ماذا فعلت المخابرات بصادق الشعباني؟
2014-02-06 - 11:01 م
مرآة البحرين (خاص): لم يكن صادق الشعباني أول من تم اعتقاله من دولة سلطنة عمان، فقد سبق واعتقلت السلطات البحرينية عن طريق المخابرات العمانية 4 بحرينيين في يناير 2012، تم احضارهم في طائرة خاصة مثل مجرمين دوليين مطلوبين للعدالة، بينهم هيثم الحداد الذي أُعلنت براءته فيما بعد، لكنه قضى قبلها 10 أشهر من الاعتقال والتشهير والاتهام بانتمائه إلى خلية إرهابية، وقطع رزقه وعمله الذي كان يعتاش به هناك.
هكذا صار المواطن البحريني مهدّداً لا في البحرين فقط، بل في كل دول الخليج مادامت الاتفاقية الأمنية وقّعت لهذا الغرض بالذات. لا يأمن البحريني على لحظته ولا حياته داخل البحرين ولا خارجها، إلا في البلدان التي عصمها الله من سطوة الديكتاتور.
أين صادق؟
لا أحد يستطيع أن يجيب والدته على هذا السؤال كي تهدأ دقات قلبها الوجلة. لا أحد يعلم أين هو؟ عجز أخوته في الكشف عن مكانه، سمعوا باعتقاله فبحثوا عنه في التحقيقات الجنائية، في النيابة، في الحوض الجاف، ولكن عبثا فالسلطة قررت إخفاءه كما أخفت من سبقه.
صادق الشعباني"31 عاما" منسق عميد كليه الآداب بجامعة البحرين، فنان بحريني له أعمال خليجية كثيرة، أكمل أكثر من عشرة أيام على اختفائه، قضى في دولة عمان أكثر من ستة أشهر قبل أن تعتقله المخابرات العمانية في 26 يناير الماضي، حتى الآن لا شيء مؤكد حول تسليمه للسلطات في البحرين، رغم انتشار ما يفيد تسليمه خلال 12 ساعة من اعتقاله في عمان، الأمر ذاته سبق وحدث مع المعتقلين البحرينيين من عمان في 2012، لكن لا يزال الوضع ضبابياً وغير مؤكد في حالة الشعباني، إلا من رتوش هنا وهناك.
يعلم الشعباني أنه سبق واعتقل عدد من البحرينيين من دولة عمان، أي أنه من غير المعقول أن يذهب إلى هناك بهدف الهرب أو الاختفاء، ليست عمان بلداً آمنا للاختفاء، وليست دول الخليج، لم يتوقع أن يكون مصيره مشابه لمصير أبرياء خطفوا من هناك، فقط لأن للاستبداد يد تطال وتصل.
لم ترهب الشعباني المداهمات التي قامت بها المخابرات العمانية قبيل اعتقاله، لم يحاول الهرب أو الاختفاء، ثقته بأنه شخص مسالم، ولم يفعل ما يجرم عليه هي التي كانت تحركه، وبالرغم من مصادرة جوازه من أحد الفنادق ومداهمة شقق للبحرينين من قبل القوات العمانية، إلا أنه ظل يتحرك في سلطنة عمان دون خوف حتى اعتقل في 26 يناير أثناء خروجه من أحد المساجد.
لماذا تخلّف عن حضور المحكمة؟
بدأت رحلة البحث عن صادق منذ أن تأكدت عائلته من نبأ اعتقاله في عمان، قصدوا مبنى التحقيقات وهناك أخبرهم أحدهم أنه وصل البحرين، حاولوا الاستفسار عنه أو رؤيته، أو سماع صوته كي يطمئنوا بأنه موجود بالفعل في البحرين، وعدوهم كثيرا ولكن لا نتيجة تذكر فلا صوت صادق سمعوه ولا لهيئته نظروا.
الخوف من المجهول هو ما يقلق أفراد عائلته، ترتسم أمام مخيلتهم ما يتعرض له المعتقلون -أول أيام اعتقالهم خصوصاً- من تعذيب وحشي وحاط بالكرامة أودى بحياة الكثيرين، لذا هم يناشدون المجتمع والمنظمات الحقوقية في السعي للكشف عن مصير ابنهم صادق والسماح لهم بزيارته للاطمئنان عليه.
المقلق أكثر، أن عائلته استلمت ورقة رسمية مؤرخة بتاريخ 28 يناير، تفيد بتخلف ابنهم صادق عن الحضور أمام المحكمة الجنائية، أي بعد يومين من اعتقاله. ذُكر في الورقة الرسمية أن الشعباني متهم مع آخرين في "جناية معاقب عليها قانوناً"، لم تُذكر ما هي الجناية، ولا أحد يعلم عنها شيئاً، لكن السؤال المقلق: لماذا لم يؤخذ الشعباني إلى المحكمة طالما هو في قبضتهم؟ ماذا فعلوا به؟ هل تعرض لتعذيب شديد ترك آثاره الواضحة على جسده جلعهم يمتنعون عن أخذه إلى المحكمة؟ لماذا لم يتصل بأهله حتى الآن مثل غيره من المختطفين ليسمعهم صوته والكلمة الوحيدة المسموح بها: "أنا بخير"؟ لماذا لا يزال مصيره مجهولاً بعد 11 يوماً من الاختفاء؟ لماذا طالت المدة بانقطاع أخبار الشعباني كل هذا؟
سحب ملف الدعوة
محامي الشعباني تقدم بطلب إلى النائب العام حول الاختفاء القسري لموكله، وطلب الاطلاع على ملف الدعوة الخاص به، لكن طلبه رفض، علم بعدها أن الملف سُحب من المحكمة وأرجع للنيابة العامة. المحامي فسّر سحب الملف من المحكمة بأنه قد يكون "من أجل إكمال التحقيق مع الشعباني، ومن ثم عمل إحالة تكميلية، وتضمين الأوراق في الملف قبل أن يتم ارجاعه إلى المحكمة". أما عائلة الشعباني فترى أن ذلك قد يعني "إضافة تهم جديدة له".
كل شيء مبهم في قضية الشعباني حتى الآن. لا أحد يستطيع التأكد من شيء. ولا أحد يعرف سر عدم الكشف عن أي شيء فيما يتعلق بحقيقة وجوده ومصيره رغم كل الدعوات الحقوقية والأهلية للكشف عن مصيره. المعلومتين الأكيدتان فقط هما اعتقاله من عمان، وسحب ملف قضيته في المحكمة وإعادتها للنيابة مرة أخرى، وبين هاتين المعلومتين يغيب صادق الشعباني في سرداب نظام مجرم لا نعرف ماذا يخفي.