معهد التدريب المنهوب طائفياً: تعيين الجودر في منصب ملغى بمرسوم ملكي
2013-09-09 - 9:25 م
مرآة البحرين ( خاص): ردَّ وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي على كل الاتهامات التي طالت وزارته في موضوع استهداف معهد البحرين للتدريب بالإيجاب لا النفي! وليس في الأمر أي غرابة!!
في غمار اللغط اللافت حول دوره المحوري في استهداف المعهد، جاء رد النعيمي بالمضي قدما في استفزاز صريح للرأي العام، بتعيينه (فوزي الجودر) نائباً للمدير العام للمعهد للشئون الإدارية والمالية في منصب القائم بأعمال المدير العام.
وبقدر كل الردود المرتبكة التي صاغتها وزارة التربية لتبرير هجمتها على موظفي المعهد، جاء القرار الذي حمل توقيع (ماجد النعيمي) لتعيين القائم بأعمال مدير عام المعهد مرتبكا بل وفاضحا أيضا!
فالمرسوم الملكي الصادر للهيكلة الجديدة للمعهد، يلغي المسمى الوظيفي - نائب المدير العام لشئون الإدارية والمالية، لكن النعيمي يعين (الجودر) في منصب ملغى بمرسوم ملكي، تأكيدا على أن الوزير يوقع على قرارات لا يحرّكها أكثر من بعدها الطائفي والاستفزازي وإن تعارضت مع المراسيم الملكية! 1*
ومنذ أوائل إبريل من العام 2011، في خضم الحملة الأمنية الشرسة، نقل رئيس الوزراء معهد البحرين للتدريب من مظلة وزارة العمل إلى وزارة التربية، وكانت الخطوة الأولى في الاستحواذ على هذه المؤسسة التدريبية واعتبارها إحدى غنائم المرحلة الأصعب في تاريخ البحرين الحديث.
رئيس الوزراء الذي لم يحضر يوما، ومنذ أواسط التسعينيات أي من حفلات تخرج متدربي المعهد التي كانت تقام تحت رعايته، وضع بصمته وتوقعيه على قرار (نهب) المعهد وتغيير تركيبته الإدارية! هي إشارة واضحة على خصوصية المعهد في رأس خلية البندر، وأهمية تحوير دوره ليكون حاضنة لنفس المجاميع التي طالما اعتبرته مجرد مؤسسة غير معترف بشهاداتها، والمثير للسخرية أن نفس الأشخاص أو الجهة هي من ينقض عليه الآن بعد أن أظهر المعهد طوال سنوات طويلة كفاءة واقتدارا كبيرين.
سلسلة من العبث والسخرية بالقانون، في واحة الحقوق الإنسانية المهدورة، بدأت مع تحويل المعهد لمظلة وزارة التربية. بدأ الاستخفاف، بتوجيه اتهامات بمخالفات مالية وإدارية لإدارة المعهد، تم على أثرها توقيف المدير العام (حميد صالح) ونائبه للشئون الادارية والمالية (سيد نجاح سيد عباس) عن العمل، ثم نفيهما بمناصب وهمية الى معهد خليفة.
مضي أكثر من عامين، ولم يسأل أحد عن حقيقة تلك الاتهامات، أو معناها ونتائج التحقيقات التي جرت معهما، رغم أن الحس البدهي يقول: إما أن تثبت عليهما الاتهامات ويوجهان للنيابة العامة أو يعودان الى موقعيهما السابق إن لم يثبت عليهما تجاوزات!
لكن المثير حقا، أن أي من الاحتمالين لم يقع، وتم الاكتفاء بنفيهما الى معهد خليفة في المحرق، من دون أي تبرير للرأي العام، يزيل شبهة استهدافهما على أقل تقدير. لا سلطة رقابية سألت، ولا سلطة تنفيذية أجابت، لأن ذلك كان أشبه بالخط الأحمر المحرم..ممنوع الاقتراب أو التصوير، وبقى حميد صالح وسيد نجاح سيد عباس في منفاهما يلف قضيتهما الصمت والتجاهل.
سرعان ما أعقب ذلك، سلسلة من التوقيفات عن العمل، طالت شريحة كبيرة من موظفي المعهد، في وقت لم يكن مهما لأي جهة ذات صلة التدقيق على لجان التحقيق التي أسرفت وزارة التربية فيها لدواعي لم تعد خافية.
وبعد لجان التحقيق الشكلية، شرعت التربية في تغيير كامل لطاقم موظفي الأمن واستبدلتهم بطاقم يختلط فيه المتطوعون بمنتسبي الداخلية من المكلفين بتنغيص عيش كل داخل وخارج من المعهد.
لم يكن لدى وزارة التربية متعة تضاهي العبث بالمعهد، تسلمت المعهد، أبعدت إدارته، غيرت موظفي أمنه، ثم طوقت بسياج حديدي أحد مبانيه، المبنى رقم 16 وأطلقت عليه مدرسة البحرين التقنية قبل أن تحول إليه طاقما إداريا وتدريسيا من مدرسة الشيخ عبدالله بن علي الثانوية.
وضعت التربية يدها على المعهد ومرافقه ومبانيه، بعد أن أدركت أنه ليس تلك المؤسسة الفاشلة التي وقفت حجر عثرة أمام خريجيها لاعتماد مؤهلاتهم المهنية، لكن المشروع لم يكتمل بعد.
يمكن الإشارة هنا، الى مجموعة من القرارات السلبية التي نفذتها التربية سريعاً، إلغاء التأمين الصحي عن الموظفين، حرمانهم من الزيادة العامة التي استفاد منها موظفي الحكومة ومقدارها 15 بالمئة.
هنا ستفوح رائحة فترة السلامة الوطنية بكل مخزون الحقد الذي طفح عليها، فالنظرة الأولى التي صدرت عن "ضباع" التربية سقطت على جدول رواتب موظفي المعهد. هي نفس الصورة التي يعرفها جميع من تعرض للاعتقال في فترة الطوارئ، فالسؤال المتكرر الذي يصادف أي معتقل ومن جميع منتسبي الأمن...كم راتبك؟ فهل هي مصادفة صرفة أن يكون السؤال الأول والنظرة الأولى ما بين ضحايا وزارتي الداخلية والتربية متفقان في جوهرهما...الحسد!
معهد البحرين للتدريب، الذي كان الامتداد الطبيعي لمركز التلمذة المهنية الذي أنشأته وزارة العمل في حقبة السبعينات وطورته في العام 1992، كان أشبه بالطفل المنبوذ، لا أحد من مسئولي الحكومة يتشرف به، بوصفه بؤرة المتسربين من التعليم، فئة فاشلة وجد المعهد ليمنحها بعض الأمل.
تلك الصورة القاصرة، بدأت في التغير، مع النجاح اللافت لفكرة المنافسة التي وضع لبنتها الدكتور (ناجي المهدي)، ليتمكن خلال عشرة أعوام من تحويله إلى كبرى مؤسسات التأهيل وتنمية الموارد البشرية في إقليم الشرق الأوسط وليس البحرين فحسب.
المدير الأسبق (ناجي المهدي)، عانى للتغلب على أقدم قضايا المعهد: معادلة الشهادات، القصة التي لم تشأ التربية لها أن تنتهي. ثمة شحن طائفي لدى مسئولي التربية ممن ينتمي أغلبهم لتيار الإخوان تجاه المعهد، عبروا عنه بكل الطرق الظاهرة والخافية، لذلك لم يكن مفاجئا لأحد أن يقنعوا الوزير الطائفي، والذي حوّل وزارة التربية إلى غيتو طائفي، بمواصلة حملته ضد المعهد.
تقرّر نقل أكثر من 35 موظفا من المعهد، للعديد من مدارس ثانوية واعدادية وابتدائية وفي وظائف أدنى من وظائفهم السابقة! ولا تجد التربية أي مسوّغ لهذا التخبط والاستخفاف بالقانون لتبرير نقل رئيس المالية من منصبه وهو موقوف عن العمل لمنصب وهمي في مدرسة ابتدائية.
الأمر ذاته، ينطبق على رئيس قسم المشتريات الذي وجد نفسه في وظيفة أدنى في مدرسة ابتدائية ايضا! ويتجاوز نقل هذا العدد من موظفين لوظائف أدنى وظائفهم السابقة، حدود الشبهات الى كسر عنق القانون جهارا نهارا، فالخطوة لا يسندها لا قانون العمل الأهلي ولا قانون الخدمة المدنية، هو وحده قانون وزارة التربية حيث لا قانون!
وليس مرجحا أن تنطفي شهوة العبث في مصائر موظفي المعهد، عند هذا الحد، من واقع أن عدد الضحايا حاليا 65 موظفا، قد يرتفعون في أي لحظة وسط صمت رهيب يخيم في المؤسسات المفترض انها رقابية ووجدت لضمان الالتزام بالقانون!
شلها يا قانون...حييي..
ملحق:
المرسوم رقم ( 29) لسنة 2006 بإعادة تنظيم وزارة التربية والتعليم جاء فيه:
- المادة الأولى:
يلغى البند ( 3 ) معهد البحرين للتدريب من الفقرة رابعا ( أ ) من المادة الأولى من المرسوم رقم ( 29 ) لسنة 2006 بإعادة تنظيم وزارة التربية والتعليم، المعدل بالمرسوم رقم ( 24) لسنة 2011 .
- المادة الثانية:
يضاف إلى الفقرة رابعا من المادة الأولى من المرسوم رقم ( 29) لسنة 2006 بإعادة تنظيم وزارة التربية والتعليم بند جديد برقم (د) نصة الأتي:
د - معهد البحرين للتدريب، يرأسه مدير عام (بدرجة وكيل مساعد) ويتبعه:
1 - إدارة شؤون المتدربين.
2 - إدارة شؤون التدريب للهندسة والعلوم.
3 - إدارة شؤون التدريب لإدارة الأعمال والفنون.
هوامش:
- فزعة التطهير مستمرة في معهد البحرين للتدريب، ونقل عدد كبير من مؤسسيه إلى المدارس
- ثورة بـ«معهد البحرين للتدريب» تطيح بقرار الوزارة المجحف في أقل من 24 ساعة
- بتخطيط من خلية «البندر»... مقال صحفي لـ«هشام الزياني» يُلغي 31 عامًا من التميّز لمعهد البحرين للتدريب (BTI (1-3
- 2024-11-25هل تُقفل السلطة ملفات الأزمة في ديسمبر 2024؟
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة