كبير باحثي هيومن رايت ووتش: عهد الولاء في البحرين

2011-07-23 - 12:34 م


بعد زيارة قصيرة لقوات حفظ الأمن، تركت هذه الرسالة لتربية العائلة



 دان وليامز*، صحيفة الهافينغتون بوست
ترجمة: مرآة البحرين.

 

منذ منتصف إبريل والحكومة البحرينية تدفع مواطنيها لتوقيع عهد الولاء ل "القيادة الرشيدة" للبلد. تقول الحكومة، حسب وكالة البحرين للأنباء، إن التوقيعات سوف تحفر على سيف ذهبي سيدخل موسوعة جينيز للأرقام العالمية، في فصل ... حسنا لنقل "السيف الذي يحمل أكبر عدد من التوقيعات". أجريت توقيعات الولاء في كل أنحاء جزيرة المملكة، في الملاعب والمدارس، وفي شهر يونيو أقيمت في مقار الأعمال حيث يصطف المواطنون ليؤدوا واجب توقيع عهد الولاء. لا توجد تقارير لحد الآن إذا ما كانت هذه الحملة تشمل السجون حيث يحتجز مئات من المحتجين السياسين.

تزامنت سلسلة هجمات حكومة البحرين على حركة الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية مع عنف الاضطرابات في سوريا واليمن. لكن البحرين، وبسبب موقعها الجيوستراتيجي، يجب ألا تغفل لأنها توفر قاعدة للأسطول الأمريكي الخامس. لقد وضعت العائلة الحاكمة والمساند الاقليمي لها ( السعودية) البحرين في مركز الأضطراب مع المواجهة مع ايران. وهذا لتبرير حل الأزمة بأولوية قصوى لكل من الحكومة  البحرينية والمساندين الدوليين لها. ولحد الآن الأستراتيجية تميل باتجاه القمع.

في 5 يوليو، أصدرت "هيومن رايتس وتش" تقريرا ملخصا يفصل القمع الممنهج لنقاد الحكومة منذ منتصف مارس، عندما قامت شرطة الحكومة وفرق الجيش بحملة فض الاحتجاج بالقوة. مئات من المساجين ما يزالون قيد الاحتجاز، واتهامات ذات مصداقية بالتعذيب ذهبت دون تحقيق.

للوهلة الأولى، إن مقتل ثلاثين محتجا على أيدي قوات الأمن قد لا يقاس مع مئات القتلى في سوريا وليبيا. ولكن تعداد السكان الأصليين في البحرين هو 525,000 نسمة فقط. إلى جانب أن العنف الرسمي كان من نصيب المسلمين الشيعة - الذين يمثلون 60 بالمئة من البحرينين- بشكل استثنائي.  

علاوة على كل ذلك، مقدار القمع الذي يأخذ الأنفاس: مثل التعذيب، والاعترافات المتلفزة، وهجمات منتصف الليل على البيوت من قبل ملثمين يحملون مسدسات، والضرب، والتسريح الجماعي من وظائف القطاع الخاص، وسحب البعثات الدراسية من طلاب احتجوا داخل البحرين وخارجها.

قد لا تسمع بكل هذا ليس لأن الاعلام في مكان آخر فقط. ففي 24 مايو أمرت حكومة البحرين "فريدريك ريشتر" - مراسل رويترز والصحفي الدولي الوحيد المقيم في البحرين  في السنوات الأخيرة، بمغادرة البلد. ولم تسمح الحكومة لأعضاء "هيومن رايتس وتش"  بدخول البحرين. وعندما تقدمت بطلب تمديد إقامتي في 20 ابريل أعطتني السلطات مهلة 24 ساعة لمغادرة البحرين.

تحاول الحكومة في بعض الأحيان فرض نسختها الخاصة للأحداث، و بطريقة خرقاء. في بداية ابريل، انتشرت صور على الانترنت لجسد "علي ابراهيم صقر" الذي مات في السجن وكانت عليه كدمات وسحول. هددت الحكومة الناشط الحقوقي" نبيل رجب " بالسجن بحجة "نشر صور مفبركة" لجثة علي صقر لكن الصور التي رأيتها كانت مطابقة لحالة جثة علي صقر التي شاهدتها بنفسي أثناء مراسيم غسل الجثة وتطهيرها.

فاطمة البلوشي، وزيرة التنمية الاجتماعية وحقوق الإنسان، وفي الوقت الحالي وزيرة الصحة بالوكالة، اعتبرت الصور مفبركة. ولاحقا في مؤتمر صحفي أخبر مراسل ال بي بي سي أن أفراد طاقمه قد شاهد الجثة والكدمات. بدت البلوشي مترددة ووعدت بإجراء" تحقيق". وهذا هو آخر ما نسمع به من أي تحقيق. إذا كان المطلوب دليلا إضافيا على البلادة القاسية، فصورة علي صقر عندما كان حيا ظهرت على شاشة تلفزيون البحرين في 28 ابريل وهو يقدم الاعتراف المزعوم بقتل شرطيين.

 مع النهاية الرسمية لقانون الطورارئ في أول يونيو، بدأت حملة لإظهار إن كل شيء رجع إلى طبيعته. بعدها بقليل، أعلن منظمو سباق" الفورميلا1" أن السباق سيقام في أكتوبر المقبل بدلا من السباق الذي كان مقررا في فبراير، لكنهم رجعوا وألغوا السباق بسبب عدم الأمن. قالت الحكومة البحرينية إن السباق، الذي يقام سنويا،  "سيذكر العالم البحرين في أحسن صورها". اوووووبس عفوا. فرق السباق اعترضت وألغى المنظمون السباق مرة اخرى.
 
في 3يونيو، صرحت وكالة البحرين للأنباء إن كبيرة المسؤليين لحقوق الانسان في الامم المتحدة "نافي بيلاي" قد نقلت الى الوزيرة البلوشي في جينيف أنها استلمت "معلومات مغلوطة" عن وضع حقوق الإنسان في البحرين. لم يخطر ببال الوزيرة  البلوشي إن "بيلاي" ممكن أن تقرأ الجرائد. في 7 يونيو ، احتج المتحدث الرسمي ل "بيلاي" على أخبار الوكالة والتغيير لكلماتها بشكل فج.

أعلنت الحكومة عن حوار وطني للإصلاح السياسي قائلة إنها تريد الحوار بلا شروط.  وهذه هي كلمة السر لإبقاء المحتجين والمتظاهرين في السجن. وقد انسحب يوم الاثنين الحزب الشيعي الأكبر في البلاد من الحوار قائلا إن رؤاه لم تؤخذ بجدية. في 22 يونيو، حكمت محكمة عسكرية على ثمانية ناشطين سياسيين شاركوا في احتجاجات ضد الحكومة بالسجن مدى الحياة. "عبد الهادي الخواجة" وهو ناشط حقوقي سابق، و"إبراهيم شريف" وهو علماني سياسي سني كانا ضمن المحكومين. بينما يقبع في السجن منذ الثاني من مايو كل من "مطر ابراهيم مطر" و "جواد فيروز" -عضوان برلمانيان سابقان للوفاق- بانتظار محاكمتهما.

وأخيرا أخذ الملك حمد بن عيسى ال خليفة خطوة واعدة في 29 يونيو عندما سمح بالإعداد للجنة تحقيق في أحداث البحرين التي وقعت في فبراير/مارس 2011 والحوادث التي نتجت عنها. يرأس اللجنة "شريف بسيوني" الخبير المرموق في حقوق الإنسان وجرائم الحروب، وكذلك "نيجل رودلي" العضو في لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة. هذا بالتأكيد أكثر تفاؤلا من مناورة عهد الولاء التي تحمل جانباً شريراً.
 
في 29 يونيو، أعلنت رويترز أن جامعة البحرين تشرط على طلابها التوقيع على عهد الولاء أو التخلي عن الدراسة الجامعية. ولقد استلمت رسائل من الطلبة تقول إنهم حشدوا للتوقيع وقد وقعوا خوفاً من الانتقام اذا لم يفعلوا. من ضمن المطلوب منهم في هذه الوثيقة، هو أن يتعهد الطلاب " ليتجنبوا الإساءة لسمعة البحرين المحلية والدولية".

 ولكن الذي أساء للبحرين هم عائلة آل خليفة الحاكمة. على حكام البحرين أن يتخذوا منهجاً آخر. ما رأيهم بالتعهد لضمان حقوق مواطني البحرين في حرية التعبير والتجمع السلمي والعدل؟

19 يوليو 2011

* دان وليامز هو باحث كبير في هيومن رايت وتش.




 






 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus