نفوذها الفكري والايديولوجي على ساحات العقل البحريني، لم لا والاختلاف سنة جميلة تخلق تمايزات في العقل وتنعكس على التجارب البشرية التي تثري المجتمع رغم ما فيها من أخطاء ومصالح.

عرف المجتمع البحريني  بالتعايش والتعدد منذ القدم، وعرف بثقافته وانفتاحه الفكري والحضاري على كل الأطياف الفكرية والثقافية، إلا أننا واقعا اليوم نقف أمام معضلة حقيقية خلقتها عدة أسباب منها خارجية تتعلق بالوضع الإقليمي ومنها داخلية تتعلق بسلوك التيارات المختلفة فكريا وايديولوجيا والتي تقود الساحة البحرينية في الآونة الأخيرة.

هذه المعضلة تتمثل بتعميق الهوة المذهبية بين أطياف المجتمع البحريني، ولا أعني هنا الاختلاف فكريا وإنما الاختلاف القائم على أساس ديني يمثل المرجعية المعرفية التي يتشكل منها فكر الإنسان وعلى أساسه ترتسم معالم سلوكه الاجتماعي اتجاه شريكه في الوطن المغاير له في المذهب.

هل تتحمل السلطات البحرينية المسؤولية وحدها في ذلك؟
كي نكون موضوعيين لا طبعا، ولكن المسوؤولية الأكبر تقع على عاتق السلطة إلا أن مسؤولية تهيئة أرضيات الخلاف المذهبي وتعميقه تقع على التيارات الموجودة على الساحة، حيث شيدت جمعيات على أساس مذهبي في انتماءات الأشخاص لها وطرحت نفسها بزي ديني بدل أن تطرح نفسها بزي مدني مواطني رغم أن سلوكها يشهد له بالوطنية، قد يقول البعض هو حق وحرية ولكن نقول ليس كل حق نستطيع ممارسته دون أن ندرس ظروفه وأبعاده وانعكاساته وبيئته التي نريد أن نمارس هذا الحق فيها خاصة فيما يتعلق بالعمل السياسي والتمثيل في الدولة، إضافة إلى جمعيات أخرى طرحت نفسها بزي مدني إلا أنها مارست إقصاء واضحا في سلوكها للآخر المختلف في الفكر والمذهب، هذه الممارسات أوجدت ثغرات في حراك المؤسسات المدنية سياسيا واجتماعيا رغم محاولات رموزها القفز على هذه الثغرات ببعض اللقاءات الشكلية وبعض الأنشطة المشتركة التي لا يمكن أن تحقق اختراقا حقيقيا في ثقافة وقناعة أي جهة.

هذه الثغرات هي التي دخل من خلالها الطائفيون كي يضربوا الوئام القائم على الشراكة الوطنية ويخلقوا من خلالها مخاوف وهميه تجاه الآخر في الوطن، فلو افترضنا تحققت المطالبات في الإصلاح السياسي فماذا سيكون حال الجمعيات المعارضة بعد ذلك؟

هل هي فعلا جاهزة بمشروع عمل مشترك وواضح يقود المملكة الصغيرة لبر الأمان السياسي؟ألن يظهر على السطح خلافات تعمق من الخلاف سواء الفكري أو المذهبي على الساحة وتأخذ المملكة إلى المجهول؟

ما هو مشروع العمل الحالي الذي يفوت الفرصة على المذهبيين والطائفيين ويشعر الآخر المختلف بالأمان ويسكن هواجسه التي أثارتها الحكومة في نفسه من حراك المعارضة، وهو يخشى أن يفقد مكتسباته كالسنة مثلا؟

هل ستسكن الساحة البحرينية بعد تحقيق المطالب وتتحول فعلا إلى دولة مدنية حديثة يحكمها الدستور والقانون، أم سنرى سباقا لاقتسام الكيكة والنفوذ والمصالح وسيجد المتسلقون فرصة لتحقيق أحلامهم في السلطة؟

إن الهاجس الذي يسكن الجميع فعلا هو تداخل العقدي بالسياسي في العمل، وعدم قدرة كثير من هذه الجمعيات على الفصل بين العقيدة الشخصية وحدود ممارستها، وبين كيفية قيام دولة بعيدا عن هذه المكتسبات العقيدية وتداخلاتها مع السياسة التي تفرز حالة مهجنة وصورة ضبابية عن مكونات الوطن وأسس المواطنة الصالحة.
فكلنا اليوم يطالب بالإصلاح ونتفق على المطالب، ولكن هل كلنا اليوم لدينا رؤية عمل مشتركة متفق عليها لما بعد تحقيق المطالب، تحقق أسس المواطنة الصالحة البعيدة عن أي انتماء أو قبليات مذهبية وإيديولوجية؟

هل لدينا رؤية كيف ستقود المعارضة الساحة بأقل الخسائر بعد ذلك، ووفق أسس تشعر الموالاة إن صح التعبير بالأمان من جهة حق وجودها وتحديد مصيرها كشريك في الوطن، فتزيل هواجسه المفتعلة من الحكومة من جهة ومن سلوك بعض الجمعيات المعارضة من جهة أخرى؟ باختصار: يا بحرين ... ماذا لو تحققت المطالب؟

Chamseddin72@gmail.com
*كاتبة كويتية

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus