معكرات الحوار: تلفزيون ينشر الكراهية وشارع مفتتن بالقول: لا عفو!

2011-06-22 - 3:00 م




مرآة البحرين (خاص): تمثل المحاكمات العسكرية والأحكام المشددة - آخرها تلك التي أعلن عنها اليوم -، أهم معكرات أجواء الحوار الوطني االمقرر أن يبدأ مطلع الشهر المقبل برئاسة رئيس البرلمان خليفة الظهراني، هذا إذا تجاوزنا المعيقات البنيوية الأساسية المتعلقة بطبيعة طاولة الحوار وآليته وأفقه وأطرافه وموضوع مطالب المعارضة. وهو الحوار الذي تمت دعوة 300 شخصية  للمشاركة فيه من 60 مؤسسة رسمية في البحرين من جميع القطاعات.
 
لكن فيما يبدو فإن المعكر المهم هو ما يمثله الإعلام الرسمي اليوم، لاسيما تلفزيون البحرين، بالوجه الكريه الذي يظهر به. هناك قناعة راسخة لدى كثير من قطاعات الشعب البحريني عن مسئولية التلفزيون في تعميق الشرخ الطائفي. وفي ظل  أجواء طالبت فيها الحكومة بالتهدئة لبدء الحوار الوطني الذي دعا إليه الملك يستمر التلفزيون في بث خطابات الكراهية.

من بين البرامج التي هي مكان جدل في الشارع برنامج "الراصد" الذي يحاكم فيه المعارضون والمشاركون في دوار اللؤلؤة بطرق شتى ومن ثم إلقاء القبض عليهم أو توقيفهم عن العمل أو فصلهم في اليوم التالي. الحال نفسه بالنسبة إلى برنامج "كلمة أخيرة" وأيضاً برنامج "حواري" الذي تعرض فيه اعترافات "التائبين" بينما هم لما يزالوا يرزحون في السجون. بإسلوب لا يمكن لأحد أن يصدق أنها اعترافات لم تؤخذ جبراً أو تحت التعذيب.
 
وكانت آخر تلك الاعترافات ما تم عرضها على لسان الشاعرة آيات القرمزي والتي حكم عليها بالسجن مدة سنة واحدة. حيث ظهرت في شريط مصور وهي تعتذر من الملك والحكومة على القصيدة التي ألقتها في دوار اللؤلؤة إبان الانتفاضة. لكن في نفس الوقت الذي تمكنت فيه من تسريب قصيدة مطولة تشرح للناس الضغوط التي واجهتها والتعذيب الذي لقيته من أجل تسجيل اعترافها أمام عدسة تلفزيون البحرين.

وتقول أبيات القصيدة:

أنا لستُ راكعةً لمخلوقٍ..بلى
للهِ..للشعبِ العظيمِ ولائي
 إن أكرهوني باعتذارٍ حسبهم  اللهُ يعلمُ نيتي وبلائي
 والشعبُ ثارَ ولن يُصدّقَ مكرَهم  الله أكبرُ  ثورةٌ بسمائي




قبال كل ذلك، لا يبدو أن الشارع الآخر بقيادة رئيس تجمع الوحدة الوطنية الشيخ عبد اللطيف المحمود مكترثاً بالمساهمة في وضع مخرج حقيقي للأزمة. وهو على العكس يسهم في مفاقمتها بتشدده غير المبرر بأن يكون المعادل النقيض لكل ما تطرحه المعارضة. من دون مشروع واضح للتغيير أو المستقبل. فإذا كانت مطالب الشارع الذي يمثله لا تعدو مطالب خدمية ومعيشية، وهي مطالب مشروعة قد حصل على وعود بالنظر فيها، فهو في المقابل لا يساعد على تشجيع الحكومة في النظر إلى مطالب الشارع الآخر، وهي في جلها مطالب سياسية، وهي الأخرى مشروعة.
 
وقد ظهر المحمود أثناء زيارة الملك إلى مسقط رأسه في الحد مطالباً ب "تشديد العقوبة على المعارضين الذين جرت محاكتهم اليوم". وقال "تطبيق القانون على جميع من ارتكب جريمة في حق الوطن أمر لا نتنازل عنه، ولا نقبل بالعفو أو الصفح عنهم". كما رفض "تغيير رئيس الوزراء الحالي" داعياً إلى "عدم قبول الضغوط من بعض القوى الكبيرة" في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية.

وبالفعل فقد جاءت الأحكام المتشددة اليوم متناسبة مع الصوت المرتفع الذي يمثله المحمود. وقد سبق لشارعه أن رفع صور المشانق مطالباً بتعليق قيادات المعارضة عليها. وهو أمر مستغرب كون أنه في وقت سابق كانت نفس هذه الاتهامات التي ووجه بها من حكموا اليوم يواجهها عدد من المنتمين إلى الشارع الذي يقوده. فيما عرف ب "الخلايا النائمة". لكن أحداً لم  يرفع المشانق لها أو طالب بذلك.
 
سيكون على المحمود إن أراد مساعدة السلطة على الدخول في حوار ينتج استقرارا طويل الأمد للبحرين أن يخفف كثيراً من غلواء شارعه. وفي المقابل، قيام السلطة بدفع تلفزيون البحرين إلى مواقف أكثر وطنية. لا تلغي أي مكون من مكونات المجتمع وإظهاره كما لو كان قيمة فائضة في التركيبة الوطنية. أو وجب "تخفيض نصف وزنها" على ما أشارت إحدى الصحفيات المحسوبة على الحكومة اليوم في دعوة صريحة للإبادة الجماعية.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus