مرجعية الشعب ومشروعية القيادة

إيمان شمس الدين - 2011-06-13 - 8:06 ص



إيمان شمس الدين*

الشعب يمثل مرجعية أي سلطة أو قيادة في النظم الدستورية الحديثة من أجل بناء دولة مدنية يحكمها القانون والدستور وتنتظم ضمن مؤسسات تفعل تطبيق القانون.
فالشعب يشكل المجتمع الذي يعتبر أحد أهم ركائز الدولة المدنية والمعني بالتنمية والتطوير والدفع بالدولة إلى مصاف الدول المتقدمة.ولا يمكن لأي سلطة أن تستمد مشروعيتها إلا من خلال مرجعية الشعب في نظام الدولة الحديثة، أما ما عدا ذلك فلا يعد إلا أنظمة شمولية تمارس الاستبداد لأجل البقاء على السلطة والهيمنة ليس فقد على مقدرات الدولة بل حتى على عقل الإنسان.

فبعد إعلان السلطات البحرينية متمثلة بشخص الملك الحوار مع المعارضة البحرينية حول المطالبات الاصلاحية المطروحة، والتي لأجلها دخلت البلاد في حالة السلامة الوطنية ولأجلها انتهكت الحقوق وسفكت الدماء وقمعت الحريات وباتت التعددية التي تتميز بها البحرين في مهب الريح ليتمظهر على السطح التطرف والتعصب والتمييز والمذهبة، بات سؤال الضرورة الذي يفرض نفسه في ساحة ذهن كل بحريني :أين موقعنا نحن من هذا الحوار؟ من سيحاور من؟ وعلى ماذا سيكون الحوار؟ وهل سنقدم بعد كل هذا مزيدا من التنازلات؟

أسئلة مشروعة وواقعية بل من حق كل فرد بحريني من صفوف المعارضة أن يطرح هذه التساؤلات كونه فقد الثقة بالسلطة البحرينية التي قدمت له وعودا سابقة في الميثاق ولم يتحقق منها إلى الآن إلا النذر اليسير.

فأي قيادة سياسية اليوم في البحرين لا يمكنها أن تحرز مشروعية حقيقية إلا من خلال مرجعية الشعب الذي يطرح مطالبات عادلة في قيام دولة مدنية يكون فيها هو مصدر السلطات بحكومة تمثله وبصلاحيات كاملة للبرلمان، ليصبح برلمانا حقيقيا بتمثيل شعبي لا برلمان شكلي يكرس سلطة الاستبداد، ودستور عقدي أي ملكية دستورية، ودون ذلك ستعرض هذه القيادة نفسها لسؤال المشروعية.

لذلك ما يجب أن يؤخذ في الحسبان اليوم مغاير تماما لما كان يؤخذ بالحسبان قبل أحداث السلامة الوطنية، لأن ما كان يقبل به الشعب في ذلك الوقت مغاير لما يريده اليوم البحرينيون من النظام، وأهم مسألة يفترض أن تكون حاضرة في ذهنية أي قيادة أو معارضة أو جمعية سياسية هي ضرورة حضور الشعب في ميادين هذه القيادة، ليطلع عن كثب على مجريات الأحداث ويشارك في بلورة رؤية للحوار يتوافق عليها كل من الطرفين، وألا تكتفي هذه الجهات فقط بالإملاءات أو الخطابات الشعاراتية التحشيدية العاطفية، بل عليها أن تحاور عقول أثبتت أنها جديرة بكل التطلعات الإصلاحية السياسية بل تحول الشعب البحريني بعد هذه الأزمة إلى نخبة قادرة على أن تتسيد الساحات في الخليج العربي لتقدم نموذج: كيف تكون المعارضة سلمية لتحقيق المطالب الاصلاحية.

فنضوج الشعب البحرني وارتقاء الوعي الجمعي في ساحته بات يشكل فعليا مرجعية لأي حراك سياسي أو اي قيادة ويعطي لها المشروعية في قيادة الحوار مع السلطة البحرينية، وإلا ستكون مشروعية أي قيادة محاورة دون أن ترجع للبحرينين معرضة للخطر وفي مهب ريح الرفض الشعبي لها.

لذلك على المعارضة البحرينية اليوم تقع مسؤولية الحوار وفق أسس منهجية يعتبر فيها الشعب البحريني مهد السلطات ومرجعيتها والممسك على زمام مشروعيتها، وإلا أصبح الحديث عن حوار لا يكون للشعب دور فيه كالزبد يذهب جفاء، ولا يمكننا أيضا أن ننكر أن بعض القيادات في الآونة الأخيرة من الأزمة أبدت حكمة عالية في التعاطي مع الحدث، وارتقت إلى مستوى هموم الناس واستعدت أن تضحي بكل ما تملك في سبيل تحقيق مطالبهم المشروعة في الاصلاح السياسي، وهو ما يدفع بالناس إلى الالتفاف حولها خاصة في ظل الاصرار على قيام دولة مدنية لادينية، وفي ظل إصرار تام على إعادة الحقوق للناس ومحاسبة ومحاكمة المسؤولين عن كل الانتهاكات التي ارتكبت تحت عنوان السلامة الوطنية.

Chamseddin72@gmail.com  
* كاتبة كويتية

 














.

   

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus