يأتي ذلك بعد رفع الحظر الذي استمر أكثر من شهرين على نشاط الجمعية، وإزالة الشمع الأحمر عن مقارها، وبعد ضغوطات مارسها النظام على أعضائها، لإصدار بيان (تصحيح) لمواقفها السابقة، والذي لاقى إصداره استهجاناً واسعاً من الشارع، انعكس بين انتقادات لاذعة، وردود فعل محبطة.

تأكيد الثوابت

فقد أنشأ أعضاء الجمعية المشاركون في الحوار حسابات لهم على موقع "تويتر" للبقاء على اتصال مباشر بالجمهور، وذيّلت صورهم بعبارة (الحرية لإبراهيم شريف). وحظي الأعضاء بأعداد كبيرة من المتابعين في أول يوم لهم على "تويتر"، و لاقت تدويناتهم تجاوباً ملحوظاً، كما أعيد نشر بعضها مرات عدة.

وحول سؤال أحد المتابعين عما إذا كان إبراهيم شريف مطلع على مستجدات الساحة وتطورات "وعد" مع الحوار، قال عضو الجمعية محمود حافظ: "نعرف كيف ندير السياسة وكيف نتواصل مع بوشريف في السجن ونحن في مرجعية الملكية الدستورية وما هو خارج عنها فهو رأي، ولكنه نشاز".


وفيما يبدو أنه تنسيق متفق عليه، أكد جميع الأعضاء بأن مرئياتهم وآمالهم لا تختلف عما سبق أن طرحته "وعد"، وتعهدوا للجماهير بأن تظل الجمعية تعزف على وتر مطالبهم حتى تتحقق، مشيرين إلى الموضوع السياسي والدستوري، كما شددوا على أن مرئيات وعد تطرح بما يتماشى مع مواقفها المنبثقة عن تحالف الجمعيات السياسية السبع.

وفي حين حاول كل عضو توضيح المحور الذي سيتحدث عنه في الحوار، اتسمت ردود الفعل لدى المتابعين بالتحفظ، وانتقدوا الخوض في التفاصيل على حساب القضية السياسية، مطالبين بالعمل على حصر الحوار في المطالب السياسية.

فخرو تقود

ووعدت رئيسة الوفد منيرة فخرو  جمهور المعارضة "بوضعهم في الصورة لكل مايحدث داخل غرف الحوار المغلقة قدر المستطاع" وعقب عليها أحد المتابعين "بأن الشعب لا زال مؤمناً بهم" في حين أكد آخر "بأن الصراحة والشفافية مطلوبتان في الخطابات الجماهيرية، ومن المهم إطلاع الشارع على مايحدث".

يبدو هذا الوعد "الوعدي" بالشفافية والتواصل المباشر مع الجمهور، بمثابة اعتذار أو تكفير ضمني عن ضبابية طبخة البيان الإنكساري الذي أصدته وعد قبيل افتتاح مقرها، والذي ما زال يترك آثاره النفسية على أعضاء وعد وأصدقائها ومحبيها.

من جهتها، ردت غلام عضو وعد وزوجة أمينها العام إبراهيم شريف فريدة على احتفاء المتابعين بحضورها في "تويتر" بالقول: "أنا زوجة واحدة من بين العديد من زوجات المعتقلين البحرينيين الذين يضحون بحياتهم لغدٍ أفضل للبحرين".

وحول موضوع الحوار، أبدت غلام تخوفها من أن تبقى كثير من المسائل المهمة معلقة أو مغيبة أو مهمشة. وفيما يخص قانون الأسرة، قالت غلام إنه أقحم لإحراج الوفاق، معتبرة بأنه ليس ذا أولوية في الأزمة الحالية، كما أنه أشبع نقاشاً في السابق دون رعاية جادة من الدولة، فيما أكدت أنها طالبت في جلسة اليوم بتشكيل لجنة خاصة لتقصي كل الانتهاكات التي مورست ضد المرأة خلال هذه الأزمة، وبتحقيق نزيه في كافة القضايا بما فيها ملابسات استشهاد بهية العرادي، وسجن رولا الصفار.

شريف حضور لافت

من ناحيته، أكد رضي الموسوي (نائب الأمين العام) أن الحوار الوطني مطلب المعارضة السياسية منذ عدة عقود، وفي أحلك الظروف، وقال إن الجمعية ستسعى إلى حوار ينزع الفتنة الطائفية التي أطلت برأسها، ويحقق العدالة للجميع، ونقل رضي في تغريدة خلال الجلسة، أن وفد وعد في المحور السياسي اقترح قانوناً للأحزاب السياسية تقوم على أسس وطنية جامعة.

أما عضو الجمعية محمود حافظ، فقال في إحدى تدويناته: "في بلادنا الشعب لا يهمه الخبز وتوزيعه فقط ولكن يهمه كيف يتم إدارة مصنع الخبز و كيف يصبح طرفاً أساسياً و منتجاً" ووصف ما يجري من انتهاكات بأنها "لامثيل لها في العالم" وعلق حافظ على غياب إبراهيم شريف عن الحوار بسبب اعتقاله  بأنه "كان يتصدر الحضور من خلال وفد وعد، وأن حضوره كان لافتاً ومتألقاً".

ويشارك في جلسات "منتدى الحوار" عضو "وعد "حافظ حافظ، الذي انتقد عبر حسابه في تويتر "آلية الحوار الشفهية" وأكد أنها "لن تخرج المتحاورين بنتيجة ملموسة" وخلال الجلسة، تطرق حافظ إلى نقاش الحاضرين الذي دار عن الطائفية، وقال إنها لا تعالج إلا بتطبيق مبدأ المساواة في الحقوق، وذكّر في تغريدة أخرى بأن "العنصرية في أمريكا لم تنته إلا بانصهار كافة شرائح المجتمع فيه، وتحقيق مبدأ المساواة بين السود والبيض حتى تبوّأ السود وزارة سيادية" مشيراً إلى كولن باول وزير الدفاع الأمريكي الأسبق.

يخرج محبطاً

وحول تقييمهم للجلسة الأولى، انتقدت منيرة فخرو الصورة التي جرى عليها الحوار، وقالت إنها لا تبشر بنتائج تقترب من ما يطمح إليه الشعب، ثم استدركت، أنها لا تريد أن تستعجل الحكم على الحوار. في حين رأى رضي الموسوي أن الحوار إذا استمر بهذه الطريقة فلن تفضي المدة المخصصة له إلى شيء.
في السياق نفسه، أشار محمود حافظ "أن آليات الحوار الحقيقية هي التي تقود مفاوضات سياسية بين صاحب القرار ومن يمثله وبين المعارضة". واعتبر أن المشاركين هم من غير المعنيين بمحاوره وأن المحاور يشارك فيها الكل وتفتقر للمتخصصين، معتبراً ذلك آلية لتمييع الحوار.

وبيّن حافظ "أن الجلسة القادمة ستكون حول موضوع الحكومة" مؤكداً بأن وعد سجلت تحفظها على الآليات وطريقة الحوار وكل ما يتصل بالإجراءات والموضوعات.
ويبدو أن الوعديين قد خرجوا من الجلسة الأولى بإحباط كبير، معتبرين الحوار انتهى بمناقشة محاور ليست لها علاقة بالأزمة في البحرين، وقالوا "إن محور الجمعيات السياسية قد انتهى لكننا لا نعرف إلى أين سائرين؟!" وخلصوا إلى أن حوار اليوم سيترتب عليه آثار سلبية، معتقدين بأن مفاتيح حل الأزمة بيد جلالة الملك.