قال إن تقرير هيومن رايتس ووتش سيحرج السلطة أمام العالم... السيد هادي الموسوي: لماذا تأخرت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في إصدار تقريرها؟

2014-06-03 - 2:24 م

مرآة البحرين (خاص): قال السيد هادي الموسوي، النائب المستقيل ورئيس دائرة الحريات وحقوق الإنسان في جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة، إن تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الأخير سيتسبب في إحراج السلطة أمام الرأي العام العالمي والمحلي، وسيضع علامات استفهام كبيرة أمام ادعاءاتها بتطبيق العدالة في "دولة القانون".

ورأى الموسوي في حوار مع "مرآة البحرين" أن البحرين أسوأ بلد انتهك حقوق الإنسان في فترة الربيع العربي فكيف يمكن أن تكون مقرا لمشروع المحكمة العربية لحقوق الإنسان، واعتبر أن السلطات في البحرين فشلت في تحقيق العدالة، في محاكمها المحلية في حدودها الجغرافية، فكيف لها أن تضمن تحقق العدالة حيال 21 بلدا آخر.

وتساءل الموسوي عن السبب الذي جعل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، برئاسة عبد العزيز أبل، تؤخّر إصدار تقريرها السنوي حتى هذا الوقت، مرجّحا أن يكون هناك حجر ومنع قد صدر عليه من السلطات بعد إعداده.

وكشف الموسوي أن أكثر من 7000 بحريني دخلوا المعتقلات منذ 14 فبراير/شباط 2011 حتى اليوم، وقال، حول جلسة جنيف القادمة، إن السلطة اختارت بأن تناقش فضائحها على العلن!

وفيما يلي نص الحوار مع الموسوي.

مرآة البحرين: كيف ترى تقرير هيومن رايتس ووتش عن القضاء البحريني؟

الموسوي: يأتي تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الأخير في أعقاب دراسة مستفيضة قام بها ناشطون في حقوق الإنسان وخبراء المنظمة في القانون، بحثوا خلاله في عدة قضايا كنماذج لتقييم تحقق العدالة أو عدمها، برغم وجود مؤسسات قضائية منظمة. ويلاحظ على هذه المنظمة مدى اهتمامها بقضايا تعرّي الصورة التي عليها واقع المؤسسات الأمنية والقضائية في البحرين. ليس من الوارد إطلاقاً أن تضحي هذه المنظمة بسمعتها ومصداقيتها

 وحرفيتها ومهنيتها بالتصدي لقضايا جدلية قد ينكشف عدم صحتها أو عدم دقتها، ولهذا فإنه ليس من المفاجئ أو المستغرب لو اتضح كم من الوقت الذي بذلته المنظمة للوقوف على الحقائق عبر الوثائق المتعلقة بموضوع التقرير والتي تمكنت من خلالها توجيه هذا النقد اللاذع لسلوك المحاكم والأحكام الصادرة عنها. إن التدقيق والمراقبة على القطاع القضائي من خلال دراسة حالات من القضايا التي وصلت إلى قاعات المحاكم يعطي هذا التقرير المصداقية الصلبة أمام المراقبين المحايدين، ويتسبب في إحراج السلطة أمام الرأي العام العالمي والمحلي، ويضع علامات استفهام كبيرة أمام ادعاءاتها بتطبيق العدالة في "دولة القانون"!

مرآة البحرين: ما رأيك بالمؤتمر الدولي لإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان؟

الموسوي: المحكمة العربية لحقوق الإنسان جاءت في أعقاب وقوع البحرين في مأزق ارتكاب انتهاكات حقوقية فظيعة. فكرة هذه المحكمة كانت يجب أن تاتي من أفضل بلد يحترم حقوق الإنسان لتكون لهذه الفكرة مصداقية، لا أن تاتي من أسوأ بلد انتهك حقوق الإنسان في فترة الربيع العربي، بحسب تقرير موثق من قضاة دوليين قالوا إن ما حدث ليس انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب وإنما انتهاك للقانون المحلي أيضا. لقد باتت البحرين البلد الذي يتصدّر قائمة البلدان المنتهكة لحقوق الإنسان خصوصا في أعقاب ما حصل في 14 فبراير/شباط 2011. لا يمكن أن تكون هناك محكمة لحقوق الإنسان في بلد لا يمتلك القدرة على محاسبة منتهكي حقوق الإنسان في حدوده الجغرافية، فضلا عن قبول ادعاءات قد يتقدم بها لهذه المحكمة ضحايا من بلدان عربية أخرى هي على علاقة سياسية وثيقة بالبحرين. ما دامت المحكمة في البحرين، فلن تكون لها السلطة ولا الإرادة في أن تحاسب مسئولي تلك الدول أو أن تأتي بالجناة المتهمين بجرائم ضد الضحايا!

مرآة البحرين: أي دولة تقترح لإقامة المحكمة إذن؟

3

الموسوي: المحكمة العربية لحقوق الانسان يجب أن تحذوا حذو المحاكم الإقليمية التي أنشئت في دول الاتحاد الأوروبي وأفريقيا وأمريكا، خصوصا في نظامها الأساسي الذي تغيب فيه تسمية البلد الذي ستكون فيه المحكمة، ويشار إليه فقط بعبارة بلد المقر، أي أن الأعضاء هم من يختارون البلد الأكثر قدرة على توفير مقتضيات تحقيق أهداف إنشائها، كضمان وصول الضحايا الشاكين وسلامة الشهود وتمكينهم من الوصول للمحكمة. وهذه الاشتراطات ليس من المضمون أن تتوفر فيما لو اتخذت البحرين مقرا لها. البلد الأكثر انفتاحا سياسيا وديمقراطيا والأكثر التزاما بمحددات حقوق الإنسان يجب أن يكون الفائز الفعلي بشرف الاستضافة لهذه المحكمة.

مرآة البحرين: ألا يمكن أن تساهم المحكمة الجديدة في إدانة منتهكي حقوق الإنسان بالبحرين؟

الموسوي: ثقتي التامة بأن السلطات في البحرين ليست ممن ينحو لتحقيق العدالة لأي إنسان انتهكت حقوقه، وجود هذه المحكمة لن يزيد ولن يعطي فرصة أكبر للضّحايا، السلطات في البحرين فشلت في تحقيق العدالة، في محاكمها المحلية في حدودها الجغرافية، فكيف لها أن تضمن تحقق العدالة حيال 21 بلدا آخر.

مرآة البحرين: ماذا عن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان؟ لماذا هي من يدير وينظّم المؤتمر؟

الموسوي: طبيعي جدا أن تكون المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان هي من يسند إليها هذا النوع من المهام خاصة أن الدولة فشلت في الاعتماد على وزير أسندت له وزارة حقوق الإنسان. ربما البعض يقول أن الوزير هو من فشل، أنا أقول إن الوزير لم يفشل بقدر ما أن الدولة فاشلة في الدفاع عن حقوق الإنسان وناجحة نجاحا باهرا في انتهاكات حقوق الإنسان. ولو جئت بأكبر عبقري في العالم ليدافع عن أكبر فاشل سيعتبره الناس في النهاية فاشلا أيضا. وعليه فإن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان اليوم هي الجهة التي يمكن أن تحمل الإرث المتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان عوضا عن الوزير. الدولة من جهة انتقدت في إنشائها هذه الوزارة لأن العالم قرأها في سياق أن "الدولة التي تنتهك حقوق الإنسان هي التي تنشئ وزارة حقوق إنسان" ولهذا، يبدو أن الدولة الآن اقتنعت بأن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان هي من يجب أن يأخذ هذا الدور. أي مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان تعتبر جزءا من الأنظمة الديمقراطية، لكن المشكلة هي في قدرة العاملين فيها وطبيعتهم، هل هم ناشطون حقوقيون أم هم مطبلون للنظام؟ وحتى لو اهتدى العاملون في هذه المؤسسة إلى فكرة أو موقف يتدلل على أنه مشروع دفاع عن حقوق الإنسان فعلا، فإن هذه الفكرة توأد من مهدها، لأن السلطة تخشى الفضائح. أنا أعتقد أن المؤسسة أمامها تحد كبير في الإعلان عن تقريرها السنوي، ويبدو أن التأخير الذي لم تتمكن بسببه من إخراج التقرير أن هناك حجرا ومنعا وتقييدا قد صدر عليه من السلطات بعد إعداده.

مرآة البحرين: كيف يمكن أن ينعكس تقرير هيومن رايتس ووتش على أداء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان؟

الموسوي: أعتقد أن منظمة تبحث عن المعلومة وهي على بعد آلاف الأميال، كمنظمة هيومن رايتش ووتش، تتسبب في إحراج المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التي لا تبعد إلا أمتارا عن مواطن الانتهاكات التي لم تتوقف. وسيكون لزاما على المراقب أن يدرك أن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين، عليها فعل الكثير الكثير، فيما يكاد لا يسمع لها صوت!

مرآة البحرين: ماذا تحملون إلى جنيف هذا الشهر؟

الموسوي: السلطة اختارت بأن تناقش فضائحها على العلن، هي لم تختر أن تناقش فضائحها وأخطاؤها في الداخل حتى يتم حل الأمور في البيت الداخلي ويصحح المسار. أصبحت كل المؤسسات التي تحاول السلطة أن تنشئها داعمة للطرف المعتدي أو المخالف للقانون أو المنتهك للحقوق الإنسانية. إذا ليس أمام أي ناشط حقوقي اليوم إلا التعاون مع آليات الأمم المتحدة، على أمل أن تكون لهذه الآليات تأثير على المدى القريب، وإن لم يكن ذلك قريبا، فإنه بلا شك سيكون له تأثير صاعق ومؤذٍ ومؤلم للنظام على المدى البعيد، لأن هذه الآليات هي بمثابة سجل، لا يسقط بالتقادم، ويزيد من قناعة المراقبين بموقفنا يوما بعد يوم، كما يضعف بشدة موقف المدافع والمحابي للسلطة.

مرآة البحرين: هل الأرقام أكثر قسوة من أرقام العام الماضي؟

الموسوي: رقم السجناء أو الذين تم اعتقالهم في البحرين بالنسبة لعدد المواطنين هو رقم مهول. أنت تتكلم عن أكثر من 7000 معتقل تقريبا دخلوا سجون النظام البحريني منذ بداية الثورة إلى الآن. أما الأحكام الصادرة من القضاء البحريني ضد المعتقلين السياسيين، ففي عام 2013 الأحكام التي صدرت كانت 1757 عاماً على 170 مواطناً تقريباً بمعدل 10 سنوات لكل معتقل!

مرآة البحرين: في جنيف.... ماذا تتوقع أن تحمل الحكومة معها؟

الموسوي: بكل صراحة، الحكومة بين نارين، إن حضرت جنيف فتحت على نفسها أبواب النقد، وإن غابت عن جنيف وحضر الناشطون حصلت على اللوم والاتهامات بأنّها تترك الساحة في جنيف لهؤلاء الناشطين ولا تحضر

 

12

 لترد عليهم. نحن نتوقع أن تغيب الحكومة عن جنيف في شهر يونيو القادم، ما ستقدمه سيكون في شهر سبتمبر 2014 الموعد الذي قطعه الوزير على نفسه لتقديم التقرير نصف الدوري لمجلس حقوق الإنسان. ولو جاء أفضل خبير فيما يتعلق بالدفاع عن منتهكي حقوق الإنسان فإنه لن يفلح في الدفاع عن حكومة البحرين، لأن حجم الانتهاكات التي حدثت ليس في وسع أحد تبريرها أو تفسيرها أو نفيها إطلاقا. 


مرآة البحرين: هل سيساهم حل الملف الحقوقي في حلحلة الأزمة؟

الموسوي: أقول لك بكل صراحة، وهذا جاء على لسان خبراء في الأمم المتحدة وفي المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إذا لم تكن هناك إرادة سياسية لاحترام حقوق الإنسان فإن شيئا لن يتغير. وأنا أضيف إنه إذا لم تكن هناك

 إرادة سياسية فإن الأمور ستزداد سوءاً؛ ها هم الآن يزيدون أعداد الشرطة ويفكرون في تثبيت كاميرات في المقاهي. المشكلة أن العقلية السائدة هنا لدى السلطات أن كل شيء يعطى بعنوان المكرمات، وللأسف أنهم لم يدركوا بعد أن احترام الحقوق ليس من المكرمات في شيء إطلاقا، فلا خيار في الالتزام باحترام حقوق الإنسان. وإذا لمت كن هناك إرادة سياسية ... فإن ذلك يعني أنه لا حلول في الأفق!!


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus