تفجير الديه: من هو كبش الفداء؟

2014-03-03 - 9:25 م

مرآة البحرين (خاص): هي محاولة اغتيال لحراك ثورة 14 فبراير، ما يحدث اليوم (ليس الانفجار المدان في ذاته)، بل محاولات الاستثمار له من قبل قوى التأزيم: تغريدات وزير الخارجية، بيان جمعيات الفاتح، تصريحات محمد العرب، ساحات الكراهية التي اشتغلت كساحة عمر بن الخطاب وساحة البسيتين، وهجمات البلطجية على مقر الوفاق. 

يُراد أن يُزج بالمعارضة في ساحات لم تكن ساحاتها منذ 14 فبراير. سعت السلطة إلى تلبيس المعارضة بالعنف منذ 14 فبراير: أسلحة تحت أنفاق الدوار، قطع لسان مؤذن، اعتداءات على مساجد السنة، اعتداء على فتاة سنية، وأمثلة حوادث أخرى كثيرة من هذا النمط، فشلت جميعا وانكشف زيفها الفاضح!

القوى السياسية المعارضة أعلنت موقفها من العنف ليس فقط في وثيقة اللاعنف التي صدرت في أكتوبر/تشرين الثاني 2012، تلك كانت إعلاناً شكّل موقفها الأصيل من العنف، منذ 14 فبراير. كان الصراع مع السلطة يجري في هذه المساحة: هي تحاول أن تجر الجمعيات إلى العنف أو أن تلبسها به، وكان صراع الجمعيات معها أن تحافظ على مساحتها السلمية وأن لا تسمح للسلطة بتلبيسها هذا العنف. 

الإعلام التحريضي والخطاب الرسمي سعى بشكل حثيث لإلباس المعارضة ورموزها لباس العنف؛ من ذلك نتذكر رسالة وزير العدل التي حاول فيها أن يزجّ بخطاب الشيخ عيسى قاسم في ذلك باعتباره خطاباً محرضاً على العنف، ومن ذلك أيضا الاستدعاءات المتكررة لأمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان من قبل النيابة العامة ومحاولات تلبيسه كل ما لا يتوافق مع السلمية، وما زلنا نعيش أحداث محاكمة خليل المرزوق، المعاون السياسي لسلمان، لإدانته بدعم قوى أو تنظيمات إرهابية وأنه يدعو إلى العنف أيضا!

إبّان فترة الطوارئ، حاولت بعض الأطراف المحسوبة على المعارضة الدفع بالشيخ عيسى قاسم وقوى المعارضة لاستخدام العنف، استعان بعضها بفتاوى خارجية تبيح استخدام القوّة في رد الاعتداء، لكن الموقف ظل ثابتاً، واستمر خطابا الشيخ عيسى والشيخ علي على وجه الخصوص، وخطاب المعارضة عموما، خطاباً لا عنفياً، خطاباً واضح الموقف والأسلوب بشكل لا لبس فيه، حتى اضطرت بعض القوى في السلطة إلى الالتفاف على ادعاءاتها عبر اتهام الشيخين بالدعوة إلى العنف والتغطية على ذلك باستخدام خطاب حذر وذكي لكي لا يتورطا!

في كل مرة تسعى السلطة لاستثمار أو افتعال مواقف لتلبيس المعارضة بالعنف، لكنها تفشل. سعت السلطة لاستثمار أعمال العنف استثماراً إعلامياً ليس لتصل إلى حل أو حوار مع المعارضة، إنما من أجل البحث عن كبش فداء. بمعنى أنها سعت لاستثمار هذه التفجيرات لكي تجعل من المعارضة، ومن الوفاق على وجه الخصوص، كبش فداء لهذه الأحداث لتحرق قوى المعارضة السلمية وتنهي دورها على الأرض.

وفي الحقيقة، فكبش الفداء الذي تسعى أذرع السلطة لتقديمه على مسلخ الإعلام هو ليس الوفاق فقط، هي تسعى لأن تجعل من حرية التجمعات كبش فداء، وتسعى لتجعل من حرية الكلمة كبش فداء، وتسعى لأن تجعل من الشخصيات الوطنية كبش فداء.  بمعنى آخر تسعى لتجعل من الوطن كله كبش فداء في سبيل أن يعلو نجمها، أو في سبيل أن تحقق انتصارات سياسية هنا أو هناك، أو في سبيل أن تحشر قوى المعارضة في زوايا معينة.

الأمر الآخر الذي يستدعي التعليق هنا، هو مقتل الضابط الإماراتي طارق الشحي، أحد الضباط المحسوبين على درع الجزيرة، في هذا الانفجار المدان من الجميع. ما يستدعي السؤال هو: هل يحتاج الوضع في البحرين إلى درع الجزيرة؟ هل حقق درع الجزيرة من 2011 إلى اليوم أهدافه؟ هل حفظ أمن المجتمع؟ إذا كان قد جاء لكي يحفظ منشآت الدولة كما روّج النظام، في حين لم تتعرض أي منشأة إلى اليوم لأي محاولة اعتداء، ما الذي يجعل أحد ضباط درع الجزيرة يتواجد اليوم في محل كانت فيه احتجاجات عادية جداً، لا أي أعمال إرهابية؟

العمل الذي حدث لا يمكن أن يكون ضمن أجندة الذين خرجوا في تأبين شهيد شاب، فما الذي يجعل درع الجزيرة يتواجد هناك في هذا الوقت وفي هذا الظرف، وليس من مهمة لدرع الجزيرة هناك؟ 

النتيجة... أن قوات درع الجزيرة لم تستطع أساساً أن تحفظ الأمن الاجتماعي في البحرين. وما رأيناه اليوم، يثبت أن البحرين بحاجة إلى مفاوضات حقيقية تخرج البلاد من هذه الأزمة، لا إلى ما يمكن أن نسميه بـ"نائحة مستأجرة" لكي تولول وتهول، ولكي تستخدم أي حدث لجعل المواطنين كبش فداء، أو لجعل قرى آمنة كبش فداء، من أجل أن تظهر هي في الصورة فقط!

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus