هكذا نجح (الخونة) في إيقاف شحنة القتلة، حوار مرآة البحرين مع «بحرين ووتش»: لم تتوقف رسائلكم واحتجاجاتكم، فتوقفت الشحنة، هذا هو السر

2014-01-10 - 6:48 م

مرآة البحرين (خاص): هكذا إذن تمكنت حملة #أوقفوا_الشحنة التي شنتها «بحرين ووتش» من هزيمة الحكومة البحرينية، ألغت حكومة كوريا الجنوبية صفقة مع الحكومة البحرينية كان من المزمع أن تزودها خلالها بأسلحة لقمع التظاهرات عبر شركة كورية، تتألف من 3 مليون قنبلة غاز مسيلة للدموع وأسلحة أخرى. لم يفلح الوفد الرفيع المستوى الذي أرسله النظام إلى كوريا الجنوبية برئاسة وزير حقوق الإنسان صلاح علي لتكذيب دعاوي الحملة، واقناع كوريا بتمرير الصفقة. 

تستنكر أقلام السلطة نجاح المعارضة في كسب أصوات المنظمات الحقوقية دون الحكومة. تسأل "كيف ينجح «خونة» الوطن بالانتشار على امتداد القارات الخمس وتفعيل النشاط المضاد لوطنهم البحرين عند وسائل الإعلام والمنظمات وصانعي القرار في العالم الغربي والآسيوي وتفشل البحرين كدولة في هذه المهمة؟!". 

اجتهدت الأقلام في تقديم إجابات تبرر فشل حملات العلاقات العامة التي يستخدمها النظام لتلميع صورته في الداخل والخارج، لكن الإجابة التي لا تستطع هذه الأقلام الاعتراف بها، هي أن من تسميهم «خونة» يحملون قضية وطنية عادلة ينافحون عنها حتى الموت، فيما «شرفائهم» ينافحون عن ما تمدهم به الحكومة من عطايا، من بينهم هذه الأقلام نفسها.

مرآة البحرين التقت «بحرين ووتش»، حول تفاصيل نجاح الحملة في كسب معركتها الأولى ضد النظام القاتل.

مرآة البحرين: كيف تلقيتم الخبر إذن؟

رغم توفر مسيلات الدموع للحكومة، من أماكن أخرى، إلا أن خبر إيقاف كوريا الجنوبية للشحنة كان بمثابة انتصار لحياة الناس وأمنهم في البحرين. كل ما حاولنا القيام به في مرصاد البحرين كان هدفه الأساسي حماية حياة الناس والتقليل من معاناتهم قدر الإمكان. ثلاثة أعوامٍ الآن، و نحن نشاهد كيف يعاني الناس بشكلٍ يومي من تلك الغازات السامة، حتى وهم في بيوتهم، فالحكومة تسيء استخدام مسيلات الدموع لقمع الحريات المدنية، وكعقاب جماعي لقرى بأكملها، وقد تسبب ذلك بمقتل العشرات بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ومعاناة الكثيرين اﻷمراض التي قد تكون مزمنة. هذا النجاح لحملة #أوقفوا_الشحنة أثبت لنا بأن نشاط الشعب البحريني مستمر، وبتضامن المنظمات الحقوقية العالمية مع قضيته العادلة قادر على أن يضغط على المجتمع الدولي لمحاسبة الحكومة البحرينية على انتهاكاتها. لو كان إيقاف تسليم 3 مليون عبوة مسيلة للدموع إلى حكومة البحرين سببًا في إنقاذ حياة شخص واحد، أو تقليل معاناة قرية واحدة، فإن ذلك أكثر من كافٍ لشد عزيمتنا في الاستمرار في عملنا رغم الصعوبات.

المرآة: كيف تقيمون حملتكم بعد هذا الإنجاز؟

الحملة كانت مثالاً جيدًا للتنسيق السليم بين الجهات المختلفة. بعد أن أنشأنا موقع حملة #أوقفوا_الشحنة، كان التجاوب الشعبي من داخل البحرين، والذي يعتبر العمود الفقري للحملة، سريعًا وفعّالاً،   فقد شارك عشرات الآلاف من المواطنين بحملات التغريد وإرسال رسائل الاحتجاج إلى السلطات الكورية عبر موقع الحملة، وشكّل هذا زخمًا كبيرًا لفت انتباه الإعلام العالمي، الذي قام بتغطية الحملة، مما زاد من الضغط على السلطات المعنية لوقف الشحنة. في الجانب الآخر، كان هناك تنسيق جيد بيننا وبين مختلف المنظمات الحقوقية العالمية، حيث تتفق أهدافها مع أهداف الحملة في منع وصول الأسلحة للأنظمة القمعية، حفظًا لأرواح الأبرياء، وهذا التعاون العابر للحدود زاد من قوة الحملة، أثمر في إقناع المسؤولين الكوريين بحظر بيع الغاز المسيل للدموع إلى الحكومة البحرينية. ولا ننسى هنا دور شركائنا الرسميين في الحملة؛ وهم منظمة أمريكيين من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، ومركز البحرين لحقوق الإنسان، والحملة المناوئة لتجارة الأسلحة، الذين عملوا جميعًا كفريق واحد لإنجاح هذه الحملة.

المرآة: كيف تمَّ إيقاف الشحنة؟ 

ما حصل هو أن وكالة المشتريات الدفاعية بكوريا الجنوبية، وهي المسؤولة عن إصدار رُخص تصدير الأسلحة، قد أعلنت عن رفضها طلبات شركات الأسلحة الكورية لبيع وتصدير مسيلات الدموع إلى البحرين، مشيرةً إلى أن ذلك جاء نتيجة "عدم الاستقرار السياسي في البحرين وبسبب وقوع قتلى جراء استخدام الغاز المسيل للدموع بالإضافة لضغط منظمات حقوق الإنسان الدولية". ورغم أن الشحنة الضخمة التي كانت ستصل إلى البحرين من كوريا الجنوبية قد تم إلغاؤها، إلا أن هناك مخاوف من قيام الشركات الكورية بتصدير شحنة مسيلات الدموع عن طريق طرف ثالث في دولة أخرى، لذا فالعمل سيستمر، والحملة لم تتوقف، فنحن لا زلنا في طور متابعة الشكاوى القانونية، التي رفعناها إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وخمسة من مقرري الأمم المتحدة، للتأكد من أن لا يتم تصدير أي شحنات من مسيلات الدموع إلى حكومة البحرين عن طريق طرف ثالث، و سوف تستمر حملة #أوقفوا_ الشحنة في استهداف الشركات الأخرى، التي تزود حكومة البحرين بمسيلات الدموع، والتي من ضمنها الشركة الجنوب أفريقية/ الألمانية رينميتال دينيل للذخائر.

المرآة: هل هناك ما يمكن كشفه اليوم ضمن تحركاتكم التي لم تكونوا تعلنون عنها؟

كما ذكرنا، لا زلنا نتابع الشكاوى القانونية التي رفعناها مسبقًا، ومع ذلك فنحن الآن ندرس الخطوات التالية التي يمكننا اتخاذها ضد الشركات الأخرى، فالحملة ستستمر ضد مزودي الأسلحة الآخرين سواءً، كانوا يزودونالسلطة بالغاز المسيل للدموع، أو أسلحة الشوزن، أو غيرها من الأسلحة التي تساعد الحكومة في انتهاكاتها لحقوق الناس.

المرآة: هل نستطيع أن نقول إن وفد الحكومة بقيادة صلاح علي فشل في إبرام الصفقة؟

ليست لدينا معلومات محددة كي نجزم بأن زيارة وزير شؤون حقوق الإنسان صلاح علي لكوريا الجنوبية كانت من أجل إبرام صفقة الأسلحة، لكن محللين و صحفيين بحرينين اعتقدوا ذلك بسبب توقيت زيارته، الذي جاء بعد إعلان وزارة الخارجية الكورية نيّتها إعادة النظر في تصدير مسيلات الدموع للبحرين، استجابةً للحملة، خصوصًا أنه اصطصحب معه مسؤولين من وزارة الداخلية البحرينية، وقد جاء في لقائه بنائب وزير الخارجية الكوري، حسب وكالة أنباء البحرين، أنه استعرض معه "الأحداث المؤسفة التي شهدتها مملكة البحرين في الفترة الماضية، ومختلف الادعاءات و الأكاذيب التي تم الترويج لها عبر بعض المنظمات الحقوقية أو القنوات الإعلامية أو الجماعات الخارجة عن القانون". تفعيل مبدأ المحاسبة هو من الأهداف الأساسية لمنظمة مرصاد البحرين، ومهما كان سبب الزيارة فإن الوزير صلاح علي مسؤولٌ و محاسبٌ على ملف   حقوق الإنسان، والفشل الحقيقي هو عدم اتخاذه لأي خطوات تذكر على أرض الواقع لتحسين هذا الملف منذ توليه المنصب. بدل أن يقطع آلاف الكيلومترات ليقوم بزيارة لكوريا، فليقم بزيارة للكورة أو كرزكان؛ ليقنع الأهالي هناك بأنه يعمل لصالحهم لا ضدهم، فعلى أقل تقدير، إن استطاع منع الشرطة من إغراق تلك القرى وغيرها بتلك الغازات السامة، حينها سيحسب للوزير إنجاز ذو معنى، يستطيع التباهي به أمام العالم، أما الأقوال التي لا تتبعها أفعال فلا قيمة لها، سواء داخل البحرين أو خارجها.

المرآة: كيف تقيمون تعاون النشطاء الكوريين معكم؟

كان تعاونًا مذهلًا، و قد فاجأونا بتفاعلهم السريع مع القضية البحرينية و حملها على عاتقهم، ما أن سمعوا بأن منتجات كورية تساعد في انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. إنهم شعب ذاق مرارة الحكم العسكري في السابق، والجيل الحالي فخور بتاريخه النضالي ضد القمع و الاستبداد، ومناصر لنضالات الشعوب حول العالم، فلا يريد أن يرى بلده داعمًا للظلم و الطغيان، سواءً داخل كوريا أو خارجها. بعد إطلاق الحملة بأسبوع واحد تقريبًا، بدأت أكثر من 30 منظمة ونقابة من مؤسسات المجتمع المدني الكورية تنظيم عدة اعتصامات ومؤتمرات صحفية، لتحريك الرأي العام الكوري ضد الصفقة، كما أن الإعلام الكوري قام بتغطية نشاطاتهم، وقد أوصل ذلك قضية البحرين إلى كوريا، ولاحظنا ازدياد البحث والتواصل من المواطنين الكوريين، بحثًا عن معلومات أكثرعن البحرين وما يحدث فيها.

المرآة: هل يمكن استثمار هذا الإنجاز في مكان آخر؟

نأمل ذلك، وسنحاول استغلاله في حملاتنا القادمة ضد مزودي الأسلحة الآخرين، كما ذكرنا سابقًا. طبيعة هذا العمل تراكمية، ونحن لم نبدأه، فقد سبقتنا في 2011 جهود المصورين والمغردين والمنظماتالحقوقية، التي سلطت الضوء على مسيلات الدموع الأمريكية والبريطانية، مما ضغط على حكومتي أمريكا وبريطانيا لوقف صادراتهما من مسيلات الدموع إلى البحرين، وقد استغلينا ذلك في هذه الحملة، واستشهدنا به في الشكاوى القانونية المرفوعة ضد الشركات الكورية، مما جعل اتخاذ قرار وقف الشحنة أسهل على الحكومة الكورية، إذ هي ليست الأولى، وسبقها حلفاؤها في ذلك نتيجة حملة الضغط العالمية، وعليه فإنه بالإمكان استغلال توالي قرارات المنع واحدًا بعد الآخر في زيادة زخم الحملة، وملاحقة الدول الأخرى التي تنوي تصدير هذا النوع من الأسلحة إلى الأنظمة الديكتاتورية، وإجبارها على مقاطعتها.

المرآة: هل امتناع كوريا عن بيع الغازات للبحرين يمثل إدانة للنظام؟

كان تصريح الحكومة الكورية واضحًا بأن وقف الشحنة جاء نتيجة "عدم الاستقرار السياسي في البحرين وبسبب وقوع قتلى جراء استخدام الغاز المسيل للدموع بالإضافة لضغط منظمات حقوق الإنسان الدولية”. نحن لا نحتاج لدول أو منظمات عالمية لتثبت لنا الواقع الذي نعيشه من انتهاكات يومية لحقوق الإنسان في البحرين، لكن إن كان هناك من يحتاج لدليل إدانة، فإلغاء صفقة بقيمة 28 مليون دولار لن يكون مبنيًا على إشاعات بطبيعة الحال، وهو يبين أن ادعاءات حكومة البحرين باحترام حقوق الإنسان، وصرفها ملايين الدولارات على شركات العلاقات العامة، لا قيمة لها قبالة التوثيق المستمر، من المواطنين أنفسهم، للانتهاكات التي يتعرضون لها، بالإضافة لتقارير المنظمات الحقوقية المحلية والعالمية، ذات المصداقية على الصعيد الدولي. علاوةً على أنها إدانة لانتهاكاتها لحقوق الإنسان، فإنها أيضًا إدانة لحكومة البحرين لهدرها المال العام على شراء الأسلحة لقمع المواطنين، بدل الاستجابة لهم و صرف تلك الملايين في حل مشاكل الإسكان، أو تطوير القطاع الصحي، أو قطاع التعليم وغيرها من مجالات التنمية في البلد.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus