شهادات أهالي الدير: ما حقيقة انفجار الدير الأخير؟
2014-02-19 - 3:11 م
مرآة البحرين (خاص): إنه الانفجار الثالث الذي تخص به قرية الدير دون سواها، يحاط بسرية كاملة قبل أن يعلن عن سيناريو بعيد عن التصديق. الانفجار الثالث للدير جاء مع إحياء الذكرى السنوية الثالثة للثورة البحرينية 14 فبراير 2014. ما هي حقيقة هذا الانفجار كما يرويها أهالي المنطقة والشهود؟ ولماذا استهداف القرية المعزولة في شمال المحرق دون سواها؟
ضمن التصنيف (المذهبي) الذي تريد السلطة استثماره في ضرب الحركة الاحتجاجية، فإن قرية الدير التي تقع شمال مدينة المحرق، يسكنها (الشيعة) وتحاط بعدد من القرى التي يسكنها (السنّة). أي إنها منطقة مثالية لاختلاق صدام طائفي؛ إظهار طرف أنه مستهدف ومهدّد من قبل الآخر. كان الاحتشاد المسلّح لـ(نصرة) فتاة البسيتين (قرية سنية قريبة من الدير) في مارس 2011 نموذجاً للنفرة الطائفية، تحول المكان فيما بعد إلى ساحة الشرفاء؛ وظيفتها نفث الكراهية والخطاب الطائفي التحريضي.
أثناء تفقدنا للطريق الذي حدث فيه الانفجار، كان كل شيء مبعثراً، شباب القرية وضعوا حواجز وأكوام من الأخشاب لإعاقة اقتحام قوات المرتزقة داخل المنطقة، مشهد يتكرر في معظم مناطق البحرين ذلك اليوم. لم يكن هناك أثر لأي انفجار، رغم أن أهالي القرية يؤكدون أنهم سمعوا صوت انفجار وهزة خفيفة. بين سماع صوت الانفجار ووصول سيارة الإسعاف لم يكن أكثر من وهلة، وبينه وبين إعلان «منرفزهم» أن الانفجار تبنته ما يسمّى بـ«كتيبة مالك الأشتر» وهلة ثانية!!. منرفزهم هو حساب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر يتناوب فيه عدد من الأشخاص تديرهم الاستخبارات.
كيف يروي الأهالي هذه اللحظات، وكيف شهدوها، وما تفسيرهم لها؟
بيت الشابة زيتونة في موقع الحدث، بعد أن سمعوا صوت الانفجار لم يكن ممكناً لهم الخروج للمعاينة، فالمنطقة حوصرت بالكامل، تقول زيتونة: "أخذنا نتلصص النظر عبر المنافذ المتاحة دون أن يشعروا، هناك هرج كبير، أثناء تفريق المتظاهرين دوى صوت انفجار، كانت الساعة تشير إلى 6:58 دقيقة وبعدها بدقيقتين فقط أي عند الساعة السابعة دخلت سيارة إسعاف لنقل المصابين لم نكن نعرف المصابين هل هم من شباب القرية أم كانوا منهم، فقد كان أحد المصابين مدني يمشي متكئ على أحدهم، كان يرتدي بنطالا أحمر اللون، وهناك آخرون تم أداخلهم في سيارة الإسعاف لم نعرف بعد ماذا يجري".
وتضيف "بعدها تم إغلاق الحي الذي نحن به بأشرطة بلاستيكية، ثم توافدت الأجياب ومركبات الأمن معززة بسيارات مدنية، وكانوا يوجهون الكشافات (المصابيح ) على البيوت لمنع أي أحد من المشاهدة والتصوير، وبعد أن ذهبت سيارة الإسعاف جاءت سيارتي إسعاف تابعتين لمستشفى الملك حمد ومعهم سيارة العبوات الناسفة بها رجلان مدنيان فتحوا مصابيح السيارة وبدأوا بالتصوير".
واستدركت "كنا في حيرة من الأمر دخلنا تويتر لنتبين حقيقة ما يجري، في هذه الأثناء جاء دور "منرفزهم" ليكتب عن تفجير الدير ويعلن أن الانفجار تبنته كتيبة مالك الاشتر!!".
وتضيف " قالت لي صديقتي التي كان بيتهم وسط موقع الانفجار أنهم بعد أن سمعوا دوي الانفجار تلاه صوت طلق وصراخ، مخمنة أن يكون أحد قوات الأمن أطلق على زميله بالخطأ لا سيما وأن القرية ترفل بالظلام الدامس وكان الانفجار أثناء ملاحقتهم للشباب".
وتختم متسائلة "لا نعرف ماذا يريدون منا، فبعد ذلك سمعنا أحد الضباط يصرخ بصوت عال "بنراويكم.. اليوم بندش لكم بيت بيت بنفتش بيتوتكم .. بنطلع الي فجروا"، بدا الأمر مخيفاً فقد شعرنا لوهلة أنهم سيفعلون بنا ذلك بالفعل".
كيف جزموا بأنها سرايا الأشتر بهذه السرعة؟ نقلنا هذا التساؤل وتساؤلات أخرى لأحد شباب الائتلاف في القرية، أجاب:" الزخم الذي شارك به أهالي القرية في إحياء الذكرى الثالثة للقرية أرعبهم. أعددنا مسيرة عند الظهر شارك بها لفيف كبير من الأهالي، لأول مرة منذ زمن بعيد، تستعيد القرية هذا الحضور القوي، لذا أتوقع أنه قد هالهم ما شاهدوه في مسيرة الظهر، وكان التفجير خدعة لإخافة الأهالي من جديد".
لماذا التفجيرات واللعب بالنار كنا نسأل ليجيب: "يراد بها ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، وهذا ما نخشاه؛ تخويف الأهالي من جهة، وتأليب المناطق المجاورة ضدنا، ومعاقبة الشباب الثائر المعروف بحركيته عبر توريطه في قضايا جنائية لزيادة عدد سنوات عقوبته وضمان حبسه لأطول مدة"
يروي الشاب الائتلافي ما حدث، يقول: "خرجنا إلى المسيرة بعد صلاة العشاء مباشرة، وحين وصلنا إلى مقربة من الشارع العام لم يهب لنا العسكر كعادتهم لتفريقنا، بل وقفوا مكانهم على الشارع، انتبهنا إلى أن في الأمر مكيدة فصرخنا بالناس ليتراجعوا لإمكانية عمل كمين، فتراجع الناس وحين شاهدوا الناس تتراجع دخلوا علينا راجلين إذ كانت الطرق مغلقة، وأثناء رجوعنا سمعنا صوت انفجار هز الأرض تحت أرجلنا، واختبأنا على مقربة من الحدث، وكنا نشاهد ما يجري، الغريب هو دخول سيارة الإسعاف بسرعة كبيرة إذ لم يمض على الانفجار شيء!! وكان دخولها بدون صوت صفارة الطوارئ، كانت مطفئة ما أشعرنا بتوجس، ثم لو كان الانفجار من صنع الشباب وتم التفجير وسط مجموعة راجلة من قوات الأمن ومعروف أنهم يمشون مجموعات، هل من المعقول أن يصاب اثنان فقط ؟"
ويكمل "لا نعرف بالضبط نياتهم في هذا التفجير، ولكن الواضح أنهم يخططون لشل حركة الشارع التي عادت بقوة، عبر إرهاب الشباب وتوريطهم بالتفجير، الدير مستهدفة وبقوة من قبل قوات الأمن إنهم يريدون إخراسنا بكل ما أوتوا من قوة ولكنهم يتفاجأون بأننا نزداد حماسا كل يوم، التفجير الأخير جعل الأهالي على يقين باستهداف القرية وشبابها ونحن نتوقع كل شيء منهم".
أبو حسن الرجل الأربعيني يقول: "كنت للتو أدخل البيت بعد أن رجعنا من المسيرة التي انطلقت بعد انتهاء صلاة العشاء، لم تكن مسيرتنا طويلة مشينا بضع أمتار فقط لنعود أدراجنا بعد أن تعالى صوت ينادي بالرجوع، وما أن دخلت المنزل حتى أحسست أن حيطان المنزل ستتهاوى علي، انتابني خوف شديد، شعرت أنهم يقصفوننا بالدبابات".
تقول الشابة فاطمة "خرجنا تلك المغربية ، إنها الساعة التي كنا ننتظرها، بعد تأدية صلاة العشاء كانت الساعة تشارف على السادسة والنصف، الهتافات تهز سماء القرية، كان الطقس يسهل ترديد صدى أصواتنا ويخيف القريبين من قريتنا، أتراها أرعبت الجيران (القرى المحيطة) وجاء الأمر بترويعنا بهذه القصص!!"، تسكت لتقول بضحكة ساخرة" إنها محاولة يائسة لإخراسنا هيهات من ذلك".
كان قادماً من عمله، الشوارع مظلمة وشبه خاوية، يقول الشاب احمد" كنت منتبها وحذرا توقعت أي شيء وكل شيء، الأخبار ترد على شبكات التواصل، وأثناء قيادتي كان الأهل يتصلون بي للاطمئنان لم يكن الأمر على ما يرام، بل الوضع غير آمن ولكنني مضطر للذهاب للعمل، حين وصلت الشارع الذي يفصلني عن القرية بدا لي أنها محاصرة، كانت أعداد العسكر كثيرة جدا وكثيفة جدا، بطريقة مخيفة، وكأن هناك من يتدبر أمرا لإبادة القرية عن بكرة أبيها، لا أدري لم خالجني هذا الشعور، كانت العتمة مخيفة، كل الأنوار مطفئة، والسكون مخيم، إلا مصابيح سياراتنا المتراكمة على ضفة مداخلها، لم يسمحوا لنا بالدخول، لم أشأ أن أسألهم فقد كانوا يتعاملون معنا بمنتهى الإذلال والحقارة ويستفزوننا، ووسط تلك المشاهدات آثرت السكوت لأربع ساعات من الانتظار كانت الساعة تشير إلى الواحدة حين تمكنت من الدخول، بعد أن شارفت بطارية هاتفي الخلوي على الانتهاء جراء الاتصالات المتواصلة، الكل خائف هناك شيء يحدث لم يفهمه الأهالي بدا غامضا ومخيفا وسط أنباء عن إصابات قاتلة".