رويترز: تهريب النفط يموِّل «دولة الخلافة».. خبير عراقي: سيحولها إلى عملاق اقتصادي

2014-07-23 - 6:35 م

رويترز: استولى مقاتلو "الدولة الاسلامية" على أربعة حقول نفطية صغيرة عندما اجتاحوا شمال العراق في شهر يونيو/حزيران 2014، وأصبحوا يبيعون النفط الخام والبنزين لتمويل دولة "الخلافة الجديدة".

واستولى المقاتلون على حقلي نجمة والقيارة وإلى الجنوب بالقرب من تكريت، سيطر المقاتلون أيضا على حقلي حمرين وعجيل، وهي تعد حقولا متواضعة إذا ما قورنت بحقول النفط العراقية العملاقة قرب كركوك والبصرة والتي تخضع لسيطرة الاكراد والحكومة المركزية في بغداد

وأغلب الحقول النفطية الواقعة في الاراضي التي تسيطر عليها "الدولة الاسلامية" مغلقة ولا يتم ضخ النفط منها، ويقدر مسؤول تركي أن عددها نحو 80 حقلا. لكن احتكار الوقود في تلك المناطق التي استولى عليها التنظيم يمنحه ميزة على الفصائل المسلحة الأخرى التي قد تشكل تهديدا لهيمنته على الأمور في شمال العراق.

ويقول مسؤولون عراقيون إن "الدولة الاسلامية" نقلت نفطا من القيارة في الأسابيع الأخيرة لتكريره في وحدات متنقلة في سوريا لانتاج السولار والبنزين بجودة منخفضة، ثم إعادة المنتجات لبيعها في الموصل التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة. وأضاف المسؤولون أن كميات أكبر من النفط الخام بعضها من حقل النجمة "تباع أيضا عن طريق مهربين إلى تجار أتراك بأسعار مخفضة للغاية تبلغ نحو 25 دولارا للبرميل".

وقال رئيس لجنة الطاقة في المجلس المحلي لمدينة الموصل هشام البريفكاني: "تأكدنا من تقارير تظهر أن "الدولة الاسلامية" تشحن النفط الخام من حقل نجمة النفطي في الموصل إلى سوريا لتهريبه إلى إحدى الدول المجاورة لسوريا".

بدوره، قال مالك محطة وقود في الموصل إن "محطات البنزين في المدينة تبيع الآن الوقود الذي يورده إليها تجار يعملون مع "الدولة الاسلامية" التي تتقاضى دولارا أو دولارا ونصف للتر، حسب جودة الوقود بزيادة كبيرة عن الأسعار التي كانت سارية من قبل". وأردف "الوقود ينقل من سوريا والسعر ثلاثة أمثال السعر السابق لكن على السائقين شراءه بسبب توقف الوقود الذي تدعمه الحكومة".

وأكد البريفكاني أن "الدولة الاسلامية" هي "الطرف الوحيد المسؤول عن الواردات من سوريا حيث تسيطر على حقول في محافظة دير الزور"، موضحا "يستخدمون جانبا منه لعرباتهم ويبيعون الباقي لتجارهم في الموصل".

يحافظون على "سلامة" الحقول

انسحبت شركة "سونانغول" الأنغولية من إدارة حقلي نجمة والقيارة العام 2013 بسبب ارتفاع تكاليف التطوير والمخاوف الأمنية بسبب المتشددين في المنطقة. وكان حقل القيارة الذي تقدر احتياطياته بنحو 800 مليون برميل ينتج 7000 برميل يوميا من الخام الثقيل قبل أن يستولي تنظيم "الدولة الاسلامية" عليه وعلى مصفاة قريبة طاقتها 16 ألف برميل في اليوم.

وتوقفت مصفاة القيارة ومصفاة أخرى قريبة منها في كسك شمال غربي الموصل عن العمل بعد أن هرب العاملون بهما، لكن النفط ظل يتدفق من حقل القيارة نفسه بعد أن طلب المتشددون من الموظفين العراقيين البقاء في مراكزهم ووعدوا بحمايتهم مثلما فعلوا في أغلب المنشات النفطية من أجل الحفاظ على الانتاج.

وأشار مسؤول عراقي كمثال إلى المعركة من أجل السيطرة على مصفاة بيجي في الشمال وهي أكبر مصافي تكرير النفط في العراق، حيث يحاول مقاتلو "الدولة الاسلامية" وغيرهم السيطرة على الموقع منذ منتصف يونيو/حزيران 2014 كم دون إلحاق أي ضرر بالمنشآت.

وقال مهندس يعمل في القيارة، مشترطا عدم الكشف عن هويته خشية الانتقام منه، إن تنظيم "الدولة الاسلامية" "يحرص على الحفاظ على سلامة منشآت الطاقة داخل القيارة. لم ندرك لماذا لم يدمروا المنشات. لكن بعد أسبوع بدأوا يملأون الشاحنات بخام القيارة. كانوا يخططون من البداية للتربح من الحقل".

ولفتت مصادر حكومية عراقية إلى أن "من الصعب تقدير حجم الأموال التي يحققها التنظييم من بيع النفط الخام أو المنتجات المكررة في سوريا لأن عدد الشاحنات يتباين من يوم إلى آخر، فيما قال مصدر إن "عملية منفصلة لتهريب النفط إلى إقليم كردستان وإلى ايران كانت تحقق ما يقرب من مليون دولار يوميا في وقت سابق من الشهر لكنها توقفت الآن".

وأشار صاحب شركة شحن في الموصل إلى أنه يشتري 250 برميلا من النفط الخام من المتشددين بمبلغ ستة آلاف دولار، مؤكدا أن "الخطوة التالية تتوقف على مهارتنا في التعامل مع التجار الأتراك".

ويفرض تنظيم "الدولة الاسلامية" ضرائب على كل المركبات والشاحنات التي تنقل البضائع إلى الموصل بواقع 400 دولار للشاحنة الكبيرة و100 دولار للشاحنة الصغيرة و50 دولارا لسيارات الركوب إذا كانت تحمل بضائع.

وقال الخبير العراقي في الجماعات المسلحة أحمد يونس: "إن الاسلاميين يقيمون دولة اقتصادية بناء على الموارد المتزايدة والبنية التحتية المتاحة لهم"، مضيفا "بالنظر إلى امتداد "الدولة الاسلامية" عبر الحدود العراقية ـ السورية وسيطرتها على حقول نفطية وتزايد نشاطها الاقتصادي فإنها ستتحول إلى عملاق اقتصادي لديه أصول بمليارات الدولارات".
وقال: "في المستقبل هل ستشتري أسهما في نايمكس؟ كل شيء ممكن".

حقول تكريت

أما الحقلين الآخرين شرقي تكريت الذين يسيطر عليهما مقاتلو "الدولة الاسلامية"، فأحدهما هو حقل عجيل الذي ينتج 25 ألف برميل في اليوم من النفط الخام كانت تنقل إلى مصفاة كركوك و150 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا تضخ إلى محطة كركوك للكهرباء التي تسيطر عليها الحكومة.

وما زال يجري ضخ الغاز من الحقل على رغم انخفاض حجم الانتاج اليومي إلى 100 مليون قدم مكعبة، ويفسر خبراء الطاقة ذلك بأن محطة كهرباء كركوك تزود مدنا كثيرة في المنطقة بالكهرباء ولأن مقاتلي التنظيم يريدون أن يتحاشوا أزمة في الطاقة.

وقال مهندس في الموقع: "المتشددين ينقلون كميات صغيرة فقط من النفط من عجيل بسبب مخاوف من أن تؤدي أساليب الاستخراج البدائية إلى اشتعال الغاز".

أما الحقل الآخر الذي استولت عليه "الدولة الاسلامية" فهو حقل حمرين الذي تتراوح طاقته الانتاجية بين خمسة آلاف وستة آلاف برميل يوميا من خمسة آبار نفطية عاملة. وقال موظف في وزارة النفط يعمل في الحقل: "أحضر المتشددون فنيين من خارج تكريت للتعامل مع الخام من حمرين وبدأوا يحفرون حفرا وسحبوا النفط من الآبار باستخدام مضخات ري صغيرة".

وقال مسؤول أمني عراقي إن شاحنات تستخدم لتهريب النفط الخام من عجيل وحمرين إلى اقليم كردستان العراقي وإلى ايران، وهو ما اعتادت قوات "البشمركة: الكردية أن تغض الطرف عنه، لكن المسؤول أكد أن قوات الأمن الوطني العراقية بالاضافة إلى قوات "البشمركة" بدأت تعمل على وقف هذه التجارة في 12 يوليو/تموز 2014. واستخدم الجيش طائرات الهليكوبتر لقصف الشاحنات المتجهة شرقا من تكريت بينما استولت قوات الأمن الكردية على الشاحنات التي تحمل نفطا مهربا عبر الأراضي الخاضعة لسيطرتها.

وقال المتحدث باسم قوات مكافحة الإرهاب صباح نوري: "تمكنا من تدمير أكثر من 50 شاحنة من 12 تموز/يوليو 2014. ضرباتنا بطائرات الهليكوبتر أثرت على عملية التهريب بشدة وقطعت مصدرا حيويا لتمويل الإرهابيين".

من جهته، قدر مستشار في وزارة النفط أن "الدولة الاسلامية" حققت نحو عشرة ملايين دولار بواقع ما يقرب من مليون دولار يوميا في الأسبوعين الأولين من يوليو/ تموز 2014 قبل وقف هذه العملية.

من ناحيته، قال رئيس بلدية طوز خرماتو الواقعة على الطريق بين تكريت وإقليم كردستان وايران إن مسار التهريب "أغلق قبل عشرة أيام. قبل ذلك كان ما يتراوح بين 30 و60 شاحنة تدخل المنطقة الكردية لكن الآن نستطيع أن نقول إن الرقم صفر".


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus