في (مقصب) السلمانية: الشاب المصاب بالسكلر (علي القصاب) حين تفتح الهاوية ذراعيها
2013-12-05 - 3:53 م
مرآة البحرين (خاص): بعينين خضراوين مقبلتين على خُضرة حياة لم يعشها بعد، ووجه فتيّ وسيم لم يخط الزمن شاربيه بعد، ونظرة شاحبة ذابلة صدَّعها فرط المرض المزمن، وجسد يتلوى من ألم لا يستطيع حبسه أمام عائلته المبتلاة، يطالعنا الفتى المعتقل علي القصاب (18 عاما) بوجع مركب. اجتمع عليه المرض والاعتقال، وتنافس كل منهما بما يصيب من جسده ومن آلام روحه، وبما يبطش به أكثر.
هكذا فتية هذا الوطن، يواجهون مصير الاعتقال بدلاً من الرعاية والاحتضان. السلطة التي لا تكلّف نفسها (توفير أدنى درجات) الرعاية الصحية لفئة طالما نخر المرض في جسدها وطالما تكاثر ضحاياه (السكلر)، هي ذاتها التي تنشط في (توفير أسوأ درجات) المهانة والتعذيب والانتقام والتشفي والتهميش للفئة ذاتها، وتعزّز ذلك باعتقالهم وتعذيبهم ومحاكمتهم والنيل منهم دون اعتبار لحالاتهم المرضية المزمنة.
علي مصاب بالسكلر، ليس هذا جديداً على المجتمع البحريني المبتلى بهذا المرض، فضحاياه بالعشرات كل عام، وسط لا مبالاة السلطة وعدم اكتراثها. لكنه مع هذا المرض يعاني أيضاً من هشاشة العظام، وإعاقة جسدية بسبب تآكل في مفصل الحوض الأيمن، ومع كل ذلك يقضي عقوبة بالسجن.
اعتقل بتاريخ 23يوليو 2013، مثل غيره من الفتية الذين تغص بهم سجون النظام بدلاً من مقاعد المدارس والجامعات، اتهم بالتجمهر والشغب، وحكم بالسجن ستة أشهر، فيما ينتظر المحاكمة في قضية أخرى لم تكشف بعد!! ورغم وضعه الصحي الحرج، خضع لعملية جراحية بعد تعذيبه الوحشي بداية اعتقالة، نقل على أثر هذا التعذيب إلى المستشفى قرابة عشرين مرة، وفي كل مرة يتم إرجاعة للسجن دون إتمام العلاج.
لا يخلو استهداف (علي) من غرابة مثيرة للسخرية، تم الزج به في تهم لأحداث وقعت بينما هو في قبضة الجلاد، وبينما كانت سياط التحقيقات تنهال على جسده الصغير المستوي بعذابات المرض، قضى طريح الفراش في المستشفى متأثراً بالتعذيب الوحشي. وعندما تمت مواجهة الأمن بأنه كان في قبضتهم خلال تلك التواريخ التي يدّعونها، قاموا بتغيير التواريخ، لتوائم وجوده خارج المستشفى، ولتستخدم في تثبيت التهم الملفقة ضده!
مؤخراً، قضى (علي) قرابة الشهر في مستشفى السلمانية الطبي، فيما يفتقر لأبسط الاحتياجات داخل محبسه في المستشفى، أهمها المعاملة الإنسانية التي يحتاجها معتقل مريض بالسكلر المزمن والقاتل أحياناً. في المستشفى لم يكن السؤال حول التحسن في وضعه الصحي هو ما يشغل الطاقم الطبي المشرف عليه، بل: "متى سترحل؟ لقد طال بقاؤك هنا". منذ أن أدخل المستشفى حتى الآن، لم يخضع علي سوى إلى مرة أو مرتين في أحسن تقدير لفحص دم.
آلام (علي) تتزايد بعد أن تم تأخير جرعات الدواء من جرعة كل 8 ساعات إلى جرعة كل 12، وقد تم استبدالها بحبوب قد تجره للإدمان إن استمر في استخدامها. لكن الأدهى من الآلام، هو الضغط الأخير الذي يتعرض له (علي) لتحويله إلى مستشفى الطب النفسي، جراء تدهور حالته النفسية بسبب تردي الأوضاع حوله. أنقذوا علي من الهاوية.