» تقارير
مزحة معالي الوزير..
2011-07-26 - 2:20 م
مرآة البحرين (خاص): لماذا وزير العدل غاضب؟ يوم الجمعة الماضي، وعلى هامش مهرجان الوفاق في قرية المصلى الذي انعقد تحت عنوان "متمسكون بالمطالب"، صرح أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان لوكالة رويترز إن "الحوار الذي انسحبت منه الوفاق كان مزحة" مطالبا بحوار جاد. كلمة (مزحة) أطارت عقل الوزير وأخرجته عن صوابه، لماذا؟.
من حيث الشكل يمكن القول إن الشخص الذي كان معنياً بالرد على الشيخ علي سلمان، هو خليفة الظهراني المعين من قبل الملك رئيساً للمنتدى الذي سموه حواراً، لكن غضب الوزير الشيخ، يكشف بجلاء (السر المذاع) وهو أن الرئيس الحقيقي والمدير الفعلي لهذا المنتدى هو سعادة وزير العدل لا سعادة رئيس مجلس النواب.
غضب الوزير جعله يخصص عدداً من تغريداته على حسابه في تويتر، رداً على أمين الوفاق، إذ قال الوزير "الذي يعتبر حوار التوافق مزحة إما أنه صادق لأنه لم يعرف معنى الحوار، أو أنه مضطرب لأنه لم يجرب التوافق، أو أنه ساخر من وضعه الذي صيّر نفسه فيه". الوزير لم يهدأ فعاد ليغرد قائلاً "من لا يستطيع أن يجلس مع غيره ليتحاور معهم لا يجوز له أن يسقط فشله في ذلك على الغير، لا يجوز لأحد أن يحتكر الإصلاح أو يمنّ بمشاركته الغير فيه".
وعلى قاعدة الكلام يأخذ برقاب بعضه بعضاً، عادت تغريدات الوزير تأخذ برقاب بعضها بعضا "أعتقد أن مخرجات الحوار التوافقية سببت إزعاجاً كبيراً لمن تخلف عن المشاركة في إنجازها.. البحرين أكثر انفتاحاً ووحدة واستقراراً وديمقراطية".
الألم النفسي الذي عاناه وزير العدل من تصريح الشيخ علي سلمان، لم يفارقه ليلتها، فعاد ليكتب "إقصاء الآخرين له عدة أشكال تبدأ بعدم الاعتراف بهم ورفض التحاور معهم، وتنتهي بالإقصاء الاختياري للنفس في حال عدم القدرة على إقصاء الآخر".
وزير العدل يشعر أنه في لحظة تاريخية فارقة، فالأنباء المتواترة تفيد أنه أصبح من جلساء الملك الخلص، وقد تم تكليفه بطبخة الحوار، لذا يشعر الوزير بمسؤولية
جانب من مهرجان الوفاق بعنوان: (متمسكون بمطالبنا) |
زعل الوزير لأن أحدهم حرق الطبخة بكلمة (مزحة)، فقام الوزير ليرمي بصحون كلامه يمنة ويسرة، تجاه رقاب خصومه السياسيين.وزير العدل، لا يعتبر حواره مزحة، فالحوار الذي غازل فيه الوزير الوفاق ببيت الشافعي الشهير الشهير: فليشهد الثقلان إني رافضي، ليس مزحة. الحوار الذي تلفظ فيه النائب السعيدي بلفظة مسيئة لأتباع مذهب يدين به غالبية البحرينون، واضطر الوزير ليتدخل طالباً من السعيدي الاعتذار (إن استطاع) ليس مزحة.
الحوار الذي يقول فيه الصحفي المخضرم صاحب رواية (بيضة القمر) إن الشعب البحريني ليس مؤهلاً لدخول عصر المملكة الدستورية، ليس مزحة. الحوار الذي يرفض غالبية أعضائه الذين اختارهم وزير العدل، أن تكون هناك حكومة منتخبة، ليس مزحة. الأهم من كل ذلك، دليلا على أن الحوار ليس مزحة، هو توافق غالبية من أحضرهم وزير العدل، على أن تكون هناك حكومة منتخبة يقوم الملك بانتخابها. لا تضحك، فهذه ليس مزحة.
المزحة، كانت في رفض أعضاء مؤتمر وزير العدل، مطلب تعديل الدوائر الانتخابية، كما ورد في الإعلام الرسمي بعد انتهاء الجلسة المخصصة لهذا المحور، لكن الإعلام الرسمي في اليوم التالي عاد ليعدل توافق المتوافقين بمفرده، بقوله "توافق المتحاورون أمس على تعديل الدوائر الانتخابية"، فقد تبين أن المتوافقين رفضو جزءاً من طبخة الوزير، فقام الوزير عبر الإعلام الرسمي بالتكلم نيابة عن المتوافقين ليتوافقو مع طبخته.
المزحة، أن تكون المعارضة التي أثببت صناديق الاقتراع تمثيلها لأكثر من 60٪ من المواطنين، ممثلة بنحو 6٪ من مجموع المشاركين في مؤتمر وزير العدل.المزحة، كانت في إدخال جمعيات وشخصيات متطرفة، عقائد أتباع مذهب آخر ضمن مرئياتهم التي يجب التحاور بشأنها، كقضيتي المواكب الدينية والأوقاف، والخُمس. المزحة تكمن في مفارقة كلام وزير العدل فهو يغرد خارج موجات إعلام التلفزيون، يقول إن البحرين أصبحت بعد مؤتمره أكثر وحدة، بينما الإعلام التابع للديوان الملكي يؤكد يومياً أن أكثر من نصف الشعب خونة.
أما المزحة الأخيرة، فيجسدها المثل المصري البيلغ بامتياز (جت الحزينه تفرح مالقت ليها مطرح)، فوزير العدل العليم ببلاغة الأمثال المصرية، بحكم النشأة والخؤولة، كان يردد في أواخر أيام المؤتمر: إن من خرج منه يتحسر على المكان (مطرح) الذي وضع فيه نفسه.
هناك مكان أصلا؟ وفي أي مكان وضعت الوفاق نفسها؟ لن نبحث عن موقع الوفاق، لكننا سنبحث عن موقع جمهورها الفرح بالتفوق الذي أحرزه أبناؤه على الرغم من شدة فتك الدولة بهم، لقد قامت دولة الديمقراطية بحرمان كل المتفوقين من المنتمين لمذهب معين، من مكانهم في التخصصات المهمة في البعثات، من الذي وضع نفسه في مطرح الحزينة غير الموجود أصلا؟ ليس هناك مطرح لا في الحوار ولا في الدولة ولا في البعثات ولا في طبخة الوزير لهؤلاء الذين تمثل الوفاق شارعهم. ليس هناك مكان أصلا، يا سعادة الوزير.
هذه هي الوحدة التي يتحدث عنها الوزير، وهذا هو الاستقرار، وهذه هي الديمقراطية، وهذا هو المكان، أليس كل هذا مزحة؟! نعم إنها مزحة يامعالي الوزير، لكنها مزحة ثقيلة لا يتحملها أحد، إنها مزحة الدولة التي تعتقد أن الآخرين لا يملكون قلوباً ترف، ولا عقولاً تستوعب، الدولة التي تجد في كل ما تفعله من تهميش وتمييز وظلم مجرد مزحة، إذ إنها ترى أن الجِدّ لم يبدأ بعد!.