وظيفة في شركة عقارية: لكن قل لي ما هو مذهبك؟

نادر عبد الإمام - 2014-06-09 - 5:32 م

* نادر عبدالإمام

طالعتنا صحيفة "الوسط" بخبر قد يكون غريبا في بلد يحترم المواطنة وحقوق الانسان، ولكن ليس بغريب في البحرين التي لا قيمة فيها للمواطنة المتساوية بل القيمة والمعيار للانتماء الطائفي والقبلي.

عنوان الخبر هو "شركة عقارية ترفض توظيف الشيعة لأن "طبيعة العمل" لا تسمح بذلك. وجاء في تفاصيل الخبر أن فتاة بحرينية عاطلة عن العمل، حالها حال الآلاف من المواطنين لا يجدون الفرصة في بلادهم بسبب سياسة الإقصاء والتمييز الطائفي وتفضيل الأجانب عليهم، وجدت في نشرة إعلانية أسبوعية زظيفة شاغرة "سكرتيرة تجيد اللغة الإنكليزية والكومبيوتر إجادة تامة في إحدى الشركات العقارية".

تواصلت الفتاة معهم عبر رقم الهاتف وبعد أيام وصلها "برود كاست " مكتوب فيه: "ملاحظة الشركة تعتذر عن قبول أي من الموظفين من الطائفة الشيعية بسبب طبيعة العمل"! لا أعلم ما هي طبيعة العمل الذي ترفض الشركة قبول مواطنين شيعة فيه، وكأنّهم متقدمون إلى وظيفة قيّم في وقف للطائفة السنية وليس شركة عقارية.

هذه الشركة العقارية الوقحة لا ترى خجلا في إرسالها لمثل هذا "المسج" الطائفي الذي يعلنها صراحة برفض توظيف أبناء الطائفة الشيعية. هذه الشركة وغيرها تتماشى مع السياسة العليا للدولة من أعلى الهرم إلى أسفل القاعدة في ممارسة السياسة الممنهجة للإقصاء والتمييز لأبناء الطائفة الشيعية. ولماذا نلوم هذه الشركة العقارية التي فهمت "المسج" الرسمي في هذه السياسة، في حين أن وزارات الدولة تمارس الإقصاء والتمييز بلون فاقع مفضوح!

لله دركم يا شعبي غرباء في بلدكم ويُمَارَس عليكم الظلم والتنكيل والتجنيس والتمييز، وبعد كل هذا الوجع يخرج لنا متطفل: لماذا تقولون آه؟ ولماذا ترفعون صوتكم؟ إنّ صراخكم هذا يزعج السلطة والموالاة، كلامكم هذا يعتبر طائفية!

لا تظن هذه الفتاة أن اتصالاً سوف يأتيها من وزارة العمل أو وزارة حقوق الإنسان أو "المجلس الأعلى للمرأة" أو "المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان" يستفسر عن الموضوع أو تشكّل لجنة تحقيق، ولا تتوقع أن يخرج علينا مسؤول أو مجلس نواب مستنكراً ما جرى من هذه الشركة العقارية الطائفية.

ولن تسمع في الصحف التي تعج بشتم الشيعة يومياً صوتا يستنكر هذا العمل ويطالب بغلق هذه الشركة، فما قامت به هذه الشركة في نظر البعض هو عمل وطني! وأيضا، لن يطالب أحد بغلق الشركة فهي ليست "روضة الريف" التي أغلقت من دون تحقيق لمجرد قبلة بريئة بين طفلين عابرة تم توظيفها في نفوس المرضى، فقبلة أطفال عادية تستحق استنفارا مجتمعيا وإجراء عقابيا مباشرا، ولكن أن تعلن شركة صراحةً أنها ترفض توظيف المواطنين الشيعة فيها فهذا الأمر جداً عادي ولا يستحق حتى التعليق عليه.

أقترح على وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي تضمين هذه القصة في كتاب المواطنة العام المقبل 2015 لتعزيز هذه القيمة!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus