» تقارير
في أخطر جريمة لوزير المكارثية: طلاب الثانوية المتفوقون سيجبرون على رفض بعثاتهم
2011-07-23 - 8:31 ص
ماجد بن على النعيمي
مرآة البحرين (خاص): بعد المعلمين والاختصاصيين وحراس المدارس والإداريين، طال انتقام وزير التربية والتعليم العسكري ماجد النعيمي خريجي الثانوية المتفوقين، بحرمانهم من حق الابتعاث للدراسة الجامعية وفق معادلاتهم التي تناسب رغباتهم وطموحهم، وتخريب مستقبلهم الدراسي في خطة تجهيل وحرمان، لن تنتهي بما حصل اليوم من الإعلان الخطير عن نتائج توزيع البعثات الدراسية.
فقد عمدت الوزارة تحت اشراف وزيرها المكارثي إلى منح الطلاب المتفوقين (وكلهم من فئة واحدة) بعثات دراسية حسب رغبات التخصص الأخيرة (ضمن قائمة لاختيار رغبات التخصص تضم 10 خيارات)، في حين كان أمثال هؤلاء في السنوات الماضية يحصلون على تخصص من بين أول ثلاث رغبات أو الرغبة الرابعة في أسوأ الأحوال.
وأكد طالب متفوق (معدله الدراسي 96%) لمرآة البحرين إن الوزارة أعطته الرغبة السابعة (لوجستيات) رغم أن رغباته الثلاث الأولى كانت (هندسة كمبيوتر، علوم كمبيوتر، نظم معلومات)، وقال الطالب "جميع الطلاب المتفوقين لا يخطر في بالهم أبداً أن تكون البعثة التي سيحصلون عليها خارج خيارت التخصص الثلاث الأولى، بحسب ما يجري في جميع السنوات الماضية، ولذلك فإنهم يضعون التخصصات التي يميلون إليها فعلاً ويرغبون في دراستها في الخيارات الأولى، وفي أسوأ الحالات جداً الخيار الرابع"، وأضاف" أما الخيارات السفلى من القائمة فتملأ بشكل غير جاد وعشوائي، بغرض إكمال الإجراء المطلوب فقط، وأنا لا أتذكر ماذا وضعت فيها أصلا" ويوضح "هي رغبات غير حقيقية وخارج الحسابات تماماً، ويختار الطالب فيها تخصصات ضعيفة وهامشية وربما غير معروفة، ولا يوجد إقبال عليها ولا حاجة كبيرة لها في سوق العمل، إضافة إلى أنها عكس رغبة الطالب المتفوق وميوله الدراسية تماماً، ولا تتناسب أساساً مع تخصصه الدراسي في المرحلة الثانوية!"
وقالت طالبة أخرى (معدلها الدراسي 97%) إنها حصلت على الرغبة العاشرة (أحياء) رغم أن رغبتها الأولى (طب)، وتساءلت "إذا كنا نحن نحصل على الرغبة التاسعة والعاشرة، فمن الذي حصل على الرغبات الأولى إذن؟" وأضافت "إنهم يتعمّدون معاقبتنا، لقد وضعونا في تخصص بعيد لأننا من المستحيل أن نقبل به، ولأنهم لا يريدوننا أن ندرس في الجامعة".
والتقت "مرآة البحرين" عدداً آخر من الطلاب المتفوقين (معدلاتهم 95% فما فوق)، وأكدوا لها أنهم لم يحصلوا على بعثة من الأساس، بل خصصت لهم منحة دراسية (أي مخصص مالي فقط دون تكاليف الدراسة، وهو يعطى لمن معدلاتهم الدراسية أقل من 95% وأقل من 90% أيضاً)
وترمي هذه الخطوة كما هو واضح إلى دفع الطلاب إلى رفض البعثات الدراسية لعدم قبولهم بالتخصص المفروض عليهم، ومن ثم تحمل تكاليف دراستهم من جيبهم الخاص، أو عدم الانضمام إلى الجامعة نهائياً.
خطة التجهيل: سر التكتم على إعلان نتائج البعثات
وقالت مصادر إن التكتم على نتائج البعثات، وعدم نشرها في الصحف خلافاً لما دأبت عليه الوزارة طوال السنوات الماضية، وكما تقتضي الشفافية، يأتي للتستر على الاستهداف السياسي البغيض لفئة من الطلاب، في خطة تجهيل كشفها تقرير البندر ومارسها رجال البندر في حفلة الزار اليائسة. إذ ترى المصادر أن هذه الكيدية وهذا التجاوز المتعمد والفاضح لرغبات الطالب الدراسية، قد خص طلاباً من فئة معينة (محسوبة على الاحتجاجات السياسية الأخيرة)، في حين منح من سواهم رغباتهم الأولى (حتى إن كانوا أقل مستوى من حيث المعدل الدراسي)، التمايز الذي لم ترغب الوزارة أن تكشفه علناً.
وفي كل الأحوال فإن هذا التوزيع الظالم لم يكن لمصلحة أحد، لعدم التعارض، بسبب توافر عدد كبير من البعثات والمنح الدراسية، وهذا ما يؤكد أن القصد هو المضي في خطة تجهيل قطاع واسع من الطلاب، خوفاً من جيل متعلم يقف مرة أخرى مستقبلاً في وجه هذا النظام الاستبدادي، وسياساته القذرة. فعدد 2426 بعثة ومنحة دراسية، يعتبر كافياً جداً لاستيعاب جميع الطلاب المتفوقين، ما يجعل منح الطالب إحدى رغباته الأولى ليس له أي تأثير على خطة البعثات، خصوصاً مع عدم وجود أي فرق في تكاليف الابتعاث (على مستوى جامعة البحرين على الأقل). بل ربما تؤدي هذه الفوضى المتعمدة والغبية إلى بعثات شاغرة رغم أنها في تخصصات مهمة ورئيسية، إضافة إلى أنه لا يوجد نقص في طاقة التحمل الدراسية بجامعة البحرين، بل على العكس، يمكنها أن تستوعب عددا أكبر بالنظر إلى فصل مئات الطلاب منها عقب الحملة الأمنية.
وأشارت صحيفة الوسط اليوم إلى تكتم الوزارة على نتائج توزيع البعثات، وقالت إن الوزارة اكتفت بإعلان النتائج على الموقع الإلكتروني للوزارة وعلى بوابة الحكومة الإلكترونية، بحيث يستطيع الطالب "فقط" معرفة البعثة التي حصل عليها، وذلك نقلاً عن مدير إدارة البعثات والملحقيات بوزارة التربية عيسى الكوهجي.
النوايا كانت مبيتة
وكانت النوايا مبيتة لهذه المكيدة الخطيرة، والتي جاءت تماشياً مع حملة التطهير والاستئصال المعلنة والمستمرة منذ قمع الاحتجاجات السياسية، إذ كانت الوزارة قد غيّرت بشكل مفاجئ معايير التنافس على البعثات، لتكون موزعة بنسة 60% لعامل المعدل الدراسي (في المرحلة الثانوية) و40% للمقابلة الشخصية، الأمر الذي كان محصوراً على معدل التحصيل الدراسي طوال السنوات الماضية.
وكان وكيل وزارة التربية والتعليم لشئون التعليم والمناهج عبدالله المطوع الذي أشرف على لجان التحقيق بالوزارة، علل ذلك "بالحاجة للتعرف على القدرات والاتجاهات نحو التخصصات الجامعية، وذلك ضماناً للدقة ولضمان نجاح الطلاب فيها مستقبلاً" وادعى أن ذلك "يجعل أنظمة التقويم والابتعاث أكثر تطوراً، وأكثر تعبيراً عن حقيقة مستوى الطالب وقدراته وتوجهاته، وهي الحقيقة التي لم تعد درجة الامتحان تكفي لوحدها لترجمتها" بحسب قوله.
إلا أن الطلاب الذين خرجوا من المقابلات (التي لم تتعد ربع ساعة)، صدموا بالأسئلة التي وجهت إليهم، وقالوا إنها لا تتعلق بالتخصصات أو ميول التفوق، ووصفوها بالمسيّسة، إذ نقلت صحيفة الوسط عن بعضهم وقتها، أنهم سئلوا عن "معنى الوطنية وماذا تعني لهم مملكة البحرين وكيف سيمثلونها في الخارج" بل أن بعضهم سئل حتى عن معنى اسمه الشخصي بشكل ساخر ولا مهني، في حين لم تتطرق الأسئلة مطلقاً لسبب اختيار التخصص، أو مدى مواءمته مع شخصية الطالب وقدراته، ومدى حاجة سوق العمل له.
الآباء: النعيمي سيقع في شر أعماله
وانتقد آباء الطلاب هذا التطور الخطير بشدة، واعتبروه كارثة تتهدد مستقبل أبنائهم الذين كانوا يحلمون بأجمل الأيام التي لم نرها بعد (حسب تعبير الملك).
وقال أحدهم لمرآة البحرين "لن نسمح لهذا المعتوه (وزير التربية) أن يواصل سياسته الانتقامية ضد أبنائنا، وسنكرس كل جهودنا لمحاسبته ومحاكمته على كل ما ارتكبه ويرتكبه من جرائم وانتهاكات وفساد منظّم، سواء اليوم أو غد" وقال آخر "أنا أراهن بأن هذا الوزير هو أول الساقطين، لعظم ما اقترفه من خطايا بحق المدرسين والطلاب ومستقبل التعليم، سيدفع الثمن باهظاً وسيقع في شر أعماله، هو وكل حاشيته الحاقدة".
في حين عبر آخر عن إحباطه بسخرية وقال "إن النظام دائماً ما يستخدم عبارة – درس على نفقة الدولة- ويبدو أن كثرة الاستهزاء بهذه العبارة سببت له عقدة، فقرر أن يتنازل عنها بحرمان الطلبة من نفقة الدولة، إنه نظام مجنون حقاً".
وأكد مراقبون، أنه في ظل غياب الرقابة، والفوضى في اتخاذ القرارات وتغيير الإجراءات والقوانين بحسب الهوى والمزاج ومصلحة النظام المتعثر، ونزولاً عند توجيه رئيس الوزراء نفسه بالتمييز المعلن في تقديم خدمات الدولة، بحيث يقدّم الموالون للنظام على غيرهم دائماً، لم يعد هذا الإجحاف وهذه المهازل مستغربة.
وأضافوا لم يعد أحد مسئولاً عما يفعل في هذه الدولة، إنهم يلعبون بأموالها ويتحكمون في موارد صرفها كما يشاءون، حتى ولو على حساب الحقوق التي كانت متوفرة فيما مضى، ليس هناك ضمير مهني ولا أخلاقي، لا يوجد رادع ولا حسيب ولا رقيب إن لم يكن هناك متآمرون، ومتسترون، إنها دولة دون نظام فعلاً.