حوار أم ندوة عامة؟
مقالات أخرى - 2011-06-23 - 9:04 ص
محمد أحمد
بدأت مبكراً عملية "تمييع" الحوار الذي أعلنته السلطات في البحرين من خلال إبعاده عن المطالب الرئيسية للمعارضة والتي نادت بها الاحتجاجات التي اندلعت في 14 فبراير/ شباط، وهي عملية تتم بإرادة السلطة وبإشرافها وتنفيذها أيضاً.
على المستوى الأول، تحاول السلطة توجيه الحوار نحو مطالب معيشية عادية جداً كالرواتب والإسكان وغيرها، عن طريق تجمع الوحدة الوطنية، وهو التجمع الذي فرضته السلطة لخلق معادلة تجمع موالٍ في قبال تجمع معارض، وهو الأمر الذي بدأ فعلياً مع إلقاء رئيس التجمع عبداللطيف المحمود خطاباً في الحد بعد زيارة العاهل البحريني مساء أمس للمنطقة.
المستوى الثاني، هو ما أعلنه أمس مدير الحوار رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني، حين أكد دعوته لحوالي 300 جهة وشخصية للحوار، جزء منها جمعيات سياسية وجزء عبارة عن جمعيات مجتمع مدني وشخصيات وإعلاميين، وهو الأمر الذي يعطي توقعاً حتمياً بأن يتحول الحوار لندوة أكثر منه حوارا يعالج قضايا رئيسة تتعلق بإصلاحات جذرية ما زالت الاحتجاجات تتواصل في المطالبة بها.
وإذا ما ربطت دعوة الظهراني بتصريحه قبل يومين بأن الدعوة وجهت لبعض الجهات لترشيح عدة شخصيات لتمثيل هذه الجهات في الحوار ويصل هذا التمثيل إلى 4 أشخاص، فإن النتجية تكون حضور مالا يقل عن ألف شخص.
ولا تعكس ممارسات السلطة أبداً جديتها في الحوار، بلحاظ الممارسات المستمرة لما قبل الدعوة وما بعدها في انتهاكات حقوق الإنسان، فعمليات الفصل والتسريح من العمل مستمرة، والاعتقالات هي الأخرى، والحظر على حرية التعبير والرأي، إلى جانب استمرار المحاكمات للمتظاهرين، وعدم الإصغاء أبداً لمطالب تهيئة الأجواء بالرغم من دعوة أكثر من جمعية سياسية اعلنت دخولها الحوار.
فجمعيتا المنبر التقدمي والتجمع القومي قد أعلنتا فعلاً دخولهما الحوار بمطلب رئيس هو تهيئة الأجواء وإطلاق سراح المعتقلين، إلى جانب إعلان جمعية "وعد" ذات الأمر وبطريقة مشابهة عبر بيانها، لكن ردة الفعل الرسمية كانت الصمت تجاه هذا المطلب.
يضاف إلى ذلك نهج الإعلام الرسمي المستمر في الشحن والتحريض بنفس الوتيرة، والتلميح والتصريح عبر التلفزيون الرسمي بأن الحوار سينطلق بوجود المعارضة ومن دونها، الأمر الذي يؤشر إلى توجه رسمي لجعل الحوار شكلياً أكثر من فعلي.
إلى جانب كل ذلك، يستحضر في هذا الجو تصريحات من شخصيات دولية مع انطلاق دعوة الحوار بداية الشهر الجاري، والذي رحبت فيها بهذه الدعوة وأردفتها بمطالبات دخول المعارضة للحوار وكونها طرفاً رئيساً فيه، وأنه "لا يمكن اجراء حوار فاعل وجزء من المعارضة في السجن"، وهو ما جاء على لسان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وأيضاً في موقف البيت الأبيض والعديد من الدول الأوروبية.
ويتضح من خلال ذلك أن السلطة قصدت في هذه الجولة أن تجري الحوار بطريقة ما بعيداً عن إرادة الشارع كإجراء شكلي خالٍ من المضمون لإيهام الرأي العام الدولي باستجابتها للمطالب الشعبية، وطرح العديد من المطالب الشكلية في هذا الحوار عن طريق من يتم إشراكهم فيه من مواليها للخروج بنتائج مضمونة لصالحها.
وبين كل ذلك، لازالت تساؤلات المواطنين البحرينين تثار حول موقف جمعية الوفاق الذي سيمثل توجه المعارضة الرئيسي من الحوار، فالدخول أو المقاطعة يعنيان على السواء موقفاً تاريخياً وحاسماً تجاه المطالب واتجاه الشارع.