افتتاحية مرآة البحرين... رسالة لوزير العدل

2011-08-23 - 12:49 م


"فقد تجاوز الأمر حد المقبول باستغلال المنبر ولعدة مرات للتدخل في سير المحاكمات وإطلاق الأحكام جزافا واحتكار العدالة"

من رسالة خالد بن علي بن عبدالله آل خليفة،
وزير العدل والشؤون الاسلامية والأوقاف إلى شيخ عيسى قاسم


سعادة وزير العدل،

ليس يهمنا أن ندافع عن شخص الشيخ عيسى قاسم، بقدر ما يهمنا أن ندافع عن مفهوم العدل الذي تمثله أنت، ونرى كيف تمثله؟ لقد تعرّض مفهوم العدل،في هذه الجزيرة لانتهاكات فاضحة، قامت بها الحكومة التي تمثل أنت مفهومها للعدل. هل يكفي يا سعادة الوزير، أن نتصفح انتهاكك الشخصي للعدل، ونقيس عليه سجل حكومتك غير الموقِّرة للعدل؟ دعنا نتصفح سجلك العدلي:

دفاعك عن سرقة أملاك الدولة في مجلس النواب بالتعاون مع وزير المالية، دفاعك عن عدالة وقانونية هدم مساجد طائفة، وإقالتك لمجلس إدراة الأوقاف الجعفرية عقابا على توثيقه لهذه المساجد، اتهامك للأطباء بقتل رضا بوحميد وعلي المؤمن من غير وجه حق، بينما الآن تجري  محاكمات لرجال أمن في القضاء العسكري في هاتين القضيتين، دفاعك غير العادل عن توزيع الدوائر الانتخابية في مجلس النواب اعتمادا على فضيحة تحليلات صحفية حكومية في استخراج نسبة الوفاق من الكتلة الانتخابية، تدخلك في عمل القضاء الشرعي، وتغاضيك عن خطب السعيدي وسهرات قضاة ومحامين ومحاميات في الريتز كاترلتون، إفشالك لطرح تقرير البندر في البرلمان بالادعاء أنه منظور في القضاء، وتمطيطك للقضية في القضاء، فصلك لموظفين من طائفة واحدة من غير وجه قانوني من وزارتك، وتشكيلك لجنة مكارثية أثناء قانون الطوارئ، ودورك عند تأسيس النيابة العامة في تعيين ضباط لرئاسة ووكالة النيابة مثل رئيسها علي فضل البوعينيين الذي كان رئيس الشؤون القانونية في الداخلية وغيرهم من غير ذوي الكفائة، وكذلك تعيين أتباعك وبطانتك في القضاء ومؤهلاتهم لا تتجاوز البكالوريوس بالانتساب في القانون، وتعيينك إياهم في مؤسسات هامة كغرفة التحكيم،  قيامك بعقد مجلس تأديبي للمحامين المنسحبين من قضية ما سمي ب«المخطط الإرهابي» وأدخلت ساحة العدالة في  أزمة كبيرة، لم تنته بتراجعك وإقرار حقهم في الانسحاب فحسب، بل بلقاء الملك بالمحامين.


سعادة وزير العدل،

 لسنا نقصد محاكمتك، لكن يهمنا أن نطمئن على سير العدالة، عبر الاطمئنان على سجل القائمين عليها، والمطالبين بتحقيقها والمحاسبين عليها. نريد أن نتأكد أنهم حين يحتجون بالعدالة في مخاطبة الشخصيات العامة المعارضة لهم، وحين  يُشكلون على خطابها ويَشكون من خطابها، أنهم فعلا يريدون تحقيق العدل لا التذرع بالعدل، وأنهم يقفون مع العدل من أجل حفظ بيضة المجتمع من أن تميل لصالح جماعة على جماعة أو فئة على فئة أو طبقة محتكرة على شعب محتقر.


سعادة الوزير،

اسمح لنا أن نقول لك، إنك تكذب! لم تكن رسالتك تحقيقا للعدل، ولا دفاعاً عن اللحمة الوطنية، ولا خوفا على السلم الأهلي، ولا تنزيهاً لمنبر رسول الله، إنما أردت أن تستر ظلم حكومتك وجورها. إنما أردت، أن تحتكر وحدك وحكومتك مفهوم العدل، كي لا يزعجكم صوت العدل المنفلت من قبضتكم. نعتقد أن تحقيق العدل، هو ما يحفظ السلم الأهلي، والدفاع عن العدل هو دفاع عن هذا السلم، وأنت تمثل حكومة، انتهكت العدل، وغاب بسببها العدل عن هذه الجزيرة. وتريد بهذه الرسالة أن تنتهك حق الآخرين في الدفاع عن العدل، وتسلب منهم حق تمثيل صوت المظلومين، المظلومين منك ومن حكومتك بحجة "وليس من المقبول أن تقوموا باحتكار كلمة الشعب لتتحدثوا باسمه بصفة التقرير في أمره مع علمكم الطابع الفتوي الذي تحمله هذه الكلمه في ذهن المتلقي"

لقد احتكرت أنت وحكومتك العائلية، مفهوم العدل، واحتكرتم تمثيل الناس، وتشكيل السلطة القضائية والبرلمانية، واحتكرتم الإعلام والجمعيات المهنية والمجتمع المدني، واحتكرتم حق سرقة سواحل البحرين وأراضيها وثرواتها واحتركتم القوة والبطش بالناس طوال الأشهر الماضية واحتقرتم الناس، وحين أعجزكم صوت هذا الشيخ عن أن تكسروه أو تحتكروه أو تحيِّدوه، ابتكرتم له تهمة احتكار كلمة الشعب.

 دونك الشعب يا وزير عدله، بالغت في احتقاره فبالغ في تقرير مصيره. وليس من العدل أن تبالغ وحدك، ليس من العدل أن تبالغ في احتكار الاحتقار، ولا يبالغ الشعب في تقرير فك الاحتكار.

هل أوجعك صوت هذا المنبر، لأنه يذكّرك بجورك وانتقاصك للعدالة وحكمها ورشدها، فذهبت تحتج ب(منبر رسول الله)، هل تريد احتكار منبر رسول الله أيضا؟ دونك منابر مساجد البحرين كلها، أليس من مهمات وزرارتك أن تكتب لها ما تراه أنت عدلاً، ولائقاً بمنبر رسول الله؟

 ليس من العدل يا سعادة الوزير، أن نحوّل خصامنا السياسي إلى خصام ديني، ولا أن تحتكر وزارتك منبر رسول الله، فمنبر رسول الله، ليس ساحلاً لتختص به عائلتك وحدها، وليس أرضا كبيرة لتقسمها وتبيعها على الناس، وليس مشروعاً تجارياً لتخصصه لأحد مواليك، وليس جيشاً تخيف به من يطالبون بالعدالة.

منبر رسول الله، صوت العدالة حين ينطق به رجل يُعرف بالحق ‫(يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال).

اعذرنا يا سعادة الوزير، لست من الرجال الذين يعرفون بالحق، لنصدق رسالتك.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus