أنطون خوري لـ «حديث المنامة»: ثورة البحرين لقنت العالم درسا... ورفض لروايات النظام بشأن التفجيرات

2014-03-14 - 5:01 ص

مرآة البحرين (خاص): قال أستاذ في العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية - أنطون الخوري إن ثورة البحرين لقّنت كافة دول العالم دروساً جديدة في الديمقراطية لا يمكن أن يحتملها شعب غيرهم أو قبلهم إلا الشعب الهندي مع المهاتما غاندي.

وأضاف في برنامج حديث المنامة الذي تبثه قناة اللؤلؤة "أنا على يقين بأنّ هذه السلميّة وهذه الديمقراطية الاستثنائية المعتمدة ستقطف ثمارها حتماً أولاً وستؤدي خدمة للعالم على صعيد أنموذجية معينة في الاحتجاج والتعبير الديمقراطي وسوف تصحّح لنا مساراً حُرف عن مساره الأصلي وهو مسار الربيع العربي".

واستبعد الخوري، في البرنامج الذي يقدمه يوسف ربيع، أن ينجح النظام في جر البحرينيين لمستنقع التفجيرات والعنف، قائلا "الوضع في البحرين يختلف كليّاً وهذا الأمر أجزم بأنّه أصبح وراء الشعب البحريني"، وأضاف "هناك احتمال واحد أمام النظام وخيار واحد لا آخر له وهو أن يتجاوب مع مطالب شعبه وإلا سيسقط".

من جانبه شكك النائب المستقيل عن كتلة الوفاق في الرواية التي ساقتها السلطة بشأن الحوادث الأمنية الأخيرة وقال "عوّدنا النظام ومنذ عقود بأنّ طريقة تعاطيه مع القضايا الأمنية تكون بنتائج سريعة جدّاً ودائماً تأتي تحت الإكراه والتعذيب وسوء المعاملة لخصومه".

وأضاف "أنا لا استطيع أن أقبل رواية من روايات الأمن في البحريني لأنه لا يملك القدرة على البحث عن ما وراء الحدث، هو يملك القدرة على أن ياتي ليقول أمسكنا بالجناة وهذا ما درجت عليه الأجهزة الأمنية".

أما أمين عام التجمع الوحدوي فاضل عباس فدعا النظام للقبول بتحقيق دولي في تفجير الديه، متابعا "وليقبل بعودة بسيوني ولو لفترة قصيرة مع فريق عمله ليحقق في هذا الأمر كي نصل إلى نتائج في هذا الشأن.

وشدد على أن روايات وزارة الداخلية غير مقبولة لدى المعارضة على الإطلاق ما لم يكن هناك تحقيق، مؤكدا أن العنف الذي يتحدث عنه النظام في البحرين جزء كبير منه غير معروف من يقوم به.

هادي الموسوي

هادي الموسوي

حديث المنامة: سيد هادي، الثورة البحرينية، هكذا تُوصّف بين الثورات العربية، أو ما سمّي بالربيع العربي، على أنها سلمية، الأدق هل السلمية تكتيك مستمر أم قابل للتغيّر؟

السيد هادي الموسوي: حركة 14 فبراير، التي بدأت في 2011 حركة شعبية واضحة جدًا، أوصلت رسالتها بكل وضوح، أحرجت السلطة في شهرها الأول. من بدأ بالعنف هي السلطة منذ اليوم الأول، من يوم 14 فبراير، وسقوط الشهيد علي مشيمع، إلى 15 مارس، بعد شهر تقريبًا، بعد يوم من دخول القوات السعودية إلى البحرين، وعملت قتلًا وفتكًا، وعرفتم ماذا حصل في فترة الأحكام العرفية، لمدة شهرين ونصف تقريبًا. فمن أعمل آلة القتل والعنف والاستهداف هي السلطة، في فترة الشهر، كانت هناك مشاهد رائعة جدًا كان رجال الشرطة؛ يتركون سياراتهم أحيانًا في بعض النقاط، يأخذها الشباب، يضعها على (السّطحة)، ينقلها إلى مركز الشرطة، وموضوع عليها علم ووردة، فكانت هذه كأيقونة هذه علامة رمزية سلمية هذه الحركة.. السلمية استراتيجية ولن يتم التنازل عنها إطلاقًا، لأنها في واقع الأمر شُخّصت من قبل المعارضة بأنّ نقطة ضعف السلطة هو أن تكون مسالمًا حتى لا يستطيع أن يبرّر عنفه.

يوسف ربيع: د. أنطون، من خلال متابعتك للثورة في البحرين والحراك الشعبي، الذي كان في 14 فبراير 2011 في دوار اللؤلؤة، وُصف بين الثورات بالسلمية، هل نقول بأنّ هذه الصفة كانت إيجابية؟ وإذا أرجعناها إلى الثورات المختلفة في الوطن العربي، لا سيما في الربيع العربي، هل هي عُدّت إيجابية أو هو راجع إلى أنّ هناك ضعف في تكوين الشعب البحريني؟

د. أنطون الخوري: اليوم في عصرنا الحاضر أصبح الحدث السياسي في أي بقعة من بقاع الأرض هو بمتناول اهتمام كافة مكونات الرأي العام العالمي في كل دول العالم، ونحن أيضًا في عصرٍ تتقدّم فيه القيم الديمقراطية على أي قيمة أخرى، وفي البحرين تحديدًا، هذا الأنموذج الرائع من العمل في مكانٍ لم يكن المتوقع منه أن يكون ذا ثقافة ديمقراطية، ولا سيما أنّ المحيط الذي يحيط به؛ محيط الحجاز والخليج ككل، هو لا يُنتج مكونات فكرية وثقافية تضخ بهذا الإتجاه التربوي الذي تربت عليه هذه الأجيال، وعبّرت بتضحيتها بمجرد أن تجرأت على المواجهة سلميًّا بالصدور العارية، بالأعلام وبالصور، وبالتالي لقّنت ثورة البحرين كافة دول العالم، العريقة في الديمقراطية منها وغير العريقة منها، دروسًا جديدة في الديمقراطية لا يمكن أن يحتملها شعب غيرهم أو قبلهم، إلا الشعب الهندي مع المهاتما غاندي. هؤلاء الناس يؤمنون بحقهم، يؤمنون بانتمائهم، يفخرون بوطنهم، يطالبون بحقوق مشروعة معترف لهم بها في كل الشرعات التي نُشرت من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لمنظمة حقوق الإنسان العربية، للاتحاد الأوروبي، لكل المكونات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية الدولية التي تُعنى بهذا الشأن، وضعت وقلّدت كمية من الأوسمة الرائعة لهذه المعارضة لمدى سلميتها في مواجهة نظام جائر يقمعها بالقوة، يفتري عليها بالاتهامات الباطلة، يختلق لها الملفات القضائية المفبركة والمحاكمات التعسفية وما إلى ذلك، وبالتالي هي مستمرة ولم تُستدرج إلى العنف وإلا لكان حدث في البحرين ما نشهده في سوريا يوميًا.

حديث المنامة: سيد هادي هنا أود أن أركز هل هناك قرار داخلي في الاستمرار بهذا المنهج السلمي وأقصد هنا الحراك بكل أطيافه، الجمعيات السياسية وغير السياسية؟

السيد هادي الموسوي: السلطة تختنق تمامًا بكل حركةٍ سلمية، لأنها تجد آلاف المواطنين يخرجون، ويشاهدهم كل العالم، وتحاول السلطة أن تقتبس لقطةً هنا أو هناك بعد المسيرة التي يحضرها الآلاف لتُخرج بيانًا وتقول أنّ المسيرة قد انتهت بمخالفات، وكأنها تعبّر عن ذلك الوجع. الأجهزة الأمنية والعسكرية في البحرين، وهي ما ينطلق من ذات الدولة وذات المؤسسة التنفيذية هي ليست على ذات المنوال، هناك ما يعني أنّ هذه حركة مجتمعية، نحن بكل صراحة نتحدث علنًا، ونخرج بشخوصنا، ونعبّر عن كل خطاباتنا، وأصدرنا وثيقة اللاعنف، حينما أصدرناها، لأننا نعيش حالة المسؤولية تجاه الوطن، وتجاه المواطن، وتجاه سمعة حركتنا، حتى وزير الخارجية حينما سُئِل بعد شهور قال: "سمعنا عنها" وكأنّها أمرٌ لا يعنيه، في حين أنه في كل يوم هم يدّعون بأن المواطنين يسجنون ويلاحقون ويستخدمون آلة الإعلام بعنوان العنف، في حين حينما نأتي بوثيقة وندشّنها وندعو لها ويعرفها كل العالم، أرسلناها لكل أصدقاء السلطة، هو يقول سمعنا عنها، ما يعني أنهم يستثمرون أي حدث. نحن كمعارضة ليس لدينا أجهزة أمنية، ليس لدينا أجهزة تعقّب، ليس لدينا أجهزة مخابرات، نحن مواطنون نطالب بحقوقنا، هذه مسؤولية الدولة ومسؤولية الدولة يجب أن تقف عند حد ملاحقة الأعمال التي تعتبرها مخالفة للقانون بمعايير التمييز، أن تُميّز أين يقع الخلل وأيضًا الاحتياط في طريقة الرد لا أن تستخدم العنف المضاد والعنف المفرط.

حديث المنامة: د. أنطون هنا أود أن ذهب إلى أمر مهم جدًا، هذه السلمية التي يستخدمها البحرينيون قبالة نظام سياسي متمترس بآلة عسكرية، يمتلك جيش، ويمتلك وزارة داخلية، وعنده أعتاد من الرجال، وهناك الحرس الوطني، واستعان أيضًا بالوجود السعودي، هل تعتقد بأن بهذه الموازنة الشعب البحريني قادر على أن يُحدث تغييرًا في المرحلة القادمة؟

د. أنطون الخوري: منذ بداية التحرك، أو ما يسمى بالحراك البحريني، كانت هناك أهداف واضحة ومطالب معلنة، هذه المطالب متفق عليها بين كافة المحتجين والمعارضين، وكانت هذه المطالب برسم التفاوض مع السلطة للتوصل إلى حل، أذكر أن هذه الاحتجاجات أو هذا الحراك بدأ بالقرب من المرفأ، الذي اشتراه رئيس الوزراء بدينارٍ واحد، وأذكر أيضًا أنه منذ اللحظة الأولى لتحركهم كان سقف المطالب واضحًا؛ بأنّ ما استمر طيلة فتراتٍ طويلة لن نسمح باستمراره، وهنا أريد أن أنوّه بشيء وأن ألتفت إليه، أنّ الحراك البحريني لم يبدأ البارحة، هو بدأ منذ زمنٍ وبأشكالٍ، مختلفة وبمراحل متنوعة ومتأقلمة مع كافة الظروف، إلى أن بدأت موجة الحرية تعمّ هذه المنطقة وكان الشعب البحريني طليعيًّا في ريادتها، وأعتقد أنّ الانتصار حتمي، ليس هناك من شعب مقهور لم ينتصر حتمًا في هذا التاريخ حتى الشعب الفلسطيني سينتصر يومًا ما.

أنا على يقين بأنّ هذه السلميّة في البحرين، هذه الحضارة الرائعة، هذه الديمقراطية الاستثنائية المعتمدة، ستقطف ثمارها حتمًا أولًا، وستؤدي خدمة للعالم على صعيد أنموذجية معينة في الاحتجاج والتعبير الديمقراطي، وسوف تصحّح لنا مسارًا حُرف عن مساره الأصلي، وهو مسار الربيع العربي.

حديث المنامة: سيد هادي هذه السلمية لم يترككم النظام هكذا وإنما خلق لكم تحديات كثيرة وما سميتموه بالفبركات هل منتبهون أنتم لهذه الأمور؟

السيد هادي الموسوي: نحن نتعامل مع نظام تلقى صفعات، ليس فقط من شعبه، وإنما من اللجنة التي جاء بها إلى البحرين وخرجت بتقرير، وهو أكبر تقرير في العصر الأخير، وهو تقرير دقيق جدًّا، وفيه إدانات، وأقرّ به الملك في الجلسة التي كان موجود فيها الجميع، بينما النظام يحاول أن يواجه هذا بعد أن صدرت 176 توصية من جنيف، وصدرت هذه التوصيات ليس من أنظمة معادية للبحرين، صدرت من حقوقيين متواجدين في مواقع يهتمون بالشأن الإنساني، أصدروا هذه التوصيات بناءً على الواقع المعاش في البحرين، كل هؤلاء يفبركون؟ أنا أقول هل فبرك المجتمع رأس أحمد فرحان، بتاريخ 15 مارس، الذي فُتِح ورآه العالم، وبدأت تستخدمه بعض الثورات كصورة حدثت هناك؟ وبالمناسبة أحمد فرحان لم تؤخذ قضيته حتى اليوم إلى المحكمة، رأس الحاج عيسى عبد الحسن هذه فبركة؟ 38 مسجد تمّ هدمه هذه فبركة؟ ما قبل آخر شهيد، الشهيد فاضل عباس مسلم، الذي أطلقت عليه رصاصة من مسدس ومُطلق الرصاص لم يُستدعى، هل هي فبركة؟ لا يمكن أن يستطيع شعب البحرين أن يفبرك الحوادث، وأنا أتكلم عن الجانب الحقوقي، وجانب الانتهاكات، أما جانب السياسة فحدّث ولا حرج.

نحن نعتبر أنّ عملنا السلمي سمٌّ قاتل، ولهذا السلطة تحاول أن تتحاشاه، تحاول أن تعزله عن الواقع حتى لا يصيبها، السلميّة هي التي تقطع وتكسر فوهة الرشاش.. ما يتعلق بالتفجيرات هنا أو هناك، هذه تحتاج إلى لجنة تقصّي حقائق قادرة على أن تعطي رأيًا حقيقيًّا، لأنّ لجنة تقصي الحقائق حينما جاءت كشفت الكثير من الأكاذيب التي ساقتها الأجهزة الأمنية في تحقيقها مثل قطع اللسان، الأسلحة لدى الأطباء، مثل التهم التي وُجّهت إلى القادة الرموز الموجودة الآن في السجن. 

أنطون الخوري

أنطون الخوري

حديث المنامة: د. أنطون ألا تعتقد بأنه يمكن أن تُضرب السلمية بالطائفية؟

د. أنطون الخوري: إذا كان هناك من إنتاج طائفي بمصنع يُثقل هذه الطائفية فهو مصنع النظام بامتياز، التعاطي مع هذه الجماعات بسبب انتمائها الطائفي هو بذاته جريمة ضد الإنسانية، لكن الموضوع ليس مسألة صراع طائفي، هناك حقوق مشروعة معترف بها بكافة دول العالم التي تتمتع بالحد الأدنى من الديمقراطية، غير مؤمّنة لهذا الشيعي البحريني، ينطبق أيضًا على السنّي البحريني المحروم من حقوقه، والذي هو متضامن مع إخوانه الشيعة، وبالتالي هذه الثورة هي ثورة وطنية وليست ثورة طائفية أو مذهبية شيعية في مواجهة أهل السنة. عندما نشاهد دائمًا رد فعل النظام، الذي أحيانًا قليلة يعلن أنه سيفاوض، ثم يتخذ كميّة هائلة من التدابير التعسفيّة بحق الناشطين والقياديين، ثم نعود عود على بدء، يعني عندما دخلت درع الجزيرة، وتمّ في اليوم التالي محاولة اجتزاز دوار اللؤلؤة من أصوله لأنّ الرمزية ممنوعة، هل يمكننا أن نتخيّل أنّه في الخليج العربي هناك رأي ورأي آخر؟ هناك ديمقراطية مقبولة؟ هناك اختلاف طبيعي؟ يتعاملون مع الناس وكأن المجتمع حاشية عند أهل البلاط.

حديث المنامة: سيد هادي أود أن أعود إلى أمر مهم جدًا، اليوم هذه السلمية التي تودون أن تقولوا لهذا النظام بأنكم قادرين على الاستمرار، ألا تعتقد بأنّ هذه السلميّة قد كلفتكم أثمانًا باهظة؟

السيد هادي الموسوي: إذا سمحت لي سأسألك سؤال: هل على السلطة أن تستمر 5 سنوات أو 10 سنوات حتى تقتنع بأنّ لهذا الشعب أن ينتخب حكومته؟ هل على السلطة أن تنتظر عقدًا من الزمن حتى تعطي لكل مواطن صوتًا متساويًا مع الآخر؟ هل على السلطة أن تتعاطى مع الشعب بهذا التمييز البغيض الكريه الساقط بين المواطنين بناءً على انتمائهم المذهبي؟ أنا لأقول هنا حتى لا أتحدث عن حدثٍ يومي على الشارع وفي الميدان، في حين أن هناك حدث يومي موازٍ، وهو إحجام السلطة عن القيام بواجبها تجاه المبادئ والمحددات والعهود الدولية والقيمة الأخلاقية بين الحاكم والمحكوم.

حديث المنامة: سيد هادي هل هذه المسيرات وهذه الاعتصامات يمكن أن تأتي بما تطالبون به من دوائر عادلة ومن حكومة منتخبة ومن قضاء على التمييز والتجنيس؟

السيد هادي الموسوي: لو لم تكن هذه المسيرات السلمية، التي تخرج على مد البصر، لو لم تكن من قناعة المواطن، الذي تقبع فيه حالة التمسك بهذه السلمية، ورؤياه رؤيا العين بأنه سيصل إلى نقطة محددة معينة بهذا الاستمرار، لانفضّ الناس، ولقالوا شبِعنا سلمية، ولذهبوا إلى خلاف هذا الخيار. السلمية استراتيجية متفق عليها الجميع، إذا كانت السلطة مستمرة في عملية القتل لماذا لا تستمر في عملية الاستماع إلى مطالب هذا الشعب المعبّر عنها من خلال معارضة رسميّة وواضحة، وقد تكون هذه المعارضة ليست كل أنواع الشعب، ولكن أقول تملك السلطة أن تعطي الحق لهذا الشعب أن يأخذ خيار المعارضة ويأخذ خيارًا آخر.

حديث المنامة: د. أنطون البعض يقول بأن البحرينيين استمروا الآن ثلاث سنوات ولم يحققوا إنجازًا في ثورتهم ويُرجعون ذلك إلى أنّهم سلميّون، تأخرت ثورتهم على أن تكون منجزة لأنهم التزموا المنهج السلمي؟

د. أنطون الخوري: لولا سلمية هذه الثورة لما استمرّت، لولا سلمية هذه الثورة لما بانت عورات النظام أكثر فأكثر، لما عُرِيَ أمام شعبه وأمام الرأي العام العربي والدولي، لولا سلمية هذه المسيرة لكنّا اليوم نشهد مزيد من الانغماس في الظلامية أكثر فأكثر، في هذه المنطقة المشعّة وسط عالم مظلم هو العالم العربي. هذه السلميّة ستأتي أجيال ستعرف أنّ الأثمان التي دُفِعت لكي يصبح هذا المواطن البحريني مواطن متساوي الحقوق في وطنه سوف ترفع رأسها عاليًا عاليًا بأجدادها المؤسسين وممارسي هذه الثورة.

حديث المنامة: د. أنطون هل تعتقد بأنّ هذا النظام قادر على استدراج البحرينيين إلى مستنقع خطير جدًّا وهي التفجيرات، وبالتالي يمكن، كما عبّر أحد السياسيين، أن تكون فاتحة لدخول القاعدة؟

د. أنطون الخوري: لا، الوضع في البحرين يختلف كليًّا، وهذا الأمر أجزم بأنّه أصبح وراء الشعب البحريني، هناك احتمال واحد أمام النظام وخيار واحد لا آخر له وهو أن يتجاوب مع مطالب شعبه، وإلا سيسقط، فلينقذ نفسه من خلال التجاوب مع مطالب شعبه، يومًا ما سينتهي هذا النظام فليبدأ بنهاية مشرِّفة.

حديث المنامة: سيد هادي أود أن تضيء على موقفكم من التحديات التي يصنعها النظام لكم في مسألة استدراجكم إلى العنف؟ والبعض يقول بأنّه نجح في ذلك.

السيد هادي الموسوي: البحرين على صفيحٍ ساخن، مرشّح للانفجار، ومرشّح أيضًا للتبريد، من يملك هذا؟ المعارضة بكل صراحة تتحدث عن ضرورة إنهاء هذا الواقع بضرورة التركيز على طبيعة المشكلة. السلطة تتعامل مع هذا الواقع بزيادة وإعمال أداة العنف، نحن لدينا إحصائيات مخجلة ومروعة عن مسألة الانتهاكات التي تحصل للمواطنين. تخيل أن رئيس الأمن العام يُصدر أنه لا يوجد منظمة تتحدث عن التعذيب، بينما تقرير لجنة تقصي الحقائق حصد 58 حالة، وأجرى فحصًا على 300 حالة، من أصل 600 حالة. أنا أتكلم عن نظام يملك أداةً قضائية، وأداةً أمنية، وأداةً مخابراتية، وأداة تعقب، وأجهزة إعلامية، ومؤسسات حقوقية رسمية، وأيضًا مؤسسات متابعة للجرائم، هل وجدنا قضية واحدة تتعلق بضحايا شعب البحرين من آلة النظام تمّ تجريم أحد من أعضاء ومنتسبي أمن؟ لا يوجد.. كيف أثق بنظام يفرّق بين المواطن الذي يعارضه ويرفض سياسته، وفي ذات الوقت وفي ذات القضية وذات الحدث ويتباكى، أو لنقُل يُخرج طبيعة غضبه، عن حالة مساوية تمامًا، هذا يُفقد المصداقية. أنا لا أقول أنّ النظام يجب أن لا يغضب إذا حدث حدث لشرطي ولكن الشرطي يختلف عن المواطن؟ لا يختلف إطلاقًا.

حديث المنامة: أستاذ فاضل هناك تقرير صدر من منظمة، كشف عن وقوف الحكومة البحرينية وراء تشغيل مجموعة من الحسابات المتطرفة، سواء على تويتر أو على شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى، تحثّ المتظاهرين على العنف، وتتبنى تفجيرات، وأشارت هذه المنظمة إلى سرايا المقاومة، ألا تعتقد بأنّ مثل هذا الأمر ممكن أن يستدرجكم إلى العنف، وهناك انفجارات حدثت في البحرين وهناك قتلى من رجال الأمن؟

فاضل عباس: ما نود أن نؤكد عليه أنّ موقف المعارضة من العنف موقف حاسم تمامًا، ما ذكرته الآن الجانب المهم، وهي شبكات التواصل الاجتماعي، بالفعل هناك حسابات لا يمكن أن نقول إلا أنّها حسابات مشبوهة تمارس هدفين: تمارس محاولة جرّ الشارع باتجاه العنف، وتمارس السباب والشتائم ضد قيادات المعارضة، ومحاولة التسقيط بأيّ طريقةٍ كانت، ومحاولة التشكيك في جوانب أخرى أيضًا، في الجانب الآخر كل الحوادث التي حصلت في البحرين، التفجيرات التي حصلت، المعارضة كان لها موقف واضح تمامًا وثابت، حتى في التفجير الأخير الذي حصل في منطقة الديه.

حديث المنامة: لن أدخل الآن في مسألة التفجيرات ولكن أنتم في الجمعيات السياسية كنتم، وهذا ما يقوله البعض، يصنفكم أنكم ردة فعل للنظام، النظام يصطنع الحدث وأنتم ردة فعل، أصدرتم وثيقة اللا عنف، سارعتم إلى إصدار بيانات تنديد واستنكار، وأدنتم كثير من مظاهر العنف، وكنتم بما وصفكم القائل بأنكم ردة فعل؟

فاضل عباس: غير صحيح هذا الكلام، الجمعيات السياسية أدانت العنف لكن لم تُدن أحد من أطراف المعارضة، العنف الذي يتحدث عنه النظام في البحرين جزء كبير منه غير معروف من يقوم به، بالتأكيد هو مطلوب، والمعارضة طالبت به، وفي أكثر من موقع، أن يكون هناك تحقيق مستقل ومحايد في هذا الجانب لمعرفة الحقيقة، بينما النظام يتجاهل هذا الأمر تمامًا ولا يستمع إلا لرواية وزارة الداخلية وهذه رواية غير موثوق فيها.

السيد هادي الموسوي: عوّدنا النظام ومنذ عقود بأنّ طريقة التعاطي مع القضايا الأمنية، وغير الأمنية، بل والسياسية التي ليس فيها ما يُجرّم لا بالقانون المحلي ولا بالقانون الدولي، أنها تخرج بنتائج سريعة جدًّا، ودائمًا تحت الإكراه والتعذيب وسوء المعاملة، وهذا بان تمامًا في قضايا كثيرة نعرفها ونملك الدليل على عدم صحة اتهام الفرد، أنا لا استطيع أن أقبل رواية من روايات الأمن في البحرين، لأنه لا يملك القدرة على البحث عن ما وراء الحدث، هو يملك القدرة على أن ياتي ليقول أمسكنا بالجناة وهذا ما درجت عليه الأجهزة الأمنية، ما أفقدني أنا شخصيًا، وكثير من الواقعيين المتابعين لكل الأجهزة الأمنية في العالم، والحاذقة، والقديرة، والتي تدرّب الأجهزة الأمنية الأخرى على طريقة كشف الجرائم، الأجهزة الأمنية تسبقهم في قدرتها وتفوقهم سرعةً على كشف الحدث لأن هناك أداة إكراه ومحاولة للخروج بنتائج في أي قضية لأن هناك تعذيب. فأنا لا أستطيع أن أقول فعلتها هذه الجهة، الداخلية أو الخارجية، لأنني أحترم نفسي أولًا، وأحترم المُشاهد ثانيًا، وأحترم الطرف الذي قد أعتقد بأنه قد ارتكب هذه الجريمة وهو لم يرتكبها. أنا أتمنى على أجهزة الأمن بأن تكون حذرة جدًا في قدرتها على كشف الجريمة، تعرف أن السلطات في البحرين لا يهمها أن تعرف من الذي فعل بقدر ما يهمها أن تعلن أننا قد قبضنا على الفاعل.

فاضل عباس: هناك ثلاث روايات حول التفجير، هناك رواية قطر نسميها، وهناك رواية النظام ووزارة الداخلية، وهناك رواية ثالثة تتحدث عن انفجار قنبلة صوتية في هذا الضابط ولا يوجد انفجار مدبّر أساسًا، وبالتالي أنا أعتقد لنصل إلى الحقيقة ليقبل النظام بتحقيق دولي في الموضوع، ليقبل بعودة بسيوني، ولو لفترة قصيرة، مع فريق عمله، ليحقق في هذا الأمر كي نصل إلى نتائج في هذا الشأن. روايات وزارة الداخلية غير مقبولة لدى المعارضة على الإطلاق ما لم يكن هناك تحقيق.

حديث المنامة: سيد هادي أود أن أسأل بأنكم اليوم أمام موقف عليكم أن تستثمروا هذه السلمية لصالح ما تطالبون به رغم مرور ثلاث سنوات، هل مازلتم ترون بأنّ طريق السلمية بهذا المحيط الكبير من التحديات يمكن أن يُنتج عملًا سياسيًا قادمًا؟

السيد هادي الموسوي: بطبيعتي أبحث عن الحقيقة الصعبة التي تتعب حتى تصل إليها وليست السهلة، إذا كانت قطر، لنقل هذه الفرضية صحيحة، لماذا يعلن النظام عن اعتقال 25 شخص من أبناء البحرين؟ فإما أن النظام ينتقم من الناس وينتهز ما فعلته قطر أو أن قطر لا علاقة لها بالموضوع.. الحقيقة أن في مثل هذه القضايا الصحيح هو أن تكون متريّثًا في البحث عن الجاني لتكون عادلًا. فيما يتعلق بمسألة استثمار السلمية: السلمية استراتيجية، والسلمية خط طويل، والسلمية منهج لن نتنازل عنه لأننا نعتقد بأنه الخيط الذي هو قطن ولكنه يخنق.

حديث المنامة: أستاذ فاضل، هذه السلمية التي أنتم متمسكون بها، النظام يريد أن يكسرها ويحرجكم أمام دول الخليج واليوم مقتل الضابط الإماراتي طارق الشحي واحدة من الإشكالات التي يمكن أن تحرجوا بها، هناك معلومات تقول بأنّ الإمارات قد أصدرت أمرًا بعدم إدخال أعضاء جمعية الوفاق إلى الإمارات.

فاضل عباس: هذه القوى الأمنية كانت موجودة على أطراف بلدة الديه، ومن ثم لم يكن في الديه عمل إرهابي، هناك تشييع لشهيد، وبالتالي كانت هناك خاتمة فاتحة هذا الشهيد، ولا يوجد أي عمل إرهابي إطلاقًا، وفقًا للقانون الدولي، وبالتالي للأسف الشديد أفضل توصيف أن هذه القوى الأمنية بما فيهم طارق الشحي كانت جاهزة لممارسة العنف والقمع ضد المتظاهرين، هذا أفضل توصيف وليس أي جانب إرهابي.

في الجانب الآخر أيضًا استكمالًا لنفس الإطار، موضوع السلمية هي استراتيجية فعلًا، موضوع أن هناك سرايا الأشتر سرايا المقاومة أعلنت عن نفسها، طيب من يقف وراءها؟ من هي سرايا الأشتر؟ من هي سرايا المقاومة؟ بالتأكيد غير معروفة، نحن نسمع أسماء لكن من هي الجهات التي تحرّكها؟ من هو صاحب المصلحة في قيام مثل هذه الخلايا؟

يوسف ربيع: ممكن النظام يقف خلف هذه الخلايا الأمنية؟

فاضل عباس: ممكن، كل شيء ممكن، كل الخيارات صحيحة.

السيد هادي الموسوي: كل شيء ممكن. أنا أقول بأنك لا يمكن، سواءً على هذه الطاولة، أو في أي اجتماع مغلق، أو في أي موقعٍ من العالم، إذا لم تذهب لتحقق في كل معطيات القضية وتبحث عن خباياها وتأخذ وقتك الكافي للتعرف على طبيعة الحدث وماورائياته، لا يمكن أن تأتي بنتيجةٍ مسلوقة هكذا وتقول هكذا حدث وذلك الإنسان المتهم، هذا خلاف العدالة أصلًا.

حديث المنامة: ما ورد صحيح بأن الإمارات الآن تُعِد قائمة بأعضاء الوفاق بعدم دخول الإمارات؟ صحيح هذا الخبر؟

السيد هادي الموسوي: دعني أقول لك، بأن في كل حدث في هذه الأيام نسمع 95 % من البرودكاست ومن التويتر والفيسبوك وما إلى ذلك ليس صحيح، وإذا دقّقت وحقّقت يخرج 5 % فقط منه صحيحًا، إلا ما كان حقيقة ملموسة. إذا كانت الإمارات أخذت هذا القرار، نفترض، فهي دولة لها سيادتها وقدّرت وحبًّا في أمن البحرين وسلامته، ولكن نقول إذا كان يهمّ الإمارات أمن البحرين وسلامته عليها أن تقول للنظام في البحرين احترموا مواطنكم كما نحترمه نحن، قدّروا الجواز والجنسية البحرينية كما نقدّرها نحن، لا نسترخصها للجميع، أعطوا شعبكم كرامته إذا خرج وقال أنا أفتخر إماراتي، اجعلوا البحريني يقول أنا افتخر لأني بحريني، لا أن تذلّوه بمكرماتكم وبفتاتكم وملاحقته في أمنه وسلامته. 

حديث المنامة: أخيرًا أنتم متفقون إذًا على أن السلمية هي استراتيجية؟

فاضل عباس: بالتأكيد

السيد هادي الموسوي: بالتأكيد ولن نتنازل عنها مطلقًا لأننا نعتقد أنها الطريق الذي نرى نهايته وبوضوح.



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus