برنامج حديث المنامة، وفيق إبراهيم: السعودية لن تساوم على البحرين... والمعارضة تتمسك بوصف قواتها بـ «المحتلة»

2014-03-23 - 2:42 ص

مرآة البحرين (خاص): رأى المحلل السياسي وفيق إبراهيم، في الذكرى الثالثة لدخول القوات السعودية للبحرين، أن الأخيرة تمثل أهمية جيوسياسية كبيرة بالنسبة للعربية السعودية، مؤكدا أن دخول قوات الاحتلال السعودي للبحرين هو إعلان لكل العالم أن هذه الأرض سعودية.

وأضاف خلال حديث المنامة الذي يقدمه الإعلامي الحقوقي يوسف ربيع على قناة اللؤلؤة "أنا أعتقد أن البحرين أكثر أهمية للسعودية من أي بلد آخر في الإقليم، ومن الممكن أن تساوم على أي موضوع باستثناء البحرين ومصر وهي تخشى على نفسها من البحرين أكثر".

وقال المحلل اللبناني إن "السعودية آخر اهتماماتها أن تدافع عن أحد، هي تدافع عن نفسها"، موضحا "هناك عائلة (آل سعود) لا تريد إلا الحفاظ على امتيازاتها ويُصادف أن المحافظة على هذه الامتيازات لا يتم إلا بأن تخرج السعودية إلى المناطق الأخرى".

من جهته أكد أمين عام التجمع الوحدوي فاضل عباس تمسك المعارضة ببيانها تجاه بوصف القوات السعودية على أنها قوات احتلال، مشيرا في ذلك إلى البيان الذي أصدرته المعارضة 14 مارس/آذار 2011 إبان دخول الحرس الوطني السعودي للبحرين.

ورأى عباس في مقتل ضابط إماراتي في حادثة الديه التي وصفها بـ "الغامضة" دليلا على تدخل قوات خليجية لقمع المتظاهرين، ومتابعا "النظام حاول أن يتستّر على حقيقة هذه القوات طيلة المرحلة الماضية تحت ذريعة حماية المنشآت".

وعن نظرته لانعكاس وجود تلك القوات على تسوية الأزمة قال "إذا أرادت السعودية أن تقوم بدور إيجابي في البحرين يجب أن تكون هذه القوات خارج الحدود"،لافتا إلى أن النظام البحريني "استفاد من هذا الوجود العسكري في الجانب الطائفي وفي الغلبة المذهبية والغلبة السياسية".

حديث المنامة: أستاذ فاضل، اليوم وبعد مرور 3 سنوات على دخول القوات السعودية وعناصر من درع الجزيرة إلى البحرين، هل بات الموقف واضحاً للعيان أن الأهداف التي جاءت من أجلها هذه القوات أصبحت منكشفة الآن وبالتالي يمكن للمعارضة أن تؤكد على أن هذه الاهداف لم تكن إلا أهداف سياسية؟

فاضل عباس: في الحقيقة أعتقد أن الحدث الأخير، حادثة الديه، التي مازالت مبهمة وغير واضحة تماماً قد أوضحت حقيقة هذه القوات، النظام حاول أن يتستّر على حقيقة هذه القوات طيلة المرحلة الماضية تحت ذريعة حماية المنشآت، على الرغم من أنه في البحرين هناك الحرس الوطني، هناك قوات الجيش وهناك أيضاً قوات الأمن العام وهناك الاستخبارات، يوجد أكثر من جهة أمنية تؤكد أن البحرين لا يوجد فيها منشآت، هذه القوات غير قادرة على الحماية ليتم الاستعانة بقوات خارجية لتقوم بالحماية.

حديث المنامة: الآن ذكرت بأن هذه القوات جاءت لحماية المنشآت - كما ذكرت الرواية الرسمية - وهناك أيضاً عناصر تمتلكها الدولة البحرينية، هل تعتقدون بأن هذه القوات التي استمرت الآن 3 سنوات مازالت قائمة على حماية هذه المنشآت؟

فاضل عباس: أود أن أؤكد بأنّ الواقع يثبت - كما ذكرت – أنه لا توجد منشآت أساساً تحتاج إلى حماية من قبل هذه القوات ولم يُثبت النظام للرأي العام الداخلي والخارجي بأن هناك منشآت تستدعي وجود هذه القوات وانه بدون هذه القوات فإن المنشآت تحت الخطر والتهديد وخصوصاً أن الثورة البحرينية لم يُستخدم فيها السلاح وبالتالي لا يوجد خطر لا على منشآت خاصة ولا عامة، لذلك نعتقد بأنّ النظام كان يريد دعماً سياسياً وكان يريد قضايا أخرى من وراء هذا التدخل بعيدة كل البعد عن حماية المنشآت.

حديث المنامة: د.وفيق، الآن - كما ذكر أستاذ فاضل - البحرينيون لا يملكون السلاح  ومع ذلك في الدولة البحرينية هناك الجيش ووزارة الداخلية والحرس الوطني ثم جيء بعد ذلك بعساكر من السعودية ومن بعض دول الخليج، كيف تنظرون لهذا الوجود والذي مضى عليه 3 سنوات في البحرين؟

وفيق ابراهيم: هذا التدخل السعودي يعتبر في القانون الدولي احتلال لأنه يتناقض حتى مع المبادئ التي نص عليها مجلس التعاون الخليجي عندما يُجيز التدخل في حالات العدوان الخارجي، ما يحدث في البحرين ليس عدواناً خارجياً ، ما يحدث في البحرين هو ثورة بكل معنى الكلمة ضد نظام مستبد على المستوى السياسي، ضد نظام مقفل على المستوى الاقتصادي، ضد نظام يمارس التمييز العنصري، لذلك أولاً دخول هذه القوة تكشف أن النظام البحريني عاجز عن التعامل مع ثورة البحرين، ثانياً أن النظام البحريني هو جزء من النظام السعودي، ثالثاً أن السياسة الأمريكية في المنطقة والموجودة في الأسطول الخامس المتواجد في البحرين راضية عن هذا التدخل، لذلك ثورة البحرين القوية والتي أحيّيها عبر قناتكم أعتبر أنها تكافح كفاحاً شديداً ضد ثلاثة أنواع من الإحتلالات: الإحتلال السعودي، إحتلال الخليفة والإحتلال الأمريكي.

حديث المنامة: أستاذ فاضل، يبدو أن الدكتور وفيق اختصر عليّ الطريق حينما وصّف بأن هذا الوجود هو احتلال، أنتم في المعارضة البحرينية تنظرون إلى العساكر الموجودة في البحرين سواء كانت من السعودية أو من أي دولة أخرى بمثابة احتلال؟

فاضل عباس: في 14 مارس 2011 أصدرت المعارضة بياناً اعتبرت فيه وجود هذه القوات احتلال واعتبرت أن هذه القوات وجودها مخالف تماماً لاتفاقية قوات درع الجزيرة واعتبرت المعارضة من خلال هذا البيان أن وجود القوات يكون عقبة أمام حل سياسي وبالتالي حقيقةً ما لم يعطينا النظام تفسيراً واضحاً لوجود هذه القوات المخالف أساساً حتى للدستور البحريني ، نعتقد بأن المعارضة مازالت متمسكة ببيانها الذي أصدرته.

حديث المنامة: يعني هذا يمس بسيادة الدولة.

فاضل عباس: بالتأكيد، وخصوصاً في حادثة الديه وثبوت مشاركة قوات من خارج البحرين في قمع مسيرات داخلية، أنا أعتقد أن هذا يُعد انتهاكاً للسيادة وانتهاكاً للدستور 2002 الذي تتحفظ عليه المعارضة.

وفيق ابراهيم

وفيق ابراهيم

حديث المنامة: د.وفيق، هناك جزء من خطاب ملك البحرين بشأن دخول القوات السعودية ورد فيه بأن بقاء هذه القوات أو دخولها هو لإفشال مخطط يحاك ضد البحرين وباقي دول مجلس التعاون منذ 30 سنة، مضيفاً أن هذا المخطط الخارجي استهدف البحرين بدايةً وبالتالي هناك استكمال لهذا المخطط، وكأن ملك البحرين يشير إلى من يقف وراء هذا المخطط، ألا يحق لهذا التكتل الإقليمي أن يتداخل مع بعضه ليحمي نفسه حتى من التدخل؟

وفيق ابراهيم: هذا البيان يشير إلى احتمال تدخل إيران في شؤون البحرين إلا أن الواقع أن إيران ومنذ أيام الشاه اعترفت بعروبة البحرين بموجب اتفاق تم مع الرئيس الراحل عبد الناصر وانتهى موضوع الهُوية، هذه الأنظمة في الخليج تحاول أن تدافع عن استمراريتها بتحويل الصراع الإجتماعي إلى الصراع المذهبي بشكل دائم، هذه السياسة السعودية القائمة منذ حوالي 50 عاماً عندما تشعر باحتمالات التغيير في الداخل تسارع إلى إطلاق اتهامات ضد فئات وطنية داخلية تتهمها بالارتباط بالخارج، هذا ما حصل اليوم للربيع العربي، حولوه من مطالب حقيقية إجتماعية إلى مجموعة مطالب مذهبية وتكفيرية، كل التكفير الذي يجتاح العالم العربي اليوم إنما هو وليد السياسة السعودية التي تقوم بنفس الأمر في البحرين والشرق الأوسط وفي جنوب العراق والأنبار وفي كل مكان، نحن ضحية حوالي 500 محطة إعلامية تبث يومياً وتضخ أكبر كميات ممكنة من السم الطائفي والسم المذهبي في محاولة لحماية هذه الأنظمة التي تملك أموال قارون وتحاول بواسطة هذه الأموال أن تدافع عن استمراريتها التاريخية، هذه الأنظمة عندما يُكتب التاريخ سينظرها التاريخ باعتبار أن هذه الأنظمة لم تدفع بلدانها إلى إنتاج إبرة، هي أنظمة من عقم سياسي أنظمة تخلف، ما يفعلونه في البحرين هو جريمة بحق الإنسانية عندما يمنعون تطور سياسي ويحاولون قمعه.

حديث المنامة: أستاذ فاضل، أنتم وصفتم أن هذا الوجود إحتلال، ماذا فعلت الجمعيات السياسية قبالة هذا التوصيف الذي أشار إليه الدكتور وفيق وأكدت عليه الجمعيات السياسية؟ إذا كان هناك احتلال إذاً لا بد من مواجهة.

فاضل عباس: سأعلق على هذه النقطة، لكن قبل ذلك هناك أمر مهم جداً فيما ذكره الدكتور وفيق قبل قليل، تذرّع النظام بمسألة التهديد الإيراني ومن ثمّ هذه القوات لحماية المنشآت في مواجهة التهديد الإيراني، حقيقةً قوات درع الجزيرة أثبتت فشلاً في صد أي عدوان خارجي سواءً كان في اجتياح القوات العراقية للكويت أو في العدوان الأمريكي على العراق في 2003، حتى أن الأمير خالد بن سلطان عام 2005 قال يجب أن نفكك هذه القوات ولتذهب إلى وحداتها بسبب فشلها في صد أي عدوان خارجي، وبالتالي هل ستنجح هذه القوات في صد أي عدوان خارجي على البحرين؟ لذلك هناك شبهة كبيرة تماماً أنها ليست في مهمة حماية المنشآت وليست في مهمة صد عدوان خارجي وإنما هناك أهداف أخرى سياسية وعسكرية وأمنية أيضاً من وراء هذا التدخل.

حديث المنامة: أنتم في المعارضة الآن هل قمتم بشيء ما لمواجهة هذا الوجود الذي بين مزدوجين هو "احتلال "؟

فاضل عباس: المعارضة ترى أن الدور السعودي في الوقت الراهن هو دور سلبي تماماً بوجود هذه القوات، لذلك كانت تأمل بأن يكون هناك تغيّر في الموقف السعودي وأن يكون هذا الموقف يتجه نحو إيجاد حل في البحرين وتسوية عن طريق سحب هذه القوات والقيام بمبادرات معينة، أنا أعتقد أن هذا من الأسباب الرئيسية التي جعلت المعارضة لا تتجه نحو التصعيد على الأرض ضد هذه القوات.

حديث المنامة: د.وفيق، سوف أعود إلى نقطة أشرت إليها، يقال أن هذا التدخل السعودي هو لحماية السنّة في البحرين من غالبية شيعيّة خرجوا يطالبون بإسقاط النظام في البحرين وبالتالي هم جاؤوا لدعم هذا الكيان الموجود، هل يمكن الإشارة إلى مسألة الطائفيّة؟

وفيق ابراهيم: أنا أعتقد أنّ الطائفية بدعة يفتعلها آل سعود لتدمير أي شكل من أشكال الوحدة الإسلامية، هم اعتادوا أن يطبّقوا ما تريده السياسة الأمريكية، في الستينات والسبعينات من القرن الماضي هم من دمّروا الخط القومي بوقوفهم في وجه عبد الناصر في اليمن وفي كل المنطقة وأسهموا بانتصار إسرائيل على مجموعة الدول العربية، اليوم يكرّرون نفس الموضوع إنما على مستوى تدمير الوحدة الإسلامية، هم يقفون في وجه أي مشروع إتحاد إسلامي ويثيرون هذه التفرقة، الملك الأخير من آل خليفة موجود في السلطة منذ عام 1990، أتعلم أن الفروقات الطبقية زادت مع هذا الملك بمعدلات كبيرة؟ أتعلم أن الشيعة ازدادوا فقراً مع هذا الملك؟ ازداد التخلف السياسي، هذه كلها وثائق نشرتها الصحافة البريطانية، هذا الملك لم يفعل شيئاً، يريد دائماً إيجاد تفرقة بين السنّة والشيعة، يأتي بباكستانيين وسوريين وغيرهم لكي يجنّسهم ليقاتلوا الشيعة فقط هل هذا هو تصرف نظام راشد؟ كلا، إنه تصرّف فئات تريد احتكار السلطة تريد منع التطور الإجتماعي، تريد بقاء التخلف في كل المنطقة العربية.

حديث المنامة: أستاذ فاضل، البعض يقول أن التدخل السعودي وبقاءه إلى اليوم لإضفاء - كما ذكر دكتور وفيق - الطابع الطائفي على مطالبكم وبالتالي جاء السعوديون لأجل هذا الأمر؟

فاضل عباس: تهمة الطائفية بالنسبة للنظام واضحة تماماً، تقرير البندر واضح في هذا الجانب هو أن النظام قام لغاية العام 2010 - حسب تقديرات المعارضة - بتجنيس ما يقارب 100 ألف شخص، وبالتالي مسألة البُعد الطائفي في حركة النظام ليست مستبعدة. فيما يتعلق بدرع الجزيرة، أنا أعتقد بأن جزء من هذا الجانب للأسف النظام أراد أن يحوّل الأمر إلى انتصار لطائفة على طائفة أخرى عن طريق الإستعانة بهذه القوات وهذه كانت مسألة خطيرة جدّاً وتشكّل استفزازاً على الصعيد المذهبي والطائفي، لكنّ المعارضة كانت حليمة تماماً في هذا الجانب ولم تُستفز وحاولت أن تهدّئ الأمور على الأرض بشكلٍ كبير جدّاً منعاً لأي اصطدام طائفي يجر البلد إلى قضايا أكبر والمعارضة تعاملت بثقة وتروي كبير لكي لا يقع المحظور في هذا الجانب.

حديث المنامة: د. وفيق، البعض يقول أن السعوديين لم يكونوا بحاجة لهذا الدخول يعني البحرين دولة صغيرة في منطقة الخليج لا تؤثر كثيراً في السياسة الخارجية وخرج شعب لا يتعدى ال 100 ألف للمطالبة بإصلاحات سياسية، هل تعتقد بأنّهم دخلوا لأمر يختص بالداخل السعودي؟

وفيق ابراهيم: من المؤكد أن هذه القوات دخلت لأمر يختص بالداخل السعودي، أولاً البحرين قد تكون صغيرة لكنها هامة على المستوى الجيوسياسي وإلا لما كانت أميركا أقامت فيها قاعدة للأسطول الخامس، البحرين بلد يطل على إيران ويُحاذي بحر السعودية وبجانبه قطر وهو حارس بوابة النفط في الخليج، كل هذه الأهمية تجعل من البحرين هدفاً للسيطرة الأمريكية والسيطرة السعودية، لذلك إقدام السعودية على إرسال هذه القوات إنما هو إعلان لكل العالم أن هذه الأرض سعودية وأنّ على الولايات المتحدة الأمريكية أن تدافع عن هذا النظام كما هو، لذلك تفتعل هذه المسائل، هناك ارتباط بين البحرين والمنطقة الشرقية وجنوب العراق، والسعودية تخشى من أي تغيير على مستوى البحرين والذي قد يجر إلى تغيير عندها، ليس على المستوى الشيعي فقط حتى السنّة، عندما يرون نموذجاً صغيراً مثل البحرين استطاع أن يغيّر في المعادلات يخافون أن تتأثر الشعوب المحيطة، الناس في السعودية مظلومون سواء كانوا سنّة أو شيعة، في البحرين هناك سنّة مستفيدون هناك شيعة مستفيدون وهناك شيعة وسنّة غير مستفيدين، ومع ذلك هذا الملك وبالإتفاق مع السياسة السعودية وبرضا الولايات المتحدة الأمريكية إنما يؤسس لحالة يكون فيها التغيير ممنوعاً في هذه المنطقة التي لا تخضع لاتفاقية الكونسي التي عقدتها السياسة الأمريكية مع عبد العزيز. النظام في السعودية يخشى على استمراريته ويريد أن يضرب أي محاولة تجري في هذا الخط الثلاثي: العراق، المنطقة الشرقية والبحرين، لأنه يعرف أنه أي تغيير في إحدى هذه المناطق الثلاثة ستؤدي إلى تغيير على مستوى الجزيرة العربية، لاحظ السياسة السعودية كيف تدافع عن نفسها، ليس داخل السعودية إنما بالخروج إلى المناطق الأخرى التي يشكّل انتصارها خطراً على العائلة الملكية وواحدة من هذه المناطق: البحرين.

حديث المنامة: أستاذ فاضل، هناك اتهام موجه للمعارضة يقول أنكم لم تستطيعوا إيصال رسائل تطمينية إلى الجوار الخليجي ومنهم المملكة العربية السعودية وإلى اليوم لم تستطع المعارضة إقناع الجارة الكبيرة السعودية بالخروج من البحرين وبالتالي بقيت القوات السعودية وبقي الحل السياسي مؤجلاً؟

فاضل عباس: هناك أكثر من رسالة تطمينية قامت بها المعارضة تجاه السعودية، أولاً المعارضة لم تصعّد على الأرض تجاه النظام السعودي والقوات السعودية في داخل البحرين، في الجانب الآخر هناك الكثير من الوسطاء الذين قاموا بوساطات بين النظام السعودي والمعارضة البحرينية، المعارضة كانت إيجابية تماماً ولكن للأسف الشديد أن النظام في السعودية كان دائماً يضع الصراع السعودي - الإيراني في المقام الأول ومن ثم لم تُبدي السعودية أي رغبة بأن يكون هناك تغيير جدّي وتغيير كبير كما يتطلّع إليه الشعب داخل البحرين، لذلك أنا أعتقد بأنّ الكرة اليوم في الملعب السعودي وليست في ملعب المعارضة البحرينية، المعارضة لا تمانع في الإتصال بأي طرف يساهم – باستثناء العدو الصهيوني طبعاً – في حل الأزمة داخل البحرين، وأنا أعتقد بأن المعارضة كانت إيجابية طيلة الفترة الماضية تجاه الوسطاء الذين قاموا بهذه الإتصالات بين المعارضة وبين النظام السعودي ولكن لم يكن هناك تجاوب من قبل الطرف الآخر، أعتقد بأن الصراع السعودي – الإيراني في المنطقة الواضح تماماً أصبح يطغى على الكثير من الملفات في المنطقة.

حديث المنامة: دكتور وفيق، يبلغ عدد سكان الدول الخليجية الست قرابة ال 47 مليون نسمة بينهم 23 مليون من الأجانب، لم تشهد دول الخليج احتجاجات على نطاق واسع كتلك التي شهدتها دول الربيع العربي – إذا صحت التسمية – وكان الإستثناء الوحيد فقط هو البحرين وقد تمّ قمعها داخلياً وخارجياً، ألا تعتقد أن حماية دول الخليج دول مجلس التعاون يُعد مسؤولية من مسؤوليات المملكة العربية السعودية؟

وفيق ابراهيم: السعودية آخر اهتماماتها أن تدافع عن أحد، هي تدافع عن نفسها، هناك عائلة لا تريد إلا الحفاظ على امتيازاتها ويُصادف أن المحافظة على هذه الامتيازات لا يتم إلا بأن تخرج السعودية إلى المناطق الأخرى، السعودية في زمن الملك فيصل حاولت الإعتداء على الكويت، السعودية اليوم تحاول الإعتداء على قطر، لديها دائماً هوس بعملية ضم البلدان المجاورة، تعتبر البحرين جزءاً من السعودية، يصادف أن أصحاب الإحتجاجات هم من الشيعة لأنهم الأكثر تهميشاً والأكثر إفقاراً، ليس فقراً إنما إفقاراً يعني هناك تعمّد تاريخي من حوالي 50 – 60 سنة بعملية إفقارهم حتى تحولوا إلى أنهم اليوم على رأس المحتجين في معظم بلاد المشرق العربي، الشيعة لا يريدون نشر المذهب الشيعي إنما يريدون حقوق سياسية وإجتماعية وإقتصادية. السعودية هي البلد الأكبر في هذه المنطقة، كان عليها أن تحاول إيجاد آليات ما للدفاع عن المنطقة وهذا لا يتأتى بعزل إيران وبعزل العراق، نحن ندافع عن الخليج بإقامة مجلس تعاون خليجي فعلي على قاعدة أنه ممنوع على أي بلد أن يتدخل في الشؤون الداخلية للبلد الآخر، تقوم على مسألتين: الأمن والغذاء أنا متأكد أنه إذا طبقنا هذين الشعارين نحمي بعضنا بعضاً ونؤمن لكل الناس ولكل الفئات حقوقها السياسية والإقتصادية والإجتماعية من دون تمييز عنصري، من دون تمييز ديني.

حديث المنامة: أستاذ فاضل، في ظل هذا الوجود السعودي لم يكن لدى المعارضة دليل واضح على تورط قوات درع الجزيرة وفي مقدمتهم السعودية في انتهاكات تخص قمع المواطنين، في حين امتلك النظام وثيقة مهمة جداً، تقرير بسيوني قال بأن درع الجزيرة والقوات السعودية لم تتورط، ما المستجد في الأمر؟

فاضل عباس: هذا الكلام دليل للمعارضة وليس ضد المعارضة، سأقول لك كيف، القوات التي أتت وهدمت المساجد وقتلت المحتجين واستخدمت الغازات الخانقة هي قوات بلباس عسكري بحريني لكن ما هي جنسية هذه القوات؟ من يقف وراءها غير معروف خصوصاً أنت في بلد كالبحرين، المعلومات فيه غائبة تماماً والسلطة لا تبيح شيء، ولكن الحادثة الأخيرة أعتقد هي من فضحت الأمر، قبل أن أتكلم عن هذه الحادثة، أريد أن ألفت إلى أن عدم سقوط أي جريح أو قتيل من قوات الأمن يثبت أن هذه الاحتجاجات طيلة هذه السنوات كانت سلمية بالمطلق، لذلك القوات كانت تأتي بلباس بحريني حتى الضابط الإماراتي الذي سقط في حادثة الديه كان يلبس لباساً عسكرياً بحرينياً، ومن ثم لو لم يُقتل لما عرف أحد أنه إماراتي. في الجانب الآخر لو لم تُفصح الإمارات أن هذا الضابط إماراتي لما قالت وزارة الداخلية أنّه إماراتي.

حديث المنامة: أستاذ فاضل، هناك اعتراف رسمي بتدخل قوات خليجية في قمع المحتجين وقد استفادت منه المعارضة ولكن الداخلية الإماراتية أكدت بأن الضابط طارق الشحي كان يعمل ضمن قوة أمواج الخليج المنبعثة عن اتفاقية التعاون الخليجية الخيرة؟

فاضل عباس: غير مهمة العناوين، المهم أن هناك قوات أجنبية لقمع التظاهرات في البحرين وهذا يفضح أكاذيب النظام طيلة الفترة الماضية، أنا أعتقد أن الإتفاقية الأمنية وتدخل هذه القوات هو مخالف للدستور وحادثة غريبة في التاريخ العربي والإسلامي، أنا أعتقد أن النظام في البحرين قام بعمل جبار سيذكره التاريخ عندما استعان بقواتٍ أجنبية لقمع التظاهرات، نحن سمعنا بشعوب تستعين بدول ولكن لم نرى بأن أنظمة تستعين بقوات أجنبية لكي تحافظ على بقائها.

حديث المنامة: د.وفيق هناك مجموعة من التغيرات الآن في منطقة الإقليم العربي هل تعتقد بأن السعودية تنتظر قراراً إقليمياً بعد ذلك يمكن أن تُخرج هذه القوات وفق ما يسمى بالتغيير في الملقات الإقليمية بما فيها الملف البحريني؟

وفيق ابراهيم: أنا أعتقد أن البحرين أكثر أهمية للسعودية من أي بلد آخر في الإقليم، ومن الممكن أن تساوم على أي موضوع باستثناء البحرين ومصر وهي تخشى على نفسها من البحرين أكثر من الحركات التي تحصل في سوريا، السعودية اليوم أدانت جبهة النصرة وداعش وقد تدين بعد فترة الجبهة الإسلامية وهم كلهم صنيعتها وقد باعتهم مقابل إحداث تغيير ما، لذلك موضوع البحرين علينا فصله، عندما تستقر الأوضاع في اليمن والعراق سيتحسن وضع المعارضة البحرينية.

حديث المنامة: أستاذ فاضل، ألا تعتقدون أن بقاء هذه القوات إلى الآن سيكون له انعكاسات على ما تطالبون به كجمعيات معارضة من حوار والوصول إلى حل سياسي يُخرج البحرين من أزمتها؟

فاضل عباس: بالتأكيد، نحن نعتقد أن النظام في السعودية إذا أراد أن يقوم بدور إيجابي في البحرين يجب أن تكون هذه القوات خارج حدود البحرين وموجودة في قواعدها في المملكة العربية السعودية، النظام في البحرين استفاد من هذا الوجود العسكري في الجانب الطائفي في الغلبة المذهبية والغلبة السياسية التي يحاول النظام أن يُوحي بها وهذا يمثّل رسالة سعودية على المستوى الإقليمي بأن السعودية لا تقبل التغيير في داخل البحرين وهذا دور سلبي حقيقةً، لذلك لا يمكن أن يتغيّر هذا الدور بخصوص خروج هذه القوات وعودتها إلى السعودية ومن ثم يجب على السعودية أن تلعب دور الوسيط بين المعارضة وبين الحكم في البحرين إذا كانت ترغب بالحفاظ على الإستقرار في منطقة الخليج، لا أن تكون قوة عسكرية تطمح لغلبة مذهبية أو سياسية.

حديث المنامة: د.وفيق، هل الأنظمة في الخليج باتت تستخدم لغة المدرعات والأسلحة بدلاً عن لغة الحل السياسي؟

وفيق ابراهيم: أنا أعتقد أن كل بلدان الخليج دون استثناء ليس لديها إلا المدرعات كيف يمكن أن نطلب من السعودية أن تقبل بطرح سياسي متقدم في البحرين وهي دولة من القرون الوسطى، أنطلب منها أن تغيّر لباساً في بلدٍ أخرى وهي لا تملكه عندها؟ السعودية دولة شديدة التخلف، دولة ديكتاتورية على كل المستويات، قد تقبل معك بتغيير أشخاص لكنها لا تقبل بتغيير بنية النظام البحريني الموالي لها والمؤيد بشكل دائم.. الموضوع في المنطقة مرتبط بالتغييرات التي تجري في أكثر من بلد.

حديث المنامة: د. وفيق، الشعوب لا تملك سلاحاً ومع ذلك استخدم السلاح ضده.

وفيق ابراهيم: طبعاً لأنهم كشفوا زيف هذه الأنطمة التي لا تملك إلا السلاح والنفط، النفط تسرقه والسلاح تقتل به، هذه هي المعادلة في كل الخليج، والذي يرعى هذه المعادلة بكل أسف هي الولايات المتحدة الأمريكية واليوم الإتحاد الأوروبي، السعودية في أزمة، هذا النظام موجود في زمن غير زمنه، إن أي تغيير في السعودية من شأنه أن يحسّن كل صورة العالم العربي.

حديث المنامة: أستاذ فاضل، أنتم أعنتم القوات السعودية وأعنتم من كان يصيغ القرار السياسي على ذلك، لديكم ميل كبير لقوة موجودة في منطقة الخليج هي إيران؟

فاضل عباس: عندما أجرى السيد بسيوني تحقيقه وبحث في الأمور المالية والسياسية، هو بنفسه قال لا يوجد أي تدخل إيراني في البحرين، هل مطلب دستور عقلي وبرلمان كامل الصلاحيات منتخب ودوائر عادلة له علاقة بإيران؟ أو له علاقة بمذهب معين؟ هناك تضليل إعلامي ونعتقد أنه كل من يريد أن يحافظ على ديكتاتورية مطلقة في البحرين يساهم في بث مثل هذه الأكاذيب، الولايات المتحدة الأمريكية تقر بهذا الكلام أمام المعارضة عندما تلتقي بها وتقول بأن إيران لا تتدخل بالبحرين، لذلك على النظام أن يتوقف عن هذا الكلام الذي أصبح استهلاكاً قديماً.

حديث المنامة: د. وفيق، الحل في البحرين اليوم هل هو في المنامة أم في الرياض؟

وفيق ابراهيم: دائماً الحلول على مستوى أي أزمة تحدث في العالم إنما هي انعكاس لموازين القوى في الداخل وعلى المستوى الدول، هناك قوى إقليمية كبرى في المنطقة على رأسها إيران والسعودية، إيران مشغولة بالملف النووي الإيراني وهي بلد خليجي بامتياز ولديها علاقات واسعة، هذا الدور سينعكس وستظهر آثاره بعد انتهاء الملف النووي الإيراني عندها ستلاحظ أن هناك حركة دولية إقليمية ستنشط باتجاه إيجاد حلول لمعظم أزمات المنطقة وعلى رأسها البحرين. أنا أعتقد أن مصير الكثير من بلدان المنطقة هو رهن الحركات الداخلية والمفاوضات الأمريكية مع الطرفين الإقليميين الأكبر هما الطرف الإيراني والطرف السعودي، السعودية ستقاتل حتى آخر لحظة من أجل الإبقاء على هذا الملك المعجزة الذي لا يفعل سوى استعداء البحرينيين واستعداء كل الشعوب العربية.

حديث المنامة: أستاذ فاضل، هل لديك تعليق على ما تفضل به الدكتور وفيق؟

فاضل عباس: أنا أعتقد أن الحل لا في المنامة ولا في الرياض، الحل في واشنطن، والشعب البحريني هو من سيفرض الحل، ولكن على الصعيد السياسي الحل في واشنطن والباقي ادوات وتفاصيل. الولايات المتحدة الأمريكية ناقشت مع إيران قبل مفاوضات ال 1+6 وأبلغتها أنها قادرة على فرض حل في البحرين لكنها تريد مقابل في سوريا، هذا الأمر تعثّر بالتأكيد، فالمقابل كبير، هذا يُثبت أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تدعم النظام وهي من ترفض بشكل مبطن أن يكون الإصلاح كبيراً في البحرين. في الجانب الآخر أيضاً يُثبت هذا الأمر أن أدوات النظام البحريني هي في الأساس بيد الولايات المتحدة الأمريكية وأن الرياض هي أداة من الأدوات الأمريكية للسيطرة على بعض المناطق في الشرق الأوسط.

حديث المنامة: د.وفيق، البعض من القوات الموجودة في البحرين خرجت كالقوات الكويتية والعمانية والموجود الآن هم السعوديون لماذا؟

وفيق ابراهيم: هذا أمر طبيعي، السعودية هي الأكبر ولها المصلحة الأكبر في البقاء، السعودية بلد مأزوم حالياً لذلك لن يتساهل، هذا البلد أزمته كبيرة والتغيير يجتاح كل العالم العربي وفي طليعته هذه الأنظمة المحمية بالقواعد الأمريكية.

حديث المنامة: ألا يكون ذلك مُحرجاً للحكم السعودي؟

وفيق ابراهيم: كلا، هذه عائلة لديها قوة إقتصادية هائلة، تستطيع أن تتدخّل أن تحرّض، حاولت أن ترشى روسيا كي تسحب منه موقفاً سياسياً، ماذا تنتظر من بلد لم يستطع أن يدافع عن الحرم المكي في سبعينيات القرن الماضي عندما هاجمه جهيمان ومعه مئة مقاتل، هذه دولة؟

حديث المنامة: أستاذ فاضل، كتبتم في وثيقة المنامة أنكم تهتمون بالعمق الخليجي، ألا تعتقد أن هذا الوجود العسكري السعودي يؤزم علاقتكم كجمعيات سياسية يمكن أن تدخل في المرحلة القادمة في بناء الدولة البحرينية سياسياً مع الدول الست؟

فاضل عباس: بالتأكيد، ولكن فيما يتعلق بوثيقة المنامة هي تؤكد على العمق الخليجي والعمق العربي في ذات الوقت، وهذا محاولة من قبل المعارضة لإثبات أنها لا تسعى لتغييرات تضر بالوحدة الخليجية أو العربية ولكن يجب أن تُبنى هذه الوحدة على اسس سليمة.

حديث المنامة: المعلومات تقول أنه تم اختيار البحرين لأن تكون مقرّاً لدرع الجزيرة في المرحلة القادمة.

فاضل عباس: النظام البحريني سبق أن صرّح منذ دخول قوات درع الجزيرة بأنه يسعى لأن يكون لها قواعد دائمة داخل البحرين، وهذه رسالة للمعارضة البحرينية ولشعب البحرين بأنّ مطالبكم غير مقبولة ولن تُنفّذ.

حديث المنامة: د.وفيق، النظام السعودي حاول أن يستفيد من هذه القوات في البحرين وذهب إلى مشروع جديد أسماه الإتحاد الخليجي؟

د. وفيق ابراهيم: الإتحاد الخليجي لن يمر لأنه مشروع يتعارض مع مصالح الكويت وعمان وحتى دولة الإمارات وقطر وحتى دولة الإمارات وقطر، لذلك مع من ستتّحد السعودية، هؤلاء لن يتفاعلون مع بعضهم البعض إلا بالحرب.

حديث المنامة: أستاذ فاضل، هناك ناشطون من داخل السعودية لا يقرون هذا التواجد السعودي في البحرين ويقولون بأنّه تواجد شكّل تعقيداً للأزمة السياسية في البحرين، لماذا لا تتواصلون مع هؤلاء الناشطين قد يكونوا فاتحة لعلاقات داخل السعودية وبعد ذلك يمكن أن تنسحب هذه القوات؟

فاضل عباس: هناك جانبا، الجانب الأول أن المعارضة في البحرين تتواصل مع كل الفعاليات في السعودية، في قطر وبعض الأنظمة الخليجية التي كانت تحاول أن يكون لها مسعى إيجابي لحل الأزمة في البحرين، لكن للأسف الشديد كما تعلمون النظام السعودي لا يستجب لأحد وليس هناك حرية رأي في السعودية ولا حرية صحافة ولا حرية إعلام، هناك رأي واحد هو رأي النظام.

حديث المنامة: د.وفيق، وصّفت الوجود السعودي بأنه احتلال، أليس من حق البحرينين أن يستخدموا الإجراءات القانونية الدولية؟

وفيق ابراهيم: بإمكان الجمعيات الأهلية والمدنية أن تتقدّم بنوع من الدعاوى لكل المؤسسات المدنية في العالم في محاولة لإدانة هذا الإحتلال.

حديث المنامة: د.وفيق، كلمة أخيرة؟

وفيق ابراهيم: إن سيناريو إعداد الفتنة بين السنّة والشيعة يتطلب هدم المساجد والحسينيات، إنها جزء من الفبركة الأمريكية-السعودية لإيقاع هذه الفتنة. هناك تحريض مذهبي مقصود لتحويل الصراعات من صراعات إجتماعية سياسية إلى معارك طائفية. ثورة البحرين ستنتصر أنها ثورة صبورة وشجاعة ومستمرة.

فاضل عباس: أنا أقول أن السعوديون مرحب بهم في البحرين لكن كعسكريين ليس مرحب بهم في البحرين، وجودهم الآن هو بعكس رغبة شعب البحرين، حفاظاً على العلاقات الأخوية بين الشعب البحريني والشعب في السعودية، أعتقد أنه من المصلحة العامة والعربية والإسلامية أن تكون هذه القوات خارج البحرين وأن تغيّر السعودية من سياستها لتكون لاعب إيجابي وليس لاعب سلمي.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus