عبدالله خليفة يستأنف الكتابة في "أخبار الخليج" بعد مقال هاجم فيه قبيلة آل خليفة الحاكمة
2014-07-07 - 6:25 م
مرآة البحرين: استأنف الكاتب اليساري عبدالله خليفة مقالاته اليوم الاثنين (7 يوليو/ تموز 2014) في صحيفة "أخبار الخليج" المملوكة لرئيس الوزراء البحريني، بعد توقفه عنها لأسبوعين، اكتفى فيها بتوزيع مقالاته بواسطة البريد الإلكتروني. وهاجم خليفة في مقال له لم ينشر في الصحيفة قبيلة آل خليفة الحاكمة التي رأى أن "عنفها وبذخها يزداد بسبب تاريخها العنيف".
واعترف الكاتب في مقاله اليوم بأن توقفه عن الكتابة جاء نتيجة لـ"ضيق المساحة" في إشارة مبطنة إلى منع مقالاته. وقال "اتصل رفاق عديدون يتساءلون عن التوقف عن الكتابة. هو ضيق مساحة يبحث فيها الوعي عن ذرى للتحليل، عن قراءات هي دراسات عميقة، وقد كتبت فعلاً ووزعت على نطاق ضيق، لكن هؤلاء المناضلين يطالبون بالاستمرار في الكتابة مهما كانت الظروف ومهما كانت المساحات، من أجل التنوير والحرية"، على حد تعبيره.
ورأى خليفة في أحد مقالاته الأخيرة التي لم تنشر بأن "البحرين متصدعة بين دولة القبيلة ودولة الناس المقموعة". وأضاف "تزداد قبيلة آل خليفة عنفاً وبذخاً بسبب تاريخها العنيف. فبخلاف الكويت التي أقام شيوخ آل صباح علاقة وطيدة مع فئة التجار عاشت آل خليفة على العنف وسلب الفلاحين والغواصين فلا تصنع طواقم سياسية حكيمة كما أن ازديادها العددي وشهوة الاستيلاء على الأملاك العامة يدفعها للمزيد من الفوضى السياسية والاقتصادية".
وتابع بأن "الاستيلاء على الأراضي تبعه تقزيم القرى"، مضيفاً بأن "استخدام القوة يكون بشكل مذهبي مخادع، فالمتحكمون في الحكم يستعينون بأفراد القبائل المماثلة في المذهب ويصورن السيطرة باعتبارها حكماً لمذهب".
وتأتي هذه المواقف التي عبر عنها في مقالاته الأخيرة التي وزعها بواسطة "الإيميل" على عكس مقالاته العلنية المنشورة في جريدة "أخبار الخليج" والتي تتخذ مواقف حادة جدا ضد المعارضة إلى حد اتهامها بـ"التخلف" و"الخيانة" وإلى حد أنه وصف مقاطعتها للانتخاابات "أمر طيب وجيد"، وفي مقال آخر وصف وثيقة المنامة بأنها "زبالة". ولا يعرف على وجه الدقة ما الذي حصل ولماذا كتب عبد الله خليفة هذا المقال الحاد ضد السلطة ووزعه عبر "الإيميل".
فيما يلي تنشر "مرآة البحرين" المقال المذكور الذي قام الكاتب عبدالله خليفة بتوزيعه على رفاقه بواسطة البريد الإلكتروني:
تناقضاتُ الدولةِ الطائفية.. البحرين نموذجاً
عبدالله خليفة
البنية التقليدية تتمظهر صراعياً الآن في شكلين اجتماعيين إيديولوجيين هما شكل السياسيين التقليديين الحاكمين وشكل رجال الدين، الأولون يسيطرون على مقاليد السياسة والآخرون يسيطرون على فهم وتكريس المذاهب.
حين نقول(الآن) فهي مرحلة متأخرة، هي مرحلةُ تفكك للشكلين وانهيار داخلي واسع للبنية، وهي مسألة مماثلة لمعظم دول المشرق العربي كسوريا والعراق واليمن التي تفككت فيها البُنى الاجتماعية واهترأت عنفاً ودماراً.
الشكلان هما تعبيران عن طبيعة الزمنية الاقطاعية العربية الإسلامية حيث الدولة الدينية الطائفية وعدم قدرة هذه الدولة على رسملة الاقتصاد، وعلى تحول الفئات الوسطى الحِرفية والتجارية لطبقة وسطى.
تفاقم هذا الصراع يفكك البنية ويقودها للحرب الداخلية والانقسام.
لماذا لم تستطع تجاوز هذا الانقسام وراحت تتراجع للوراء؟
بسبب سيطرة رجال القبائل على مفاتيح السلطة حيث يضعون أقرباءهم على جوانبها العسكرية والأمنية والاقتصادية، وبهذا فإن دخل البنية يتوجه إليهم كما يمكن ضبط أي مقاومة لتغيير هذه السيطرة لإعادة توزيع الدخل بشكل آخر.
هكذا نجد البحرين متصدعة بين دولة القبيلة ودولة الناس المقموعة.
تزداد قبيلة آل خليفة عنفاً وبذخاً بسبب تاريخها العنيف. فبخلاف الكويت التي أقام شيوخ آل صباح علاقة وطيدة مع فئة التجار عاشت آل خليفة على العنف وسلب الفلاحين والغواصين فلا تصنع طواقم سياسية حكيمة كما أن ازديادها العددي وشهوة الاستيلاء على الأملاك العامة يدفعها للمزيد من الفوضى السياسية والاقتصادية مما يعمق تناقضات البنية الاجتماعية.
فالاستيلاء على الأراضي تبعه تقزيم القرى، وهذا جرى على مدى القرن التاسع عشر خاصة وتبعته السيطرة البريطانية الاستعمارية التي ألحقت البلد بالبنية الرأسمالية غير المنتجة مما أدى لتحطيم الحرف والبناء السكاني الزراعي عامة.
استخدام القوة يكون بشكل مذهبي مخادع، فالمتحكمون في الحكم يستعينون بأفراد القبائل المماثلة في المذهب ويصورن السيطرة باعتبارها حكماً لمذهب.
يخلقون مشاركة ثانوية توهم بسيطرة طبقية واحدة، وهذا الخداع الإيديولوجي يتصاعد مع الزمن مع نمو السلطة القبلية ومنافعها، ويتحول الأمر لصراع مسلح إذا ما تفاقمت الصراعات الطبقية في ظل الصراعات الطائفية كما هو حصل وتصاعد.
دولة القبيلة لا دولة الشعب تتشكل عبر السيطرة السياسية الاقتصادية، بالهيمنة على مفاتيح السلطة وهيمنة على مفاتيح الاقتصاد، في الزمن الإقطاعي الزراعي الكامل تغدو الأرض هي ركيزة السيطرة، في حين أنها في الزمن الحالي هي الشركات الحكومية وتغدو شركات الثروات العامة كالنفط والغاز وبناء الدولة نفسه أساس الاستغلال.
دولة القبيلة تلغي مؤسسات الدولة الوطنية، وتظهر دولة القبيلة باعتبارها دولة للسنة، لكن هذا التزييف ينقشع مع الصراعات الاجتماعية والوطنية، إذا ما كان الوعي الديني غير مهيمن.
في الزمن الراهن تصطدم دولة القبيلة بتفكك وانهيار دولة الشعب الوطنية التي تصاعدت مع الصراع الوطني ضد الاستعمار، ولهذا فإن مؤسسات مثل الدستور والبرلمان والديمقراطية لم تنجح، بسبب أن هذه المصطلحات هي نتاج تطور دولة الشعب لا دولة القبيلة.
تحكم مؤسسة الوزراء في الحكم وهيمنتها على الشركات العامة والأثراء غير المشروع من خلالها وتكون إقطاع حكومي يهيمن على رأسمالية الدولة ويخضعها لشكله القديم القبلي أجهض تطور الدولة الوطنية.
ولهذا فإن ديكور الدستور والبرلمان يظلان متناقضين مع الدولة الديمقراطية عامة، فتؤدي مواد في الدستور مثل صلاحيات الحاكم إلى نسف دور البرلمان وبالتالي تنتصر دولة القبيلة على دولة الشعب وتظهر مؤسستا الحاكم ومجلس الوزراء كسلطتين مطلقتين اثنتين لا واحدة مثل بقية الدول الدكتاتورية، ويتحول الوزراء لكراسي مؤبدة كذلك.
شكل الوعي وتأزم البنية
مع تكرس دولة القبيلة يكون المجتمع الإقطاعي قد حصل على ركيزة كبرى، ولا تؤدي تطورات العلاقات الرأسمالية في البنية إلى تغيير تحديثي ديمقراطي لكونها لا بد أن تعتمد على فئات وسطى تنتج الفوائض من خلال الأعمال الحرة لا بالسيطرة على الأجهزة الحكومية.
ولهذا فإن اشكال الوعي التقليدية تتكرس وتتنامى مثل الأفكار الدينية المذهبية، والخرافات وأشكال التصوف وفنون القبيلة كالعرضة والشعر النبطي والعودة للملابس القديمة، والتقاليد القبلية التي تُزرع بالقوة في وسائل الإعلام الجماهيرية فيما تندثر فنون الشعب المشتركة كفنون الغوص وترتد الجماهير لطقوسها الدينية، وتعطي هذه المظاهر تفسيرات خادعة بالكلام عن الحفاظ على التقاليد العربية الأصيلة.
تلاقى انهيار التجربة الديمقراطية الوطنية بحل المجلس الوطني مع تصعيد الحكومة للجماعات المذهبية الشيعية والسنية والإجهاز على القوى العلمانية، ولكن هذه العملية القمعية الاجتماعية الواسعة تلاقت مع ازدياد عدد السكان الشيعة وتنامي تدفق العمالة الأجنبية وانفلات السوق الرأسمالية المسيطر عليها حكومياً وتفجر الثورة الإيرانية التي اتخذت لها طابعاً دينياً فارتدت عن محتواها الشعبي الديمقراطي لكن هذا صعد القوى السكانية الشيعية الدينية البحرينية عبر جماعة السفراء بداية ثم عبر (الانقلابيين) وتتالت الجماعات المذهبية الشيعية.
تجربة الدولة الوطنية الفاشلة وتصاعد الدولة القبلية ذات الصبغة السنية الخادعة وتصاعد التيارات الشيعية السياسية من جهة أخرى خلق تفكك الدولة والمجتمع، إلى دولتين إحداهما بارزة والأخرة مُضمرة وغدت الحركة السياسية الشيعية هي محاولات لظهور تلك الدولة المُضمرة بشكل مؤسساتي سواء عبر الانتفاضة أو عبر الصراعات الطويلة التالية.
لم يعد بإمكان الحكومة القبلية وسيطرتها على رأسمالية الدولة بشكل شمولي أن تقوم بإصلاح رأسمالي ديمقراطي بنيوي يتطلب ظهور طبقة وسطى حرة، وتداخل الفئات السكانية وعدم سيطرة فئة على الموارد العامة.
بل على العكس إن مظاهر الاضطراب تفاقمت فإذا كان القطاع العام قريباً من سيطرة تقليدية مذهبية يمكن التحكم في أجورها وفئاتها وعسكرييها ومدنييها فإن القطاع الخاص خرج عن السيطرة وغدا سوقاً فوضوية، تركزت مشكلاته على الطبقات الشعبية المحرومة وأغلبها ريفي.
وزاد الصراع السياسي من إخلاء الوزارات من غير الموالين خاصة في الجانب العسكري.
إن قوة الدفاع لم تلعب أي دور عسكري والقوى العسكرية عامة تستنزف الموارد وتلهتم ثلث الدخل فيما يذهب الثلث الثاني للقبيلة، ويبقى الثلث الأخير للموازنة العامة.
فتتشكل علاقات الاستغلال الاقتصادية من سيطرة على الأراضي الساحلية والبرية والجزر إلى تحويل مؤسسات الدولة لملاحق تجارية للشيوخ وعلاقات باطنية لتفريغ ما بقي من الثروة التي لم يتم الاستحواذ عليها من خلال البناء(القانوني) الزائف وتحويل المساعدات المقدمة من دول الخليج للجيوب الخاصة، وإذكاء الصراعات المحلية للإيحاء بالخطر الخارجي المستمر.
القطاع الخاص يلقي بثقله على الجمهور، وخاصة جمهور الشيعة ذي الأغلبية في القطاع الخاص، فتغدو أغلبية الناس تعمل في العمالة اليدوية ذات الأجر المنخفض في الحرف المنهارة والأشغال البسيطة أو تغدو عاطلة.
إن (شعبية) المعارضة الدينية الشيعية تجد نفسها في الظروف الموضوعية وانقسام المجتمع لدولتين، دولة سنية عسكرية تضبط العلاقات والرواتب جاعلة هذا القسم في القطاعات العامة والشركات، ودولة شيعية مثقلة بضغوط السوق وعدم السيطرة عليه.
إن الآلاف من الشباب يجدون أنفسهم خارج الانتاج والعمل فيغدون موادَ جاهزة للمعارضة والعنف والسلاح.
إن تعبير الدولة القبلية طائفياً يخدع الجمهور السني بالانتماء الوهمي إليه، ويخدع الجمهور الشيعي بغياب دلالة ذلك طبقياً وليس أن آل خليفة تعبير عن الإقطاع ورأسمالية الدولة والطفيلية.
الانقسام المحوري وتكون دولتين فكك المجتمع، ولم تجد المعارضة بيئة جغرافية مناسبة للظهور كما هو الحال في سوريا والعراق، فظلت القرى ميدان التجلي والصراع.
إن التفكك هنا على مستوى البنية السياسية العامة ثم على مستوى القطاعين العام والخاص، فخلق أزمة بنيوية عميقة غير قابلة للحل في ظل عدم العودة للديمقراطية وإعادة بناء الدولة الوطنية.
- 2024-11-14هل أماط النائب قراطة الستار عن مسرحية الموازنة العامة قبل موعد العرض؟
- 2024-11-14كاتبة حكومية تفضح أعداد المجنسين وتدعو لخطة ترحيل محكمة
- 2024-11-13إبراهيم شريف: نصف الدين العام تتحمله مصروفات الديوان الملكي
- 2024-11-12ماذا تريد السلطة من المحكومين بالإعدام؟!
- 2024-11-11رابطة الصحافة البحرينية: "إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية" أصبحت أداة ترهيب وتقييد مباشر لحرية التعبير