الصحافي فيصل هيات يخص (مرآة البحرين) بسيرة المعتقل: صورة و84 يوماً - (الحلقة الأولى)
فيصل هيات - 2011-08-12 - 9:16 ص
فيصل هيات*
"لم أكن يوما متدينا ولا سياسيا، في الحقيقة كنت أهرب من الثانية ما استطعت لكراهية خاصة معها، وأعيش مع الأولى كأي فرد لا بالزيادة، وإن كان بالنقصان. لكن البقاء 84 يوما داخل المعتقل باستهداف شخصي، أكسبني نضجا في الحياة من جهة، وجعلني ألمس الله في داخلي من جهة أخرى".
عني..
ربما لأن الصحفي مشروع بحث دائم عن مساحة إضافية للكلام، فقد شهدت حياتي المهنية عدة تنقلات. مع صحيفة الأيام بدأت، في السابعة عشر من عمري، خريج حديث من الثانوية العامة كنت، إنه العام 1992، مارست العمل الصحفي في قسم المحليات حتى 1999، انتقلت بعدها للعمل في معهد التدريب قسم العلاقات العامة، ثم معداً تلفزيونيا عبر برنامج "للشباب فقط"، وفي العام 2002
فيصل هيات في اليوم 85 فرحة الإفراج |
في زاويتي الأسبوعية "حرة مباشرة"، خضت معارك عديدة ضد الإعوجاج السائد في واقعنا الرياضي، كنت صريحاً ولاذعاً، لتبدأ العراقيل من داخل القسم، ما دفعني للانتقال إلى صحيفة أخبار الخليج، بقيت فيها عامين، كانا حافلين بالمزيد من المعارك المهنية التي دفعت البعض في الصحيفة إلى إصدار فرمانات صريحة لي بعدم التطرق إلى بعض المؤسسات الرياضية، كنادي المحرق والمؤسسة العامة للشباب والرياضة، وذلك بسبب تزايد شكاوي مسئوليها من النقد الموجه لهم.
انتقلت بعدها إلى صحيفة البلاد، لم أستمر طويلا بسبب بعض المضايقات أيضاً. تركت الكتابة الصحافية وتخصصت أكثر في مجال التحليل التلفزيوني مع تزايد الدعوات التي كنت أتلقاها من تلفزيونات الخليج، خصوصا قناة الدوري والكأس القطرية حيث برز اسمي بصورة كبيرة عبر برنامجها الجماهيري "المجلس" (1). لعل أهم الحلقات التي شاركت فيها، كانت حول ترشح رئيس اتحاد الكرة البحريني سلمان بن إبراهيم الخليفة إلى اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم، ووقتها طالبته بالتركيز على عمله في اتحاد كرة القدم البحريني ومحاولة تصحيح بوصلة عمله بدلا من الانشغال بالمناصب الخارجية.
|
لماذا؟..
لماذا أبدأ بهذه المقدمة عن نفسي؟ لأني بهذه التركيبة أدخل ضمن كادرين طالهما العقاب بطريقة أو بأخرى، الكادر الرياضي والكادر الصحفي، وكلاهما كانا جزءاً من الحملة المكارثية الذي شنها الإعلام، والتي بدأها بالرياضيين فيما يبدو أنه ثأر خاص مع طرف معين. ورغم أني شاركت في مسيرة الإعلاميين فقط، ولم أشارك في مسيرة الرياضيين، إلا أن وقوعي في منطقة التماس الحرجة بين الاثنين، وسجلي المزعج في النقد الصحافي من الجانب الرياضي، كان سبباً للإسراع بزجي ضمن الرياضيين، في فرصة مهيئة للانتقام الشخصي مني، كما غيري بالطبع.
هكذا تمّ الزج باسمي وصورتي في البرنامج الأسبوعي "حدث خاص" التي تمّ استحداثه ضمن الدورة البرامجية الجديدة قبل فترة وجيزة من أحداث فبراير. يقدم البرنامج (فايز السادة) الذي عمل على محاكمة الرياضيين المشاركين في المسيرة الرياضية على الهواء مباشرة، البرنامج قام بعرض صور الرياضيين مع دوائر على وجه كل واحد منهم مع اسمه والمؤسسة الرياضية التي ينتمي إليها، وضمنها تم عرض المقطع العلوي من صورتي التي تظهر مشاركتي في مسيرة الصحافيين والإعلاميين، أحمل فيها لافتة مكتوب عليها "صحافة حرة حرة..."، تم إخفاء الجزء الذي يظهر الكتابة على اللافتة، لتبدو وكأنها جزء من مسيرة الرياضيين، وليتم إدخالي المعتقل على إثرها لمدة تصل إلى 84 يوما.
قبل أن أدخل في تفاصيل اعتقالي وما تعرضت له من انتهاكات، سأحدثكم عن مشاركتي في مسيرة الإعلاميي بتاريخ 20 فبراير 2011، وصلتني الدعوة كما غيري بالمشاركة في المسيرة الإعلامية التي تطالب بإعلام مستقل وغير منحاز، إعلام ينقل الحقيقة كما نراها على الأرض لا كما يراد لها أن تظهر. كنا كإعلاميين وصحافيين نرى أن كل الإعلام صار صوتاً واحداً ولا مكان للرأي الآخر فيه. شاركنا نطالب بحرية الصحافة وحرية الرأي.
عندما وصلت الدوار كان الزملاء قد بدؤوا يتوافدون. لم أكن أحمل في يدي لافتة. كان أحد الصحفيين قد جلس يخط الشعارات التي سننطلق بها في المسيرة. بدأت المسيرة وتوازعنا اللافتات. حملت هذه اللافتة التي ظهرت في الصورة والتي كان نصيباً ثقيلاً من التعذيب ينتظرني بسببها. أحد الزملاء الصحفيين قال لي: فيصل هيا تقدم إلى الأمام. تقدمت، فصرت في واجهة المسيرة، وبالطبع في واجهة الصور التي التقطت. ستكون للقبضة التي ظهرت في الصورة قصتها معي داخل السجن، سأخبركم بها في التفاصيل لاحقاً، لكن أستطيع أن أقول إن هذه الصورة غير المقصودة، وغير المخطط لها حتماً، ستلعب دوراً كبيراً في رسم تاريخ شخصي جديد لي.
في القادم الذي سيأتي، أدخل معكم في تفاصيل هذه التجربة..
هامش