من "مرآة البحرين" إلى "وزارة الداخلية"

2014-04-09 - 5:30 م

مرآة البحرين (خاص): إلى وزارة الداخلية...

نعم لقد نشرنا وثائق موجعة، لكنها لم تكن تكشف سرّاً، بل كانت تثبت حقيقة. هذه الحقيقة يتلمّسها المواطنون في مناطقهم وساحاتهم العامة وسجونهم وأماكن تعذيبهم، يواجهونها بشكل يومي في طرقاتهم التي لم تعد آمنة.

يعرف المواطنون منذ 2011 حقيقة وجود قوات الدرك الأردني التي جاءت عبركم لتعذبهم وتنتهك حقوقهم وتسجنهم وتقوم بعمليات استخبارية ضدهم، فيما أنتم تنفون وجودها وتكذبون. نحن أتينا بهذه الوثيقة لا لكي نعرّف الناس بما تعلم، بل لنكشف كذبكم غير الأخلاقي تجاه شعبكم ووطنكم ونسكته، وكذبكم على العالم. لقد أثبتنا بالدليل القاطع وجود درك أردني يقوم بعمليات أمنية على غير أرضه، وهذا ما يسمى في العرف الدولي بالارتزاق.

وأنتم حاولتم أن تهربوا من «فضيحتكم»، بتحويلها إلى قضية «تسريب»، وأثرتم من الغبار عبر كتبتكم وإعلامكم وأبواقكم ما حاولتم به تضليل الرأي العام، بأن القضية تكمن في فعل «التسريب»، لا «فضيحتكم»، وهي الحقيقة التي تخفونها وتكذبون بشأنها طوال هذه السنوات. إنكم تعرفون أن الاستعانة بعناصر أمن من خارج الوطن أمر مستهجن وغير مقبول عرفياً ودولياً وهي جريمة في حق شعبكم، لذلك تكذبون.

ما نشرته «مرآة البحرين» يدخل في حرية الحصول على المعلومة، وهو حق مشروع ومكفول دولياً، والصحافة وظيفتها الوصول إلى المعلومة وتقديمها للرأي العام. وقد اعتمدت منظمة العفو الدولية في مايو 2010 "إعلان الحق في الوصول إلى المعلومات" بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، حيث أكد إعلانها على "ضمان الحق في الوصول إلى المعلومات لرصد الإجراءات العامة، وتعزيز الشفافية والمساءلة، كونها تمثل أداة قوية لمكافحة الفساد". إن إغراق بلد صغير مثل البحرين بالآلاف من القوات الأمنية الأجنبية التي تقمع الناس وتعذبهم وتقتلهم، هو عين الفساد، ومحاولة التستر على هذه الحقيقة وإخفائها والكذب الرسمي بشأنها يدل على الخوف من المساءلة وعلى عمق استشراء هذا الفساد ووجوب مواجهته.

لدينا المزيد والمزيد من الوثائق التي ستفاجئكم، وهي ضمن الحق المكفول للشعب معرفته ومحاسبتكم عليه، وسنحدد نحن متى ننشر هذه الوثائق التي ستدينكم وتفضحكم، وستجدون أنفسكم تواجهون أنفسكم في مرآتنا، وهذه مهمة عاهدنا أنفسنا أن نقوم بها، أن نجعل كل الانتهاكات الديكتاتورية التي تمارس في البحرين ظاهرة ومفضوحة ومرئية. إن كنتم تطمحون إلى إخراسنا، ايأسوا.

يطرح كتبتكم اللطفاء أن عليكم أن «تنظفوا» الدوائر الحكومية والهيئات وأن تفتحوا فروعاً إلى البنوك في وزارة الداخلية، كي تحفظوا فضائحكم. كأنكم ستقومون بإنشاء وطن إلى كل هؤلاء المرتزقة الذين تجلبونهم في وزارة الداخلية لكي تضمنوا أن وثائقهم كلّها محصّنة لديكم، ستبنون لهم مستشفيات خاصة، و«غيتوهات» خاصة ودوائر حكومية داخل مؤسستكم لأنكم لا تثقون إلا في سور الداخلية.

إن تحويل قضية الفضيحة إلى تسريب سينتهي بكم الأمر إلى أن تنشئوا وطنا «قلعة» آخر في وزارة الداخلية، أو أن تحوّلوا الوطن كلّه إلى وزارة داخلية، وذلك بؤس كبير، لكن نؤكد لكم: حتى هذا لن يحول دون أن تصل الأيدي إلى وثائقكم.

الوثائق التي نشرناها تدلل على حقائق معروفة لا عند البحرينيين فقط، بل كذلك عند المنظمات الدولية، والتسريب كذلك. سنحيلكم إلى تقرير نشرناه في حصاد 2013، صادر عن معهد السلام والاقتصاد، قال إن البحرين سجّلت معدّلا «شاذاً» واستثنائيا في نسبة أعداد الشرطة إلى عدد السكّان، لتكون الأعلى في العالم دون منازع! وأكد التقرير أن البحرين تعتبر «ناشزا» على المقياس بأكمله، حيث بلغ مؤشرها 6 أضعاف المتوسّط العالمي، الذي يبلغ 361 شرطيا لكل 100 ألف شخص! وبحسب المؤشر فهناك في البحرين 2166 شرطي لكل 100 ألف شخص. باختصار يا وزارة الداخلية: التسريب بقدر نشازكم وشذوذكم.

إذاً، لماذا لا تنظرون إلى أنفسكم في «مرآة البحرين» لتعرفوا نشازكم؟ وظيفة الصحافة أن تكون سلطة على كل ما يتجاوز الأخلاق وأنتم يا وزارة الداخلية تجاوزتم الأخلاق في عدة أمور: جعلتم أفرادا من شعب عربي شقيق نكن له الاحترام مرتزقة. نزعتم الثقة من مواطنيكم، بينما على مستوى العالم من يقوم بالأمن هم المواطنون. كذبتم في ادعاء أنكم لا تستعينون في بلادكم بقوات أجنبية. كذبتم في ادعاء أنهم مدربون. لعبتم في المال العام وقمتم باستخدام أموال الشعب لجلب مرتزقة لقتله.

إنكم تحلّون العقاب مكان الأمن الحقيقي؛ تعاقبون شعبكم بالمرتزقة، وتعاقبون من يُثبت استعانتكم بهم. تعاقبون بهم ومن أجلهم.

التسريب لا يستنكره الرأي العام إلا حين يخالف أمن الوطن وسيادته وأخلاقه العامة، ونحن لم نقم بهذا، بل أثبتنا ما ينافي الأخلاق العامة في الدولة ويضر بسيادتها ويضر بأمنها، قمنا بذلك وتلك هي رسالتنا.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus