1 يونيو ورود السماء وأحذية الجيش

2011-06-01 - 9:06 ص



الأول من يونيو/ حزيران بجردة حساب سريعة، سنعرف، ليس حجم ما خسرته الدولة، بل حجم ما دمرته السلطة في الدولة. من هنا فالأول من يونيو/ حزيران يمثل عودة لبناء الدولة، فالدولة لا تبنى إلا على أساس الحرية والكرامة، والأول من يونيو/ حزيران، هو عودة لممارسة هذه الحرية في الساحات العامة، التي هدّمتها آلات العسكر، حان لها أن تُعمّر بأصوات الناس المطالبة بالحرية.

لقد عبر الناس محنتهم، وفشلت السلطة في إدارة السلم الأهلي، احتكرت وحدها وسائل العنف، بل لنقل تقاسمتها مع جيش سلطة أخرى (عقيدته ليست مدنية تؤمن بحق التظاهر والاعتراض). لم تحقق السلم الأهلي، بل عمّقت حجم الانقسام في المجتمع، ونشرت الخوف لا الهيبة، والكراهية لا الحب، والتباعد لا التقارب.

الناس الذين حاربتهم السلطة، واحتكرت وسائل عنفها ضدهم، وخوّنتهم، اجتازوا محنتهم بألم كبير وكرامة عالية، وبقدر ما كانت السلطة تضرب بيد من حديد، لفّت نسيج كرامتهم، كانت خيوط النسيج تزداد صلابة ودربة على هزيمة الحديد. لم ييأسوا، ولم يطلبوا المغفرة والعفو، ولم يقدموا الاعتذار المذل، كان رهان أحذية الجيش أن يطلبوا شيئا من ذلك، لكنهم أصروا على أن كرامتهم يفرضونها هم، بإرادتهم القابضة على ورود السماء والسلام.
 
بجردة حساب سريعة، السلطة التي أدرات الأزمة لم تنجز شيئا غير: تجمعات مهتاجة تنادي مع رئيس سلطتها (لا عفا الله عما سلف)، شارع موتور يعاني من عقدة الاعتراف، يقابله شارع مهضوم ومظلوم يعاني من الاضطهاد، تلفزيون تابع لأجهزة المخابرات والجيش يرصد أصوات الناس الحرة، صحافة سوداء لا ألوان فيها، جماعات مرتزقة، لجان تحقيق وفصل واعتقال، هجرات، اقتصاد مريض، طفيليون يعتاشون على النميمة والفتنة، تطهير طائفي، تدمير رموز مدنية ودينية، شبكات تحريض وفتنة تترصد الناس في كل مكان، فصل سلطات أقل، وشمولية أكثر.
 
لم تنجز إدارة السلطة للأزمة شيئا غير الخراب القبيح، احتكرت العنف لا لتحقيق السلم بل لإفشاء الخراب، خراب أعظم معلم حرية صنعته إرادات الناس، خراب أثمن لؤلؤة حرية اكتشفها الناس، خراب القرى الحالمة، خراب الفرحة على شفاه الشهداء، خراب أعرق مجتمع مدني بالخليج. وكي تضمن السلطة ديمومة هذا الخراب، فإنها تفتح من جهتها الأول من يونيو/ حزيران، بالدعوة لحوار بدون شروط تضمن نجاحه وجديته، عبر مؤسساتها التي عشعش فيها الخراب، أو لنقل حوار بدون شروط واقية من هذا الخراب، أو لنقل حوار بدون شروط تضمن حق إنجاز الدولة، أو إنقاذها من هذا الخراب. فليس إنجازاً أن تفرض حواراً من غير شروط ضامنة لجديته، بقدر ما هو إطالة لعمر الخراب القبيح في الدولة.

هيئة التحرير

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus