رسالة نيكولاس كريستوف: عزيزي الملك، بحق والدتي، أفرج عن صديقي الفنان حسن الصحاف

2011-06-09 - 2:13 م



نيكولاس كريستوف - صحيفة نيويورك تايمز:
ترجمة: مرآة البحرين.




عزيزي  حمد، ملك البحرين..

 لي صديق من بين أولئك الذين ما زلت تقوم باعتقالهم  في البحرين. فنان من أكثر النفوس لطافة على وجه الحياة، وأخشى ما أخشاه أن تعامله حكومتكم  بوحشية بسبب صداقته لي.

يا صاحب الجلالة ..أنا أتحدث عن حسن الصحاف، ناهز عمره  ٥٧ عاماً الآن، درس في بريطانيا ثم في لوس انجيلوس، بوسطن، وأووجين، حيث والدتي كانت تدرس تاريخ الفن، وقد كان حسن واحداً من الطلبة المفضلين عند والدتي طيلة الوقت، ورغم أن ذلك كان قبل ثلاثين عاماً إلا أننا مازلنا على تواصل منذ ذلك الحين.

أيها الملك حمد..لقد أظهرت قمعاً للحركة الديمقراطية في محاولتك استعادة النظام، إلا أن حسن لم يكن مراهقاً متهوراً يلقي بالحجارة، بل كان نحيفاً، مدرساً غزاه الشيب وهو متلزم بالسلام، وهكذا كان الأسلوب، فالعديد جداً من أولئك المزدحمين في سجونك هم من الأطباء والمثقفين الذين كان جرمهم أنهم كانوا يحلمون بالديمقراطية.

أخبرني حسن حين كان في الولايات المتحدة قائلاً: حين تعتاد على العيش في الحرية يصبح من الصعوبة أن تتخلى عنها، وواحدة من أعبائك الخاصة يا جلالة الملك هو أنك أهلت الكثيرين من شعبك في الخارج على أن لا يقبلوا مرة أخرى ممارساتك الاستبدادية.

نعم، كان حسن يملك خلفية شيعية، مثل معظم الناس في البحرين، وأنت وبقية أفراد العائلة الملكية تنتمون إلى السنة، وكنتم تخافون الموت بسبب التطرف والتمرد الشيعي المدعوم من إيران،  وقد شاهدتهم كيف تمكن الشيعة من السلطة في العراق، وأطلقوا في بعض الأحيان العنان لفرق الموت، وكنتم تخشون أن تؤدي الديمقراطية إلى تفكيك البحرين وتوجيه العنف ضد من تحبون، وأنا أرى بأن الشراسة لديكم ليست ناتجة عن نوايا الشر وإنما الخوف.

غير أن حسن لا يملك أساساً شوفينياً في جسده، فعندما عاش في الولايات المتحدة اختار الزواج من امرأة يهودية، ولو أن هذا الزواج انتهى بالفشل، تحدث لي بشكل ودود عن أهل السنة.

وبعد عودته إلى البحرين قادماً من أمريكا، قام حسن بالتدريس في جامعة البحرين، وفي أثناء الاصطدامات داخل الجامعة، أخبرني حسن بأنه عمد إلى حماية الطلبة من أولئك الذين ينتسبون إلى الأسرة الملكية.

في المقابل وفي مكان ما على امتداد الخط، أصبحت القوات الامنية منزعجة منه، وحسن يملك إحساساً مفعماً بالكرامة ويرفض التملق، ولذلك كانت حكومتكم قد أرسلته في نهاية المطاف للسجن وقامت بتعذيبه. وهذا بالضبط عالم كافكا الذي سعى المتظاهرون المؤيدون للديمقراطية إلى إلغائه.

في فبراير، وأثناء إقامتي في البحرين، فتحت قواتك النار على المتظاهرين من دون سابق إنذار فيما كانوا يرددون "سلمية ..سلمية"، ومنذ ذلك الوقت شاهدنا أعمال القمع الوحشي التي قتلت المزيد من الناس وملأت بها السجون، وقد اكتشفت للتو بأن قواتكم الأمنية هجمت على منزل حسن واعتقلته مرة أخرى.

أطلعتني حكومتكم وفي وجه يوحي بالصرامة بأنه تم الحكم عليه بالحبس لمدة شهر لعدم دفع ديون مستحقة، ونحن نعلم جميعاً أن السبب الحقيقي وراء ذلك هو حملة الترويع التي قمت بشنها على الشيعة: الزج بهم في السجون، فصلهم من وظائفهم، هدم مساجدهم، جرهم خارجاً من أسرة المستشفيات، قطع منحهم الدراسية الخاصة، كنت تريد أن يدركوا بأنهم سيدفعون ثمناً باهضاً وموجعاً إذا ما تجرؤ ثانية على الضغط من أجل الديمقراطية، وأولئك الذين يشبهون حسن، ممن تربطهم علاقات مع صحفيين أجانب، هم عرضة للاستهداف من أجل إكراههم على الصمت.

هل يتعرض حسن للتعذيب الآن؟ حسنا يا صاحب الجلالة، أنت أعرف مني بذلك، غير أن التقارير عن أعمال الضرب والاغتصاب داخل سجونكم باتت وفيرة، وما لا يقل عن أربعة من السجناء لقوا حتفهم داخل السجن في الآونة الأخيرة، فيما يبدو أنه تعذيب حتى الموت. لقد شاهدت طبيباً في حالة غيبوبة بعد تعرضه للضرب من قبل قواتكم بسبب معالجته المتظاهرين الجرحى، وقد علمت كذلك من أحد السجناء المفرج عنهم، من أولئك الذين تم سحب زوجاتهم أو أخواتهم إلى السجن كتحذير لهم كسجناء، بأن  تلك النسوة عرضة للاغتصاب أمامه إذا لم يعترف.

أيها الملك حمد، لديك الكثير الذي تفخر به، لقد أشرفت بنفسك على رفع معدلات التعليم، وارتفاع مستويات المعيشة، وخلق الفرص المثالية للمرأة، غير أن ما ما يظهر اليوم أنك تنوي تحويل البحرين إلى سوريا أو إيران ثانية..بلدك أقل ديمقراطية من إيران، وحملة القمع قتلت من الناس ما يربو في مؤشر حصة الفرد الواحد عن ما فعلت إيران، فإذا كنا نشجب وحشية إيران، ألا يجب علينا كذلك أن نشجب وحشيتكم؟

لقد التقى الرئيس أوباما ابنك ولي العهد في البيت الأبيض يوم الثلاثاء، وقد تجنبت الإدارة إلى حد كبير وضع عينيها على أعمالكم الوحشية، غير أنكم حين تصوبون الأسلحة الأمريكية تجاه شعبكم، فإنكم تجرحوننا أيضاً، والأمة المتعلمة جيداً، بطبقتها المتوسطة، كالأمة التي بنيتها أنت، لا يمكن إبقاؤها في السجن التعسفي وتحت التعذيب لأجل غير مسمى، والسبيل الوحيد للمضي قدماً هو  إطلاق السجناء السياسيين وبدء عملية المصالحة

يا صاحب الجلالة...اسمحوا لحسن بالخروج.




9يونيو2011

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus