إميل نخلة: أفكار خاطئة حول البحرين

إميل نخلة
إميل نخلة

2013-09-17 - 7:45 م

مرآة البحرين (خاص): هل أصبح الحلّ في البحرين مرتهناً إلى تسوية الملفات الإقليمية العالقة في المنطقة؟ هذا واحد من الأسئلة التي تطرح، كاستنتاج، منذ أن تدخلت السعودية لسحق اعتصام مركزي في العاصمة المنامة العام 2011، وكتكهن لمآلات الأزمة السورية التي تشي باحتمال إعادة هيكلة الموازين في المنطقة بين السعودية وإيران. 

لكن البروفيسور في جامعة «نيو مكسيكو»، إميل نخلة، وضابط المخابرات السابق في «سي آي إيه» الذي سبق له أن ألّف كتاباً حول التطور السياسي في البحرين، قدّم مقاربة أخرى على العكس تماماً. قال «الملفان منفصلان تماماً». 

ويرى في حوار مع «مرآة البحرين» أن «نظام آل خليفة يأمل بادّعاء كهذا أن يقنع بعض البحرينيين وآخرين في المنطقة أنه لا يمكن معالجة الملف البحريني ما لم يتم معالجة الملف السوري». لكن هذا غير صحيح برأيه. كيف ذلك؟ فيما يلي مقتطفات من الحوار معه من أجل تسليط مزيد من الضوء حول هذا الرأي.

مرآة البحرين: هل يؤثر استمرار الأزمة السورية أو حسمها، ولو بالضربة العسكرية، على إمكانات التسوية في البحرين؟

إميل نخلة: ليس من المفترض أن تؤثر الأزمة السورية وحلها سواء كان نتيجة لضربة عسكرية أو لا بشكل مباشر على إمكانية تسوية الأزمة الحالية في البحرين. إن أساس الخلاف في البحرين يتلخص في رفض حكم الأقلية السنية (آل خليفة) الاستجابة إلى المطالب الشعبية التي تدعو إلى إجراء إصلاحات سياسية ومشاركة في صنع القرار ووقف التمييز الإقتصادي والسياسي ضد ااشيعة الذين يشكلون الجزء الأكبر من البلد. ومن الجدير ذكره أن مطالب العدالة الاجتماعية في البحرين التي تعود إلى خمسة عقود لم تكن أبداً طائفية شيعية- سنية. في الواقع، لعب ناشطون سنيون مؤيدون للنظام دوراً أساسياً في أوائل السبعينيات في مطالبة حكومة الشيخ عيسى وأخيه رئيس الوزراء خليفة بالمشاركة في النظام وتحسين ظروف العمل ودعم النقابات ووضع العائلة الحاكمة لسياسة اقتصادية أكثر شفافية، خاصة بما يتعلق بالموازنة. بالإضافة إلى ذلك، انتقد رجال أعمال بحرينيون مرموقون أكثرهم من الطائفة السنية إصرار رئيس الوزراء على أخذ الحصة الأكبر من العقود سواء بالوكلات أو البناء.  هذه القضايا المذكورة كانت جزءاً من تاريخ البحرين منذ استقلالها ولا تمت إلى الأزمة السورية الحالية بصلة. وسيكون ربط استمرار حملة القمع العنيفة على المعارضين بالأزمة السورية أمراً مخادعاً وغير صادق من قبل النظام. وحتى زعمهم أنه ليس بوسعهم القيام بشيء حتى تهدأ الأوضاع في سورية هو تحريض قاسٍ لكسب الوقت وإبعاد نظر العالم عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسونها على شعبهم.

المرآة: هناك من يرى أن التسوية في البحرين، وما أضافه التدخل السعودي عليها من تعقيد، أصبحت مرهونة بتسوية شاملة في المنطقة. وعلى رأس ذلك، تسوية الملف السوري. إلى أي حد تتفق مع ذلك؟

نخلة: من غير الصحيح ربط التسوية المحتملة في البحرين التي تم تعقيدها بالتدخل السعودي بنطاق أوسع، فسقوط الأنظمة الديكتاتورية في تونس ومصر واليمن وليبيا منذ سنتين ونصف حصل لأن شعوب هذه الدول طالبت بذلك ولم يربطوا مطلبهم بقضايا إقيليمية. فتسوية الأزمة السورية أو إعادة هيكلة موازين القوى في المنطقة بين السعودية وإيران، على سبيل المثال، لا يمتان بصلة إلى مطالب الشعب البحريني بالإصلاحات والعدالة الاجتماعية. وبغض النظر عما يدور من أحداث في المنطقة، يجب أن تعالج مشاكل وضع يد النطام على اقتصاد وسياسة البلد والاستقصاء التصنيفي لأكثرية الشعب لعدم وصوله إلى وظائف رفيعة المستوى بما فيها الجيش والأجهزة الأمنية ومؤسسات التعليم العالي في البحرين. كما ويجب على السعودية، المناصر الأساسي للأقلية السنية التي تسيطر على النظام في البحرين، أن تدرك أن استمرار عدم الاستقرار في البحرين على الأمد الطويل لا يخدم مصالحها أو علاقاتها الإقليمية بما فيها علاقتها مع إيران. لذلك يجب أن تشدد الرئاسة السعودية وخاصة وزير الداخلية محمد بن نايف على نظام آل خليفة ضرورة الوصول إلى تسوية مع المعارضة، فإعادة استقرار النظام في البحرين على أساس شراكة بين البحرينيين وآل خليفة من شأنه أن يساعد السعودية في دبلوماسيتها الإقليمية وتصميمها على قطع محور إيران- سوريا- حزب الله الذي كان خصمها لأكثر من ثلاثة عقود. 

المرآة: أصبحت البحرين وسوريا بؤرتين للصراع السني الشيعي. وبدرجة ما، انقسام المحاور الإقليمية في المنطقة؛ فالقوى التي تدعم التغيير في سوريا، هي ذاتها التي تدعم النظام البحريني، والعكس. كيف يمكن أن يؤثر ذلك على مستقبل أي تسوية في البحرين؟

نخلة: في السنوات الأخيرة، ظهر تياران إيديولوجيان/ طائفيان في الشرق الأوسط؛ تيار سني يقوده ائتلاف المستبدين السنة بما فيها السعودية وبعض دول مجلس التعاون الخليجي خاصة البحرين والإمارات المتحدة العربية، وتيار شيعي بقيادة إيران والعراق وحزب الله. ولم تكن استراتيجية سوريا في الانضمام إلى المحور الثلاثي القديم إيران- سوريا- حزب الله على أساس الانقسام السني الشيعي في المنطقة بل كان من إدراكها لمصالحها الاستراتيجية على الأمد الطويل كلاعب أساسي أعلن عن قيامه في المنطقة.  فعندما أيدت سوريا حرب إيران على العراق منذ أكثر من ثلاثين عاماً كانت الدول العربية تدعم العراق، فمن الواضح أن سوريا لم تفعل ذلك لأسباب دينية أو طائفية بل بسبب نزاعها المذهبي والسياسي والجغرافي مع العراق. وهكذا، فإن انتهاكات نظام الأسد الحالية للمعارضين السوريين وقتل الآلاف منهم لا يقوم على أساس ديني بل على مزاعم النظام السخيفة أن مطالب الحرية والديمقراطية في سوريا يقودها ويتحكم بها "إرهابيون مسلحون أجانب". حان الوقت ليوقف آل خليفة ومناصروهم استعمال حجة الطائفية كعذر للحفاظ على نظامهم القمعي. 

المرآة: تقلل كثيراً من احتمالات أي تداخل بين الملفين السوري والبحريني. وهي على ما يبدو، عكس المقاربة التي يعتمدها النظام في البحرين، وتستشعره أطراف المعارضة بوضوح. رغم أن معلومات أفادت مؤخراً عن مساعي سويسرية إلى أخذ أطراف الأزمة البحرينية للتحاور سرّاً في جنيف. هل سيناريو «جنيف 2» المرتقب من أجل حل الصراع في سوريا قابل للتكرار من أجل البحرين؟

نخلة: ما تؤكده إجاباتي أعلاه أنه لا يوجد علاقة بين الأزمة السورية واستمرار انتهاكات النظام البحريني لحقوق الإنسان والحملة الدموية لفرض النظام على المتظاهرين البحرينيين السلميين. هذا وقد بذلت بعض الجماعات والحكومات الأوروبية المناصرة لحقوق الإنسان، من ضمنها سويسرا، جهوداً باسلة تستحق الثناء لبدء عملية حوار حقيقي بين النظام البحريني والمعارضة بما فيها جمعية الوفاق. وبحسب ما نقلته تقارير وسائل الإعلام، إن بعض الاجتماعات قد عقدت بعيداً عن الأضواء ولم تكن هذه الجهود مرتبطة بالضرورة بالأزمة السورية؛ فمن الظلم أن يزعم آل خليفة رابطاً بين ما يسمى الملف السوري والملف البحريني. في الواقع، يأمل نظام آل خليفة بادّعاء كهذا أن يقنع بعض البحرينيين وآخرين في المنطقة أنه لا يمكن معالجة الملف البحريني ما لم يتم معالجة الملف السوري. لكن لماذا لا يمكن معالجة الملف البحريني؟ فالمطالب الشعبية البحرينية لحقوق الإنسان سبقت النزاع السوري وستستمر حتى بعد انتهاء الأزمة السورية إن لم تُتخذ الإجراءات اللازمة. هذا وكان للدول الأوروبية بما فيها سويسرا دور في الإدانة السويسرية التي استمرت لبعض الوقت على سياسات الحكومة البحرينية العنيفة والمستبدة ضد الأكثرية البحرينية، وإعلان حقوق الإنسان الأخيرالذي وُقَع من قبل 47 دولة ما هو إلا دليل على استمرار الجهود. الملفان منفصلان تماماً، ولا يمكن للنظام البحريني أن يستمر بالظهور أمام المجتمع الدولي من دون أن يعاقب على هذه القضية.  

 

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus