نبيل رجب وتذكرة اللاعودة: كل سجّان في الخليج عابس اليوم!

منى كريم
منى كريم

منى كريم - 2014-05-26 - 5:14 ص

منى كريم *

لا أعرف كيف أكتب كلمات غير عاطفية بمناسبة خروج نبيل رجب من سجن الدكتاتور. فكرت يوم خروجه أن القاضي الذي حكم عليه من المؤكد يشعر بالندم، على لذته المؤقتة والهشة، يتحسر لأنه لم يحكم على نبيل بعقوبة أطول. الاحتفال المحلي، قبل الاحتفال الدولي، بخروج أحد رموز المقاومة البحرينية يبعث برسالة قوية لنظام الديكتاتور: إن كانت معادلة إسقاطك صعبة بسبب الدعم السعودي، فإن معادلة إسقاط المقاومة البحرينية بذات الصعوبة!

على الأرض، تأخذ المقاومة البحرينية أشكالاً مختلفة، بداية من مظاهرات القرى وتسجيلات الفيديو المستقلة التي يقدمها شباب البحرين إلى محاولات أزواج وزوجات وأبناء المعتقلين والمعتقلات تحدي الدولة البوليسية بسبل مختلفة. كل وسائل التعبير هذه غرست في مخيلاتنا من قبل مناضلين، مثل الأستاذ عبدالهادي خواجة والأستاذ نبيل رجب. أتذكر جيداً إحدى التسجيلات لعبدالهادي خواجة وهو يتحدى مرتزقة النظام بأن أهالي المعتقلين والمتضامنين معهم لن يتحركوا من أماكنهم، صامدين، حتى الحصول على أدنى حقوقهم التي من المفترض أنها مكفولة قانونياً. مثل هذه المواقف قدمت للكثير نموذجاً على أن التمرد على السلطوية ممكن وحق.

حينما خرج نبيل من السجن، توجه لقبر والدته التي حرمه النظام من التواجد معها في آخر لحظاتها. جاءت صورته على الشبكات الاجتماعية كتذكير على انعدام إنسانية النظام والانتهاك المستمر لأبسط حقوق المعتقلين الذين يقدر عددهم الآن بـ 3800 معتقل. معاناة المعتقل (ة) لا تقتصر على انعدام حرية الحركة، بل أنها عملية يومية بطيئة تهدف لكسر معنوياتهم وكرامتهم بشتى الطرق. هذه المعاناة تتجاوز التعذيب والإهانة لتطال أهم ذكرياتهم ومشاعرهم، مثل أن يحرم المعتقل من رؤية والدته ودفنها وتقبل العزاء بعد مماتها.

ثم زار نبيل عائلة الشهيد عبدالعزيز العبار التي باتت شوكة في حلق النظام بعد رفضهم شهادة الوفاة الملفقة التي تعلل سبب مقتله بنزيف في الدماغ دون ذكر طلقات الشوزن. زيارته هذه تؤكد على أن هؤلاء الذين تتجاهلهم وسائل الإعلام المحلية والدولية هم من يقودون الحراك السياسي في البحرين، وبأن نبيل رجب عاد من السجن ليساند هؤلاء. في حفل استقباله، قال نبيل المتعب من همجية سجاني آل خليفة بأن ثورة 14 فبراير/ شباط أخذت رحلة "one-way ticket" إلى الديمقراطية وليس هناك مفر أو عودة إلى أرباع الحلول.

أهلاً بعودتك يابو آدم، كل سجّان في الخليج عابس اليوم!

*شاعرة وكاتبة من بدون الكويت مقيمة في نيويورك
Twitter: @monakareem

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus