مركز ستراتفور: المملكة العربية السعودية ترسل رسالة إلى الولايات المتحدة عبر البحرين

2014-07-11 - 8:26 م

مركز ستراتفور للدراسات الاستراتيجية والأمنية

ترجمة: مرآة البحرين

 تغير الشرق الاوسط بشكل ملحوظ منذ غزو الولايات المتحدة للعراق في العام 2003. وأدت الإطاحة بنظام صدام حسين إلى توريط العراق في صراع طائفي امتد طيلة ثماني سنوات وازداد تأججه في فترة الربيع العربي. وقد حاولت الولايات المتحدة استخدام الخلافات بين الشيعة والسنة لخلق توازن جديد في المنطقة لكنها الآن تجد نفسها عالقة في الشرك مع كلا الجانبين.

وقد بدأت نتائج ذلك التورط بالظهور. ففي 7 تموز/يوليو، أعلنت البحرين أن مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل توم مالينوسكي هو شخص غير مرحب به في البلاد. وزعمت الحكومة البحرينية أن مالينوسكي كان يتدخل في شؤونها من خلال لقائه بزعيم أكبر جماعة شيعية في البلاد، وهي جمعية الوفاق. وفي اليوم التالي، صرح مالينوسكي في تغريدة على تويتر أن طرده تم بناء على رغبة المنامة في تقويض الحوار بين الحكومة التي يقودها السنة والمعارضة السياسية الشيعية إلى حد كبير.

لا يشكل إبعاد مالينوسكي خطوة عادية. فالبحرين حليف مقرب لواشنطن، والأسطول الخامس الأمريكي متمركز هناك. علاوة على ذلك، ليس مالينوسكي ديبلوماسيًا مقيمًا في البحرين، بل هو مساعد لوزيرة الخارجية في زيارة رسمية إلى البلاد.

ووفقًا لوزارة الخارجية الامريكية، تم تنسيق لقاء مالينوسكي عبر السلطات البحرينية المعنية. فيما يدعي البحرينيون من جانبهم أن مالينوسكي انتهك البروتوكول.

وفي كلتا الحالتين، ليس من المحتمل أن يحصل لقاء مماثل من دون علم السلطات البحرينية. كما أنه يستلزم إعدادًا وتتنسيقًا مكثفين بين وزارتي الخارجية الأمريكية والبحرينية. أضف إلى ذلك أن الاعتبارات الأمنية تتطلب عمل وتعاون جهاز الأمن الديبلوماسي مع زملائهم في وزارة الداخلية البحرينية. وفي حين يمكن الاعتقاد ان هذا اللقاء كان سريًا، فلا بد أن أمرًا ما حصل فيه وأغضب الحكومة البحرينية.

كان من الممكن أن تبلغ المنامة واشنطن بهدوء عن غضبها. كما أنه كان من الممكن أن تلغي الاجتماع اللاحق الذي كان من المفترض أن يتم اليوم. بدلًا من ذلك، أعلنت رسميًا عن إدانتها للأمر، واتخذت إجراء لم يسبقه مثيل ضد مسؤول أمريكي زائر.

ونظرًا للعلاقات الودية بين البحرين والولايات المتحدة، فإن المنامة لن تتخذ مثل هذا الإجراء من تلقاء نفسها. ولا بد أنها فعلت ذلك بناء على طلب من راعيها في المنطقة أي المملكة العربية السعودية. لقد اتجهت الجزيرة الخليجية إلى الاتكال على السعودية منذ بدء الانتفاضات السياسية في العام 2011. في الواقع، أرسلت الرياض قواتها الخاصة لإخماد الاضطرابات السياسية في المنامة.

والأهم من ذلك، تدهورت علاقات السعودية مع الولايات المتحدة بشكل حاد على امتداد العام الماضي. فقد رفضت واشنطن الإطاحة بالمنطقة السورية ولا زالت تحاول إصلاح العلاقات مع إيران، منافس السعودية في المنطقة. ومن وجهة نظر الرياض، لم يعد ممكنًا الوثوق بالأمريكيين في قضايا المنطقة، وخاصة تلك المتعلقة بإيران وحلفائها الشيعة.

ويتناسب لقاء مالينوسكي مع الوفاق بالتأكيد مع هذا الوصف. فمسؤولية مالينوسكي الأساسية هي تعزيز الديمقراطية وهو ما يتعارض مع مصالح الحكومتين السعودية والبحرينية، إذ أنه ينصب في مصلحة الشيعة. وفي حين أن المسألة الأساسية التي تسببت بطرد المنامة لمالينوسكي غير واضحة بعد، إلا أنه من المؤكد أن هذه المحادثات شكلت تهديدًا للحكومة.

لكن المسألة هنا لا تتعلق بهذا اللقاء وحده وبالوضع البحريني الداخلي والمحاولة السعودية لتبليغ الأمريكيين بغضب الرياض. بل تتعلق بالمخاوف الأمنية للدول العربية السنية، خاصة تلك الموجودة في منطقة الخليج والتي تجد نفسها عالقة بين الجهاد والديمقراطية والنفوذ الشيعي المتنامي. وفي الوقت الذي تكافح فيه السعودية لدحر النفوذ الإيراني في العراق وسوريا، حيث أثبتت الولايات المتحدة عدم تعاونها، لا تريد من واشنطن إيجاد فرصة لإيران في الجانب السعودي من الخليج. وأرادت الرياض وحلفاؤها إرسال رسالة شديدة اللهجة إلى الولايات المتحدة مفادها أنه يجب إبقاء شبه الجزيرة العربية خارج نطاق سياسة توازن القوى الامريكية.

تواجه واشنطن معضلة في التعامل مع سياسات الشرق الأوسط الطائفية. ممارسة الديبلوماسية مع إيران أمر مشجع ولكنها عمل قابل للتطوير. ولا تزال الولايات المتحدة تواجه مشاكل في تعاطيها مع السنة، حتى أولئك الذين يعدون من أقدم حلفائها .


7 تموز/يوليو 2014
النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus