«سلمان مهدي» أصغر المعتقلين السياسيين: تعرضت للتعذيب في مركز شرطة البديع وشتموا والديّ أمامي

 سلمان مهدي
سلمان مهدي

2013-09-13 - 6:33 م

مرآة البحرين (خاص): أصغر معتقل سياسي في البحرين، الطفل سلمان مهدي (13 عاما)، يخرج عن صمته بعد 3 أيام من الإفراج عنه، ويفصح ل"مرآة البحرين" عما تعرض له يوم اعتقاله في 11 أغسطس/آب الماضي.

وجوه من قاموا بضربه باتت محفورة في ذاكرته، معاناته في جلسات المحاكم والتحقيق طوال 27 يوما جعلته رجلا في هيئة طفل، لم يرحموا سنه الصغير، ولا جسمه النحيل، وعجز والداه عن حمايته من بطشة الجلادين.

بدا واضحا القلق المرتسم على ملامح وجهه البريء، رجلاه لم تتوقفا عن الاهتزاز طوال الوقت، يداه كانت ترتعدان فكان يطبقهما على بعضهما علهما تصطلبان، عيناه لم تتوقفا عن الالتفات يمينا وشمالا، وحدها والدته من استطاعت تهدئته وحثه على الكلام بلا خوف، حينها انطلق في الحديث بطلاقة فأثار بذلك استغراب والدته وفرحتها في نفس الوقت، لقد استطاع ابنها أخيرا البوح بما عاناه في المعتقل.

حديث رجل بهيئة طفل: تعرضت للتعذيب

انطلق الطفل سلمان في الحديث فكان أول جملة قالها: نعم، لقد ضربوني يوم اعتقالي في مركز البديع، فبمجرد وصولي إلى مركز البديع أخذني شرطيان وضابط وصعدوا بي للطابق العلوي وعندها بدأوا بضربي على وجهي بقوة وبشكل متواصل، وهددوني بالمزيد إن لم أقل ما يريدونه أو اشتكيت لأحد بأنهم ضربوني. وكانوا بين فترة وأخرى يهددوني باعتقال أمي وأبي، لذا عندما ذهبت للتحقيق مع ضابط المركز اعترفت بكل ما يريدونه خوفا من تعرضي للضرب مرة أخرى.

ويواصل الطفل حديثه حول ما جرى عليه في مركز البديع: كانت أصعب لحظة عندما رأيت أبي يهان أمامي وينعتونه بالكذاب، فهم كانوا يريدون أن يعترف بأني قمت بأعمال شغب وهذا ما لم يقبله أبدا، أما والدتي فهي أيضا لم تسلم من التهجم عليها وشتموها أمامي، كما هددوها بإبقائي بالسجن إن لم تعترف علي.

في المحكمة: كنت أريد احتضان والديّ فقط

سرد سلمان معاناته في جلسات المحكمة بشكل مثير، بات يعرف تماما مصطلحات المحكمة وإجراءاتها "حضرت أربع جلسات بالمحكمة، وكل مرة أدخل على القاضي كان يؤجل القضية أسبوعا آخر والسبب عدم وصول تقريري من مركز الأحداث، وقد تعب والداي وهم يترددون على مركز البديع ومركز الأحداث والنيابة بحثا عن التقرير لأنني كنت متأكدا أنه في سيكون في صالحي".

يضيف سلمان "أذكر خلال رحلاتي الأربع إلى المحكمة بعض المواقف التي لن أنساها أبدا، وأكثرها إيلاما هي عندما شاهدت والدي من بعيد، كنت أريد أن أسلم عليهما وأعانقهما، توسلت للضابطة بأن تتركني أذهب لهما لكنها خافت فالأوامر تمنع منعا باتا اتصالي بهما أو رؤيتهما، فما كان مني إلا أن صرخت بصوت عال: أبي، أمي أنا هنا"

أما الموقف الآخر، الذي زاد من القلق والخوف في قلبي، هو حين كانت الضابطة تلف معي القاعات واحدة تلو الأخرى بحثا عن ملفي، كنت أعلم بأن عدم وجود الملف سيعني تأخر محاكمتي وبالتالي تأخر الإفراج عني.

والموقف الذي أثار حنقي وغضبي هو عندما أجل القاضي الإفراج عني والسبب هو عدم اهتمام الجهات المسؤولة في إيصال تقرير الأحداث الخاص بسلوكي للمحكمة، وأذكر بأن القاضي قال لي حرفيا: لا أستطيع الإفراج عنك بسبب عدم وجود تقرير مركز الأحداث.

ترقب المجهول

يصف سلمان مشاعره بعد الإفراج عنه "كان عندي إحساس قوي بأني سأخرج فالمدرسة على الأبواب وجميع من في مركز الأحداث يشيدون بي وبسلوكي، لكن فرحتي هذه منقوصة فأنا انتظر الجلسة الخامسة في 24 سبتمبر/أيلول الحالي وخائف جدا من إعادتي لمركز الأحداث مجددا!"

"أريد أن أبقى مع أسرتي، لا أريد الذهاب إلى هناك مرة أخرى. لقد كانوا يمنعوني من الاتصال بأمي، وحتى الزيارات كانت قليلة جدا ولا يتعدى وقتها الخمس دقائق فقط".

يبادرنا سلمان في نهاية اللقاء بسؤال انعقدت ألسنتنا عن الإجابة عليه: ترى هل أستطيع أن ألهو مع أصدقائي كالسابق؟ هل أستطيع الخروج من المنزل  للعب معهم، أنا خائف من الشرطة فهي لن تتركني!"

اعتقال الأطفال مستمر رغم التنديد الدولي

يذكر أن الطفل سلمان مهدي وهو أصغر طفل معتقل بالسجون البحرينية  قد ألقي القبض عليه أثناء تواجده بالقرب من دوار كونتري مول في 11 أغسطس/آب، إذ لاحقته سيارة الشرطة واعتقلته وبقي مدة 27 يوما حتى أفرج عنه في 10 سبتمر/أيلول الجاري.

وكان البرلمان الأوروبي قد أصدر قرارا يوم أمس يطالب فيه سلطات البحرين الالتزام السريع بتنفيذ توصيات لجنة تقص الحقائق وتوصيات جنيف، وشدد القرار على أهمية «احترام السلطات البحرينية لحقوق الأحداث، والامتناع عن احتجازهم في مرافق الكبار، ومعالجة قضايا الأحداث وفقا لاتفاقية حقوق الطفل التي تعد البحرين طرفا فيها».

وطالبت 47 دولة بما فيها بريطانيا وأميركا البحرين في بيان مشترك ألقي في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، بالإسراع في تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق وتوصيات المراجعة الدورية الشاملة، معتبرة حالة حقوق الإنسان في البحرين لا تزال تشكل مسألة خطيرة ومثيرة للقلق، مشيرة في هذا السياق إلى الاعتقالات والمحاكمات السياسية، ومطالبة البحرين السماح بزيارة المقرر الأممي الخاص بالتعذيب.

في حين أكدت مفوَّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي "استمرار استهداف المجتمع في البحرين والحملة القاسية على المدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين" وقالت بيلاي، في بداية دورة مجلس حقوق الإنسان لفصل الخريف في جنيف "يؤسفني أن أبلغكم أن حالة حقوق الإنسان في البحرين لا تزال مسألة مثيرة للقلق وخطيرة"، مجددة دعوتها النظام البحريني إلى "الامتثال الكامل لالتزامات حقوق الإنسان الدولية".

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus