عباس بوصفوان*


تحدث إلي اكثر من مصدر مهم طالبا مني العودة إلى البحرين، وآخرها قبل نحو عشرة أيام، قال لي صديق ذو ثقل سياسي "بعد التدقيق، لا شيء ضدك في جهاز الأمن، حياك الله يا بو أريج في أي وقت"، وهو ذات الكلام ـ تقريبا ـ الذي وجهه رئيس جمعية الصحافيين الزميل عيسى الشايجي لجميع الصحافيين، حين قال: لا يوجد صحافي مطلوب في البحرين.

في الواقع، فإن القلق يتملكني، كغيري من الصحافيين، وأنا أشاهد زملاء لي في المعتقلات مثل الكاتب عباس المرشد والصحافي فيصل هيات والمصورين جميل الشويخ ومحمد العرادي، بتهمة التحريض على كراهية النظام، وهي تهمة تتصل مباشرة بحرية التعبير عن الراي.

وإذا أخذنا بالاعتبار التعذيب الذي تعرض له الصحافيون في السجون وفق شهادات موثقة (حيدر محمد، نزيهة سعيد، مازن مهدي) والكلام غير المسئول الصادر عن تلفزيون البحرين، والذي يقذف الناس بهتانا، والعدد الكبير من الصحافيين المفصولين، والإزدراء الذي يواجه به الآخر في الخطاب الإعلامي الرسمي وشبه الرسمي، نكون أمام خلاصة واضحة بأننا إزاء سياسة ممنهجة للتضييق على الحريات، والنيل من الخصوم المعبرين عن الرأي الآخر.

وإذا كان لي أن أتحدث مع رئيس جمعية الصحافيين الزميل عيسى الشايجي والزملاء الجدد في مجلس الإدارة، فإني أرى أنه قبل المطالبة بعودة الصحافيين المهجرين، فإن البداية المنطقية تكون بإطلاق سراح الصحافيين والمدونين والمصورين في السجون، ويبدو أن عددهم يصل إلى أكثر من عشرين شخصا، ووقف المحاكمات ضدهم، وكذا عودة الصحافيين المفصولين إلى أعمالهم، وهؤلاء يصل عددهم إلى أكثر من 80 شخصا. ويمكن لجمعية الصحافيين في هذه الحالة ن تساهم في التهدئة، ذلك إن الإفراج عن المعتقلين يظل إحدى أهم شواغل الناس أيضا، وليس فقط الجسم الصحافي.

على أن ذلك لن يكون كافيا لعودتي أو عودة الصحافيين الآخرين، ذلك أن الكتابة تستدعي مناخا جاذبا للحريات، وليس طاردا لها، كما هو الوضع الراهن، الذي تتوقع فيه السلطة أن يغني الجميع أغنيتها الكريهة. وهذه مسألة ترتبط بخيارات السلطة التي مازالت ترفع خيار الأمن أولا، وهي قصة أكبر من الجمعية، كمؤسسة يفترض أن تركز على البعد المهني.

كجسم صحافي، ونحن نعرف الأجواء غير المؤاتية لعمل الصحافة، وأنا أدرك أن عددا من الزملاء الذين تشكل منهم مجلس الإدارة الجديد يتفقون معني على ذلك، دعونا نأمل من مجلس الإدارة الجديد أن يكثف تحركاته لضمان الحريات، وأن تكون أولويته  الافراج عن الزملاء في السجون، والذي يعانون الأمرين بسبب ذلك. والبعد الإنساني على الاقل، يجب أن يكون حاضرا هنا، ونحن نرى أسراً تعيش أوضاعا مضطربة ماديا ونفسيا بسبب الغياب القسري لمعيلها.
ودعونا نأمل أن يرفع الزميل الشايجي ومن معه من الزملاء شعار "اختلف معك في الراي، لكني مستعد لدفع حياتي ثمنا لحريتك".

*كاتب وصحافي بحريني.