جون لوبوك: دردشة مع متملقين غربيين خلال مؤتمر "هذه هي البحرين"

2014-05-23 - 6:51 م

جون لوبوك،موقع فايس البريطاني

ترجمة: مرآة البحرين

خلال الأسبوع الماضي توافدت أعداد كبيرة من شيوخ الخليج إلى المملكة المتحدة، حيث انضم ملك البحرين وأمير دبي إلى الملكة في مهرجان ويندسور الملكي للفروسية. في الواقع، هناك علاقة مصاهرة بين أسرة آل مكتوم من دبي وآل خليفة من البحرين، ويأتي حلول نجلي هذين الحاكمين في المرتبة الأولى في السباق الذي تم تنظيمه بأموالهما. وقال الأمير ناصر آل خليفة " نرغب في إسعاد أبوينا - صاحب الجلالة الملك حمد ووالد زوجتي صاحب السمو محمد بن راشدــ من خلال الوصول إلى خط النهاية معًا". ولكن الزوار الملكيين لن يفرحوا كثيرًا بأخبار هذا الأسبوع التي تتحدث عن احتمال فقدان الأمير ناصر قريبًا حصانته فيما يتعلق بمقاضاته في المملكة المتحدة بتهم التعذيب. هناك مزاعم بأنه أجرى استجوابات عنيفة مع المتظاهرين خلال انتفاضة 2011، ولكن متحدثًا باسم هذا الأمير البحريني نفى نفيًا قاطعًا تورطه في أي من مزاعم التعذيب هذه.

ومع تشديد حكومة البحرين قبضتها على السلطة، لا يزال من المحير مواصلة الصحافة العالمية بث الروايات الكاذبة حول البحرين. عمومًا يكمن السبب في إنفاق المال الطائل على شركات العلاقات العامة. وهناك حليف أخير في هذه المعركة الدعائية يأتي على هيئة الأمير أندرو، الرجل الذي يراه المراقبون الملكيون وموظفو وزارة الخارجية كأكثر أبناء الملكة غباءً أو كما يطلقون عليه اسم (صاحب السمو المهرج)، بسبب تملقه المزعج لمشايخ العرب. ( فقد تضمنت إحدى رسائل الشكر التي وجهها إلى مضيفيه البحريني عبارة " طائرتي الصغيرة توقفت بجانب طائرتك النفاثة المذهلة".) وهو اعتاد أن يكون ممثلاً غير رسمي للتجارة، وذلك باستخدام ارتباطته مع الملوك لتعزيز بيع الأسلحة إلى أصدقائه في الخليج لصالح شركة بي آي إي سيستمز BAE Systems. وقد ترك منصبه بشكل مثير للجدل في عام 2011، ولكنه لا يزال يزور البحرين.

كان من المقرر أن يكون صاحب السمو المهرج متحدثًا رئيسيًا يوم الجمعة الماضي في مؤتمر "هذه هي البحرين" الذي تم تنظيمه من قبل بريطانيين مغتربين في البلاد، وقد حصل معظمهم على الجنسية البحرينية بعد تقديم ولائهم للنظام. ورغم تأكيد مُنظّمة المؤتمر، بيتسي ماتيسون، عدم تلقى أي مال من الحكومة البحرينية لتمويل هذا الحدث، قررت أن أذهب إلى هذا المؤتمر حتى أطلع عليه عن كثب، ومعرفة أي نوع من الزوار سيكون هناك، ومدى نجاح هذه المحاولة الترويجية لبحرين مملوءة بالتسامح والابتسامات والسعادة، وبالتأكيد، خالية من المضطهدين.

للأسف، في صبيحة هذا الحدث، تم الكشف بأن الأمير أندرو قرر الانسحاب - بعد الكثير من التغطية الصحفية السلبية، وأشارت مريم الخواجة، الرئيس بالوكالة لمركز البحرين لحقوق الإنسان، بأن ذلك سيكون "محرجًا جدًا" للدوق. لم يكن ينبغي لأحد من الحضور الشعور بأن هناك خطأ ماحول البحرين على الإطلاق، وبدا أن الحدث برمته يهدف إلى إيصال رسالة مفادها أن هذه المملكة هي مكان للتسامح والتنوع، ومع ذلك لم يتكون لدي أي انطباع حول توجيه دعوات للمشككين لحضور هذا المؤتمر. صحيح أن البحرين كانت دائمًا معروفة كموقع متحرر نسبيًا في منطقة الخليج، ولكن ترديدها لهذه للإدعاءات بصوت عال في نفس الوقت الذي تتجلى فيه مزاعم التعذيب تجعلها وكأنها تصيح "لا نرى شيئا هنا!" وهي تلوح بعلم البحرين وتمد البساط الخيالي لإخفاء بقع الدم.

المجتمع المدني في البحرين في معظمه إما تابع للحكومة ومدعوم من قبل الدولة، أو مناهض للحكومة ويتم قمعه. في عام 2004، ألغت الحكومة ترخيصًا يرجع إلى مركز البحرين لحقوق الانسان باعتباره منظمة غير حكومية ولكنه استمر في عمله منذ ذلك الحين وعدد من أعضائه قابعون إما في المنفى أو خلف القضبان. أما رئيس المركز، نبيل رجب، فقد تم الحكم عليه بالسجن لمدة عامين بتهمة دعوة الناس إلى الاحتجاج، ومن المفترض إطلاق سراحه الأسبوع المقبل.

رأيت روري دوناجي، وهو صحفي في القسم الإخباري لموقع ميدل إيست آي، وهو يقوم بإجراء مقابلة مع منظمة الحدث، بيتسي ماتيسون التي راحت تقول بعد أن تدخلت في حديثهما، "أولًا وقبل كل شيء، أنا ناشطة سلام ... ألقوا نظرة على حسابي على تويتر، ... لا دخل لي بالسياسة، ولا أريد التورط فيها " أكدت ذلك ولكنها بدت وكأنها تناقض نفسها. سألت بيتسي: "ما هي الإصلاحات التي ترغبين بها في البحرين؟" فقالت،" هناك شيء واحد يعطي الجميع الثقة للسير قدمًا، وهو السلام." وبدا، من خلال الحجج التي ساقتها، أنها تلقي باللوم فقط على المعارضة.

قرر اللواء سينكوك، رئيس جمعية البحرين في المملكة المتحدة والتي تشكل بقايا إمبراطورية متلاشية نوعًا ما ، التناغم مع هذه المرحلة ليشكو المحتجين الواقفين أمام المبنى حيث نعتهم بـ "المتطرفين"، وادعى عدم اهتمامهم بحجم الإصلاح الذي تحقق في البحرين. ربما تقدم الإصلاحات بعض المواساة للأعداد المتزايدة للاجئين السياسيين الذين فروا إلى لندن بعد تعرضهم للتعذيب والسجن بتهم الاحتجاج.

خلال هذا الحدث، كان هناك موضوع يتكرر على لسان الكثيرين وهوــ أن الموالين للحكومة هم أشخاص منفتحون وأبرياء ويريدون الحوار وأن المعارضين هم أشخاص لا يصغون، ربم لأن غالبيتهم متحالفة مع إيران، وأن كل الحديث عن حقوق الإنسان هو مجرد قصة كبيرة. وأضاف سينكوك أنه لا يصدق مسألة التعذيب "فأنا عشت هناك فترة 40 سنة، أعترف بأنه كان هناك بعض التعذيب، ولكن ليس في الوقت الحالي. حسنًا، هناك بعض الضرب الذي يمارسه بعض عناصر الشرطة داخل السجن، ولكن لا يوجد تعذيب منهجي".

كيف يمكنك أن تكون متأكدًا؟

أجاب سينكوك: "حسنًا، منصب أمين التظلمات كان البداية. نحن البريطانيون أرسلنا أشخاصًا إلى وزارة الداخلية لفترة طويلة، وتحدثت إلى البعض منهم - بمن في ذلك شخص كان يشغل المنصب الثاني في سكوتلاند يارد - وقد قال لي أنه ليس هناك تعذيب منهجي على الإطلاق ". أعتقد أن هذه هي الحقيقة.

أما بيتسي فقد كررت أعذار الحكومة حول سجل البحرين الحقوقي الفظيع: "يقول الناس أن المتظاهرين يموتون، ولكن هل تعرف عدد قتلى رجال الشرطة "

سألتها: "كم؟"

أجاب سينكوك،"لا أرغب في تحديد رقم، ولكنه أكبر من عدد قتلى المتظاهرين".

-وكم عدد قتلى المتظاهرين، لواء؟

أجاب "أنا لا أعرف الرقم ...فهو غير ذات أهمية"

قلت أن مركز البحرين لحقوق الانسان يقول إن عدد قتلى المدنيين هو95، وعدد قتلى الشرطة حوالي 15، رغم صعوبة إعطاء أرقام نهائية دقيقة. ولكنه قال لي، بهدف إنهاء النقاش، إن "هؤلاء الذين في الخارج قد استلموا الأموال من إيران من أجل أن يكونوا هنا اليوم."

ومتابعةً لخطب المجاملة، أعطى ممثلون تابعون للحكومة أدلة أخرى دامغة على مكانة البحرين باعتبارها أرض السلام والتسامح، مثل عبارات "جميع الناس يتمتعون بحرية الفكر والمعتقد، وليس هناك أي تمييز من أي نوع." وألقى رجل دين شيعي موالي كلمة قال فيها إن الانتفاضة كان "مخططًا لها من قبل جماعة الاستعمار من خلال وسائل الإعلام الاجتماعية".

ولكن بيتسي، رغم تأكيدها السابق بأنها غير سياسية وأنه تم توريطها في السياسة، اعتلت منبر السياسة ورفضت مزاعم المعارضة حول انتهاكات حقوق الإنسان، مدعية أن المعارضة هي التي تنتهك حقوق الإنسان من خلال تعطيل الاقتصاد.. حيث قالت إنه "هناك انتهاكات لحقوق الإنسان كل يوم، وأنتم من يرتكبها" وكان خطابها موجهًا للمعارضة، التي لم تُعط الإذن بدخول المؤتمر.

ووصف أحد الحاضرين المعارضة الغائبة عن المؤتمر بأنها "مرض يحتاج إلى معالجة". وتذمر مغتربٌ آخر غربي من الانتفاضة المستمرة وتأثيراتها السلبية على الاقتصاد، وخلص بالقول إلى أنه "لدينا عملة مستقرة وجواز سفر يمكن من خلاله أن نذهب إلى أي مكان نشاء. ماذا نريد أكثر من هذه الحرية؟ " من المحتمل أن المحتجين، لو تم إعطاؤهم الإذن بالدخول، كانوا سيلقون كلمة تعبر عن حرية التعبير."

مع انتهاء المؤتمر، قلت لبيتسي إنها كانت مخادعة في القول إنها تريد حوارًا حقيقيًا مع نشطاء المعارضة. فهي كانت قد أكدت للحضور بأنها دعت المحتجين في الخارج للدخول وحضور الحدث ومناقشة خلافاتهم السياسية . وقالت:" نستبعد أن يكون أحد منهم هنا... الأمن تلقى تعليمات بعدم إدخال أي ناشط إلى داخل الحدث... هذا قرارهم هم، وليس قراري أنا... لأن المتظاهرين يشكلون تهديدًا أمنيًا."

ما رأيته في هذا الحدث لا يجعلني آمل كثيرًا بحصول حوار هادف قريبًا بين الطرفين.

20أيار/مايو2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus