ثم ماذا بعد؟
2013-07-29 - 11:04 ص
مرآة البحرين (خاص): ها قد انفضت الجلسة الاستثنائية لمجلس العار والشنار. قال بعضهم إنها جلسة تاريخية وحاسمة، هي بالفعل كذلك. تاريخية لأنها تؤسس لجريمة وطنية هي الأولى من نوعها في التاريخ: مجلس «شعب» يعقد جلسة طارئة، لا ليسائل حكومته أو يحاسبها، بل ليطلق يدها في قتل طائفة كاملة من «الشعب»، ويفوضها للقيام باجتثاثها، دون تحفظّ أو شرط أو استثناء.
وحاسمة، لأن النظام بها، يكون قد وصل إلى قمة انهياره في التعامل مع هذا الشعب، وقمة عجزه عن إخافته أو إسكاته أو توقيفه عن المضي في مطالبه المشروعة. ما جعله يطلب شرعية «مجلس» ملفوظ من قبل الشعب، وغير معترف بـه حتى عند مسؤولي الدولة الرسميين، ليعطيه غطاءًا «تشريعياً»، يخوّله القيام بأحطّ أنواع الجرائم، التي لا يملك لها تبريراً يواجه به العالم.
في كل مرة يستخدم هذا النظام العاجز غطاء «الشعب يريد»، حين يريد الانزلاق في حملة «تطهيرية» ضد طائفة بكاملها من الشعب. وهو يعلم أن حجته التي سيسوقها أمام العالم، هي حجة ضعيفة وواهية ومخزية. ففي 2011 وعندما أوشك النظام على السقوط بسبب قوة الحراك الذي شارك فيه نصف الشعب، لجأ إلى الاستنجاد بغطاء «درع جزيرة»، وكانت حجته وجود مؤامرة خارجية مخطط لها من 30 سنة. والآن بعد 30 شهراً متواصلاً من القمع المكارثي، وبعد أن عجز عن قهر الشعب ودكّه، استنجد بما يسمى «جلسة استثنائية»، بحجة مواجهة الإرهاب.
قلنا حاسمة، لأن النظام بهذا يستخدم ورقته الأخيرة؛ إذ لا ورقة لديه بعدها. وبهذا يقطع كل علاقته بالشعب، حتى آخر نفس، بلا أي أمل في العودة. وبهذا أيضاً يقطع كل الحبال والوسائط، جمعية الوفاق مثلاً، التي تتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة على أرض الجمعيات الواقع، والتي يمكن أن يتفاوض معها نيابة عن تيار عريض، في أي تسوية ممكنة أو أية حلحلة قد تأتي يوماً.
الجلسة خرجت بتوصياتها المكتوبة في أقل من 10 دقائق من انتهائها، وقبلها بأيام، كانت نقاطها تُتلى في المواقع الطائفية الموالية للنظام وعلى صفحات تويتر التابعة للنظام، ما يعني أنها مكتوبة سلفاً ومعدة وجاهزة. وفي أقل من 10 دقائق أخرى صدر بيان للملك أشاد فيه بالمداخلات التي وصفت طائفة كاملة من الشعب بـ«الكلاب»، مؤكداً على وضع تلك التوصيات موضع التنفيذ بالسرعة الممكنة. وهو ما لم يفعله مع توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي فضح «إرهاب» سلطته ضد الشعب، والتي لا تزال حتى اليوم معلّقة في الأدراج وسط المزيد من فضائح الانتهاكات.
ستشهد الأيام القادمة إجراءات انتقامية لن تقدم ولا تؤخر في صمود الشعب. ولا تقدم ولا تؤخر في مطالبه، ولا فيما يخص المستهدفين بأسمائهم. إن الكل مستعد للأقصى، وما بعد الأقصى، إلا النظام الذي ما زال غير مستعد حتى للأدنى!
لكن يبقى السؤال هو ماذا بعد هذا الأقصى؟ ماذا بعد سحب جنسية الشيخ عيسى قاسم الذي أُعدت جلسة الزار بأكملها من أجل استهدافه بالدرجة الأولى؟ ماذا بعد حلّ جمعية الوفاق أو اعتقال الشيخ علي سلمان؟ ماذا بعد استهداف الأصوات العقلانية في المعارضة والتي وحدها يمكن أن تتفاوض مع النظام؟ ماذا بعد زج عشرات الآلاف من أبناء طائفة معينة في السجون والمعتقلات؟ ماذا بعد قتلهم وتشريدهم وسحب جنسياتهم وتهجيرهم وتعذيبهم واستهدافهم؟ ماذا بعد التضييق عليهم في الوظائف والأعمال أكثر؟ ماذا بعد كل هذا؟
هل يعتقد النظام أنه سيتمكن من السيطرة على الشارع؟ أم أنه سيقع في مآزق أكثر لن يستطع الخروج منها ولا مواجهتها؟ القادم سيرينا
- 2024-11-25هل تُقفل السلطة ملفات الأزمة في ديسمبر 2024؟
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة