سيزنك بروفيسور العلوم السياسية في جورج تاون في حوار خاص مع مرآة البحرين: الحل مبادرة مشتركة سعودية إيرانية عراقية

2011-08-29 - 7:03 ص


خاص من العاصمة الأميركية واشنطن - مرآة البحرين

" على الدول الخليجية أن تبدأ في التفكير في طرق للاستمرار دون دعم الولايات المتحدة الأميركية. وعلى الأنظمة الخليجية أن تستعد لفكرة أن الوجود الأميركي في المنطقة قد لا يطول أمده وأن تغييرات جذرية سوف تحدث  في السنوات المقبلة".
 
هكذا وجه أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج تاون الأميركية جان فرانسوا سيزنك(1) رسالته إلى الأنظمة الخليجية في هذا الوقت الصعب الذي تمر به، شبح التغيير يطل عليها من كل صوب.
 
وسيزنك(1) هو أحد أهم العقول الأكاديمية المتخصصة في شئون دول الخليج العربي في العاصمة الأميركية واشنطن. ويشغل منصب أستاذ مشارك زائر في مركز جامعة جورجتاون للدراسات العربية المعاصرة في العاصمة الأميركية واشنطن، وينصب اهتمامه على تأثير المتغيرات السياسية والاجتماعي للخليج العربي على الأسواق المالية وأسواق النفط في المنطقة. ويمتلك الدكتور سيزنك خبرة تصل إلى 25 عاماً في المجال المالي والمصارف الدولية، قضى منها 10 سنوات في منطقة الشرق الأوسط. وهو عضو مؤسس وشريك إداري لمجموعة لافاييت وهي شركة استثمارية أميركية خاصة.

وقد عرف عن سيزنك(1) القريب من الأنظمة الخليجية موقفه الداعم لحث النظام السعودي نحو اتخاذ المزيد من الإصلاحات الديمقراطية في الداخل السعودية.
في مكتبه بجامعة جورج تاون كان لقاء (مرآة البحرين) معه في العاصمة الأميركية واشنطن للحديث حول أنطباعاته وآرائه حول الوضع السياسي الحالي في البحرين وتقييمه لآفاق حله، فكان هذا اللقاء الخاص:

مرآة البحرين: ما هو تقييمك العام لوضع البحرين السياسي حالياً؟ 
لست متفائلاً لأنني أخشى بأن الكثير من القرارات في البحرين حالياً لا يتم اتخاذها داخل البحرين، وهذا يعقد الأمر كثيراً. ولو ترك القرار بيد البحرينيين لكان لهذا الأمر تأثيراً كبيراً على حل المشكلة وخلق حوار جاد وفعلي في الداخل. من الواضح أن هناك في البحرين اليوم جماعات لا يهمها أن يكون هناك حوار جاد ومثمر، وأعتقد بأن بعض الأطراف الخارجية مثل العراق وإيران والسعودية تلعب دوراً كبيراً في التأثير على القضية البحرينية، ويمكنها لو اتفقت فيما بينها التأثير على المساهمة في حل الأزمة في البحرين.

مرآة البحرين: وكيف ترى مبادرة الحوار الوطني التي انتهت مؤخراً؟
منذ البداية كنت مشككاً في مبادرة الحوار التي طرحت في البحرين،  إذ من الواضح أنه تم تهميش ولي العهد البحرين من لعب دوره في الحوار، حيث تم استبداله بتعيين رئيس مجلس النواب الذي عرف عنه قربه من السلطة وبعده التام عن مطالب المعارضة. لذلك أسميته منذ البداية (حوار الطرشان). ولم تخب توقعاتي. إنني مؤمن بأن الجماعات السنية الممثلة في البرلمان البحريني، وهي بالمناسبة ليست ممثلة تماماً لعموم السنة في البحرين، ليسوا مهتمين في الدخول في حوار وإنما في فرض رأيهم ووجهة نظرهم، لذلك أرى بأن الحوار ولد ميتاً بالأساس، فهو لم يكن أكثر من منولوج.

مرآة البحرين: وماذا عن لجنة التحقيق المشكلة برئاسة الخبير الدولي محمد شريف بسيوني؟ هل تتوقع أن تحدث فارقاً في المعادلة السياسية في البحرين؟

 أتمنى أن تتمكن لجنة التحقيق ورئيسها بما عرف عنه من مهنية هو وأعضاء لجنته من التوصل إلى نتائج حقيقية، ولكن علينا الانتظار لرؤية النتائج المترتبة على هذه اللجنة أولاً.

مرآة البحرين: وكيف تقيم الطريقة التي تعاملت بها الحكومة البحرينية مع الاحتجاجات في داخلها منذ فبرايرالماضي؟
  "على الأنظمة الخليجية أن تستعد لفكرة
أن الوجود الأميركي في المنطقة
قد لا يطول أمده وأن تغييرات جذرية
سوف تحدث في السنوات المقبلة"


لم تكن المشكلة في البحرين في البداية معقدة، فقد كان هناك احتمال كبير للوصول إلى حل سياسي جيد خصوصاً بين أطراف المعارضة من الشيعة والسنة وبين الأعضاء الأكثر اعتدالاً من العائلة الحاكمة في البحرين. غير أن الوضع تغير تماماً الآن وتعقد كثيراً، وخصوصاً بعد أن سيطر المتطرفون على الساحة السياسية والقرار من كلا الطرفين. وقد كان من الواضح أن بعض المؤسسات المحسوبة على أطراف متشددة في الحكم في البحرين ومرتبطة بالسعوديين وبالفكر السلفي كان لها الغلبة في السيطرة على الوضع في البحرين مما عقد المشكلة أكثر.
لقد كان السعوديون قلقين من أن القبول بمطالب المعارضة في البحرين بوضع رئيس وزراء منتخب سيسمح بوصول رئيس وزراء شيعي وبالتالي سيؤثر على  توازنات القوى في المنطقة وبالخصوص في مجال التقارب مع إيران "ذات الحكم الشيعي المذهب". وعلى الرغم من أنني أتفهم قلق السعوديين إلا أنني لا أدعمه بالضرورة، فليس هناك ما يثبت أن هذا النوع من التقارب سيحدث . غير أننا اليوم في وضع آخر، إذ إننا أمام نتيجة مفادها بأن  المعارضة رفعت سقف مطالبها كثيراً بعد استخدام القمع المفرط تجاه المتظاهرين.

مرآة البحرين: وكيف تقيم تأثير الدور السعودي في الملف البحريني؟

بطبيعة الحال كانت السعودية المحرك الرئيسي للتطورات في المسألة البحرينية، فالسعودية قلقة للغاية من القوة الشيعية التي يمكن أن تظهر على السطح في البحرين.  
وتعرف السعودية تماماً بوجود أغلبية شيعية عربية متعلمة ومثقفة في البحرين، وأن هؤلاء لو امتلكوا القدرة والقوة على التأثير على القرار السياسي في هذه الجزيرة الصغيرة فإن هذا الأمر سيمتد بالضرورة إلى داخل الحدود السعودية وخصوصاً المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية. ويرى النظام السعودي في هذا الأمر خطراً كبيراً لن يسمحوا به، كما لن يسمحوا بأي باب يمكن أن يفتح للتأثير الإيراني في منطقة الخليج العربي. وما فعله النظام البحريني بالتعاون مع السعوديين عبر استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين سيؤدي حسب رأيي وبعكس التوقعات إلى رمي المعارضة البحرينية في أحضان إيران، فالمعارضة البحرينية اليوم تجد نفسها وحيدة دون معين لها في المنطقة وهذا هو الأمر الذي قد يقود إلى التأثير والتدخل الإيراني وليس العكس.

مرآة البحرين: ماذا عن الموقف الأميركي من أزمة البحرين وخصوصاً بعد تصاعد وتيرة الاتهامات ضد النظام الأميركي بوصفه متواطئاً أو صامتاً عن انتهاكات النظام في البحرين؟
    
أمريكا تعرف بأن الوضع في البحرين غير مستقر، ولذلك فإنها لم تتخذ استراتيجية نهائية بشأنها. تحاول أمريكا الضغط على حكومة البحرين للتخفيف من أعمال العنف ضد المتظاهرين، غير أن الأمريكان يخشون بأنهم لو زادوا من هذا الضغط فإنهم سيفقدون تأثيرهم في البحرين، وخصوصاً مع وجود الحليف السعودي.
ومن الواضح طبعاً أن الأمريكان يعرفون تماماً طبيعة الأنظمة الخليجية، غير أنهم يفضلون العمل معها ومحاولة إصلاحها عبر التعاون مع أطراف ليبرالية داخلها على تغيير النظام بكامله. ويجب التأكيد على أن استقرار هذه المنطقة وبقاء الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين هو أمر مهم للغاية للولايات المتحدة، غير أن هذه الأهمية لن تطول إلى ما بعد سنوات قليلة، إذ ستقل أهمية هذه القاعدة مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان، وهو أمر حاصل لا محالة. من هنا فإنه مع الأخذ بالاعتبار أهمية القاعدة الأميركية في البحرين للأمريكان، إلا أنهم يمكن أن يضحوا بها إذا وصلت الأمور إلى وضع صعب للغاية. غير أن آثار هذا الأمر سيدفعها الاقتصاد البحريني الذي سيعاني كثيراً بعد خروج القاعدة الأميركية.

 مرآة البحرين: وهل لديك تعليق على مقولة بأن ما يحصل في البحرين هو نتيجة مؤامرة أميركية إيرانية مشتركة للسيطرة على المنطقة؟

ليس لدي رد أو تعليق على هذه المقولة في الواقع وأجد أنها تدعو للسخرية.

مرآة البحرين: وهل ترى حلاً قريباً في الأفق للأزمة البحرينية؟

يمكن حل المشكلة في البحرين ولكن يجب أن يتم هذا الحل بشكل كلي وليس جزئيا، فالتركيز على موضوع الشيعة والسنة هو خطأ كبير، ويمكن لأي مراقب التأكد بأن المشكلة في البحرين مناطقية وليست محلية، وحلها ليس في يد النظام البحريني، ولكنه بيد الأطراف الخارجية المتورطة في هذه الأزمة.
ولا شك أنه لحل هذه الأزمة يجب إدراك عدد من الأمور، أولها أن  إيران هي دولة جارة في المنطقة وهذه حقيقة لا يمكن تغييرها وستستمر طوال الوقت، ومن الأفضل لجميع الدول الخليجية في المنطقة التعايش بسلام معها.
ويجب أيضاً إدراك بأن السعوديين والسلفيين تحديداً يشعرون بأن الأمريكان قد خذلوهم ولم يقفوا معهم خصوصاً بعد الموقف الأمريكي من الثورة المصرية وموقفها المتعاطف مع الثورة في البحرين. من هنا جاءت ردة الفعل عنيفة للغاية عبر الهجوم على أميركا وسياستها.

مرآة البحرين: وكيف يمكن طرح هذا الحل؟

يمكن أن يطرح هذا الحل عبر مبادرة مشتركة بين أطراف ثلاثة هي السعودية وإيران والعراق، إذ إن إيمان هذه الأطراف الثلاثة بالذات بضرورة حل الأزمة البحرينية وتحييد موقفها سيساهم في تحريك الأمور في الأزمة البحرينية.

مرآة البحرين: ولماذا العراق؟

تتحدث كثير من الأطراف عن الدور الإيراني – الذي نشك في وجوده- لكن لم تلتفت أطراف كثيرة إلى الدور الذي تلعبه العراق في الملف البحريني. البحرينيون الشيعة هم عرب بالأساس وهم أقرب للشيعة في العراق، وقد اتضح في الفترة الأخيرة مقدار التأثر والتأثير الكبيرين من قبل العراقيين عما يحدث في البحرين، لذلك فإن العراق يمكن أن تصبح فاعلاً رئيسياً في التوسط لحل الأزمة البحرينية.



تعريف: (عن المركز الإماراتي للدراسات الإستراتيجية) 

 
عمل الدكتور جان فرانسوا سيزنك أستاذاً مشاركاً بمعهد الشرق الأوسط، في كلية الشؤون الدولية والعامة، بجامعة كولومبيا،في الولايات المتحدة الأمركيية منذ عام 1986. وتركز أبحاثه على دراسة الجوانب الاقتصادية والسياسية المتعلقة بالنفط، بالإضافة إلى عنصر التمويل في منطقة الخليج العربي. ومنذ عام 2001، عمل أيضاً أستاذاً مشاركاً بمركز الدراسات العربية المعاصرة، التابع لجامعة جورج تاون.

وخلال الفترة من 1973 إلى 1978، عمل الدكتور سيزنك لدى بنك "تشيس مانهاتن"، وفي عام 1974، ترأس فريق "مجموعة التسويق السعودية" في البحرين، وانتدب للعمل لدى الصندوق السعودي للتنمية الصناعية. وفي عام 1976، عمل مديراً لمكتب العمل المصرفي المؤسسي التابع لبنك "تشيس مانهاتن"، في عمان بالأردن. وخلالالفترة من 1979 إلى 1985، عمل نائباً أول لرئيس مجلس الإدارة، ومديراً عاماً للمكتب التمثيلي للبنك السعودي الأوروبي-نيويورك لدى المملكة العربيةالسعودية ؛ حيث تولى أيضاً منصب النائب الأول للرئيس والمدير العام لوحدة المنطقة الحرة التابعة لهذا المصرف في البحرين خلال الفترة من 1979 إلى 1984. وفي الفترة من 1986 إلى 1990، عمل الدكتور سيزنك نائباً أول للرئيس ومديراً عاماً للمكتب التمثيلي في نيويورك لبنك الشرق الأوسط، الذي يقع مقره الرئيس في البحرين. وفي عام 1991، أسس مجموعة لافاييت في أنابوليس بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي عبارة عن شركة استثمار خاصة، متخصصة في شراء وإدارة الشركات العاملة في مجال الصناعات الكيماوية. ويتولى الدكتور سيزنك منصب المدير الإداري لهذه الشركة.

وتشمل أحدث مؤلفاته مايلي: "منظمة التجارة العالمية ومخاطر الخصخصة: دراسة تحليلية لحالة المملكة العربية السعودية"، في كتاب أعده كارتك روي وجويرن سيدراس بعنوان: "المؤسسات، العولمة، والتمكين"، و"النفط والغاز: وقود التنمية الاقتصادية في بحر قزوين"، في كتاب أعده هوشانج أمير أحمدي بعنوان: "منطقة بحر قزوين على مفترق طرق"، (2002). ويشارك الدكتنور سيزنك بصفة متواصلة في المؤتمرات، كما سبق له أن قدم محاضرات حول الاقتصاد والسياسة بمنطقة الخليجالعربي، وأسواق الطاقة، وموضوع العراق.

والدكتور سيزنك عضو في مجلس مستشاري قسم الشرق الأوسط في منظمة مراقبة حقوق الإنسان، وسبق له أن عمل زميلاً باحثاً في مجلس العلاقات الخارجيةالأمريكي خلال الأعوام 1999، 2000، 2001؛ حيث كان عضوا في المجموعات البحثية المكلفة دراسة السياسة الأمريكية تجاه منطقة الخليج العربي والتجارة والاستثمار في منطقة الشرق الأوسط. كما شارك وعمل منسقاً، خلال الفترة 1995-1999، لمؤتمر اليونسكو حول العلاقات بين الإسلام والغرب. وهو عضو في الحلقة البحثية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط بجامعة كولومبيا، وعضو في لجنة تمويل جمعية دراسات الشرق الأوسط، وجمعية الصداقة الأمريكية-البحرينية.

تخرج الدكتور سيزنك بمرتبة الشرف في الشؤون الدولية من واشنطن كوليدج فيميريلاند عام 1970، وحصل على درجة الماجستير في الشؤون الدولية من كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا في عام 1973. وفي عام 1993، حصل على ماجستير الآداب وماجستير الفلسفة في العلوم السياسية من جامعة ييل،وفي عام 1994 حصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة ييل، تخصص السياسة المقارنة، وكان موضوع أطروحته هو: "سياسات الأسواق المالية في السعودية والكويت والبحرين".


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus