» تقارير
بدرية العوضي: هذا فمك يدينك!
2011-07-02 - 1:40 م
مرآة البحرين (خاص):
على هذا فهي مع مبدأ التدخل الدولي في ليبيا. مع ثورتي مصر وتونس اللتين أعادتا "الشعور بالتغيير الجوهري الذي طرأ على جميع مناحي الحياة" حسب تعبير يرد في أحد مقالاتها. مع حقوق المرأة. وضد العنف إزاءها، كما أنها ضد التعذيب في السجون! لكن هذه الجذرية ستتعطل وهلة ملامستها الرمال الحارة في الجزيرة الصغيرة الجارة والوادعة وسط مياه الخليج. فها هنا ستغدو كل "القيم" معكوسة.
وكما هو مثير للغرابة، بل حتى التفاهة، قراءة "سي في" المستخدمة فوق بمعكوسها "في سي"، فالأمر مثله أيضاً، حين سنعرف أن من نظّرت بحشد النصو والمواد القانونية لتعديل مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول ذات السيادة الذي تتبناه الأمم المتحدة، لصالح التدخل الدولي في ليبيا من أجل "حماية السكان المدنيين"، هي نفسها من ستنظر بذات تقنية حشد النصوص والمواد للتدخل العكسري الخليجي، ولكن هذه المرة ليس من أجل "حماية المدنيين" إنما نظام الحكم الذي يقوم "بقتل المدنيين".
هنا سيتراجع الوازع الإنساني لدى الحائزة على جائزة "التفاحة الذهبية" ويحل مكانه وازع براغماتي صرف. وستكون "حماية الأمن القومي الإقليمي لدول الخليج العربية" مقدمة على "حماية الأمن الإنساني لشعب البحرين والخليج العربي".
ولا ضير لو سحل 30 محتجزا مدنياً أعزل أو يزيد ما دامت القضية قضية نصوص واتفاقيات أمنية بين دول الخليج العربي. في أحد مقالاتها المبتهجة بربيع الثورات تميز العوضي بين ما تدعوه "قانون الحاكم" و"قانون الشعوب". وتقول في شرح الأول إنه قانون تسيطر فيه الدولة على "السلطات الثلاث: التشريعية والتنفيذية وحتى القضائية، وتستمد شرعيتها من الدساتير والقوانين الوطنية المفصلة بإتقان لخدمة النظام الحاكم لا غير، مما يجعل مفهوم الدولة ينحصر في الإبقاء على سلطة ونفوذ السلطة الحاكمة من دون الاكتراث بحماية الأمن الانساني للمواطن". وهي ترى أن ربيع الثورة العربي قد قضى على هذا القانون. فأصبح بحسب تعبيرها "من الماضي القريب"، وقد حل محله مفهوم حضاري وإنساني وقانوني لمفهوم الدولة يعرف باسم "قانون الشعوب". وتوضح "يقصد به القانون الذي يعبر عن الإرادة الحقيقية والعادلة للشعوب العربية التي تستمد شرعيتها من الشعب الذي يهدف إلى تحقيق الأمن الإنساني للمواطن بالدرجة الأولى".
لكن العوضي، وهي تشرح لنا المبررات القانونية لتدخل درع الجزيرة "حماية للأمنين القومي والإنساني"، لم توضح لنا ما إذا كان هذا التدخل يقع ضمن "قانون الحاكم" أم "قانون الشعوب". وهل شكل الدولة الذي انتصر في البحرين بقوة العسكر هو "ما يعبر عن الإرادة الحقيقية العادلة للشعب" أم ذاك الذي "ينحصر في الإبقاء على سلطة ونفوذ السلطة الحاكمة".
الأمر طبعاً يتعدى مسألة تماهيها مع الثورات العربية الأخرى، واستثناء منها ثورة البحرين، إلى الازدراء بالمواطن البحريني نفسه في قبال المواطن الكويتي أو الخليجي بعامة. ففي ردها على حادث وفاة أحد المواطنين الكويتيينن تحت التعذيب وهو محمد المطيري، تكتب العوضي مطالبة بإنشاء "لجنة وطنية لمكافحة التعذيب".
وتقول في دواعي إنشاء هذه اللجنة "كون هذه الحادثة تعد انتهاكا صارخا للأمن الإنساني للفرد في حال احتجازه، أو لأي شكل من اشكال التوقيف، أو الاعتقال، أو السجن، أو باستجواب، أو معاملته من قبل رجال الأمن".
لكن موت 4 سجناء بحرينيين في مراكز التوقيف، لن يلاقي منها مثل هذه الصرخة. ولن يسترعيها، وهي تنافح في مقالاتها لأجل "حماية المرأة ضد العنف الجنسي" حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي الذي تعرضت له غير امرأة بحرينية ممن اعتقلن - مما قام مركز البحرين لحقوق الإنسان بتوثيقها وسيتاح لها توثيقها بنفسها أثناء عملها في اللجنة -. كما لو أن المواطن البحريني أقل رتبة من أشقائه الخليجيين.
بل أنها ستمضي في تقريع مواطنيها الكويتيين الذين ستصف انتقاداتهم لما حصل من انتهاك فاضح لحقوق الإنسان البحريني عقب دخول قوات درع الجزيرة بأنها "حماسية ذات طابع سياسي ونكهة طائفية". وما سيغلب على خطابها ليس خطاب حقوق الإنسان وقيمه أو "الأمن الإنساني للفرد في حال احتجازه" إنما ما تسميه "مبدأ الأمن الجماعي الملزم لدولة الكويت العضو في هذه المنظومة الخليجية". إنها حقاً امرأة محيرة. وأكثر حيرة منها دعوتها إلى لجنة يراد لنا أن نقتنع إنها حيادية.