هل أهدرت المعارضة البحرينية فرصة الديموقراطية؟

2011-06-01 - 10:12 ص

اندرو هاموند - رويترز

ترجمة: مرآة البحرين. 

ها هو قانون الطوارئ يشرف على نهايته في المملكة الخليجية، ومع انتهائه يتسائل نشطاء المعارضة البحرينية إذا ما كانوا قد أضاعوا الفرصة الأولى لتحقيق ديمقراطية حقيقية في منطقة الخليج العربي.
 
بعد وقت قصير من قيام الثورة البحرينية في أوائل شباط/ فبرايرالماضي، مستوحية نهضتها من الانتفاضات في مصر وتونس ومتمركزة على أحد الدوارات، عرضت الحكومة الحوار على أحزاب المعارضة بغية إجراء بعض الإصلاحات السياسية. ولكن المحادثات فشلت فى بادرتها. بعد أسابيع من النقاش خلف الكواليس رافقها تفاقم التوتر الطائفي بين الأغلبية الشيعية والسنة الذين اعتبروا حكم أسرة آل خليفة حماية وضمانة لهم، تدفقت القوات السعودية في الخامس عشر من مارس، تبعها إعلان قانون الطوارئ في اليوم التالي وإخلاء دوار اللؤلؤة من المعتصمين يوم 16 مارس.
 
يعتقد بعض النقاد إن حزب المعارضة الرئيسي "الوفاق" برئاسة الشيخ علي سلمان قد فشل في لعب دور القيادة خلال الاضطرابات، مما سمح للمتشددين داخل الأسرة الحاكمة وغيرهم من المعارضة الشيعية بتوجيه الأحداث. يقول أحد الدبلوماسيين الغربيين "يا للفرصة العظيمة التي أضاعوها.
 
كان ينبغي على الوفاق أن تتحلى بالرؤية والقناعة لتستبق الآخرين وتجلس على طاولة الحوار.. أنا متأكد بأنهم نادمون فعلا"  وعندما تم استئناف المحادثات في نهاية المطاف، قال: "سقف الحوار سيكون منخفضاً، ستعيدهم الإصلاحات إلى الوراء عشر سنوات الآن. حين أذن الملك حمد بن عيسى آل خليفة بإجراء محادثات حول الديمقراطية في 2001 ، كانت المعارضة قد قاطعت الانتخابات في عام 2002 لأن المجلس الأعلى للبرلمان -- المعينين الملكي -- كان يحتفظ بالقوى الرئيسية. في عام 2006  شاركت سبعة أحزاب معارضة بما فيها جمعية الوفاق في الانتخابات، غير أن المتشددين انشقوا لتشكيل حركة حق.
 
وعلى خلفية احتجاجات 26 فبراير، عاد زعيم حركة الحق في المنفى إلى البحرين، معلناً مع مجموعات أخرى في 8 مارس إنه يريد تحويل المملكة  الصغيرة إلى جمهورية، مشكلاً بذلك لعنة على المملكة العربية السعودية التي تدعم البحرين ماليا للمساعدة في تفادي النفوذ الإيراني.
 
يوم الثلاثاء الماضي، دعا الملك حمد لإجراء محادثات إصلاحية "من دون شروط مسبقة" ابتداءً من 1يوليو. إلا أن معايير تلك المحادثات تبقى مبهمة، خصوصاً مع وجود رموز المعارضة في السجن، والمتظاهرون ممنوعون من الاحتجاج في الشوارع، والهجوم اليومي لا يزال مستمراً على الوفاق في الصحف اليومية ووسائل الإعلام الحكومية، ويبدو للناظر أن أي حوارات إصلاحية ستتم الآن، حتماً ستكون وفق هوى الحكومة التي ستكون لها اليد العليا لإبعاد الحوار عن الإصلاحات البرلمانية.

الخوف من خسارة الشارع

منيرة فخرو من المعارضة العلمانية بجمعية وعد تقول إن ما قيد جماعة الوفاق كان الخوف من خسارة الشارع، فقد تطرف المحتجون الشيعة بعد مقتل المحتجين بالدوار عندما قامت قوات الأمن بمحاولة فاشلة لإخلاء الدوار في 17 فبراير. "حسب تحليلي الشخصي لمجريات الأمور أظن أن الشيخ علي سلمان كان يرى ميلان الشارع نحو اسلوب مشيمع خصوصاً  بعد كل الغضب والموت الذي واجهه المعتصمون الشيعة، مما جعل سلمان يخشى أنه وبقبوله اقتراح سمو ولي العهد دون ضمانات سيعتبر بمثابة من غش الشارع في نهاية المطاف"،  في إشارة  الى غضب المعارضة على الجمعية في عام 2002. قلت لهم "ولي العهد يريد أن يمد يده لكم.. لكنه وحده، فلا يوجد داعم له داخل أسرته، ويجب عليكم تقديم الدعم له ". أما اليوم، فـ"حسن مشيمع"  و21 رجلا آخر من أنصار الجمهورية يواجهون محاكمة عسكرية.
 
من بين المتهمين أيضا زعيم جمعية وعد السني ابراهيم شريف، وبعض المستقلين الشيعة من نشطاء حقوق الإنسان الذين برزوا خلال الاحتجاجات. علي سلمان ، وهو رجل دين شاب من مواليد 1965، يقول انه لم يوافق على تصعيد الاحتجاجات أو على الدعوة لقيام جمهورية، لكنه يعترف أن تلك الأمور ساهمت في تعقيد موقف جمعية الوفاق وبقية المعارضة. ويقول "هناك رأي مفاده إننا قد تأخرنا في الاستجابة لدعوة الحوار، لكننا نملك المبررات لذلك"  مبدياً رأيه هذا في مكاتب جمعية الوفاق المطلة على مياه الخليج. وأضاف "إننا لم نذهب الى المحادثات العامة، لكننا تحدثنا وراء الأبواب المغلقة. قابلت ولي العهد ثلاث مرات خلال الأزمة، بينما كان زملائي في الفريق العامل يجتمعون بفريق عمله بشكل يومي تقريبا، إلا أننا لم نخرج بنتائج حتى 13 مارس." في ذلك اليوم شدد ولي العهد مرة أخرى على أنه مهتم بإجراء حوار، ولكنه حدد هذه المرة على وجوب ارتكاز ذلك الحوار على سبعة مبادئ، من بينها التمثيل الحكومي والبرلمان كامل الصلاحيات.في 14 مارس، أعلنت الوفاق وست مجموعات معارضة أخرى أنهم يريدون توضيحات قبل الدخول في محادثات مباشرة مع ولي العهد.

طريق مسدود 

أما الحكومة وزعماء السنة فيعتقدون بنظرية أخرى حول الأسباب التي دعت الجمعيات  المعارضة للمماطلة وجر الأقدام نحو طاولة المفاوضات: الوفاق تنتظراشارة الموافقة من ايران. "نحن نعتقد ذلك. وإلا كيف يتسنى لك أن تشرح تقاعسهم عن الجلوس إلى طاولة المفاوضات؟" ذلك قول الشيخ عبد العزيز بن مبارك آل خليفة، نائب المستشار الدولي لهيئة شؤون الاعلام.
 
"نحن بحاجة الى قيادة عقلانية وعملية لتمثل المعارضة، قيادة لا تنتظر مباركة دينية من زعمائها قبل الشروع في قبول مبادرة الإصلاح السياسي" كما أننا - بحسب قوله - "لم نر نشوء قيادة من جانبهم، ولم نرهم يتبرؤون من العناصر المتطرفة أو يجلسون إلى طاولة المفاوضات". الشيخ عبد اللطيف المحمود، زعيم التجمع الوحدة الوطنية السنية التي برزت لمواجهة المعارضة الشيعية خلال الاضطرابات، يذهب أبعد من ذلك: "في الأسبوع الثاني من آذار/مارس كان رجال الدين لديهم يخبرون الجماهير الشيعية أن الامام الغائب كان على وشك أن يأتي، وهذا عقد الذهاب الى المحادثات منذ ظنوا أن الدولة الشيعية كانت قادمة"  اختفى الامام الثاني عشر للشيعة في العراق في القرن 9 ويعتقد كثيرون انه سيعود يوماً ما.
 
أضاف المحمود أيضاً أن البحرية الامريكية كانت تنسق مع جمعية الوفاق، بينما ايران تخطط لتدخل عسكري في البحرين.  قادة الوفاق يستخفون بهذه الاتهامات، وقد ذاقوا بها ذرعاً. ويقولون إن شيعة البحرين ليسوا تابعين لإيران حتى من حيث المرجعية، فمعظم الشيعة في البحرين تتبع اية الله على السيستاني في العراق وتعتبره مرجعا لها في الشؤون الدينية. كما أن غالبيتهم ملتفون حول رجل الدين الشيعي البحريني الأعلى رتبه الشيخ عيسى قاسم.
 
أمضى المحمود وعلي سلمان وشخصيات حكومية وأخرى معارضة الثالث عشر من مارس في مكاتب جمعية الوفاق، في محاولة عقيمة على ما يبدو  لإجراء محادثات وللوصول لاتفاقات بينهما وذلك  في اللحظات الأخيرة التي سبقت التدخل السعودي الذي حسم الموضوع. أرادت الوفاق ضمانة من ولي العهد بغية إجراء انتخابات لتشكيل جمعية تأسيسية لكتابة دستور جديد قبل الدخول وجها لوجه في محادثات عامة.
 
أما المحمود فقد أراد ان تضمن له العائلة المالكة تمثيلاً لتجمعه، وأن تعيق اعطاء الشيعة تمثيلا حقيقياً حسب النسبة المئوية، كما كان مطلوباً للموافقة على التعديلات الدستورية، وذلك لتجنب حصول تفوق عددي للشيعة على السنة مما قد يجعلهم رهينة دائمة لذلك التفوق. من علامات عدم الثقة السائدة في البحرين اليوم ما يدعيه المحمود بأنه ومع توارد انباء دخول القوات السعودية إلى البحرين وقف علي سلمان مهددا بأنه سيسعى للحصول على مساعدة من إيران. الأمر الذي تنفيه الوفاق جملةً وتفصيلاً.   (حرر من قبل ريد ستيفنسون وهيمينغ جون) 31مايو2011 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus