قال إيه قال إسقاط النظام!
محمد نجم - 2011-06-23 - 9:09 ص
محمد نجم
سيحق لكل الأنظمة العربية التي عصف أو سيعصف بها الربيع العربي أن تحاسب المحتجين على شعارات إسقاط النظام أمنيا أم قانونيا إلا النظام البحريني لسبب بسيط وهو أن النظام سقط بالفعل وما يجري الآن لا علاقة له بأي نظام من أي نوع.
بينما هيئة شون الإعلام تتجه لمحاكمة روبرت فيسك والاندبندنت، يدعو مستشار جلالة الملك لشئون الإعلام نبيل الحمر لتهدئة الخطاب الإعلامي ليظهر بعد ساعات برميل الأكاذيب سعيد كاديلاك متحدثا شاتما كل معارض. وتجبر الشاعرة آيات القرمزي على الاعتذار الكارتوني الذي يعلم منظموه قبل غيرهم أنه لا يلزم أحدا بشيء في ظل هذا الإرهاب بل يحرج الدولة بشكل أكبر.
أي نظام يمكن الحديث عنه وفيما كان وزير العمل جميل حميدان ووكيل وزارة الخارجية عبد الله عبد اللطيف يكافحان وهما يمسحان عرق الخجل أمام مرعب الحكام مدير منظمة العمل الدولية خوان سومافيا في جنيف ويدوران في دهاليز مؤتمر العمل الدولي لإقناع العالم بأن حقوق العمال مصانة، تقوم الشركات الحكومية في الفترة نفسها داخل البحرين بتهديد النقابيين بالمحاكمة والسجن إذا لم يستقيلوا من النقابات وتقوم التأمينات الاجتماعية بطرد ممثلي الطرف العمالي من مجلس الإدارة لكي يسرح ويمرح رئيسها التنفيذي محمد بن عيسى بأموال الشعب ويصبح رئيس مجلس الإدارة الجديد عارف خميس نكتة المتندرين في مجلس الدوي بالمحرق وهو يبرر طرد ممثلي العمال بعذر أقبح من ذنب، وهو أن الرئيس التنفيذي أخبره بصحة القرار فيضحك الجمع متسائلين من الرئيس ومن المرؤوس وكيف يعلو الرئيس التنفيذي رئيس مجلس الإدارة. وأما ما كان من أمر وفد المملكة السعيدة ممثل الحكومة بمؤتمر العمل الدولي بجنيف فهو الذهول وهو يرى كيف تنشط لوبيات حكومات وعمال العالم ضد انتهاكات البحرين وهو يردد كالمهلوس وقد سمع بخبر تهديد الشركات وقرار التأمينات "هذا اللي كان ناقصنا".
ويتندر أحد كبار المسئولين الخليجيين بوزارة عمل دولته من المشاركين في المؤتمر الدولي بجنيف على حكومة البحرين، ويقول "ربعكم أغبياء حقا، على الأقل كان يمكنهم أن يتريثوا حتى انتهاء المؤتمر، لأنهم بهذه التصرفات أعطوا حركة النقابات دفعة أكبر ضد البحرين".
لكن المسئول الخليجي الساخر لا يعلم أن البحرين ليس فيها منذ إعلان السلامة الوطنية أي نظام، فهي حارة كل من إيده إله، وما يحدث هو أن كل فريق يقرر وينفذ ما يريد بعيدا تماما عن حسابات السمعة والتوقيت والموقف الدولي.
وفي الرفاع حيث يقع محل رامز الذي طالما كان داعما للنظام والبلطجية وفاتحا على حسابهم "ماجلة" دائمة، عسكر الأمن العام أمام محله فامتنع الناس هلعا من التسوق لديه حتى بارت تجارته. وعندما طلب منهم تحريك نقطة التفتيش قليلا للوراء مذكرا بولائه للنظام، جاءه الرد قاسيا "مو شغلك".
أما ما حدث من نقباء الأطباء والصحافة المعينين من هجوم على زملائهم فهو الآخر دليل على فقدان اللياقة واللباقة أو "الذرابة" على رأي الكويتيين إذ من الطبيعي على النقيب ولو من باب العلاقات العامة أن يضع بينه وبين الحكومة مسافة ولو ظاهرية لكي يصبح لنقده للمعارضة معنى. أن يقول مثلا على الأقل بغض النظر عن أخطاء المتهمين يجب أن لا يتعرضوا للأذى أو أن يوكل محامين عن زملاء المهنة أو أن ترعى الجمعية المهنية مصالح عوائلهم وتركز على الأقل على الشق الإنساني بعيدا عن البعد الجنائي، لكن تصريحات رئيس جمعية الأطباء الدمية الغبية نبيل الأنصاري وتصريحات ما يسمى بجمعية الصحافيين وأعضاءها الذين لا يحسنون الإملاء العربي والذي هو أدنى مقومات الكتابة، والذين بينما يكيلون التهم للناس بالانتماء للفرس، لا تخلو مقالة لأسامة الماجد أو طارق العامر وأشكالهم من أخطاء سهلة على طالب الابتدائية، جاءت اتهاماتهم قاسية على زملائهم أكثر من الحكومة، بحيث أن الوزيرة فاطمة البلوشي هي التي أكدت على دفع رواتب الموقوفين وليس جمعية الأطباء، وأن رئيس هيئة شئون الإعلام فواز بن محمد تحدث عن الحرية أكثر مما تحدث عنها عيسى الشايجي رئيس جمعية الصحفيين وهو مؤشر على أن الدولة لا تحسن أبدا تدريب بلطجيتها بمؤسسات الغونغو المدنية ليظهروا على الأقل أكثر إقناعا للحركة المدنية العالمية. وبعد هذا كله تتساءل بوق النظام النافخ سوسن الشاعر " ويه .. اشفيهم ما يصدقونا".
وبينما يبعث "مطراش رئيس الوزراء" خليفة الظهراني رسائل طيبة ومطمئنة لمنظمات المجتمع تدعو لاستلهام الدروس والعبر من الأحداث والمشاركة في حوار التوافق الوطني، تمنع السلطات ممثل مركز التضامن العمالي الأمريكي بدول مجلس التعاون من دخول البحرين وتحيل قوى الأمن رؤساء النقابات للقضاء العسكري وتواصل فصل المدرسين والعاملين الصحيين وتعتدي على رجل سبعيني كان يصلي الفجر بالنويدرات.
ويقول مراقب مخضرم للوضع، أنه يستغرب من هذا النظام فحتى ما يعرف بتقرير صلاح البندر الشهير، والذي كشف فيه عن إستراتيجية النظام بتشجيع بروز طبقة شيعية ليبرالية معتدلة تهمش من هيمنة طبقة رجال الدين على الشارع الشيعي لم يعد مطروحا فالثابت اليوم أن الهجوم يستهدف بشكل أكبر طبقة معتدلي وليبراليي الشيعة وهي التي كانت هي عماد ثورة 14 فبراير وهو هجوم أدى بحسب المراقب إلى تعزيز قوة رجال الدين وحلفائهم في الوفاق أكثر من أي وقت مضى.
هكذا يبدو النظام اليوم وقد سقط، فيما يحاسب الناس بشكل كاريكاتوري على المناداة بإسقاطه. تماما كالزوجة التي غضب منها زوجها في المنتزه لأنها اعتلت أحد الألعاب التي تكشف لباسها الداخلي لكنها ردت بغباء بديهي "لا تزعل لقد خلعته".