"المحافظة" في لقاء مع مرآة البحرين: المركز مستمر في ملاحقة الجلادين حتى محاكمتهم دوليًا، ووصلتني تهديدات بالقتل

2013-11-15 - 11:28 م

مرآة البحرين ( خاص): في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر الجاري، تُختتم حملة (مركز البحرين لحقوق الإنسان) الخاصة بـ"ملاحقة الجلادين والمعذِّبين". عرض المركز خلالها بطاقات تعريفية  لنحو 58 جلاد ومنتهك لحقوق الإنسان تضمنت مسؤولين مباشرين، ومتسترين، ومن أعطوا الأوامر. الحملة استفزت السلطة ومواليها، وأزعجتهم بشكل كبير، كونها تعرّف الرأي العام الدولي بحقيقة هؤلاء وجرائمهم التي ارتكبوها ضد المتظاهرين والمعتقلين والمطاردين وعوائلهم.

لكن ماذا بعد انتهاء هذه الحملة؟ هل يمكن أن يتطور الأمر إلى ملاحقة دولية لهؤلاء الجلادين؟ حول هذا وتفاصيل أخرى، أجرت (مرآة البحرين) لقاءً مفصلاً مع (يوسف المحافظة)، مسؤول الرصد بمركز البحرين   لحقوق الإنسان، الموجود حاليًا خارج البحرين، والذي تعرّض، إثر دوره في هذه الحملة، إلى تهديدات واستدعاءات من جهات أمنية. فيما يلي نص الحوار:

مرآة البحرين: لماذا أطلق مركز البحرين لحقوق الإنسان حملته لنشر صور الضباط الجلادين والمعذبين كونهم مطلوبين للمحاكمة؟

المحافظة: بعد عشرات السنين من سياسة الإفلات من العقاب الرسمية، التي نتج عنها مقتل العشرات، وتعذيب الآلاف، وتهجير المئات وسرقة الآلاف، وبعد عامين تحديدًا من تقرير بسيوني، وعدم تنفيذ التوصيات الأساسية والجوهرية، بات واضحًا لدى كل من المنظمات الدولية، والأمم المتحدة، والمراقبين، والمنظمات المحلية، ولدينا نحن في المركز، أن العدالة لا يمكن أن تتحقق في ظل النظام القضائي الحالي في البحرين. هذا القضاء تم تعيين قضاته من قبل الملك، الذي هو طرف في الأزمة البحرينية.

لقد أصبح واضحًا أن القضاء أداة لدى الملك والنظام الحاكم لاضهاد المعارضة، فالأحكام المشددة ضد الناشطين وأصحاب الرأي، مقابل تبرئة المتورطين في الانتهاكات الحقوقية والقتل والتعذيب، أو تبرير جرائمهم. حتى الآن فإن كل المسؤولين عن الانتهاكات لا يزالون في مناصبهم، بل بعضهم حصل على ترقيات من ملك البلاد، وآخرون زارهم رئيس الوزراء في منازلهم؛ للتأكيد على سياسة الإفلات من العقاب، التي يقف وراءها رموز النظام الحاكم. هذا بالإضافة إلى مرسوم قانون رقم 56، الذي أصدره الملك في العام 2002، وأعطى حصانة للمسؤولين عن الانتهاكات منذ حقبة التسعينات.

مرآة البحرين: من تتقصد الحملة بالضبط، لأنها شملت ضباطًا أمنيين وشخصيات غير أمنية؟

المحافظة: الحملة لم تتضمن فقط الضباط والمعذبين من الأجهزة الأمنية كما يتصور البعض، بل تطال كل المتورطين في الانتهاكات الحقوقية بشكل عام من جهة، ومن قامو بالتستر على الانتهاكات الحقوقية أو تبريرها من جهة أخرى. هناك من يتحمل المسؤولية الإدارية، والأخلاقية، والأدبية، والقانونية عمّا يحصل في وزارته، وأيضًا كبار المسؤولين ممن قامو بإعطاء الأوامر.

مرآة البحرين: أين ستكون محاكمة هولاء أصلاً؟ هل تتوقعون أن يحاكمهم النظام مثلاً؟ ماذا تريدون بالضبط؟

المحافظة: نريد أن نخبر المجتمع الدولي أن هؤلاء مسؤولون قانونيًا عن انتهاكات حقوقية صارخة، وهناك ادعائات وشهادات حية وأدلة موثقة ضدهم، ونحن نطالب بمحاكمتهم في محاكمة دولية تتوافق مع المعايير الدولية للمحاكمات العادلة، وعندما يثبت أنهم مذنبون، يجب محاسبتهم، ونطالب المجتمع الدولي بفرض عقوبات فردية عليهم، ووقف التعامل معهم، أو التجارة معهم.

مرآة البحرين: ما هي الخطوة العمليّة التالية لحملة فضح الجلادين ونشر صورهم؟

المحافظة: سيصدر عن المركز بيان صحفي، في 23 من هذا الشهر؛ سنعلن فيه عن الخطوات القانونية القادمة للحملة، فهي لا تنتهي عند هذا التاريخ، بل تبدأ. هناك مشروع قانوني كبير لملاحقتهم قانونيًا على المستوى الدولي.

مرآة البحرين: هل تتوقعون النجاح في الملاحقة الجدية لهؤلاء الجلادين؟

المحافظة: لا شيء مستبعد، فالآليات الدولية تتيح للمنظمات الحقوقية وللقانونيين القيام بالعديد من الأمور.

مرآة البحرين: هناك من مؤيدي السلطة من قال أنكم تنشرون صور الضابط لأجل استهدافهم لاحقًا من قبل مجاميع ثورية، بماذا تعلقون على هذا الكلام؟

المحافظة: نشر صورهم هو من أجل فضح منتهكي حقوق الانسان على المستوى الدولي والمحلي، وإعلام المجتمع الدولي والمنظمات والقانونيين عن المسؤولين عن الانتهاكات الحقوقية الصارخة، التي وصلت في بعض الحالات إلى جرائم ضد الإنسانية. هدفنا، كما ذكرت، محاكمتهم لاحقًا، وهو عمل قانوني ومن صميم عمل منظمات حقوق الانسان. 

تقرير «التعذيب يبعث من جديد» لهيومان رايتس ووتش، عام 2010،  قام بتسمية المعذبين في التحقيقات الجنائية، لم يحاسبوا حتى الآن. إن بعض المسؤولين عن الانتهاكات، وبسبب سياسة الإفلات من العقاب، يغردون بكل تبجّح في تويتر، مثل عادل فليفل، وهناك من يهدد نشطاء بالقتل باسمه، و يضع صورته الحقيقة، وأيضًا ناصر ابن ملك البلاد قام بتهديد المواطنين بالملاحقة، خلال برنامج في تلفزيون البحرين، وهذا دليل بسيط يشرح للعالم لأي مدى يشعر المسؤولون عن الانتهاكات بالحصانة، وهذا ما يجعلهم يجاهرون بالقتل، ويهددون به في وسائل التواصل، وفي موقع اليوتيوب، وعبر التلفاز.

مرآة البحرين: من أين حصلتم على صور الجلادين والضباط؟ وَمن مِن الجلادين تبجح بالقتل؟

المحافظة: كل الصور حصلنا عليها من الفضاء الإلكتروني. أما بخصوص تبجح المسؤولين بما يقومون به من انتهاكات وحشية فأنا لم أكشف سرًا، دعني أخبرك عن حادثة: ذات مرة كنت مع الحقوقي المعتقل نبيل رجب في إحدى مسيرات المنامة، كان يحيط بنا العديد من كبار الضباط لمنعنا من ممارسة حقنا في التظاهر في العاصمة، وشاهدنا الضابط (علي الأنصاري)، قال له نبيل رجب: ألست أنت من سرق برادات جواد؟ فقال له: نعم أنا، وأنا أيضًا من قمت بالاعتداء على الشباب في مبنى الشاخورة. 

وفي حالات أخرى كان (بسام المعراج)، و(عيسى المجالي) وغيرهم، يخبرون المعتقلين بأسمائهم الحقيقية، ويكشفون عن وجوههم، ويقومون بتعذيب المعتقلين، ويقولون لهم أخبروا أهل مناطقكم ماذا فعلنا لكم لكي تكونوا عبرة لمن يفكر في التظاهر والاحتجاج ضد الحكومة. وهناك العديد من القصص لا يسعني ذكرها الآن.

هكذا هم المسؤولون عن الانتهاكات؛ يتفاخرون بممارسة الانتهاكات، وذلك بسبب التطمينات الرسمية بعدم محاسبتهم، والضوء الأخضر الذي يحصلون عليه.

مرآة البحرين: لكن ألا تخشون أن يتسبب نشر صور هؤلاد الجلادين في إقدام أحدهم على الانتقام منهم بصورة قد تضر موقعكم القانوني؟

المحافظة: السكان الأصليون في البحرين لا توجد لديهم ثقافة الانتقام، فكل المسؤولين عن الانتهاكات الحقوقية، ومن قاموا بوصف (الشيعة) في البحرين بأبناء الزنا، وأحفاد القردة والخنازير، و(النغول)، والخونة، والصفويين، يعيشون بيننا، ولم نرصد حادثة انتقام واحدة على مدى السنوات الماضية إطلاقًا، هذا الشعب ليس من عقيدته الانتقام، بل كل ما يطالب به، ونحن أيضًا، هو محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وفق محاكمة تتوافق مع المعايير الدولية للمحاكمات العادلة.

مرآة البحرين: ألا تشكل هذه الاستدعاءات الأمنية والقضائية، خطرًا على أمنك الشخصي أو حريتك؟

المحافظة: النيابة العامة متورطة في الانتهاكات الحقوقية، وفي التستر على جرائم القتل والتعذيب، وتبرير جرائم القتل والتعذيب، وقد أصدر مركز البحرين لحقوق الإنسان عدة بيانات عن دور النيابة في الانتهاكات. آخر بيان هو لوحدة التحقيق الخاصة، التي فشلت على مدى عام في محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، بل البعض منهم مثل (أحمد بو جيري)، الذي يحقق مع المعتقلين عادة في منتصف الليل، يتواطأ مع ضباط التحقيقات الجنائية، بحسب إفادات المعتقلين، وقام بنفسه بتهديد معتقلين للتوقيع زورًا وإرجاعهم للتعذيب، كما حصل مع الحقوقي السجين (ناجي فتيل)، وفي بعض الحالات يعتدي على الموقوفين بالضرب، كما حصل مع المعتقل (طالب علي).

مرآة البحرين: ما هي أولوياتك حاليًا في هذه الحملة؟  

المحافظة: حاليًا أنا خارج البحرين، وقد وصلتني عدة استدعاءات وتهديدات بالقتل، والتعذيب، والاعتقال، خصوصًا أنني الشخص الوحيد المعروف في مركز البحرين لحقوق الانسان الذي بقي ولم يسجن، نبيل رجب، وعبد الهادي الخواجة، وزينب الخواجة كلهم خلف القضبان، وأعضاء آخرون في الخارج، وهذه ضريبة ندفعها جميعًا، ويدفعها شعب البحرين.

حاليًا أنا منشغل في الخارج بالخطوات القانونية التي سنقوم بها لملاحقة المطلولبين للعدالة، وهذا العمل يتطلب مني التواصل مع المعنيين عن قرب في بعض الدول الغربية، وسيكون هذا المشروع هو أولوية عملي في الفترة القادمة. ولأننا   تعهدنا سابقًا، ونتعهد مجددًا، بالمسؤولية الأخلاقية تجاه شعبنا بأن نواصل العمل الحقوقي القانوني لملاحقة المنتهكين والمسؤولين عن القتل والتعذيب، دون كلل أو ملل، والعدالة ستأتي في يوم قريب لا محالة.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus